الحاخامات يفتون والجنرالات يهذون ب”المحرقة”….!.

نواف الزرو

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة الثامنة ـ العدد 1751)

هذا الذي نتابعه في المشهد الفلسطيني من تصعيد اسرائيلي وصفته المصادر الاممية المختلفة في الآونة الاخيرة بانه “جرائم حرب”، ليس جديدا، وليس الاول من نوعه ولن يكون الاخير، فدولة مثل تلك الدولة اقيمت منذ بداياتها على “الحراب والحروب” لا تعرف سوى السياسات الحربية الدموية، ولا تعرف سوى اقتراف المجازر والجرائم…ولا تفهم سوى لغة القوة والقوة فقط..!.

فبين آونة واخرى يطل علينا جنرالات تلك الدولة بادبيات حربجية جرائمية دموية عنصرية سافرة لا تقف عند سقف او حد، بل ترتقي احيانا الى مستوى “الهستيريا الحربية”، وهذا ما وصفه المحلل العسكري المعروف اليكس فيشمان في يديعوت- 2008/11/16 قائلا:”هذه الدولة قررت ان تفقد صوابها، وزير الجيش يجلس وينتظر ان يعطيه المستشار القانوني للحكومة الاذن باصدار التعليمات للجيش الاسرائيلي للرد بنار المدفعية نحو المدنيين الفلسطينيين، فاذا لم يكن هذا هذيانا فما هو الهذيان…؟”.

ويترجم هذيان وفقدان صواب تلك الدولة عمليا بجملة لا حصر لها من الادبيات والفتاوى الايديولوجية والسياسية التي تسوغ لهم اقتراف جرائم الحرب على اختلافها ومسمياتها على مرأى من الامم والعالم العربي…!.

في مطلع العام/2008 كان الكاتب الاسرائيلي المعروف “ب. ميخائيل “وصف مبررات “المحرقة” الاسرائيلية في غزة في يديعوت العبرية 2008/2/26 ب “الوقاحة الاسرائيلية في ابهى صورها”، وكان الحاخام الرئيسي السابق في إسرائيل مردخاي إلياهو قد دعا الحكومة إلى” شن حملة عسكرية على غزة”، معتبرا أن “المس بالمواطنين الفلسطينيين الأبرياء أمر شرعي”، و”بعث برسالة الى الحكومة الإسرائيلية ضمنها فتوى توجب التحرك ضد قطاع غزة حتى لو أدى ذلك لسفك دماء الأبرياء”، لافتا إلى قول تاريخي منسوب للملك داود دعا فيه لملاحقة الأعداء وعدم العودة قبل قتلهم”، وأضافت الفتوى “أن أقوال الملك داود تستبطن تصريحا لقادة إسرائيل بعدم إبداء الرحمة تجاه من يستهدف المدنيين لدينا بواسطة إطلاق صواريخ من داخل مناطق مأهولة بالسكان”، وقال الحاخام في فتواه إنه لا يجوز الامتناع عن المساس بمن سماهم المخربين المختبئين بين المدنيين “فيما يعيش سكان مدينة سديروت في خطر دائم/ الجزيرة نت/ 5/31/2007”.

ولكن …لعل من اهم واخطر الفتاوى كانت تلك التي ادلى بها يوم 2006/3/7 الحاخام “آفي رونتسكي “المرشح الابرز آنذاك لمنصب الحاخام الرئيس للجيش الاسرائيلي حيث “ايد قصف البيوت الفلسطينية من الجو على من فيها “، مضيفا “لا يجب الاكتفاء بقصف مناطق اطلاق الصواريخ فالواقع يلزم بضبط الناشطين وهم في فراشهم وفي بيوتهم “، ليضفي هذا الحاخام بفتواه الارهابية بعدا دينيا تشريعيا للارهاب الاحتلالي …؟، وليحملنا ايضا الى فتح ملف الادبيات الارهابية الصهيونية الطافح بفتاوى الارهاب والقتل والاغتيالات ضد الفلسطينيين شيبا وشبانا…؟!!!!.

وما بين الامس القريب والراهن المنظور، نتابع في السياق ذات الفتاوى والتصريحات الدموية…!

