المبحوح وحرمان الإسرائيلي من ازدواج الجنسية

هل يعلق الثلاثي العربي الجرس!

د. عادل سمارة

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة العاشرة ـ العدد 2170 )

أصبح لافتاً أن أية جريمة يرتكبها الكيان الصهيوني ضد اي عربي وفي اي مكان من الوطن العربي تقود مباشرة إلى نقد تقصير وربما دور انظمة عربية، إن لم نقل جميعها! ويصبح نقد هذه الأنظمة ضرورياً أكثر من نقد الكيان نفسه. تحتاج الإجابة على هذا السؤال إلى مبحث في مجالين:

· الأول هو قراءة مناخ تشكيل الأنظمة القُطرية وتقاطعه وتزامنه مع وعد بلفور لإقامة الكيان، اقصد الجذر المشترك لكليهما في سايكس -بيكو

· والثاني: دور القطرية العربية في بناء الكيان الصهيوني بدءاً بالسماح ليهود عرب بالاستيطان في الكيان وصولاً إلى الاعتراف والتطبيع والمشاركة في الاغتيالات.

لن نعالج السؤالين هنا، ولا حتى ملابسات اغتيال الشهيد المبحوح. ما أقصده بالكلمات التالية هو الضغط، وإن كان بلا أمل كبير، على الثلاثي الخطر في الوطن العربي ليحدد موقفاً ويتخذ قراراً لاستثمار هذه الجريمة استثماراً سياسياً ثقافيا وإنسانياً. والثلاثي المقصود هو:

  • الأنظمة القطرية بكل آليات عملها الداخلي القائمة على القمع وممارسة حرب أهلية على رعاياها الذين لم يتمتعوا بالمواطنة الحقة، ناهيك عن ارتباطاتها الخارجية.
  • المثقفون العرب (والفلسطينيون طبعاً) الذي يعيشون من ويديرون ما تسمى منظمات حقوق الإنسان، والمجتمع المدني وتعليم الديمقراطية والنساء المجندرات…الخ إلى جانب عشرات آلاف رجال الأكاديميا العرب الذين يطبعون مع الكيان عبر مداخل عدة.
  • وعرب وفلسطينيو منظمات الأنجزة الذين في الغالب عليهم ديون وإدانات كثيرة وليس لهم أرصدة!

اخترت هذا الثلاثي لأن ابوابه مفتوحة على الغرب والأمم المتحدة وما تسمى منظمات حقوق الإنسان … الخ، وهذا بعكس المثقفين الثوريين المشتبكين ومنظمات المقاومة…الخ.

والمهمة المطلوبة إنسانية خالصة ومتواضعة وهي:

طالما أن الموساد ضالع، ولم يرتدع، في استخدام جوازات سفر غير إسرائيلية لأشخاص يحملون إلى جانبها جنسيات الكيان، وهذا يشكل خطراً على الأشخاص أنفسهم، واعتداء على سيادة بلدان الأصل لهؤلاء وسيادة بلدان مسرح الجرائم، وسابقة خطيرة في العلاقات الدولية يمكن أن تقود إلى اشتباكات دبلوماسية معقدة.

إذن، ولكي يقوم الثلاثي العربي المذكور أعلاه بخطوة واحدة مشتركة تخدم القضية والإنسانية معاً، أن يطلب على الأمم المتحدة اعتماد قرار حرمان من يحمل جنسية الكيان من جنسية بلده الأصل، أو أن يختار العودة إلى موطنه . وليس المقصود هنا قراراً كعقوبة وحسب، بل قراراً ثابتا ودائماً، وأن يطبق على اية دولة تقوم بنفس العمل. هل يتبنى الثلاثي العربي هذا القرار بحيث يفرض هو عقوبات على الدول التي تواصل السماح لمواطنيها بحمل الجنسية الإسرائيلية إلى جانب جنسية بلدهم الأصلي. تجدر الإشارة إلى أن عدد من يحملون جنسيات مزدوجة في الكيان أكثر بكثير من 350 ألفاً كرقم رسمي. فكل إسرائيلي لديه الإمكانات المالية يرسل زوجته كي تضع مولودها في وطنه الأصلي للحصول على الجنسية هناك.

وضمن هذا نكون قد أثبتنا لدى مختلف الأمم، أنه لا توجد اساساً جنسية إسرائيلية ولا أمة يهودية بل ديانة، وأن ما هو في فلسطين مثابة تجميع من أكثر من مئة قومية.

كما يتضمن هذا القرار فتح الفرصة لكل سكان الكيان، وهم جميعاً مستوطنون رغم تقادم الزمن باستثناء عرب فلسطين، أقصد فتح الفرصة لهم للعودة إلى مواطنهم الأصلية كما فعل كثير من اليهود والمسيحيين الروس، بل كما فعل 750,000 مستوطن غادروا الكيان منذ فرضه اغتصاباً على فلسطين.

هذا الاقتراح على أهميته يقطع الطريق على التلاعب والنفاق الدبلوماسي وخاصة الأوروبي حيال هذه الجريمة، ويقطع الطريق على القطريات العربية التي ستضخم عبارات الشجب من بعض رجال السياسة الأوروبيين لتمرير الجريمة باسرع وقت ممكن، ويحرج ويكشف المثقفين، الأكاديميين وجماعات ما سمى المجتمع المدني وحقوق الإنسان (رجالا ونساء) من العرب والفلسطينين المرتبطين ثقافيا وأكاديمياً وماليا بالغرب كمروجين لثقافته وبضائعه بتعددها.