حينما يكون الحصاد “فترة انتظار” ….!

نواف الزرو

“فترة انتظار..” هو العرض الإسرائيلي للادارة الامريكية الذي تحدثت عنه وسائل الاعلام، ويتم بموجبه تأجيل البت في مناقصات البناء الاستيطاني في الضفة إلى مطلع السنة المقبلة.

وهذا العرض هو حصاد الضغوطات الامريكية (المزعومة) منذ بداية ادارة الرئيس اوباما على اسرائيل (اي منذ مطلع العام/2009) كي تجمد عملية الاستيطان في القدس وانحاء الضفة…. تصوروا…!

واي انتظار…؟!.

فبدل ان يكون الانتظار فلسطينيا عربيا مشتركا يتابع فيه الجميع ما اذا كانت اسرائيل ستتخذ خطوات جادة وحقيقية في مسألة تجميد الاستيطان، نرى ان اسرائيل هي التي تننظر وتتابع وتحاكم…!

فهي-اي اسرائيل- توقف-تصوروا…! الاستيطان حتى نهاية العام /2009 لتكون في حالة استنفار وانتظار لما سيقدمه الفلسطينيون والعرب لها من تنازلات على مستوى التطبيع …؟!.

ورغم الالتباس الذي يحيط بالموقف الإسرائيلي حول مسرحية تجميد الاستيطان، الا ان الرئيس الأميركي باراك أوباما، سارع ليعرب عن رضاه- يا الله- خلال استقباله للرئيس المصري في البيت الابيض ، قائلا: الخطوة في الاتجاه الصحيح، داعيا الدول العربية والفلسطينيين- وهذا الاهم ومحط الانتظار الاسرائيلي- الى اتخاذ خطوات مماثلة-اي ايجابية- تجاه أسرائيل ، مضيفا: لدي أمل في رؤية خطوات، للمضي قدما واحراز تقدم في مجال الامن وفي ان تظهر الدول العربية حسن نية تجاه اسرائيل”.

واعلن رومان نادال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية: ان فرنسا تامل في ان تترجم ارادة اسرائيل بوضع حد للاستيطان في الضفة الغربية واقعا على الارض وان تشكل “مرحلة اولى نحو تجميد تام للاستيطان”.

الكاتب والمحلل الاسرائيلي عكيفا الدار لخص حصاد سنوات المفاوضات في مقال نشرفي هآرتس/ 17 / 8 / 2009 تحت عنوان:” يعطون-اي الفلسطينيون- ولا يأخذون-شيئا من اسرائيل” قال فيه:ان 16 عاما من العملية السياسية تمخضت عن فأر.

وكيف لا …؟!

فرغم التهافت العربي على السلام والتطبيع، وهذا الغلاسنوست غير المنطقي وغير المبرر وغير المقبول مع اسرائيل، فان ذلك لا يكفي عند الرئيس اوباما ولا عند اسرائيل، فالرئيس يريد ان تظهر الدول العربية حسن نية، ولا ندري ما هو حد وسقف وطبيعة حسن النية هذا..؟!

وبالتاكيد سوف يترك الامر لاسرائيل كي تحاكم هي الى اي حد وصلت مبادرات وتنازلات حسن النية العربية ، وبالتاكيد لن ترضى اسرائيل ولن تكتفي الا بالمزيد والمزيد…!.

الاصل في الحكاية كلها، ان اسرائيل قامت عبر السطو المسلح في وضح النهار، على انقاض وخراب فلسطين العربية وشعبها الملجأ من اكثر من واحد وستين عاما.

والاصل ان القدس والضفة الغربية هي اراض محتلة وفق الشرعية الدولية…!

والاصل ان دولة الاحتلال يجب ان لا تقوم باي عمل يغير من الواقع ومن الخريطة الجيوسياسية لهذه الاراضي، اي ان كافة ممارسات الاحتلال من حروب عسكرية واقتصادية واستيطانية وتوراتية في هذه الاراضي هي غير شرعية وتشكل انتهاكا واضحا وصريحا وسافرا لكافة القرارات والمواثيق الاممية…!

