المبادرة الوطنية الأردنية
آب 2010
ظهرت الدولة الحديثة بعد انتصار البرجوازية على الإقطاع وظهور الرأسمالية كنظام في دول الغرب، أوروبا وأمريكا في القرن الثامن عشر، وتم الانتقال إلى بناء دولة قائمة على تقسيم المسؤوليات والصلاحيات والواجبات والوظائف بين سلطات ثلاثة، وفي الوقت ذاته الفصل بينها، وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية.
ورافق ذلك الانتصار تحرر الشعب من كونه رعية والانتقال إلى المواطنة كحالة قانونية، وتم إعادة تقسيم العمل بين أبناء الشعب الواحد، بسبب الانتقال إلى نمط جديد من الإنتاج، نجم عنه إعادة تشكل الطبقات والشرائح في المجتمع، والتي بدورها بنت مجتمعاً مدنيّاً وأحزاباً تمثل مصالحها، وأدخلت هذه الأحزاب في آلية تنافس وصراع فيما بينها لاستلام السلطة وتداولها.
واتفقت جميع الأحزاب الممثلة للطبقات، التي تشكلت وتملّكت وسائل الإنتاج، على الاحتكام لصناديق الاقتراع، مع ضمان ابتعاد السلطة التنفيذية عن التدخل في مجرى العملية الانتخابية، واحترام القوانين والأنظمة التي تصدر عن الأغلبية في السلطة التشريعية، التي تأتي في المحصلة النهائية لمصلحة الطبقات السائدة في المجتمع.
والسلطة التنفيذية يتم تشكيلها من خلال الأكثرية المتحققة في السلطة التشريعية، أي اعتبار السلطة التشريعية هي صاحبة الولاية على السلطة التنفيذية، وهي مخولة بمراقبتها ومحاسبتها وسحب الثقة منها في أي لحظة ولأي سبب قانوني.
أما على صعيد الأردن فالدولة لم تتشكل في مجرى التطور الطبيعي للدولة البرجوازية، أنما على محيط الدولة البرجوازية، فنمت وتشكلت وتطورت بداخلها تشكيلات اجتماعية مشوهة، ودولة وظيفية تابعة للمركز الرأسمالي العالمي.
وبحسب الدستور الأردني الذي ينص في المادة الأولى منه: المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي.
فالسلطة التشريعية استنادا إلى هذا النص هي السلطة الأولى في معادلة نظام الحكم الأردني. ويطبق الحكم النيابي من خلال الانتخابات النيابية التي تجري بناء على قانون، وهي الآلية التي تفضي الى تشكيل السلطة التشريعية، فالقانون يحدد تشكيلة المجلس وليس هويته وطبيعته، أي انعكاس القوى الاجتماعية. بينما الهوية هي انعكاس لطبيعة التشكيلة الاقتصادية- الاجتماعية السائدة في المجتمع، والمجلس هو أحد تجليات هذه التشكيلة.
فالقوى التي تعتقد بأن القانون هو الذي يحدد طبيعة وهوية المجلس، تقع في الوهم وتفقد بوصلة المنهج العلمي في التحليل، وتحرف النضال الحقيقي بقصد أو بغير قصد عن مجراه.
السلطة التشريعية في دول الديمقراطية الرأسمالية، وبناء على انعكاس موازين القوى الفعلية على الأرض بداخل المجلس، تقوم بتشكيل السلطة التنفيذية من داخله، وهو ما لا يحدث في الدول التابعة، فممارسة العملية الانتخابية في هذه الدول ليس إلا عملية صورية.
والدستور الذي يحدد الحقوق والواجبات لكل سلطة، أناط بالسلطة التشريعية مهمة مراقبة السلطة التنفيذية وكيفية تطبيق القوانين والأنظمة والتشريعات التي تصدر عن السلطة التشريعية، كما أناط بها مراقبة كافة التعليمات التي تصدر عن السلطة التنفيذية وكيفية تطبيقها، ومنع تجاوز الصلاحيات الممنوحة لها دستوريا، ومنع انتهاك حقوق الإنسان حسب المعاهدات والاتفاقات الدولية، ومنع وقوع اعتداءات على هذه الحقوق، ومنع التصرف بأملاك الدولة والتغول على الأموال العامة والصناديق السيادية كالضمان الاجتماعي، وصناديق النقابات والجمعيات، ومنع التنازل عن السيادة أو أي جزء منها، والحفاظ على هوية الشعب الأردني العربية…الخ، ومنع انتهاك نصوص وروح الدستور الأردني، والسهر على تطبيقه بطريقة خلاقة بما يخدم مصالح الشعب والوطن.
