مع مذبحة غزة: وصلت الدولة القُطرية حدَّها

من تفكيك مفاصل الدولة القطرية إلى تقويض وجودها

مقدمات لحرب الشعب المدينية

الحلقة الأولى

عادل سمارة

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1767)

الدولة القطرية العربية ظاهرة فريدة وشديدة الخطورة في عصر لم يتوقع علماء الاجتماع أن تتواجد فيه دولة من هذا النمط، في هذه المرحلة بما هي وباء يليق بالألفية الأولى من التاريخ المعروف. دولة لإعاقة مختلف مستويات تطور الأمة، دولة عدوة شعبها بامتياز ووضوح. دولة تقول للناس أنا هنا لسحقكم، وحين تتمكنوا تفضلوا!

* * *

الدولة القُطرية العربية الحالية هي وريثة دولة مرحلة البرجوازية العربية (قبل تصنيفها إلى كمبرادور وربما برجوازية انتاجية أو بيروقراطية). وليدة أو وريثة البرجوازية العربية التي انتهى كثير من الجذريين العرب إلى الاقتناع منذ نهاية ستينات القرن العشرين بأنها استنفذت طاقتها الثورية، وبأن اي مشروع عربي يجب أن يتجاوزها، لا أن يرتهن بتجميع اشلائها. وكان ذلك صحيحاً. لكن هزيمة التيارين القومي والاشتراكي حالت دون وصول الطبقات الشعبية إلى الحكم، فتولدت عن الدولة دولة البرجوازية الكمبرادورية القطرية.

ومما زاد إغلاق الطريق أمام الطبقات الشعبية أن هذا الاحتضار البرجوازي العربي، ترافق مع بدايات حقبة العولمة واندحار الثورة العالمية مجسَّداً في الأزمة المالية/الإنتاجية في المركز والمحيط على حد سواء. أما محاولة ذبح غزة، فتتزامن مع احتضار العولمة، وتأزُّم الراسمالية العالمية اقتصاديا وعقيدياً مما يضع البرجوازية الكمبرادورية العربية في مأزق وجودي ويجعل من تحالفها مع راسمالية المركز، (صاحبة مشروع القطاع العام المعولم) على كف عفريت.

الدولة القطرية العربية ظاهرة فريدة وشديدة الخطورة في عصر لم يتوقع علماء الاجتماع أن تتواجد فيه دولة من هذا النمط، في هذه المرحلة بما هي وباء يليق بالألفية الأولى من التاريخ المعروف. دولة لإعاقة مختلف مستويات تطور الأمة، دولة عدوة شعبها بامتياز ووضوح. دولة تقول للناس أنا هنا لسحقكم، وحين تتمكنوا تفضلوا! هي مبارزة بالسيف وأكثر. دعوة لا تختلف عن قصف الكيان الصهيوني لقطاع غزة. لا هذه الدولة بجهازها، هي مجتمع سياسي، ولا تسمح بالطبع بتطور مجتمع مدني. لا تسمح بحريات[1]، ولا ينقدها من يسمحون بحريات في بلادهم البيضاء، لأنها بيضاء!.

الدولة القطرية محمية من شعبها بقوى خارجية، تزعم هذه القوى أنها عرين الديمقراطية وتسلِّح دول ما قبل العصر بكل النار، بدل التنمية. دور هذه الدولة إنتاج وإعادة إنتاج الفقر، وتفريخ النسل بلا حساب، بالتوازي مع تصريف الثروات إلى الخارج والحصول على عمولة من ناهبي البلد باسم المساعدات. فاشلة في تحقيق الأمن القومي والأمن الغذائي والأمن الفردي. دولة رخوة فيما يخص الفساد وتصدير ما يجب استثماره وصلبة ضد الحريات بكافة مستوياتها. دولة لا تحصي المرأة مع الكائنات الحية، بل مع السلع الكاسدة.

