نتنياهو للعرب: حربُنا ضدّكم أبدية!

أحمد أشقر ـ فلسطين المحتلة

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1949)

الهوية هي استدلال الفرد والجماعة على ذاتهما في مرآة الآخر؛ الصديق، والعدو. وهي المحرك المعنوي لحِراكات الفرد والجماعة في جميع المستويات. وفي الهوية ما هو واقعي وما هو متخيّل. أما أكثر الهويّات تخيّلا فهي الهويّات الطائفية والدينية، لأنها تستند بالأساس إلى الغيب وليس إلى الواقع. فحسابات الواقع والتوازنات والمصالح الاجتماعية المختلفة، والرغبة بمشاركة الآخرين الواقع المُعاش، والأخلاق التي تستند إلى الإرادة الحرّة- كما هي عند ابن المقفع (724- 759م)، قبل أن تصبح عند إيمانويل كانط (1724- 1804)- غائبة عن عقيدتها وفكرها. لذا تعتبر هذه الهويات، هويات نهبوية، لا همّ لها إلا ذاتها، وتعتبر (أيضًا) الأخطر على ذاتها وعلى الآخرين، إذا ما امتلكت مقومات القوة الواقعية.

وللهوية رموز وتعيينات مختلفة، تُفصح عمّا هو مخفي وتفضحه. فهذه الرموز لا حصر لها من حيث العدد والتوالد العددي أيضًا. وفهمها ليس حكرا على أتباعها فقط. فكلّ دارس من الهويات الأخرى بإمكانه أن يفكّ شيفرتها، ويفهم مقاصدها ونواياها العملية في الواقع. ومن هذه الرموز والتعيينات: الأشخاص الذين يمثلونها.. الزمن.. المكان.. المفردات المستخدمة في الخطاب.. والقائمة طويلة.

تعتبر الهوية اليهودية: الطائفية والدينية (وهوية الفرد أيضًا) أكثر الهويات تخيلا. ليس لأنها تخيلت تاريخنا- واقعنا، الذي ليس لها، وذَوََّتته في صلب عقيدتها الإيمانية والعملية، كما تُجمع علوم التاريخ والاجتماع والإنسان. بل لأنها عَمَدت إلى استلابه واستملاكه ليصبح لها بالكامل. ثم انطلقت منه لتشن حروبها المتواصلة علينا نحن العرب (والمسلمين). ولا تزال ترفض أي مشاركة أو تَعاشر معنا، يأخذ بالحدّ الأدنى من مصالحنا. فهي نهبوية وإقصائية بالمطلق. وعلى ضوئها سوف نقرأ خطاب “نتياهو” الأخير.

رمزية المكان والحضور

كان خطاب “بنيامين نتياهو”، رئيس حكومة دولة “إسرائيل”، في “مركز بيجين- السادات للدراسات الإستراتيجية” بجامعة “بار- إيلان”، مساء الرابع عشر من شهر حزيران الجاري، خطابا يهوديا لاهوتيا بامتياز، ومليئا بالرموز والتعيينات التي تساعدنا ليس على فهمه، بل على كشف نوايا الحكومة والكيان الذي يمثله.

والخطاب الذي لم أستمع إليه، بل قرأته بالعبرية، تعدّ لغته وصياغة جمله ركيكة، تشبه بناءا رديئا من حجارة الطوب. فقد قرأته بسبع دقائق فقط! فقد كان أولى بصاحبه المعروف بركاكة وديماغوغية حديثه أن يرفع من مستواه، خاصة وأنه بحضرة رهط كبير من أساتذة الجامعات والباحثين. والخطاب لم يكن بحاجة إلى مراجعة مجمع اللغة العبرية، كما جرت العادة عندما يلقي رئيس الدولة أو الحكومة خطابا “تاريخيا”. الأمر الذي يدلّ على سطحية فهم الخطيب والحضور والمتعاطين لأسباب وجذور وتداعيات الصراع العربي- الصهيوني، وتحديدا أساتذة الجامعات والباحثين الذين جيء بهم للتصفيق للديماغوغ الفاشي “نتياهو” (بينهم أساتذتي في السابق).

