أيُّ زمان وأيُّ فراسخ بين هِيليْنَ وبين حنين!

هل المجد للتطبيع… لا…عودة الوعي والذاكرة!

بادية ربيع

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة العاشرة ـ العدد 2266)

جميلة أنت تحتلّيِن شاشة العصرِ في الزمن المِزِّ بلا رتوش ولا قُصاصاتٍ من جمال الحريمِ تُقدُّ لتلتذ مخاصي العرب. بهية أنتِ في عبق الزمان وصحوة التاريخ رغم هُراء الكبار بأن لا تاريخ لي! هذا زماني وإن تعولم من دماء الفقراء… فهم أهلي ووحيي رغم سواد الزمان. لن يعش من لا يقاوم، من لا يسفح الدمَّ صوناً للكبرياء. لها يا رفيقيَ دوماً تسيل تُسالُ الدِمى. كيف لا! بالسيف تُؤخذ إن لم تباغتهم أنتَ قبل بزوغ الصباح، ما من مكان لمن “يُعرقب” خوفا على روحه المستباحة، وينداح جُبنا على رصيف الزمان فيؤخذ بالسيف، فليؤخذ لا أسفاً والله بحق السيف ونصله.

ما علمت لعمري بالقَدَرِ الذي جاد للحظات الجميلة، للألحاظ الجميلة، أن تفلت من قيد الزمان وقيد الرجال المخاصي لتعلن من داخل البيت وتفقأ عين الرابايات، تجسد أن فلسطين لنا مهما تطبع هذا وتلك!

لا يعشق التاريخ غيري ومثلي، لكنني يا سيدي التاريخ أعتب كيف تُدوِّن أوساخ المراحل، لماذا ترمِ قلبي بهذي المواجعِ.

لم يبق أحد من لم ينشدَّ إلى هيلين توماس السيدة المخضرمة رغم كرة القدم التي تتدحرج معها ألوف الملايين كالقطعان فيا لسحر العملات الصعبة كيف يُلوي بالناس عائدة إلى اللازمان اللاوجود لترعى في مراعٍ لا عشب فيها ثم تشبع تبشم!. (… وقد بشمن وما تفنى العناقيدُ) وفي حالة الأمم اليوم لا تفنى العناقيد فهي في الأصل ليست هناك، ألا ينخر الجوع ربع البشر؟.

رغم هذا الجحيم من الجهل المتدحرج خلف الكراتِ ظل من يلُقط وثبة بنت البيت الأبيض إذ صرخت بعد قرن من العمر…ارحلوا عن أرض فلسطين… عودوا، لقد آن لهم أن يعودوا إلى يافا وحيفا! هذي بلاغة العمر والتجربة، وانبعاث الروح في جسد البيت البيضوي ولو حتى لطرفة عين، وهل أمتع من رؤية الحب في طرفة عين ولا يكون إلاّ لطرفة عين ثم يذوي ويُفلت من ايادي الفقير وروح الرفيق؟

سبع عقود طوال على دورانها المتطاول لم يبرح الغرب اقتناص جواسيساً من الشرق فخوراً بمن خان وانشقَّ وراكم مالا ولبرل العقل والجنس وعيَّر اشتراكية الشرق البئيسة ب “حق” التضاجع لا التطاعن بين الرجال وبين الرجال! هو الانشقاق عار على حاملي الفكر وليس على الفكرِ، ولكن… أيا روح الشرق الحزين قومي كحلي العين بها وهي تنشق في جوف أوباما وتبقى هناك وتبقى في وضَحِ المرحلة، في حضن العولمة في البيت الأبيض الذي تصهين لأجل التراكم والتمتع بالمال والجنس وبالدم، فلا تراكم بعد اليوم غير تراكم نصل المُدى. هي لحظة أعلى وأفعلُ من ذبح القتيلين بُرجّيِّ راس المال، فما كان للشيخ أن يفعل، إن كان حقاً فعل. وإن كان اعتلى حرب النجوم كان أجدى إذ أماطت هي عن سحنة اوباما قشرة السمرة فبان أبيض يحتسي الدم في صحن عين طفل من العامرية. أبكيك يا بغداد ما طال عمري. أورثتني الحزن الذي أمضي ويبقى يعذب قلبي تحت التراب لأني قد جبُنت يوم التطوع.

أعيانِيَ حقاً واختلط الأمر عليَّ بأن نساء الشرق والقدس لم يُعِرْنَ بالاً واهتماماً لأيقونة البيت الأبيضِ وهي تشق أحشاء اوباما بحق الكلام ووقع الخطاب. لماذا ضربن الخدور على العقول فلم يحتفين بسيدة أعادت للزمان “معتصماه”….. هي لم تُطق ذلك الزيف رغم طلاء المساحيق التي تدهن كوكب العولمة، ويفيض منها فكان أن داست بالقدمين العجوزين مركز الربح وحافز التراكم والجماجم وحرب النجوم، فلا سلام على العولمة. وماذا لو اعتذرت بعدها!