خلال حقبة المد القومي وكذلك اليساري في الوطن العربي، كانت الدولة القطرية في حالة دفاع شرس، لتثبيت نفسها، لكنها في النهاية وبدعم خالقيها وحلفائها، تمكنت من الاحتفاظ بحالة الشرنقة القطرية ومن ثم الفتك بهذين التيارين. فجرى استبدال القوى والأنظمة البرجوازية القومية ذات التوجه الإنتاجي والتحريري والتحرري بأنظمة الكمبرادور التي عادت والتقت مع الأنظمة المحافظة والماقبل راسمالية التي تعيش على تغذية بسائل وسيولة الريع.

وعملاً بكون الطبيعة لا تقبل الفراغ كان لقوى الإسلام السياسي ان تملأ الفراغ. وهو فراغ لم تتمكن الدولة القطرية من تعبئته لأنه مناقض لمجرد وجودها. فقد ظلت المهام على حالها:

الوحدة

والحرية

والتحرر

والتحرير

والتنمية

والإشتراكية

بقيت هذه القضايا الإشكالية بلا حل، فقد لجأت الدولة القطرية إلى مشروع آخر للتعاطي مع المجتمع :

· القمع

· والهيمنة مجسدة في التخريب الثقافي والنفسي والعقيدي والوطني والمخاتلة والمناورة

· ثم التخلي العلني عن المهام الأساسية للشعب والأمة

لقد اختلف المثقفون والثوريون العرب في توصيف هذه الدولة. فمنهم من رآها مرحلة وسطى ضرورية باتجاه دولة الوحدة، ومنهم من رآها دولة إعاقة وتبعية. وإذا كانت كافة سياسات الدولة القطرية لم تكشف عدائها للمشروع القومي والنهضوي والحرياتي العربي، فنحن أمام مشهد غزة ليوصلنا إلى الحكم بذلك.

أما وهذه سياسة دولة البرجوازية القطرية، فقد استخدمت الدين للتمكن من الإجهاز على القوى القومية واليسارية، وساعدتها في ذلك بعض قوى الإسلام السياسي. لكن قانون الجدل في خلق الشيىء لنقيضه قانون يعمل دوماً وفي مختلف الظروف. فكان أن تولد عن الإسلام السياسي بما يناقض من حاولوا استثمار الإسلام نفسه، اي تولد نقيض، وإن بدرجات ، مع:

· الأنظمة الكمبرادورية القطرية

· الإمبريالية

· الكيان الصهيوني كذلك

لا بل إن القطبين الرئيسيين للثلاثي (الإمبريالية والصهيونية) متحالفين شكلاً أو إلى حدود مع القطب الثالث (الكمبرادور العربي) مما يبرر تسميته قطبين ونصف، أو دُبَّيْن وذيل. فالمطلوب إمبريالياً وصهيونياً من الدولة القطرية أن تقوم بدور العمالة بلا مواربة. فالسيد لا يرحم كرامة عميله. صحيح ان بينهما مصالح مشتركة، ولكن حين تدين الدولة القطرية في مجرد وجودها للطرفين الآخرين، تأخذ العلاقة طريق العمالة. ربما لهذا يكرر العجوز الصهيوني المتثعلب يوماً بعد يوم اثناء ذبح غزة: “نحن لدينا دعما وتشجيعا وموافقة من الحكام العرب على ما نقوم به في غزة”.

ولأن اساس طرح هذه المسائل هي مجزرة غزة، فلا بد من المحافظة على الخيط الناظم للنقاش حول فلسطين.

لقد تدرج موقف هذه الأنظمة من قضية فلسطين، بما هي قضية تجمع الأمة من محيطها إلى خليجها وأبعد، تدرج من محاولة تحرير ما احتل عام 1948 دون تحضير ودون قرار حقيقي، فما كان منها إلا أن ثبَّتت الكيان الصهيوني بفعلين:

· الدخول في حرب بدون قرار جاد

· القبول بهدنة مؤبدة

والهدنة المفتوحة هي اعتراف بالعدو.

