ثلاث سنوات على اسوأ عام في تاريخ”اسرائيل”….!

نواف الزرو

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1959)

بينما أحيا الإسرائيليون الأربعاء الماضي، الذكرى الثالثة لحرب لبنان/2006 ومقتل الجنود الـ 121 الذين في تلك الحرب-وفق احصاءاتهم في حين تحدثت مصادر اخرى عن اضعاف هذا الرقم-، الذي لم يخسره ذلك الجيش في اي مواجهة مع اي جيش عربي رسمي، فاننا يمكن ان نوثق ان نتائج وتداعيات تلك الحرب ما تزال تحرق الوعي الجماعي العسكرتاري-الامني-الوجودي الاسرائيلي، بل انها تركت فيه جرحا عميقا يبدو وفقا للقراءات الاسرائيلية المختلفة انه لن يندمل طالما ان هناك تلك القوة “المصورخة” التي تسمى “حزب الله” والتي الحقت الهزيمة بذلك “الجيش الذي -كان يطلق عليه انه- لا يقهر”…!

حاول المتحدثون رفع الروح المعنوية للجنود والتأكيد على أن الجيش الإسرائيلي طبق دروس الحرب وأنه رفع جاهزيته وعزز قوته استعدادا لحروب مقبلة، إلا أن ذلك لم يكن جوابا شافيا لذوي الجنود القتلى الذين واصلوا توجيه الانتقادات الشديدة للحرب، فقال وزير الحرب باراك “إن الحرب ما زالت ماثلة في وعينا الجماعي كهزة دفعتنا إلى فتح عيوننا”، وخاطب الجنود بالقول: “بالنسبة لكم هي نقطة فاصلة مروعة – بعدها لن يكون شيئ كما كان/ وكالات/2009/7/8″، وعن النتائج زعم باراك” إن الحرب حققت ردعا فعالا، وأعادت الهدوء إلى الشمال، إلا أنه اعتبر أن الأوضاع ما زالت قابلة للانفجار”. ولكنه أضاف: ” حزب الله يعزز قوته ويواصل التسلح، ولم تنته أيام التصعيد”.

فاي ردع حققته الحرب ل”اسرائيل”…؟!

ربما يكون ذلك الجيش رفع من جاهزيته عبر العدوان على غزة، وعبر “اضخم تدريبات عسكرية شهدتها اسرائيل منذ قيامها والتي اجريت في مطلع حزيران الماضي تحت اسم”نقطة تحول-3″ بعد ان سبقتها تدريبات مماثلة تحت اسم”نقطة تحول-1” و”نقطة تحول-2″، غير ان ذلك الجيش ما زال مذعورا وفق الشهادات الاسرائيلية، وتلك الدولة ما تزال قلقة جدا من ذلك المخزون الصاروخي لدى حزب الله ومن جاهزية مقاتليه، بل ان تلك الدولة بكاملها تحت وطأة هواجس هزيمة اخرى اذا ما تجرأت وشنت عدوانا جديدا على لبنان…!.

والذي يشغلهم ويقض مضاجعهم الى حد كبير تلك”البطن الرخوة -اي الجبهة الداخلية “الاسرائيلية التي انهارت تماما خلال ايام العدوان..!.

فلو اردنا ان نكثف نتائج وتداعيات تلك الحرب على “اسرائيل” والمجتمع والجيش الاسرائيلي لقلنا بالعناوين الكبيرة:

– ان عام2006- أسوأ عام في تاريخ الدولة العبرية…!

– “اسرائيل”منيت بهزيمة حارقة على يد حزب الله لن تنسى على مدى الاجيال الاسرائيلية .

– هواجس وجود ومستقبل الدولة العبرية والمشروع الصهيوني تتفاعل على الاجندات الاسرائيلية…!

– نظريات ومفاهيم عسكرية تساقطت …واهداف سياسية واستراتيجية تحطمت …؟!!.

– أجهزة الدولة الاسرائيلية انهارت بشكل مطلق أثناء الحرب..!

– الجيش الاسرائيلي يبادر الى صياغة نظرياته العسكرية / القتالية في اعقاب هزيمته في لبنان، وبيريز يدعو الى تطوير سلاح ال”نانو تكنولوجي” لمواجهة نمط حزب الله القتالي .

