موفق محادين
(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1927)
في ندوة نظمها منتدى الفكر الاشتراكي حول البيان الشيوعي وشارك فيها الدكتور هشام غصيب والدكتور مازن حنا وحضرتي، لاحظت ما يشبه الصدمة وربما الاستياء من قبل بعض الأصدقاء الشيوعيين على ورقتي وعلى ورقة الدكتور مازن حنا بدرجة اقل.
فقد حاولنا أن نطلق أفكارا تصلح للنقاش من اجل مقدمة عربية لهذه الوثيقة (البيان الشيوعي) باعتبارها أول وثيقة اشتراكية بالمعنى العلمي التاريخي، فيما قدم الدكتور هشام غصيب قراءة مهمة للغاية لمشروع ماركس عموما في ضوء التحولات العالمية الأخيرة.
وحيث واصل الدكتور حنا مشروع رياض الترك في تعريب الحزب الشيوعي السوري ولفت الانتباه إلى الفرق الكبير بين ترجمة بكداش للبيان الشيوعي وشعاره (يا عمال العالم اتحدوا) وبين الترجمة الدقيقة لهذا الشعار (يا عمال بلدان العالم اتحدوا) قمت بدوري باستقصاء واستعراض رأي ماركس وانجلز في البيان وغيره من الوثائق الشيوعية وكذلك رأي لينين في المسألة القومية، مما لم يعجب بعض الشيوعيين الذين لم يطلعوا كما يبدو على هذه الآراء، حيث سادت لفترة طويلة شروحات نوفوستي الروسية ووكيلها الحصري، خالد بكداش السوري ومدرسته في المنطقة العربية، حيث لا يمكن إسقاط الحساسية الكردية لبكداش وكذلك الحساسية اليهودية لرواد يهود آخرين من مؤسسي الحركة الشيوعية العربية في فلسطين ومصر والعراق والمغرب.. فقد كانت القومية وخاصة العربية مثار حساسيتهم وهذا أمر مفهوم لهم ولكنه ليس مفهوما عند الشيوعيين العرب.
أما رأي ماركس – إنجلز في المسألة القومية كما جاء في البيان والوثائق والأدبيات الأخرى ، فيمكن تلخيصه فيما يلي:
1- تأكيد البيان الشيوعي على الطابع القومي في الحديث (عن استيلاء العمال على السلطة في كل بلد أولا) وحديث البيان عن أمتين ظالمة ومظلومة.
2- دعم ماركس وإنجلز للمستشار الألماني بسمارك لانجاز الوحدة القومية الألمانية البرجوازية باعتبارها الشرط الضروري لقيام دولة العمال.
3- تمييز ماركس وإنجلز تحت تأثير أفكار هيغل القومية، بين الشعوب والأمم التاريخية مثل ألمانيا وبين الشعوب والأمم غير التاريخية، بل إنهما، ماركس وإنجلز، تحدثا عن الشعوب السلافية، الألبان وشعوب اسكندنافيا بصورة ساخرة (سارقو خواريف وقلاع رجعية).. بل إن إنجلز دعا إلى تحرير اللغة والثقافة الألمانية من الشوائب الأجنبية، كما دعا إلى جرمنة (ألمنة) الشعوب المجاورة لألمانيا وبما يذكرنا بفكرة المجال الحيوي الهتلرية.
4- ولعل لينين أكثر الرواد الماركسيين ديمقراطية في هذه المسألة، فقد أكد حق تقرير المصير القومي وانتقد الموقف العدمي المناهض للأمة عند روي الهندي وعند روزا لوكسمبورغ.
ومن اللافت للانتباه هنا، ان الحركة الشيوعية العربية التقليدية التي زورت شعار البيان الشيوعي من (يا عمال جميع بلدان العالم اتحدوا) إلى (يا عمال العالم اتحدوا) زوّرت مفهوم حق تقرير المصير القومي إلى حق تقرير المصير الوطني (أي القطري).