يحتوي خطاب على 2030 كلمة، موزعة على 95 فقرة، عدد كلمات أطولها 58 كلمة، فيه يطالب العرب والعالم بمساعدة كيانه بحصار الضفة الغربية (مستقبلا) حصارا أشدّ وأمرّ من حصار غزة. وأقصرها 9 كلمات، فيها يؤكد أن العرب والعالم يقبلون مبدأ حصار الضفة الغربية (مستقبلا) حصارا أشد وأمرّ من حصار غزة!

اختار نتياهو مركز “بيجين- سادات للدراسات الإستراتيجية” في جامعة “بار- إيلان” المحسوبة على “التيار الوطني الديني” في اليهودية- الصهيونية، وليس “الكنيست”، مقرّ السلطة التشريعية، أو مكتبه، مكانا لإلقاء خطابه المذكور. وللمكان هذا دلالات خاصة وهامة جدا، في “إستراتيجية” الحياة السياسية في الكيان. يرمز المكان إلى الآتي:

الأول- في هذه الجامعة تعلم الشاب “يجآل عمير” الذي اغتال الإرهابي “يتسحاك ربين” عام 1996. أي من هذه الجامعة خرج قاتل أحد الرموز اليهود للتسوية مع العرب. أي أن هناك موافقة واضحة، واعية ولا واعية أيضًا، على اغتيال التسوية بصيغة أبو عمار- رابين- بيرس، في “أوسلو”.

الثاني- أما ما يرمز إليه “مركز بيجين- سادات للدراسات الإستراتيجية”، فهي إستراتيجية تحييد كل قطر من أقطار الوطن العربي عن دائرة الصراع، بل وتجيير مقدراته وجهوده لخدمة المشروع الصهيوني، كما هي حال مصر السادات- مبارك.

الثالث- تعتبر هذه الجامعة أساس وأكبر معاقل التيارات الدينية اليهودية المتزاوجة مع الصهيونية. وفي العقد الأخير، انقلب مركز ثقل إنتاج كبار ضباط الجيش وطياريه من “الكيبوتسات” والمستعمرات الزراعية إلى هذا التيار ومستعمراته وبؤره المختلفة، وهذا المكان تحديدا وبقية الكليّات التي فرّختها “بار- إيلان”، في مستعمرات الضفة الغربية وشمال فلسطين. نذكر أن رئيسها يسكن في مستعمرة “الكناه” في الضفة الغربية.

الرابع- تآكل دور السلطة التشريعية، “الكنيست”. فاختيار “بار- إيلان” لإلقاء خطاب بمثل هذه الأهمية، وليس الكنيست، أو مكتب رئيس الحكومة، لهو دليل على أن الحكومة والكيان يميلان إلى أخذ شرعيتهما من المكان الذي يفرخ قادة الجيش والمستعمرين الخارجين على القانون. فجميع منظمات حقوق الإنسان “الإسرائيلية” تؤكد على أن المستعمرين مجموعات خارجة على القانون: “جنائية” وبينهم العديد من المجرمين الذين استولوا وأتلفوا ممتلكات عربية، وقتلوا عربا آخرين دون أن يُقاضوا بالمرّة. وما حضور العديد من رجالات السياسة و”الفكر” من أساتذة جامعيين وباحثين ودبلوماسيين، غير المنتخبين من الجمهور، إلا محاولة من الحكومة لإيجاد مركز ثقل آخر بدل الجمهور، بعد أن ينتخبها هذا الجمهور.

