نجوان درويش
(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1927)
حتى اليوم، تمارس أكثرية «مؤسسات التطبيع» أنشطتها بسرية ومواربة في فلسطين وفي بلدان عربية عدة، وتحت غطاء أوروبي وأميركي، وبرعاية رسمية أحياناً. وكانت «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل» قد أشارت في أحد بياناتها إلى خطورة الدور الذي تقوم به قنصليات وسفارات الدول الغربية في هذا المضمار. لعلَّ تسمية هذه المؤسسات بأسمائها وأسماء القائمين عليها بات أمراً ضرورياً. تقول الباحثة إصلاح جاد، إحدى أبرز ناشطات «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل»، إنّ «معهد دراسات السلام في الشرق الأوسط» هو أحد المراكز التي أفرزتها اتفاقيات أوسلو عام 1993 ونصّت في أحد بنودها (المادة 13) على تشجيع هذه النوع من «المشاريع»، بحيث «يحقق الساسة السلام من أعلى». وتعمل تلك المراكز والمؤسسات على «بناء السلام من أسفل». وبناءً على ذلك، تقول جاد إنّ «الساحة الفلسطينية شهدت انتشار العديد من المراكز الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية المشتركة، مثل معهد دراسات السلام المذكور و«مركز إسرائيل/ فلسطين للأبحاث والمعلومات» (IPCRI)، ومنظمة «أصدقاء الأرض» و«السكرتاريا الفلسطينية/ الإسرائيلية للبيئة». ويبدو أن الأنشط بين هذه المراكز هما المركزان اللذان يعملان على المناهج والرواية التاريخية للصراع، بينما لم يُبقِ الاحتلال الإسرائيلي شيئاً في البيئة الفلسطينية يستلزم التعاون من أجله!.
أما القائمان على «معهد دراسات السلام في الشرق الأوسط» من الجانب الفلسطيني فهما، كما تذكر جاد، أستاذان في جامعة بيت لحم (سامي عدوان وعدنان مسلّم). وفي هذا السياق، ذكر رئيس «مجلة كنعان» الكاتب عادل سمارة لـ«الأخبار» أنّ أحد المشاركين في «لجان الرقابة على الثقافة الفلسطينية وخلوها من «التحريض» ـــــ المنبثقة من اتفاقية أوسلو» هو أستاذ في جامعة بيرزيت. وهذا يثير التساؤل عن دور الجامعة الفلسطينية ومسؤوليتها. بحسب جاد، فإن «العديد من تلك المشاريع المشتركة، وخاصة المتعلّق منها بتشويه الذاكرة الجمعية الفلسطينية، تعتبر خرقاً فاضحاً لسياسة الجامعات الفلسطينية، بما فيها جامعة بيت لحم، وقرارات مجلس التعليم العالي التي تمنع التعامل مع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية ما بقي الاحتلال».
وتختم جاد مداخلتها: «صناعة السلام» تحقق فوائد مادية ومعنوية لحفنة قليلة من «تجار السلام»، مقابل تطبيع الرواية الصهيونية للصراع، وتغييب الذاكرة الفلسطينية وتشويهها، واستحضار مزيد من الضغوط الأميركية على المؤسسة التربوية الفلسطينية برمّتها».
المصدر:جريدة الأخبار، http://www.al-akhbar.com ، ١٦ حزيران ٢٠٠٩