سطو مسلح مدجج بالايديولوجيا والاساطير الدينية .!

نواف الزرو

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1950)

ما يجري على ارض القدس والضفة الغربية هو بالتأكيد سطو صهيوني مسلح على الارض والتاريخ والتراث…!

وما يجري هو انتهاك صارخ متواصل لكافة المواثيق و القرارات الدولية…!

وما يجري هو استخفاف بالعرب واحتقار سافر لهم ولمبادرتهم العربية…!

وما يجري تغطيه دولة الاحتلال بالقوة الغاشمة..!.

يمكن ان نقول ان تلك الدولة ترتقي الى مستوى اكبر مافيا للاوطان والاراضي والممتلكات على وجه الكرة الارضية…!

فماذا نحن فاعلون فلسطينيا وعربيا في ضوء كل ذلك…؟!

سؤال كبير عاجل ملح على الاجندات الفلسطينية العربية..!

عالميا- بينما يجمع العالم كله تقريبا اليوم من امريكا الى اوروبا الى الامم المتحدة، ناهيكم عن الاجماع العربي والاسلامي على رفض الاستيطان الصهيوني، الا ان “اسرائيل” تستحضر دائما وتعمل وفقا لتلك المعادلة في العلاقات الدولية التي كان وضعها بن غوريون كما يلي:” ليس المهم ما يقوله الغوييم-اي الآخرون- وانما المهم ما يفعله اليهود”….!

ولكن ما يفعله اليهود الصهاينة في هذه الايام انهم يشنون حروبا مفتوحة على الوطن والشعب العربي الفلسطيني، ويشنون حربا من نوع خاص بهم على الارض الفلسطينية تستهدف الاستيلاء الكامل عليها من بحرها الى نهرها على انقاض شعبها وحقوقه التاريخية فيها..!.

وليس ذلك فحسب، فهم يغطون عمليا السلب والنهب والسطو المسلح والجرائم بالايديولوجيا والاساطير الدينية، فالحاخام ياكوف سافير يعبر عن ذلك قائلا:”ان الانتقادات الدولية للاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية “سخيفة لان الله هو الذي وعد اليهود بهذه الأرض وعلى العرب ان يرحلوا الى مكان آخر/ ا.ف.ب – 2009/5/30″، ويضيف:”ان هذه الأرض هي ارض يهودية-انها ديارنا”؟

وفي السياق وجّه ما يسمى بـ”حاخامات أرض إسرائيل” رسالة تحمل في طياتها تهديداً صريحاً وواضحاً لرئيس الحكومة نتنياهو(الذي لا يحتاج قطعا الى تهديد) ينصحونه بألا يقوم بخطوات متسرعة من قبيل ترك -ما أسموه- بأرض إسرائيل لأعدائها لأنها ستجلب كارثة على الإسرائيليين وعلى نتنياهو بشكل شخصي حسب تعبيرهم/ الأربعاء 3 / 6 / 2009 م”.

المحلل الاسرائيلي ألوف بن في صحيفة هآرتس/20/6/2009 يذكر بالجوهر الحربي للاستيطان قائلا: أن المستوطنين لا يختبئون خلف شعارات نتنياهو في الزيادة الطبعيية والتطورالطبيعي التي تهدف إلى التخفيف من الضغط الأمريكي، فهم لا يخجلون في حربهم مع الفلسطينيين أساسا في إقامة وقائع على الأرض من أجل استمرار السيطرة الإسرائيلية.