لعل الأمر أكثر تعقيدا من هذا. فالاستعمار هو الذي خلق الدولة القطرية، والكيان الصهيوني. ولم يعد خافياً أن هذه الدولة القطرية جرى تصميمها وتشغيلها بحيث تحفظ الكيان الصهيوني ولا تخلعه. ليس هذا مجال التذكير بأن الدولة القطرية العربية ساهمت في بناء الكيان الصهيوني. أما وهذا دورها، فلا بد أن تستمر فيه. هذا ما ثبت على مدار قرن، وهذا ما تتم إعادة كتابته بدم شهداء غزة وخاصة الأطفال. إن من ساهم في إقامة الكيان، لا يمكن أن يساهم في تحرير فلسطين، ولا في معالجة جرحى أطفال غزة…ايها الشرفاء إبذلوا جهدكم في رماد تحته ناراً!

وفي حين كانت الأمة حتى دون تواصل واتصال ضد مجرد الوجود الصهيوني، كانت هذه الأنظمة تكرس الوجود الصهيوني عبر تعميق تبعيتها لخالقي الكيان الصهيوني، وهي أمور لم تكن تعطيها الحركات السياسية العربية التركيز والاهتمام والتحليل الكافيين. كان الثلاثي منهمكاً في نسيج علاقات التكاتف بين أطراف الثلاثي المعادي للأمة. وهذه أمور فضحها أكثر من مرجع صهيوني وعربي وفلسطيني سواء بكشف الزيارات السرية او عقد الاتفاقات. وكان المركز الإمبريالي دوماً هو قائد الأوركسترا وهو الذي كانت تسوَّقه الدولة القطرية كصديق وحليف ضد الشيوعية.

لا شك ان الأرضية الإيمانية ساعدت على قبول التحريض الإمبريالي ضد الشيوعية لا سيما لأن الستالينية اعترفت بالكيان الصهيوني وهو الأمر الذي جرى استثماره على اسوأ وجه، فتحول التحريض من موضعه الرئيسي وهو دور الإمبريالية في خلق الكيان ودعمه وتسليحه بأكثر من نفسها، إلى ما أسمي “التحالف بين الشيوعية والصهيونية”. وهكذا جرى استثمار الدين لصالح عدو الوطن، وهو الأمر الذي استثمرته الأنظمة أيما استثمار.

وحتى تبدأ مواقف الأنظمة القطرية في الانكشاف كان لا بد من الانتظار حتى ما بعد حرب حزيران 1967. آنذاك هُزمت هذه الأنظمة شر هزيمة، سواء التي حاولت القتال أو التي قررت طوال عمرها عدم القتال. كانت نتائج حرب حزيران مثابة قرار الدولة القطرية الخروج من الدور الشكلي للصراع، لم تعد مُحرجة هذه المرّة.

ولم تكن حرب اكتوبر حرب أنظمة الكمبرادور بل حرب بحكم استمرار التحضيرات الناصرية لرد الاعتبار . وبغض النظر عن ملابساتها الدبلوماسية، فقد كانت الحرب الأولى التي لحق بالكيان ومن ورائه هزيمة في حرب نظامية. لم تكن هذه الحرب نزهة كما كانت حرب 1967 (في نظر الشارع الصهيوني)، بل كانت انتصار الجندي والمخطط العسكري المصري بوضوح.

لكن هذا لم يثن الدولة القطرية عن مشروعها السياسي وهو:

* التخلص من البعد القومي

* المناورة بالبعد الديني

* تمتين التبعية عبر ما قد يسمى تجاوزاً التحالف بما هي كمبرادور مع المركز في مشروعه الجديد (القطاع العام المعولم) وليد حقبة العولمة.

صحيح ان كثيراً من القطريات لم تشارك في الرد على اغتصاب فلسطين عام 1948، ولا في الرد على عدوان 1956 وعدوان 1967، ولا في حرب 1973، لكن حصار المقاومة الفلسطينية في بيروت، قدم الصورة بشكل أكثر وضوحاً.

في حرب 1982، قررت مختلف الأنظمة القطرية إعلان التنازل عن البعد القومي، ووقفت المقاومة وحدها تقاتل هناك، إلى أن كانت مؤامرة إخلاء المقاومة من لبنان بعيداً إلى تونس واليمن.

منذ تلك اللحظة اصبحت الدولة القطرية في حل من البعد القومي، وأخذت تلعب دورالوسيط في الصراع مع العدو الصهيوني، اي اصبح الكيان مثابة “قطر جوار” في المنطقة.

