ورقة التوت: المقاومة وتركيا

موقف محادين

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 2083 )

إلى ما قبل عام 2000 و2006 والنظام العربي الرسمي ومعه بقايا اليسار الانتهازي يبرر تخاذله أمام العدو الصهيوني بالمعزوفة المشروخة الذائعة الصيت: اختلال ميزان القوى الإقليمي والدولي وما يترتب على ذلك من حكمة وفطنة واعتدال.. الخ من قاموس الهزيمة.

ولم يتوقع النظام الرسمي العربي ومعه (جحافل) الإعلاميين الذين استوردهم أو اشتراهم من مخازن اليسار الانتهازي من كافة الأصول والمنابت الإقليمية والأيديولوجية… لم يتوقع أن يسقط خطابه وبسرعة البرق أمام ظاهرتين. ظاهرة المقاومة والظاهرة التركية.

وقد تمثلت الظاهرة الأولى بتمكن حزب صغير هو حزب الله من طرد القوات الصهيونية من جنوب لبنان وتحريره عام 2000 من دون أن يوقع معه (اتفاقية سلام ذليلة)، وهو ما كرره عام 2006 حيث لم يستهدف العدوان الصهيوني في هذا العام ضرب الحزب نفسه باعتباره امتدادا إيرانيا (حسب الإعلام الإسرائيلي والرسمي العربي) بقدر ما استهدف إعادة خطاب الهزيمة العربية الذي سبق عام 2000 وإظهار العجز العربي وبالتالي تبرير الاستسلام أمام العدو الصهيوني.

أيضا إذا كان الاحتلال الأمريكي السريع للعراق قد حاول مسح صورة العدو الصهيوني المهزوم عام، 2000 فان اندلاع المقاومة العراقية السريع قد بدد هذه المحاولة واظهر هذه المرة أن بالإمكان مواجهة الأمريكان أنفسهم وليس وكيلهم الإقليمي الصهيوني، فتحول العراق كما أفغانستان إلى مقبرة أطاحت بالمحافظين الجدد في واشنطن نفسها، ثم جاء الصمود الأسطوري لقطاع غزة.

هذا عن المقاومة وخطاب المتطرفين أمثالنا اللذين لا يعجبان النظام الرسمي العربي وأشياعه، فماذا عن الظاهرة الثانية أو الوجه الآخر لورقة التوت.

ماذا عن تركيا، عضو حلف الأطلسي التي توجد فيها اكبر قاعدة أمريكية في العالم.. ماذا عن تركيا التي تحتفظ بعلاقات علنية قوية مع (إسرائيل).. ماذا عن تركيا الرأسمالية.. ولماذا أظهرت وتظهر كل يوم هذا الأداء السياسي الرفيع في علاقاتها مع العالم، بما في ذلك علاقاتها مع الأمريكيين والصهاينة.

إذا كان النظام الرسمي العربي بكل ترساناته العسكرية وصفقاته الأخيرة التي تجاوزت الثلاثين مليار دولار، عاجزا عن تكرار ما فعله حزب الله الصغير وقطاع غزة المحاصر، فليتعلم من تركيا.. وتكفينا نصف وقفة كما فعل أردوغان في دافوس.

فوقفة كاملة تحتاج لقامات أخرى.