هو التطبُّع بالتطبيع الذي حال دون احتفاء الرجال كذا والنساء بها، فهل يحتفي هل ينتشي ذاك الذليل وذاك العميل بغار البطولة، حاشا وكلا!

هل استرجلت هذي الجميلة بالوعي، وهي الجزيلة بالعقل وحب الشعوب التي هتكوا عِرضها عند عزِّ الظهيرة؟ هذي إهانة! فما في الرجولة ما يفيض ولا يزيد وهم مثل عديد الحصى من مخاصي الكفاح التي تولج المني الخصيِّ في تربة من الرمل المفتت تربة لا ترتوي ولا تعلقُ حتى لو غمرتها مياه السماءْ. دعوها تُشبِّع تلك اللحى والشوارب بصقاً وبولاً فليست بانتظار شيكات المصارف أو فلوس الربا والسُحت والنهب والإغتراب.

ولكن… على الضفة الأخرى، على الدكَّة الأخرى ما كان فتحاً مبيناً لسيدة في الكنيست فرَّطت بعذرية أهلي. ما كان فتحاً حتى لو تمتطي البحر إلى حارات غزة. لا يغسل البحر خطايا يمين الولاء وهذا التطبُّعِ مع دولة الذبح والدمِّ والاغتصاب. من يستطيع الوقوف، من لساقيه ان تحملاهُ على منبر بين يدي الرابايات يُقسم يمين الولاء لهم، و يقفز بعدُ إلى دكّة البحر للتطهُّر من مدامع غزة. يا لعصر الأكاذيب، قوة التمثيل وسقطة الوعي ورُخص الذاكرة. هو اغتيال كبرى الروايات ليصبح الفرد حراً يتاجر بالسُّحتِ يُطبِّع بالمال ويُنجب في كل يوم من سفاح الوطن، فيا ويل شرقي ويا عار أهلي ممَّن يغُصْ في التطبُّع…فقد صار اليوم حرا.

حنين الكنيست بعد التطبُّعِ، بعد يمين الولاء لكل الغُزاةِ، بعد التطيُّبِ بال “هتكفا” وفزاعة أمن الكيانِ. بعد أن حوطتكِ تمائم حاخامات أورشليم، داهمك المجد وداهم الترك سيل الرصاص، يا لانكسار البطولة.

ضمنوا لك أمن الذهاب وعرش الإيابِ،. ومن له نكران أن التآمر يأتي مع مسيل الدماء فهذا لزوم امتطاء وعي أقوام تعيش على شفرة التاريخ لتهوي إلى قاعهِ دونما ذاكرة!

ليس للتاريخ معنىً بغير البشر. وليس للناس معنى متى قايضوا تاريخهم بالذل والمال وسَقْطِ التطبُّعِ.

ألستِ حنين التي أقسمت أن تُحبَّ وتخدم كل الغُزاة وكلَّ الجُناةِ على أرضنا فاين نساء اليسار ليسألن بل ليلعنَّ الذين احتفوا بانحطاط التطبُّعِ وانثنواْ يفتكون بوعي العروبة منها المسنَّة حتى الأجنَّة. وماذا يريد الكيان إذن بعد هذا؟

تتيه صغار الطواويس بعار الكنيستِ. يكبو الزمان ويجثو ولكن يتمطى ثم ينهض معنا وينهض فينا. لا تتيهي أو تتوهي من بعد حتى لو فغرت لهم كل العواصم أفواهها، وباعدت ما بين أفخاذها وأجلستهم شيخة الموز على اللحم المتساقط من بعلها في الدوحة الذي باع “العديد” لتسقط عاصمة الرشيد. فهذا سفاح مع الذات حين ينكح الإست ذاته.

هذا طِحال الوطن العربي هناك اذهبي مفكِّرة للعرب الذين باعوا فضاعوا. هناك التقي مفكرهم بعد الهروب يصرخ : إنه النفي فارحموني! يا لعار الهروب وعار الذين يغطون عورةً مارست فعلة التفريط بكل الوطن.

يا سيدة هذا البيت الأبيض ارشقي لي حبيبي بماء من الدم كي يحلم لحظة بالبطولة والشهادة، بها ربما يستعيد بعض الرجولة. هذا افتراض، وما كل افتراض يجوز إذا خالط التطبُّع وعي الحبيب وأوغل بين تعرجات الوريد.

هذا زمان التنازل فانهض زمان التفاعل والاشتباك، فما فات الزمان ولا مات الزمان وادفع لشعبك جزية التطبيع، هذا ما حلمت به لك اليومَ، واسقط قتيلا كي تعود وليدا. ما من فراغٍْ وما من توسُّط بين نحر البلاد ونصل العدو…إني حلمت بأنك عدتَ عرفت الطريق…قد عرفت الطريق، فليست حنين ولكن هِليِِيْنْ. إليك بعد طلاق التطبُّعِ، إليك أزفُّ هِيِلينْ.