الجالية الفلسطينية والأتحاد العربي ( فياراب) ـ البرازيل

جادالله صفا – البرازيل

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1977)

سؤال ما زال يبحث عن جواب، لماذا الجالية الفلسطينية بالبرازيل هي خارج اطار الاتحاد العربي المسمى فياراب؟

الجالية الفلسطينية هي جزء من الجالية العربية، وتربطها علاقات اخوية مع الجاليتين السورية واللبنانية، لتعبر بذلك عن عمق الانتماء القومي العربي. فالجاليتان اللبنانية والسورية لهما ثقل سياسي واقتصادي قوي بالمجتمع البرازيل، ولها مؤسساتها الاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها من المؤسسات، ولها نفوذها القوي بالعديد من المؤسسات البرازيلية الاخرى، ويصل هذا النفوذ الى مركز حكومية وبرلمانية وبالحياة السياسية البرازيلية، ويعود سبب ذلك يعود الى اهتمام حكومات تلك الدول العربية على تنظيم جالياتها بدول الشتات من خلال مؤسسات خاصة بها، والى اندماج الجاليتين اللبنانية والسورية بالمجتمع البرازيلي والتاقلم به، وهذا عكس الوضع الخاص بالجالية الفلسطينية والذي يعود بحداثتها اولا مقارنة مع الجاليات اللبنانية والسورية، وغياب المؤسسة الرسمية الفلسطينية التي جاءت بفترة متاخرة، اما الجالية الفلسطينية فكان ينقصها التوجيه والارشاد، فلم يكن لدى جاليتنا الفلسطينية اي حكومة تكون مرجعية لها او توجه هذه الجالية الا ان جاءت انطلاقة الثورة الفلسطينية وتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية. فجاليتنا بالبرازيل رغم محاولاتها قبل النكبة من تاسيس اطار خاص بها، الا ان المحاولات لم تنجح، وهذا الواقع عكس واقع الجالية الفلسطينية بتشيلي التي تمكنت من تاسيس اول مؤسسة رياضية لها منذ عام 1920، الا وهو النادي الرياضي الفلسطيني بسنتياغو تشيلي، الذي يعتبر من اندية الدرجة الاولى بتلك الدولة.

التجمعات العربية لم تكن تخلوا من التواجد الفلسطيني بها، وقد تمكن العديد من افراد جاليتنا الفلسطينية من المشاركة والانتساب بالمؤسسات العربية المتواجدة، رغم اهتمام المهاجر والمغترب الفلسطيني ببناء ذاته الاقتصادي وبالاخص بعد النكبة الفلسطينية التي كانت سببا بهجرات جماعية الى القارة وخاصة البرازيل، الا ان دور ابناء الجالية الفلسطينية لم يكن دورا فعالا ومؤثرا ضمن هذه المؤسسات والجمعيات العربية، فالمستوى التعليمي والثقافي لدى ابناء جاليتنا الفلسطينية، وتدني نسبة الوعي الوطني والقومي، وما خلفته النكبة الفلسطينية من سلبيات على الحالة المعنوية على شعبنا الفلسطيني بشكل عام، كانت عوامل قد تركت بصماتها السلبية على تنظيم الجالية ضمن مؤسسات واندية خاصة بها اوتفعيل دورها ضمن المؤسسات العربية القائمة، ولكن الملفت للنظر ايضا انه برزت مؤسسات قطرية خاصة بالجاليات اللبنانية والسورية، الى ان تم افتتاح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية اوائل الثمانينات الذي عمل على تنظيم الجالية الفلسطينية ضمن مؤسسات خاصة بها، وعقد مؤتمرات للجالية الفلسطينية وصل عددها الى 9 مؤتمرات خلال سبعة وعشرين عاما.

الاتحاد العربي ( فياراب) يعقد مؤتمراته بالدولة بمشاركة المؤسسات اللبنانية والسورية، ويتم استثناء المؤسسات الفلسطينية من المشاركة بهذه المؤتمرات، كذلك يتم استثناء دعوة الاتحاد العربي لمؤتمرات الجالية والتي وصل عددها الى تسعة مؤتمرات، او دعوة شخصيات ومؤسسات لبنانية او سورية لاي مؤتمر فلسطيني، لماذا يتم استثناء دعوة الاتحاد العربي ( الفياراب) الى حفل الافتتاح؟ لماذا الاتحاد العربي ( الفيارب) لم يدعو المؤسسات الفلسطينية لتكون مشاركة بمؤتمراته؟ لماذا؟ سؤال لم يجد له جوابا حتى الان…. رغم ان جاليتنا الفلسطينية بدول امريكا اللاتينية الاخرى سواء بتشيلي، البيرو، بنما او فنزويلا، او غيرها من دول امريكا اللاتينية تنشط باتجاه الاتحاد العربي (الفياراب)، وتشارك به وتصل الى مراكز قياديه، وكان نضال ابناء الجالية الفلسطينية بامريكا اللاتينية ما عدا البرازيل قد اوصل الفلسطيني خالد سلامة الى رئاسة الاتحاد العربي ( فياراب) في دورة الارجنتين التي انعقدت عام 1990 ببوينس ايرس.