يهودي لاهوتي بامتياز

انطلاقا من الهوية اليهودية- الصهيونية، عاد “نتياهو” ليؤكد وللمرة الألف بعد الألف على المقولة اللاهوتية، اليهودية- الصهيونية، قائلا: “لكن حقنا بإقامة دولتنا هنا [التأكيد من المصدر]، في أرض إسرائيل، ينبع من الحقيقة البسيطة: هذا وطن الشعب اليهودي، وهنا تَشكَلّ وعيه”. اللاهوت عند “نتياهو” لا يقرّ بأسباب الـ”حقّ”، لكنه لا يسبح في الفضاء بدون محددات تاريخية (أيضًا)، لذا نراه يعيد ويكرر ما قيل للمرة المليون بعد المليون: “عليّ أن أُقدم وأقول: علاقة الشعب اليهودي بأرض إسرائيل مستمرة أكثر من 3500 سنة. يهودا والسامرة، الأماكن التي تجول فيها آباؤنا أبرهَم، يِصْحَق ويَعَقُب، دَوِد وشلُمُه، يشعيهو ويرميهو- ليست أرضا غريبة عنّا. هذه أرض آبائنا”. نعم، لكنه لا يعلم أن “أبرهم” دخل فلسطين عاريا جائعا، إلى درجة أنه قدم زوجته “سارة” إلى ملك الفلسطينيين كي يمارس الجنس معها، علّه يحصل على عائد ما! هذا ما يذكره كتاب “نتنياهو” المقدس: “التناخ” (سفر التكوين 20: 1- 18). ولا يذكر أن الدراسات والأبحاث المعاصرة تنفي وجود الآباء! فـ”نتياهو” يتخيّل التاريخ ليصبح واقعا. والأخطر هو، إنكار تاريخ الآخرين: نحن العرب، التي تزال تحفظه حجارة هذا الوطن وذاكرته الحيّة. أقواله تعتبر جوهر اليهودية والصهيونية ودولة “إسرائيل”، فهُم واحد في كل ما يخصّ أوجه العدوان علينا.

لا نريد إيران شريكا لنا، والأزمة الاقتصادية هي الأهم

تسابقت وسائل الإعلام العالمية إلى الإشارة والقول إن الخطاب إيجابي، ينسجم مع متطلبات الرئيس “أوباما”. أما وسائل الإعلام العربية فانبرت إلى التنديد بالخطاب والتقليل من أهميته أو السكوت عنه. فقد شاهدت محللا سياسيا ناطقا بالعربية بلهجة بلاده، على إحدى الشاشات، كان سادته قد دسّوه في بدلة بالة، يقول أن جامعة “بار- إيلان” جامعة غير معترف بها وغير معروفة وهامشية، والعديد من الجامعات في العالم تقاطعها وخرّاف على هذه الشاكلة.. مُرسلو هذا “المحلل” إلى هذه الشاشة، نطقوا بصدق عن حالهم، فبدا جهلهم واضحا كوضوح الشمس في نهار آب؛ فهم لا يعرفون أن جامعة “بار- إيلان” تعتبر إحدى الجامعات “الإسرائيلية” السبعة التي “تشكل العقل الإستراتيجي المستقبلي للشعب اليهودي” كما يؤكد “مناحيم مجيدور”، رئيس الجامعة العبرية في القدس ورئيس إتحاد الجامعات “الإسرائيلية” سابقا. وأنها أصبحت المنتجة للفكر اليهودي- الصهيوني، الأكثر تأثيرا في الحياة السياسية!! وأعتقد أن الصديق زاهر بولس شخصّ بدقة جوهر الخطاب، الذي جاء ليؤكد دور “إسرائيل” كوكيل شرق أوسطي لأمريكا، وما قاله “نتياهو” ليس إلا إعلانا عند دور “إسرائيل” الإقليمي ضمن خطاب “أوباما”، في مقاله المنشور في نشرة كنعان الإليكترونية، العدد 1926.

تحدث “نتياهو” عن ثلاثة تحديات تواجه كيانه: “التهديد الإيراني، الأزمة الاقتصادية وتقدم السلام”:

إن قلق “إسرائيل” من التهديد الإيراني، ليس خوفا من قيام إيران بقصف “إسرائيل” بالسلاح النووي وإبادتها- كما تكرز دعايتها، لأن احتمالات هذا الحال تبقى في إطار الصفر- بل خوفا من أن تصبح إيران شريكا للهوية “اليهودية- الإسرائيلية” في إدارة شئون المنطقة. أي أن العداء لإيران لا ينبع بالأساس من سلاحها النووي القادم- بحسب “نتنياهو”- بل من مشاركتها “إسرائيل” إدارة شئون المنطقة.