وبالتالي يصبح المطلب الكبير من تلك الدولة ان تكف عن جرائمها وانتهاكاتها، وان تحزم حقائبها وترحل عن الاراضي المحتلة…!.

فما الذي يجري اذن…؟!

– فلماذ يقبل الفلسطينيون والعرب هذا التقزيم للقضية الوطنية الفلسطينية ليهبط المستوى من المطالبة برحيل الاحتلال الكامل الشامل عن الاراضي المحتلة الى مستوى تجميد الاستعمار الاستيطاني غير الشرعي…؟!

رغم ان الجميع يعلمون ان هذا الجدل الامريكي الاسرائيلي حول تجميد الاستيطان انما هو جدل مسرحي وليس حقيقيا ، فالموقف الامريكي الحقيقي المحايد او المنحاز لصالح القرارات والاممية يجب ان يكون واضحا وصريحا:

كفى لاسرائيل…!

كفى للاحتلال…!

كفى للانتهاكات والحروب والجرائم…!

كفى للاستيطان…!

كفى للجوء الفلسطيني…!

كفى للمعاناة والعذابات الفلسطينية…!

كفى للقتل والحرق والابادة الجماعية…!

كفى لعبودية الاحتلال …!

كفى لكل هذه التجاوزات السافرة للقرارات والمواثيق والحقوق والقيم الاممية والبشرية…!

كفى لعبا ومماطلة ومسرحيات …!

كفى لكل هذه العربدات الاسرائيلية المنفلتة…!

عليكم ان تحزموا حقائبكم وترحلوا عن الاراضي المحتلة …!

يعرب المحلل -المناهض لسياسات الاحتلال- جدعون ليفي في هآرتس- 14 / 8 / 2009 عن خيبة امله قائلا:

“بأسف شديد وحزن كبير ينبغي ان نعلن موت الامل الاخير، فأمريكا اوباما لا تقدم البضاعة، لقد أشعلت خطبة القاهرة نصف العالم، وجعل المستوطنات في رأس جدول العمل، ومنح الامل في أنه يجلس في البيت الابيض آخر الامر سائس يدرك ان جذر كل شر هو الاحتلال الاسرائيلي، وجذر كل شر للاحتلال هو المستوطنات، كان يمكن من القاهرة الترقي في السماء وكانت السماء هي الحد، وآنئذ وقعت الادارة في شرك دفنته لها اسرائيل، وقعت ولا تبدي علامة على الخلاص”.

ويضيف ليفي: “كان تجميد الاستيطان أمرا هامشيا التزمته اسرائيل في “خريطة الطريق” – فاصبح فجأة هو الاساس، توقعنا من اوباما اكثر من ذلك، فعندما يصبح الموضوع الحقيقي هو تجميد المستوطنات فان الريح العاصفة التي صحبت اوباما قد ذهبت وبدأ السير الكئيب في المكان…!.

فامريكا اذا لم تضغط على اسرائيل فانها امريكا التي لن تأتي بالسلام”.

ونقول: حينما يكون حصاد هذا الاجماع العربي الامريكي الاوروبي على ضرورة الاممي مطالبة اسرائيل بتجميد الاستيطان هو”فترة انتظار”، وحينما يهبط سقف الادارة الامريكية الاوبامية الحالية الى مستوى المطالبة بتجميد الاستيطان والدخول في اللعبة الاسرائيلية حول ذلك، فانه يغدو من المطلوب والملح والعاجل فلسطينيا وعربيا مراجعة المواقف والسياسات والسقوف واعادة ترتيب الاولويات والخطابات والمطالبات…!.

والا فلن تقود كل هذه العملية العبثية المستندة الى “فترة انتظار “اسرائيلية، الى اي تطور جدي وحقيقي يؤشر الى تغيير جدي في السياسة والمواقف الاسرائيلية…!.

بل ويكون الجميع يلعبون اللعبة الاسرائيلية في كسب الوقت وبناء المزيد والمزيد من حقائق الامر الواقع على ارض القدس والضفة، والتي ربما لن تفلح بلدوزرات العالم في اقتلاعها لاحقا…!

nawafzaru@yahoo.com