فينضم الجنرال شاؤول موفاز ليدلي بدلوه في حديث إذاعي يوم 16 / 12 / 2008 / قائلا:”إنه يتحتم على اسرائيل ان تقطع رؤوس قادة حركة المقاومة الاسلامية حماس”، ويلحق بهم الجنرال بنيامين بن اليعازر مهددا ب”عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة”، مضيفا”ان على الشعب الفلسطيني، الذي يدفع ثمنا غاليا بسبب قيادته، أن يدرك أنه لا يوجد نصف تهدئة/19/12/2008 “.

ومن ناحيته دعا وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر مررة اخرى إلى” شن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة”، واعتبر ديختر -في تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية-” أن تنفيذ مثل هذه العملية “من شأنه أن يستعيد قوة الردع الإسرائيلية”، ورأى ديختر أن “القيام بخطوات مثل وقف إمداد قطاع غزة بالكهرباء لن يؤدي إلى وضع حد للاعتداءات الصاروخية الفلسطينية”.

ورغم القناعة السائدة في “اسرائيل” ان حركة “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة غير معنية على الاطلاق بتفجير التهدئة، أعرب كبار جنرالات الجيش الاسرائيلي عن تقديرهم “ان انفجارا عسكريا واسع النطاق ستشهده غزة خلال الشهرين المقبلين”/2008/11/12 “، ويقول الجنرالات “ان على اسرائيل ان تكون مستعدة لمجابهة انفجار جديد بكل قوة، حتى لا تعيد الجنوب الاسرائيلي الى حالة حرب استنزاف فلسطينية جديدة”.

وذهبت النيابة العسكرية العامة الاسرائيلية ابعد من كل هذه الادبيات الحربية المسعورة بقرارها” اقامة جهاز قضائي خاص لحين الحرب، يعلن عن مخربي -مقاتلي-حماس وحزب الله كمجرمي حرب”، وقدر ضابط كبير ب”انه في الحرب القادمة سيستعد الجيش الاسرائيلي لاعتقال الاف “المقاتلين غير القانونيين/ معاريف -24/12/ 2008”.

الى ذلك، ذكرت مصادر رسمية اسرائيلية “ان الدولة العبرية” شرعت في حملة دبلوماسية واعلامية لتسويغ استئناف عمليات التصفية والاغتيال ضد قادة وكوادر حركة حماس/ 18/12/2008 “، وكتب المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة ‘يديعوت احرونوت’ اليكس فيشمان “ان اسرائيل تولي اهمية كبرى لاقناع العالم العربي، -الذي اسماه بالمعتدل- بضرورة تفهم مخططات اسرائيل العسكرية تجاه حركة حماس، وتحديدا الحكومة المصرية”.

اذن تغدو النوايا والاهداف والوسائل الاسرائيلية هنا واضحة تماما، فنحن هنا في الجوهر امام “محرقة” صهيونية اخرى مبيتة مؤدلجة ضد الفلسطينيين …!

ونعود الى الاصل لنقنثبت: ان القصة بالتالي ليست قصة “الارهاب الفلسطيني” او قصة “اختطاف الجندي /الذهبي” او قصة “الصواريخ الفلسطينية”، وانما قصة ردع متبدد ومتآكل وقصة هيبة اسرائيلية مسحوقة امام ارادة وصمود الشعب الفلسطيني..!.

وهي ايضا قصة خطط ونوايا واجندات مبيتة تهدف الى اعادة صياغة مشروع الاحتلال من جديد وفقا لموازين ومعادلات القوى والاحوال العربية والاقليمية والدولية التي تصب في حصيلتها المؤسفة لصالح الاحتلال الاسرائيلي…!

ولذلك فان غزة فلسطين تحتاج في مقدمة ما تحتاجه ليس الى بيانات الندب والشجب والعجز وانما الى مواقف عربية جادة وحقيقية رسمية / ان امكن/ وشعبية …؟!!

ولا سبيل الى ردع وتعطيل مشاريع الاحتلال في المحارق المترجمة بالاجتياحات والجرائم والمجازر والاستيطان والجدران الا باعادة صياغة السياسات والمواقف والارادات الفلسطينية والعربية اولا…؟!!

nawafzaru@yahoo.com