وتعتبر الأزمة الاقتصادية أكبر التحدّيات التي تواجه الكيان، بتقديري على الأقل، فهي تمسّ بمَنَعة مستعمريه. فالتاريخ الاقتصادي للكيان يدلنا على أن اقتصاد الكيان اعتمد على نهب بيوت وأراض وقوى العمل العربية، والمساعدات التي تقدمها الدول الاستعمارية له، كي تحول دون نهضة العرب وأخذ دورهم الفاعل في التاريخ، ودون تنامي المقاومة العربية ضدّه. هذه الحال انعكست بصورة مباشرة على مستعمري الكيان؛ فالعيش الرغيد والهدوء النسبي الذي عاشوا فيه، ولا يزالون إلى حدّ ما، ليس مصدره العقل والعمل اليهوديين، بل النهب والأجرة على الدور الاستعماري الذي يقومون به، من جانب، والعجز العربي من جانب آخر. وبما أن “الرأسمالية سلسلة من الأزمات”، كما يشير ف. إنجلز، لذا لم يعد بإمكان الدول الاستعمارية الرأسمالية الصرف بسخاء على الكيان والمستعمرين، كما في السابق. لذا وكلّما ضربت أزمةٌ البنيةَ الرأسمالية كانت ارتداداتها اشدّ على الكيان ومستعمريه. وتوالي الأزمات من شأنه أن يهدد مستقبلهم في فلسطين، وهجرتهم إلى دول يتمتع اقتصادها بمنعة وامن أكثر من اقتصاد الكيان، أو العودة إلى أوطانهم الأصلية في أوروبا وشمال أمريكا تحديدا.

الحصول على شرعية الأصليين

دَرَّج “نتياهو” “تقدم السلام” في المرتبة الثالثة والأخيرة من التحديات التي تواجهها “إسرائيل”. فقد كان صادقا وواقعيا جدا. لأن بعض الأقطار العربية باتت في صفّ “إسرائيل” ضد جماهير الأمة. وكذلك القيادة الفلسطينية الرسمية، التي تباركها معارضة تعيش على فتات الاستجداء من أموال التمويل الأجنبي المسمومة. لذا وعندما يتحدث “نتنياهو” باسم “دول الاعتدال” عن التهديد الإيراني للعرب وكيانه، فإنه يتحدث بعد أن أخذ التفويض منها.

انشغل الفلسطينيون والعرب كثيرا برفض مطالبة “نتياهو” القائلة: “المطلوب أن تقوم القيادة الفلسطينية وتقول ببساطة: “يكفينا هذا الصراع. نحن نعترف بحقّ الشعب اليهودي بدوله له في هذه الأرض، ونحن نعيش إلى جانبهم بسلام حقيقي. […] لكن الشرط الأساس لنهاية الصراع هو اعتراف فلسطيني علني وملزم وصادق بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي. […] وكي يكون هذا الاعتراف”. أعتقد أن المطلب هذا أصبح مطلبا “إسرائيليا” تشاطرها فيه الدول الاستعمارية. والمطلب، كما يفهمه الفلسطينيون والعرب، لا يهدد وجود عرب الـ48 كمواطنين في الكيان فحسب، وانما أبعد من ذلك بكثير، فَ “إسرائيل” تريد من العرب أن يعترفوا بأن اليهود وكيانهم وحدة أصلية من نسيج المنطقة، ليس السياسي فقط، فالأهم الثقافي والديني. إن اشتراط “إسرائيل” شرطا كهذا على العرب معناه ما يأتي: نريد منكم أن تدرسوه، ونحن على يقين بأنكم ستوافقون عليه. وبما أن العرب لا يجيدون دراسة الأمور بسرعة، فإن الدولة التي تحدث عنها “نتنياهو” دون أن نعلم أين ستقام، هل في فلسطين الانتدابية أم في شرق الأردن؟ فإنها ستتأخر في المجيء. وكلما تأخرت سيكون حال “إسرائيل” أفضل. وعندما يقبل العرب هذا الشرط، هذا لا يعني أبدا أن النموذج الأقسى لحصار غزة سوف يطبق على الضفة، بل تبدأ مفاوضات جديدة تترجم فيها “إسرائيل”: “اعتراف فلسطيني علني وملزم وصادق […]” كي يوقع العرب على الوثائق التي تتضمن ذلك. مثلا: تضمين برامج التدريس العربية بهذه المبادئ.. والحظر على أحفاد اللاجئين أن ينطقوا باسم قرى ومدن لجوء أجدادهم.. ممنوع سبّ “إسرائيل” سرا.. والقائمة طويلة. وبما أن تقنيات مراقبة الناس والتجسس عليهم أصبحت عالية جدا، فقد يزرع تحت جلد كل عربي جهاز يقدم المعلومات المطلوبة، ليس إلى مخابرات الأنظمة القطرية وكلابها المسعورة، بل إلى “إسرائيل” مباشرة، كي تضمن تحرك تلك الكلاب بسرعة.

