مازن كم الماز
(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1914)
طريقة التشويق التي استعملها الرئيس الأمريكي في تهيئة الناس في الشرق الأوسط لخطابه تدلنا على العلوم التي أصبحت السياسة الدولية تعتمد عليها اليوم.
ما نشير إليه هنا هو فن التسويق ، تعامل أوباما و فريقه مع الخطاب كحملة دعائية يجب تنظيمها بحرص من الألف إلى الياء. لكن هذا التسويق أو marketing الذي يعود الفضل للرأسمالية ، الأمريكية تحديدا ، في إيجاده ينحط اليوم إلى النموذج الشرقي الاستبدادي الذي حفظناه جيدا عن أنظمتنا التي تقوم على شكل غبي و فظ من تسويق صورة الزعيم أو القائد.
تحدث أوباما أمام حشد مستعد للتصفيق بل و شديد الحماسة سلفا لكل الألعاب اللفظية والبلاغية التي استخدمها ، واستخدم أوباما كل المبالغات الممكنة والمؤثرة رغم أنها قد تكون صعبة التصديق معتمدا على الرغبة في خداع النفس عند مستمعيه ، لكن يجب التأكيد أنه حتى هنا كان حديث أوباما أكثر إغراء من الأحاديث المشابهة لزعمائنا ، هنا لا يجب لوم الحشود التي يتحدث أمامها زعمائنا فرغبتها في التصفيق لهؤلاء الزعماء لا تقل عما فعلته مع أوباما.
المؤكد أنه لا جديد هنا ، كان هناك بوش من قبله ، الذي يتبارى الجميع في لعنه اليوم بمن فيهم من ملأ الدنيا ضجيجا عن وعوده وخطاباته ، وقد تحدث من قبل أيضا عن دولة فلسطينية كان يفترض أن تكون قائمة منذ عدة سنوات اليوم ، وعن التعايش بين الإسرائيليين وجيرانهم ، فكان أن نشبت حربي لبنان 2006 و غزة 2009 ، تماما وبالضبط كما يتحدث زعماؤنا عن الوطن والشعب والتضحية وتماما كما يعدون بالمزيد من الإصلاحات وبحل أزماتنا الصغيرة والكبرى في كل مرة يتحدثون فيها ، وتماما كما يستمر كل شيء كما كان بعد كل خطاب يزخر بالوعود بالتغيير والإصلاح.
انتهت الحملة الدعائية الآن ، قيل كل شيء ، وانتهى التصفيق ، ذهب السيد أوباما إلى أوروبا وعلينا نحن أيضا أن نعود إلى همومنا اليومية من جديد……..