وفي حين كان على المقاومة أن لا تغادر لبنان، سقطت في فخ الخروج من لبنان لتنتهي لاحقاً في مأزق أوسلو.

لكن التطور الأهم كان في مستوى المقاومة اللبنانية التي مكثت في الأرض لتنطلق من جديد، ولتثبت قدرة المقاومة على تجاوز البعد الرسمي بالبعد الشعبي . لقد تم بوضوح نقل مشروع المقاومة، وللمرة الأولى إلى الجماهير وتحديداً إلى الطبقات الشعبية. صحيح أن المقاومة الفلسطينية هي حالة مقاومة شعبية، ولكنها عاشت فترة لم يكن النظام الرسمي قد أعلن تخليه وتساقطه فيما يخص المقاومة. كانت فترة رمادية.

لكن ولادة حزب الله، لم تكن مجرد حلول الشعبي محل الرسمي، بل كانت حلول الإسلام الجهادي محل الإسلام السلفي أو تصديه للإسلام السلفي. وهذا أمر يتضمن الكثير، وربما اقل هذا الكثير، أن الإسلام الجهادي هو إلى اليسار عن الإسلام السلفي طبقياً وبالتالي نهجاً اجتماعياً وسياسياً. ففي حين كان الإسلام السلفي يتلاعب بالمؤمنين ليرحلوا من ساحة الوطن إلى أفغانستان، ليقاتلوا الشيوعية هناك لصالح المركز الإمبريالي كان الإسلام الجهادي يضرب قوات المارينز في لبنان أشد الضربات إلى درجة قرارها الهروب، هروب لم يجرؤ الكثيرين على التنبه إليه وتعميق أهميته في ذاكرة الطبقات الشعبية.

لم ينشأ الإسلام الجهادي في حضن السلفية التي بدرجة أو أخرى ردت السحر على الساحر بتحولات القاعدة، بل نشأ من تمفصلات كفاح المقاومة الفلسطينية والوطنية اللبنانية عسكرياً، ومن جذور اجتماعية طبقية هي المستضعفين في جنوب لبنان مع بعض الأصول المنتمية إلى الحركة الوطنية اللبنانية والقومي السوري والحزب الشيوعي . كما انتمى عقيدياً إلى مدارس وفلسفة الحوزات العلمية التي لا ترتبط بالسلطان، والتي لها تحليلها الفلسفي العميق للأمور وليس مجرد فتاوى للدولة القطرية. لذا، فإن أصالة نضال الإسلام الجهادي ضد الصهيونية يشتمل على موقف جذري ضد الغرب الراسمالي. وهو وإن لم يكن محكوم بنظرية اشتراكية، إلا أنه محكوم باصول طبقية شعبية تشكل ضابطة تدفعه اجتماعياً باتجاه اليسار ناهيك عن أن المعركة لا تسمح بالميل باتجاه اليمين.

خيانة البعد القومي

كان لا بد من استعادة العراق للكويت عام 1990 ومن ثمَّ العدوان على العراق حتى تجد الدولة القطرية فرصة الفتك بالبعد القومي نهائياً والاصطفاف تماماً في معسكر الإمبريالية والصهيونية. تجلى هذا في رفض الأنظمة العربية مفاوضة العراق بتحريض أميركي ليجبروا العراق على دخول الحرب بهدف تدميره.

هنا ظهرت إشكالية القومية العربية مع ما سمى المجتمع أو الأسرة الدولية، الأمم المتحدة التي هي مؤسسة او منظمة للمركز الإمبريالي وهيمنته عالمياً، وهي لا تختلف من حيث مصدر صناعتها، والدور المناط بها، لا تختلف عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلا في مجال التخصص، واتساع هامش فرص المناورة لديها.

باسم الأمم المتحدة والعضوية فيها، اتخذ قرار هجوم الأمم المتحدة في اذيال الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق وتدميره. وباسم عضوية الكويت في الأمم المتحدة تم تفكيك الحق العربي في كون الكويت جزء من العراق وتم تدمير البعد القومي العربي الذي يحرم ويُجرِّم الاعتداء على قطر عربي في خدمة جيش ومشروع الأعداء. وتم التغاضي عن أن الكويت ولاية عراقية، وتم التعامل مع الأمر كما لو كانت الكويت أمة أخرى وقومية أخرى!