لكل هذه الاستخلاصات المكثفة في الميزان العسكري والاستراتيجي الاسرائيلي علاقة مباشرة بمفاهيم”العقيدة والنظريات العسكرية /الحربية ” و ب” التفوق المطلق” و ب”قدرة الردع” و”كي – حرق الوعي” لديهم .. فقد سعت تلك الدولة على مدى العقود الماضية الى الترويج لرواية خاصة متميزة تصورها كصاحبة جيش صغير وذكي وقوي لايقهر و يحقق الانتصارات االسريعة الساحقة على مجموع الدول والجيوش العربية.

ولكن … وفقا لكافة المعطيات الاسرائيلية على نحو حصري نجح حزب الله في قلب كل الحسابات والتقديرات الاستراتيجية وفي تحويل الانتصارات الاسرائيلية السريعة والمذهلة الى هزيمة حرقت الوعي والمفاهيم الاسرائيلية .

ففي حربها على لبنان اعتمدت المؤسسة الحربية الاسرائيلية ذات المفاهيم المستندة الى بلطجة القوة والعربدة العسكرية بكافة تطبيقاتها وترجماتها على الارض على شكل عمليات القصف الجوي التدميري المكثف ما تسبّب في تدمير قرى لبنانية كاملة ومحوها عن وجه الارض وتدمير أحياء كاملة في العاصمة بيروت، إضافة الى استهداف كافة عناوين البنية التحتية اللبنانية من طرق وجسور وشبكات مياه وكهرباء وغيرها .. وكأنّ الجبروت الإسرائيليكان يريد أن يقول للبنانيين وللشعوب العربية أيضاً: “هذا مصير مَن يحاول المس بإسرائيل… هذا هو الثمن …”..

ولكن …عمليا على الارض وفي ميادين المواجهة والقتال هناك لم تسر الرياح كما تشتهي المؤسسة الحربية الاسرائيلية، على الرغم من ان “اسرائيل ” رمت بثقلها الحربي المعروف في تلك المعارك المتدحرجة، ولكن-لتنقلب كل الحسابات الاسرائيلية راسا على عقب …

ولتنسحق التقديرات العسكرية الاسرائيلية …

ولتتهاوى المفاهيم والنظريات الحربية بقوة مذهلة ……

وليتحول المشهد الاسرائيلي من حالة النشوة والثقة المطلقة بالنفس والاعتقاد الراسخ بالانتصار السريع الساحق على حزب الله، الى حالة اليأس والاحباط والاحساس بالهزيمة امام هذا ال”حزب الله” الذي لم تلن له قناة ولم يضعف ولم يتفكك، بل اراهم المزيد والمزيد من البأس والقدرات والارادة التي لا تهزم ….!

فحسابات الحقل لم تأت على قدر حسابات البيدر في الاستراتيجية الحربية الاسرائيلية …فانقلبت الامور والاستراتيجيات والاهداف …فكان ان واجهت “اسرائيل العظمى ” اعظم اذلال عسكري في تاريخها، ما اكده الخبير الامريكي بريت ستيغنر في صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية ..”.

ميدانيا سقطت نخب الجيش الاسرائيلي في جحيم بنت جبيل، وكانت هناك ما اطلق عليها”مجزرة الميركافا-احدث واكثر الدبابات تصفيحا في العالم-…!

واستخباريا اعترفت المصادر الاسرائيلية ان حزب الله نجح في هزيمة اضخم ثالوث للاستخبارات الاسرائيلية، وفي الحرب الاعلامية السيكولوجية جاء في دراسة اسرائيلية ان مصداقية السيد نصرالله تفوقت على مصداقية قادة “اسرائيل” لدى الراي العام الاسرائيلي، وان فضائية المنار “اللغز المحير” قارعت “اسرائيل” في حرب الاثير ..!

وفي الخلاصة المكثفة المفيدة كانت تلك الحرب باعترافاتهم اكثر الحروب فشلا، وشكلت قصة غامضة وحزينة في تاريخ “إسرائيل”…! ما عمق لديهم في كافة مؤسساتهم هواجس وجود ومستقبل الدولة العبرية التي تتفاعل على الاجندات الاسرائيلية بلا توقف…!.

nawafzaru@yahoo.com