موفق محادين
(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 2074 )
ليس دقيقا تماما ربط التحولات العقائدية عند الحوثيين بإيران، فلهذه التحولات جذورها في المذهب الزيدي نفسه واسع الانتشار في اليمن الشمالي وليس في صعده وحدها. ويوسع المهتمين في هذا الأمر العودة إلى كتاب الملل والنحل للشهرستاني المتوفى 548 هـ أي قبل تشيع إيران نفسها.
ويمكن تلخيص ما كتبه الشهرستاني حول هذا الموضوع في النقاط التالية:
1- تنسب الزيدية إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أي إلى الإمام الثالث بعكس الشيعة الاثني عشرية.
2- تجوز الزيدية الإمامة في البطنين (الحسن والحسين من أبناء الإمام علي بن أبي طالب)، فيما تحصره الشيعة الاثنا عشرية في سلالة الحسين فقط ومن الأئمة الذين سار الزيديون خلفهم أبناء الحسن: إبراهيم وعبد الله.
3- أما زيد بن علي بن الحسين نفسه فكان تلميذا لشيخ المعتزلة: واصل بن عطاء الذي أفتى بإمامة المفضول وقد قتل الإمام زيد في الكوفة على يد الخليفة الأموي، هشام بن عبد الملك، ثم قتل ابنه يحيى، في خراسان الفارسية، كما قتل أبناء يحيى على يد الخليفة العباسي المنصور: الأول، محمد في المدينة، والثاني في البصرة وكان الفقيه والعالم الإسلامي الشهير أبو حنيفة من المقربين والمشايعين لهما حيث اعتقله المنصور وظل في السجن حتى وفاته.
4- وقد عرفت الزيدية عدة مدارس أشهرها السليمانية والصالحية أو البترية، والجارودية:
أ- السليمانية، نسبة إلى سليمان بن جرير وكان يدعو إلى اعتبار الإمامة شورى بين المسلمين وثبت إمامة وخلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب لكنه (طعن) في خلافة وإمامة عثمان ومن شايعه (الزبير وطلحه) وبالمقابل (طعن) في الرافضة الشيعية لقبولهم فكرة البدء والتقية.
ب- البترية أو الصالحية، نسبة إلى الحسن بن صالح بن حي وكان يدعو إلى اعتبار الإمامة شورى بين كل المسلمين ولم يطعن بالمطلق في خلافة عثمان بل وضعه بين منزلتين وقال بان علي أولى الصحابة بالإمامة والخلافة لكنه رضي بإمامة الخلفاء الآخرين.
ج- كما عرفت الزيدية مبكرا مدرسة متطرفة هي المدرسة الجارودية، نسبة إلى أبي الجارود زياد بن المنذر الذي (طعن) في حق الخلفاء الراشدين الآخرين، وقد لعنته الشيعة التقليدية على لسان الإمام جعفر بن محمد الصادق أخيرا، من الجدير ذكره أئمة الزيدية حكمت اليمن عدة قرون وكان من أواخر أئمتها في القرن العشرين الإمام يحيى بن حميد الدين (قتل 1948) وابنه احمد الذي أطاح به انقلاب عسكري بدعم جمال عبد الناصر ،1962 حيث انقسمت اليمن بعدها بين قبائل تؤيد الانقلاب الناصري مثل قبائل حاشد بزعامة عبد الله الأحمر، وبين جماعات الأئمة الزيديين المدعومة من السعودية.
أما الجماعة الحوثية فقد توسع نفوذها في الوسط الزيدي بعد تبنيها شعارات حزب الله (الموت لأمريكا وإسرائيل) ودعوتها لمشروع اللامركزية الإدارية والعدالة في مشاريع التنمية الاقتصادية.