لعل الخطورة الأساسية في هذا الصدد هي ان هذا الاعتداء ولاحقاً تدمير العراق عام 2003 واحتلاله هو درس للمواطن العربي كي يخلع من ذاكرته ووعيه وثقافته المفهوم القومي والأمة العربية وتطبيعه لقبول الاعتداء على الأمة نفسها.

لم يكن العدوان المسلح الوحيد الذي مورس لتدمير البعد القومي في محنة العراق. فالعدوان المسلح هو دور القيادات السياسية وعساكرها، اي مؤسسة الدولة، جهاز القمع والتحكم بالمقدرات. ولكن الأخطر كان الحصار الذي فُرض على العراق. فالحصار هو إشراك كل مواطن عربي في هذا العدوان سواء كان وكيل استيراد أو تصدير، وسواء كان عاملا منتجا او رأسمالياً مالكاً وسواء كان ربة بيت تشتري منتجات أم كاتباً او محللاً او فناناً. كان الحصار مثابة تجنيد الأمة ضد العراق بمعزل عن القناعة من عدمها. وعليه، فإن المواطن العربي مأخوذ بجريمة تمرير الحصار والتماهي معه.

لعل أخطر المفارقات في هذا الصدد، أن المواطن العربي في الأردن كان او ظل طوال فترة الحصار مستفيداً من النفط الرخيص الذي كان يضخه العراق إلى الأردن، لكنه كان يُمرِّر الحصار على العراق، وهذا نموذج فليس المواطن الأردني هو الوحيد.

نعم، إن المواطن العربي شريك في الحصار. هو مقموع نعم، ولكن هذا لا يمنع إدانته ولا يحكم ببرائته. تماماً كالجندي الذي أُرغم على المشاركة في العدوان وذهب وشارك. فليس الأمر في نطاق التماس الأعذار بل في نطاق الوضوح الحقيقي.

وإذا كان لدى بعض الأنظمة العربية، أغلبها وربما جميعها ما تقوله بحق الرئيس الراحل صدام حسين، من حيث ديمقراطيته أو فرديته أو ديكتاتوريته أو قوميته المتزمته…الخ، فليس لدى اي من هذه الأنظمة ما يمكن أن تتهم به الشعب الفلسطيني، والجزء من هذا الشعب المحصور في قطاع غزة. وإذا كان صدام حسين قد استعاد الكويت بينما تعتقد أنظمة الكمبرادور أنها تخص آل الصباح أو أميركا أو بريطانيا، فإن فلسطينيي قطاع غزة يدافعون عن أطفالهم ونسائهم وشيوخهم ومقاتليهم، نعم مقاتليهم، وعن بضعة أمتار لا تتسع لهم موتى. فلماذا لم تتجرأ دولة عربية على طرد السفير الصهيوني من عاصمتها؟ لماذ كانت تسيفي ليفني ترقص على دماء واشلاء أطفال غزة وفي البلاطات العربية؟ لماذا لم يجرؤ الحكام العرب على عقد قمة عربية، لماذا لم يجرؤوا على إلغاء المبادرة العربية، ولا على التلميح مجرد التلميح بالنفط؟

هي إذن إيديولوجيا القطرية، التي هي بالضرورة ضد القومية والأمة. هي تاكيد أن القومية العربية هي بالموقف وبالمصلحة الطبقية وليس باللون والإسم والدين واللغة والعادات. كل هذه تتبع الوضع الطبقي وما يترتب عليه من مصالح وموقف سياسي.


[1] في الوطن العربي الحب ممنوع، من الأسرة والزواج مقنّن، من الدولة التي تربطه بقرار الرجل كوصي حتى لو كان غِرَّاً، فاي تحالف هذا، ليس للمرأة قرار الزواج إلا بقبول وليها! بينما كانت المرأة في عصر ثورة الرسول قادرة على القول للرجل: زوجتك نفسي”!