حكومة أوباما تهرب يهود اليمن إلى إسرائيل

بعد ستين عاما من عملية “بساط الريح” وعلى غرار “تهريب الفلاشا” عبر السودان: حكومة أوباما تهرب يهود اليمن إلى إسرائيل

محمد سعيد ـ واشنطن

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 2065 )

نفذت حكومة الرئيس الأميركي باراك أوباما بعلم السلطات اليمنية في شهر يوليو الماضي، “عملية تهريب” جديدة لليمنيين اليهود شملت نقل نحو 60 شخصا للعيش في نيويورك فيما تعد وزارة الخارجية الأميركية لنقل مئة آخرين.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية يوم السبت في معرض كشفها للعملية ان عدد اليهود في اليمن كان يقارب الـ350 قبل بدء تنفيذ “العملية السرية”، مشيرة إلى ان بعض الباقين هناك قد يتوجهون إلى إسرائيل والبعض الآخر سييبقى، وغالبيتهم في مكان يلقى حراسة حكومية.

واعتبرت الصحيفة ان عملية تهريب اليهود اليمنيين سراً هي مؤشر على زيادة قلق أميركا بشأن تلك المنطقة التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، كان عدد اليهود من بينهم عن 350 شخصا بقي منهم حتى الآن ما بين 200-300 يهودي فقط. فيما يبلغ عدد اليمنيين اليهود الذين يعيشون حاليا في نيويورك نحو ألفي شخص.

وأشارت إلى ان هذه العملية السرية تأتي بعد سنة من تصاعد المضايقات، وتم تنظيمها مع جماعات إغاثة يهودية في الوقت الذي كانت واشنطن تدق ناقوس الخطر حيال الوضع الأمني في اليمن.

وكشفت الصحيفة أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان قد أوفد في يوليو الماضي قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس لتشجيع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على انتهاج أسلوب أكثر تشددا وهجومية ضد اليميين الذين يشتبه بعلاقتهم مع القاعدة كما بعث أوباما في شهر سبتمبر الماضي رسالة إلى الرئيس اليمني يؤكد فيها على حيوية أمن اليمن لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة.

ورأت الصحيفة ان وزارة الخارجية الأميركية جازفت بعض الشيء بسعيها إلى جلب اليمنيين إلى الولايات المتحدة لأنها قد تتعرض للانتقادات، فتتهم بتفضيل فئة على أخرى في وقت يبحث فيه اللاجئون في أماكن أخرى عن ملاذ لهم.

لكنها رجحت ان حكومة أوباما فكرت في ان العملية ستخدم أهدافاً إنسانية وجيوسياسية، إلا أنها كانت تسعى لتفادي إحراج أحد حلفائها العرب دولياً.

ونقلت الصحيفة عن رئيس الاتحاد الأميركي لليهود اليمنيين ياعير يعيش قوله انه أمطر بوابل من النداءات اليائسة من الجالية اليمنية (في نيويورك) التي تشدد على ضرورة القيام بشيء ما لإخراج عائلاتنا من هناك.

وقد حث السفير الأميركي لدى اليمن الوزراء اليمنيين على تسهيل مغادرة اليمنيين اليهود، وبعد تردد في البداية، فضلت الحكومة منح اليهود ملاذاً آمناً في العاصمة اليمنية، ثم سمح المعنيون بإصدار تصاريح خروج وجوازات سفر لهم.

وقالت المتحدثة باسم مكتب اللاجئين والهجرة والسكان في وزارة الخارجية الأميركية “كان هذا رأي السفارة ووافقت الوزارة، فنظراً لوضعهم الهش وجدنا انه لا بد من بحث مسألة اعادة توطينهم.”

ومن بين المنظمات اليهودية الأميركية التي شاركت في العملية “الاتحاديات اليهودية لأميركا الشمالية” و الجماعات اليهودية الأرثوذكسية، و جمعية المساعدة العبرية للهجرة.

ولفتت الصحيفة إلى ان أول من تقدموا بطلبات للسفر إلى أميركا توجهوا إلى السفارة الأميركية في يناير الماضي، وتم إجراء مقابلات معهم في أحد فنادق العاصمة اليمنية صنعاء من قبل مسؤولي السفارة الأميركية هناك، وتفادياً للفت الانتباه ذهبت العائلات إلى صنعاء في سيارات أجرة عند ساعات الفجر الأولى.

واوضحت الصحيفة ان ان السفارة الأميركية في صنعاء اتصلت بمن يتوجب عليهم السفر قبل 3 أسابيع من موعد رحلتهم، وفي 7 يوليو الماضي توجه 17 يمنياً يهودياً إلى مطار صنعاء واستقلوا رحلة إلى فرانكفورت وحطوا في اليوم التالي في نيويورك. وتتابع وصول بقية المجموعة، فيما ويقول مسؤولون أميركيون إن من الممكن أن يصل 100اخرين عدد لم يكشف عنه من الاشخاص وصلوا اسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن المبعوث الأميركي الخاص السابق لمراقبة ومحاربة معاداة السامية غريغ ريكمان قوله لو لم نقم بشيء ما لكنا شهدنا إراقة للدماء.

ولم تكن عملية النقل التي تمت في شهر يوليو الماضي بعلم الحكومة اليمنية هي الأولى من نوعها، بل إن نقل وتهريب اليمينيين اليهود إلى فلسطين المحتلة لم تتوقف طوال الفترة التي أعقبت عملية البساط السحري في عامي 1949، 1950 التي تم بموجبها نقل نحو 50 ألف يمني يهودي إلى فلسطين المحتلة بكلفة 245 مليون دولار، وخلفت وراءها أكثر من ألفي يهودي يمني في اليمن بعضهم غادر قبل نشوب الثورة اليمينة في عام 1962 وقيام الجمهورية بعد الإطاحة بحكم عائلة حميد الدين.

وتؤكد كافة المصادر أن اليمنيين اليهود الذين تم تهريبهم في عملية البساط السحري كانوا قد باعوا كافة أملاكهم قبل رحيلهم بعد أن ألزمهم الإمام يحي حميد الدين بذلك حيث توخى أن يكون ذلك بعقود بيع وشراء شرعية كما أن ابنه الإمام أحمد قد تبنى ذات النهج.

وقامت حكومة الرئيس صالح في محاولة للتقرب من الولايات المتحدة والغرب في أعقاب تصنيفها على قائمة “دول الضد” في أعقاب الاجتياح العراقي للكويت في أغسطس 1990 أعلنت صنعاء حرية السفر لليمينيين اليهود حيث نسقت الحكومة الأميركية في عام 1991 مغادرة نحو 1200 من اليمنيين اليهود حيث توجهت الغالبية العظمى منهم إلى إسرائيل. وقد ضل بقية اليهود اليمنيين البقاء في بلادهم قائلين حسب قول السفير الأميركي الأسبق لدى اليمن آرثر هوز، “إننا هنا في البلد الذي عشنا فيه لقرون ونحن لن نغادر إلى أي مكان آخر”.