لقد كان للاتحاد العربي ( فياراب البرازيل) دورا مميزا منذ انطلاقة انتفاضة الاقصى، عندما نشط باتجاه دعم الانتفاضة اعلاميا بالبرازيل اضافة الى اقامة الندوات واللقاءات مع القوى البرازيلية الحكومية والحزبية والشعبية والنقابية والطلابية، وكان له دورا مميزا بهذا الجانب فكان رئيس الفياراب البرازيلي السيد مارسيلو حداد يتجول بالسفير الفلسطيني بالمدن والولايات البرازيلية دعما للانتفاضة والحق الفلسطيني وفضح وتعرية الكيان الصهيوني وجرائمه، ورغم ان الجالية الفلسطينية تمكنت من عقد مؤتمرها الثامن بعد ثلاث سنوات ونصف من اندلاع انتفاضة الاقصى، الا ان الاتحاد العربي وقيادته تم استثنائهم من حضور افتتاح هذا المؤتمر رغم نشاط هذه المؤسسة، والسؤال الذي يبقى عالقا لماذا؟

بدعوة من برلمان ولاية ساوبولو بمناسبة ذكرى التضامن مع الشعب الفلسطيني 29/11 من كل عام يتم دعوة الاتحاد العربي ( فياراب) لولاية ساوبولو الى هذا النشاط، اما النشاطات الاخرى فهو مغيب وغير مشارك، فالمؤسسة الفلسطينية الوحيدة بمدينة ساوبولو لم تكن باي فترة او يوما عضوا بالاتحاد، والملفت للنظر برسالة تم توجيهها الى رئيس الاتحاد العربي باسم اربعة مؤسسات فلسطينية للانضمام لهذه المؤسسة العربية، الذي لم يجيب عليها حتى الان رغم مرور سنة ونصف عليها، كانت المفاجأة ان اثنين من موظفي السفارة الفلسطينية خلال فترة الثمانينات من اصول لبنانية يقفوا عقبة امام انتماء المؤسسات الفلسطينية الى الاتحاد العربي، وتقول بعض المصادر ان عضو اللجنة المركزية السابق المرحوم خالد الحسن كان من اشد المعارضين لانتماء المؤسسات الفلسطينية الى الاتحاد العربي، وان تاسيس الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية بالبرازيل والكونفدرالية الفلسطينية بالقارة جاء من هذا المنطلق وهذا التوجه.

ان تسليط الضوء على هذا الجانب، ياتي من منطلق الحرص على الانتماء القومي العربي للشعب الفلسطيني، والتاكيد على النضال المشترك وتعزيز العلاقات بين ابناء الجالية الفلسطينية والعربية بشكل عام، وعدم فصل الجالية الفلسطينية ومؤسساتها عن الجالية العربية ومؤسساتها، واهمية الانخراط الكامل للمؤسسات الفلسطينية بالاتحاد العربي، للتاكيد على عمق الاصالة والانتماء الفلسطيني وربطه بالبعد القومي العربي، وترك كل المواقف الانانية والانعزالية او الدعوات الرامية الى ايجاد شرخا بين الجالية الفلسطينية ومؤسساتها والجالية العربية ومؤسساتها بعيدة عن هذا الواقع، فهناك المئات بل الالاف من ابناء الجالية العربية اللبنانية والسورية التي ترى بالمؤسسات الفلسطينية كاطار وطني وتنظيمي للدفاع عن القضية الفلسطينية، ولا يجوز ان تكون المؤسسات الفلسطينية مفتوحه فقط لفردين لبنانين على مدار ربع قرن لما يزرعا الا بذور الفتنة.

فهل جاليتنا الفلسطينية ومؤسساتها ستعيد التفكير وتجري اتصالاتها مع قيادة الاتحاد العربي لضمان انضمام المؤسسات الفلسطينية الى الاتحاد؟ ام ان مؤسساتنا الفلسطينية ستبقى خارج اطارها العربي؟ هل ستشارك مؤسساتنا الفلسطينية بالبرازيل بالمؤتمرات القادمة للاتحاد العربي على مستوى الولايات ومستوى الدولة ام ستكون خارج هذه المؤتمرات؟ وهل المؤتمر القادم للمؤسسات الفلسطينية سيوجه الدعوة الى الاتحاد العربي لحضور حفل الافتتاح؟ وهل سيقوم قادة الاتحاد العربي بتوجيه الدعوة للمؤسسات الفلسطينية بالانتماء الى الاتحاد العربي؟ هذه ما ستجيب عليه الفترة القادمة، وهذه هي مهمة كل الوطنيين الفلسطينين والحريصيين على البعد القومي للقضية الفلسطينية، والحريصين على العلاقات الاخوية مع الجاليتين اللبنانية والسورية.