موفق محادين
(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1822)
تحولت بعض الاستطلاعات وبعض المراكز التي تُشرف عليها وتُعدها، من مؤسسات علمية إلى أدوات سياسية لتسويق مشاريع أو برامج أو شخصيات، يجري تلقفها من قوى محددة وإعلاميين إما لأسباب سياسية أو مقابل أجر معلوم … ولم تعد هذه اللعبة مقصورة على هيئات دولية بل صارت متداولة في بلدان العالم الثالث ومنها مناطق الشرق العربي …
ومن اغرب نماذج هذه الاستطلاعات الاستطلاع الأخير الذي أعطى محطة عربية حظيت بانتقاد غالبية الرأي العام ما نسبته 80% من الثقة والتأييد “ايجابي وايجابي جدا” وكأن الاستطلاع يريد أن يقول إن الرأي العام كان متعاطفا مع الخطاب الإعلامي الصهيوني في طبعته العربية …
كما أعطى الاستطلاع شخصية إعلامية غطت العدوان الصهيوني على المدارس الفلسطينية بالقول في مؤتمر صحافي بثته المحطة العربية السابقة الذكر “إن حماس كانت تطلق صواريخها من هذه المدارس” أعطته نسبة تأييد (60%) … كما أعطت قمة الكويت 80% من التأييد …
ومقابل الشخصية الإعلامية المذكورة التي تدير حزبا لديه ثلاثة مقاعد في البرلمان الفلسطيني نالت “حركة حماس” التي تسيطر على نصف هذا البرلمان اقل من تأييد نصف أفراد العينة الاستطلاعية … وعلى المنوال نفسه ولمسح روح الصمود الفلسطيني الأسطوري في غزة أظهر الاستطلاع روحا انهزامية تدعو للتهدئة وصلت إلى 88% كما حمّل 46% من أعضاء العينة حماس والمقاومة الفلسطينية مسؤولية ما تعرض له القطاع من عدوان صهيوني.
ولمن لا يعرف أو لا يتذكر، فقد نظم مركز لبناني مرتبط بمؤسسات أمريكية مماثلة لمراكز الاستطلاع المبرمجة، استطلاعا مماثلا بعد العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006 وكانت الأسئلة والنتائج المبرمجة صورة طبق الأصل للاستطلاع المذكور حيث حمّل استطلاع المركز اللبناني المرتبط بإعلامي لبناني صديق للإعلامي الفلسطيني حزب الله مسؤولية العدوان واظهر انخفاض شعبيته.
وفي كل الأحوال، إذا كان من حق هذه الشخصيات والمراكز أن تأخذ الموقف الذي تريده من حزب الله والمقاومة الفلسطينية بل وان يحملانهما مسؤولية العدوان الصهيوني، فليس من حق أحد أن يستغفل الرأي العام باستطلاعات مبرمجة.