وأوري أفنيري رئيس تحرير مجلة”هعولام هزيه” سابقا كان كتب في معاريف قائلاً:” أن الحرب الحقيقية تدور رحاها على الارض في أنحاء الضفة الغربية والقدس، وأسلحتها تتكون من : الخرائط والقرارات، والأوامر العسكرية، وهي حرب مصيرية يتعلق بها مصير ومستقبل ملايين الفلسطينيين ، فإما الحياة أو الموت”، وفي مقالة أخرى له نشرتها صحيفة معاريف يؤكد: ” أن مفاوضات التسوية الدائمة ستار من الدخان يتواصل خلفه النزاع الإسرائيلي _ الفلسطيني بكل عنفوانه … وتشن اسرائيل معركة حثيثة لترسيخ السيطرة الإسرائيلية في كل أرجاء الضفة الغربية، فما يجري على الأرض يفوق بكثير كل ما ينعكس في وسائل الإعلام .. اذ تتواصل في كل أرجاء المناطق المحتلة ، معركة ترمي إلى تحويل كل قرية و مدينة فلسطينية إلى جيب منقطع محوط بمناطق سيطرة الإسرائيلية، هذه ليست من عمل متعصبين مجانين، بل معركة مخططة جيداً تتواصل في عهد الليكود والمعراخ على حد سواء ، والهدف منع كل امكانية لإقامة دولة فلسطينية حقيقية مستقلة …”.

وعمليا على امتداد مساحة الارض في الضفة الغربية لم يتوقف بلدوزر التجريف والاستيطان عن العمل في جسم الضفة، اذ تكشف لنا احدث عناوين مشهد الاستيطان ونهب الاراضي العربية النقاب عن معطيات مذهلة حول مناطق نفوذ المستوطنات وامتداداتها وتداعياتها على مستقبل الوحدة الجيوديموغرافية الفلسطينية وعلى مستقبل الدولة الفلسطينية التي ما تزال تراوح في دائرة الحلم التاريخي…!

فعلاوة على قرار مصادرة ال(1345كم2) ما بين القدس والبحر الميت، يشير تقرير للامم المتحدة مثلا الى”ان 38,3% من اراضي الضفة واقعة تحت سيطرة المستوطنات الاسرائيلية/ حتى آذار/2008/”.

ولكن لترتفع هذه النسبة الى” 40% من الضفة الغربية تقع تحت سيطرة الامبراطورية الاستيطانية-كما وثق رئيس دائرة شؤون لمفاوضات في منظمة التحرير الفلسطنينية الدكتور صائب عريقات/وكالات/ الجمعة 5 /6 / 2009 م”.

كما تشير المعطيات الى “ان عدد المستعمرين اليهود في الضفة الغربية تضاعف 39 مرة خلال الاعوام 1972-2007/”، بل ان الدكتور مصطفى البرغوثي قال” أن وتيرة التوسع الاستيطاني زادت منذ أنابوليس بمقدار عشرين ضعفاً مما كان عليه الحال قبل ذلك”، موضحا”إنه لا يوجد تفسير لتسارع وتيرة الاستيطان سوى أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بجميع تلك المناطق”.

وعن خرائط الاستيطان والجدران والتهويد ومناطق العزل والمصادرة كشف الدكتور جاد إسحاق مدير معهد الأبحاث التطبيقية اريج – القدس النقاب عن الخطة الإسرائيلية الرامية الى مصادرة مساحات واسعة من جنوب الضفة الغربية وعزل الجنوب عن الوسط والشمال، اضافة الى تهويد المدينة المقدسة واكمال جدار الفصل العنصري بضم أكثر من 14.4 % من الضفة الغربية عملياً وعزل أكثر من 38 % منها وخاصة في الواجهة الشرقية ( غور الأردن ) .

وعلى نحو مكمل تفيد المصادر الفلسطينية بان ” المخطط الإسرائيلي التهم حتى الآن حوالي 40- 50% من الضفة والذي ما زال ساري المفعول”، مشيرة إلى “أن الحركة الاستيطانية الإسرائيلية أعلنت عن خرائطها وتصوراتها للحل مع الفلسطينيين، والذي يتضمن حصرهم في معازل على مساحة 35% من الضفة في حين إسرائيل تقوم بالتهام بقية الأراضي”؟..

إذن ، هي حروب شاملة، حروب على الارض والشعب الفلسطيني تتقدمها حروب الاستيطان والضم والتهويد، وهي سطو مسلح حقيقي يتسابق مع عملية المفاوضات والسلام العقيمة المماطلة، وتهدف إلى تطويب الضفة الغربية جزءا من”ارض اسرائيل الى الابد”…!

nawafzaru@yahoo.com