بادية ربيعه
(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1919)
بلى، أجل، هذه المرة، يُواجًه الإسلام بالإسلام! فليست هذه معارضة موقع المرأة في الغرب بالمرأة في الحجاز، ولا مقارنة، حاشا لله، المرأة في الكويت بالمرأة في حي “بيغال” في باريس أو حي “كاسترو” في سان فرنسيسكو. هذه المرة، سيدة إيرانية في دولة إسلامية، وغير عربية، مما يقلل من شأنها القرابي والنسبي إلى الرسول الكريم.
تفيد الأنباء وهي لسرعتها تسحب البرق معها، وليست كأنباء الرحالة ابن بطوطة، أن السيدة زهرة راهنا فارد زوج المرشح للرئاسة الإيرانية مير حسين موسوي تشارك في حملة زوجها، وتناظر وتنتقد وتهدد برفع دعوى ضد الرئيس الحالي أحمدي نجاد لأنه شكك في أوراقها الأكاديمية.
حول هذه النقطة تحديداً، كنت قبل يومين في جلسة مع صديقات بينهن واحدة من الأرض المحتلة التي ضحكت ضحكاً حامضاً يُبكي فقالت: ” نصف سكان الأرض المحتلة أصبحوا بين عقيد لم يسمع عن الحرب العالمية ولا عن مذبحة نمور التاميل الماويين في سريلنكا، ويحمل مسدساً مزركشا يُغري الفتيات ولا يطلق شيئاً، وبين “دكتور” حوًّل/عادَلَ توجيهية من الدول الشرقية السابقة أو من جامعات النصب في أوروبا إلى “دكتوراة” فطوى الحقيقيون أبحاثهم.
قلت ولماذا لم يطووا شهاداتهم:
قالت لأن الشهادة يمكن توليد غيرها، أما البحث فلا، كعرض المرأة إذا كُسر لا يُعاد.
نعود للسيدة زهرة، التي صرحت في إحدى اللقاءات،
” لست ميشيل أوباما، أنا زهرة راهنافارد احترم كل الناشطين في مجال حقوق المرأة في أي مكان في العالم”. أي هي ليست ملحقة بزوجها على طريقة تقاليد الغرب.
وربما قرأت هذه السيدة ما كتبته ألكسندرا كولنتاي ذات مرة إلى زوجها الثاني البحار جيبنكو منهية زواجهما:
” أنا لست الزوجة خاصتك، أنا شخص، وإمرأة ثانياً، وهذا كل ما في الأمر”.
مَنْ الأقرب إلى المسلمة زهرة : الكسندرا كولنتاي، الشيوعية البلشفية، أم حريم القصور من المحيط إلى الخليج، وخاصة الخليج؟ ومن أقرب إلى الشيخة موزة في قطر، زهرة أم تسيفي ليفني!
وقالت زهرة كذلك، إن موسوي سيعيد النظر في قضايا النساء المسجونات السياسيات. لا شك أن هناك مسجونات سياسيات في إيران، وسجناء سياسيين وسجناء وسجينات ممن ليسوا من تيار النظام السائد، فهل هناك مرشح اشتراكي في إيران لا سمح الله. ولكن أين النساء في بلاد محمد عبد الوهاب، ولكي لا نخلط ليس المقصود الموسيقار والمغني المرحوم محمد عبر الوهاب، بل مؤسس الحركة الوهابية التي تعتبر حتى استعمال المرأة لعقلها عورة!
أما للناخبين المترددين فقالت زهرة: “يجب ان تعرفوا انكم ان لم تتقدموا الى الأمام فسوف يفوز الذين يكذبون ويلفقون القضايا للآخرين، ويبددون مخزون البلاد والذين يريدون للمرأة أن تبقى في المنزل ولا تذهب الى المدارس او الى العمل”
موقف كهذا لا بد أن يستدعي الحقيقة السياسية/الوطنية/القومية وليس المسألة الدينية. لذا، يكمن الفارق ليس فقط في فهم الإسلام، وإن كان إسلام السيدة زهرة ليس نموذجياً، وإنما يرتد الفارق إلى فالق واسع بين النظامين بعرض المحيط. فالنظام السعودي، إن كان نظاماً، هو بحر من المال تشرف عليه الولايات المتحدة، وتهبش منه الإمبرياليات العجائز، كما يفعل وحش عجوز بين اسود شابة حين افتراس جاموس، وينفق هذا المال على شراء الأصوات الإنتخابية في لبنان وتسليح إسرائيل، وتخريب فصائل من المقاومة الفلسطينية لتنتفخ بالمال فيتم الإطلاق من الخلف، وأخيراً التبرع بما تبقى لإنقاذ الاقتصاد الأميركي. هو نظام إحدى المحميات الأميركية وأكثرها عربية، بينما النظام الإيراني نظام يعمل ليكون القوة الإقليمية الأولى في المنطقة، سواء بالنووي أم بالنووي المدني والتصنيعي.
وهكذا، بدل أن يُرفع منع التفكير، فما بالك بالتجول والعمل، عن المرأة العربية وخاصة في بلاد النفط، تتم محاصرة نساء واطفال قطاع غزة حتى يموت الناس ويتم الإعداد للهجوم على إيران لأخذ زهرة بين السبايا إلى البيت الأبيض!