لا عودة ولا توطين ولا تعويض للاجئين

قال “نتنياهو”: “كي يكون هذا الإعلان ذو أهمية عملية، مطلوب أيضًا موافقة واضحة على أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين تجد حلا لها خارج حدود دولة إسرائيل. لأن من الواضح أن كل طلب لإسكان اللاجئين الفلسطينيين داخل دولة إسرائيل تناقض استمرارية وجدود إسرائيل كدولة الشعب اليهودي”. فقراءة متفحصة لهذه الفقرة نفهم ما يلي:

1) لا عودة للاجئين. وهذا واضح في الخطاب أيضًا.

2) ولا توطينهم. وهذا واضح في الخطاب أيضًا. فالخطاب لم يذكر مكانا أو أمكنة يمكن توطين اللاجئين فيها. فعدم ذكر أمكنة محددة، يهدف إلى إبقاء حال اللاجئين كما هي الآن: ذلّ وبؤس وحلم بالهجرة إلى السويد.. وكندا.

3) ولا تعويضهم. وهذا واضح في الخطاب أيضًا. بل العكس، فقد بدأت “إسرائيل” خطة جديدة تهدف إلى بيع أملاك اللاجئين إلى السوق الحرّة، بعد عن استخدمتها “للصالح العام” ستة عقود.

قراءتي هذه تختلف عن القراءات السائدة، نعم. والأسباب واضحة:

1) “إسرائيل” لن تسمح بإضافة أي كتلة سكانية عربية في الأراضي التي تحتلها.

2) النظام العربي والفلسطيني الرسمي وافق منذ “أوسلو” على عدم عودة اللاجئين.

3) الدول الاستعمارية لن تصرف مبالغ طائلة على توطين اللاجئين في أقطار لجوئهم، لأن تمويل حروب “إسرائيل” ضدهم أرخص من توطينهم، لا بل يعود عليها بالربح نتيجة تسويق سياسة الرعب والخوف من إيران والإسلام السياسي المقاوم.

4) وأقطار اللجوء العربية لن تسعى إلى توطينهم، لأن هذه العملية مربوطة بتغيرات على البنية السياسية فيها، الأمر الذي لا تريده.

5) بقاء حالهم كما هو؛ فالزمن كفيل بإذابتهم. هذا هو المطلوب “إسرائيليا” وعربيا. والوثائق التي سيوقع عليها العرب، والتي تضمن بقاء “إسرائيل كوطن الشعب اليهودي”، ستتضمن أيضًا آلية نسيان أحفاد اللاجئين قرى ومدن أجدادهم.

وبعد؛ هذا هو خطاب “نتنياهو”، الذي لم يعرض على العرب شيئا، سوى استمرار استعبادهم، وبما أننا لن نقبل بهذا أبدا، فالصراع والحرب أبديان! لأن هذا هو جوهر الهوية اليهودية- الصهيونية- “الإسرائيلية” التي لا تقبل العيش المشترك والتعاشر مع الآخرين. فمائة عام ونيّف من الصراع مع هذه الهوية، تعلمنا الكثير: إن محاولة العيش معها سراب. وما الخطاب المذكور إلا تلخيصا لتلك السنوات، واستعدادا لأخريات نعيش بدايتها الآن!