كيف تعاملت هذه المجالس مع تلك المهمات والواجبات؟
التجربة البرلمانية التي تمتد على مدى المسافة من الزمن تحتاج إلى مراجعة نقدية من قبل القوى والفعاليات الاجتماعية، وبناء على نتائج هذا التقييم، تتخذ القرارات والتوجهات.
عبر عمر الحياة البرلمانية في البلاد يمكن رصد موقفين واتجاهين واصطفاف بين صفوف الشعب الأردني، القاسم المشترك بينهما كان وما زال ثابتا، وهو عدم الثقة في السلطة التنفيذية التي تشرف على العملية الانتخابية وعدم الثقة بقدرة المجلس النيابي المنتخب على الدفاع عن مصالح الشعب الحقيقية ومصالح الوطن العليا. الاتجاه الأول لا يرى من المشاركة في الانتخابات النيابية إلا مصالحة الشخصية الضيقة، والاتجاه الآخر يعتقد بأنها فرصة لعرض خطابه السياسي، مما يعكس أزمة حقيقية يعيشها هذا الاتجاه.
ما هي نظرة هذين الاتجاهين للمجالس النيابية المتعاقبة:الاتجاه الأول، الذي يرى مصالحة الخاصة فوق مصالح الشعب والوطن، لا ينظر بجدية الى البرلمان كسلطة تشريعية رقابية، بل مؤسسة خدمية لخدمة مصالحه الخاصة وخدمة مصالح مجموعة صغيرة جدا حوله، وبالمقابل نفذ بدقة كل ما يطلب منه من قبل السلطة التنفيذية، والاتجاه الآخر الذي أثبتت التجربة عجزه التام عن التأثير على موازين القوى، تبنى خطابا معارضا لا ينتج نفعاً، وبالتالي لا تأثير فعلي له على عمل المجلس التشريعي، ولا يزال هذا الاتجاه يراهن على نفس الخطاب المفلس، ليرى في معركة دخول المجلس، وفي المحصلة كغطاء فقط، قمة نضاله.
وبإلقاء نظرة على بعض نصوص الدستور وكيفية تعامل المجالس النيابية المتعاقبة معها، وكيف تعاملت مع السياسات الرسمية التي قادت البلاد إلى الأزمة الخانقة المعاشة، يمكننا إلى حد كبير الحكم بتجرد وموضوعية على أداء المجالس النيابية المتعاقبة:
المادة 7 الحرية الشخصية مصونة.
المادة 12 لا تفرض قروض جبرية ولا تصادر أموال منقولة أو غير منقولة إلا بمقتضى القانون.
المادة 15-1 تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون.
2 الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون.
المادة 22-1 لكل أردني حق في تولي المناصب العامة بالشروط المعينة بالقوانين أو الأنظمة.
-2 التعين للوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها والبلديات يكون على أساس الكفاءات والمؤهلات.
المادة 23 – 1 العمل حق لجميع المواطنين وعلى الدولة أن توفره للأردنيين بتوجيه الاقتصاد الوطني والنهوض به.
المادة 24 – 1 الأمة مصدر السلطات.
المادة 43 على رئيس الوزراء والوزراء قبل مباشرتهم أعمالهم أن يقسموا أمام الملك اليمين التالية:
“أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك وأن أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إلي بأمانه”.
المادة 51 رئيس الوزراء والوزراء مسؤولون أمام مجلس النواب مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة كما أن كل وزير مسؤول أمام مجلس النواب عن أعمال وزارته.
المادة 55 يحاكم أمام مجلس عال على ما ينسب إليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم.
المادة 71 لمجلس النواب حق الفصل في صحة نيابة أعضائه ولكل ناخب أن يقدم الى سكرتيريه المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب في دائرته طعناً يبين فيه الأسباب القانونية لعدم صحة نيابة المطعون فيه ولا تعتبر النيابة باطلة إلا بقرار يصدر بأكثرية ثلثي أعضاء المجلس.
المادة 74 إذا حل مجلس النواب لسبب ما فلا يجوز حل المجلس الجديد للسبب نفسه.
المادة 111 لا تفرض ضريبة أو رسم إلا بقانون ولا تدخل في بابهما أنواع الأجور التي تتقاضاها الخزانة المالية مقابل ما تقوم به دوائر الحكومة من الخدمات للأفراد أو مقابل انتفاعهم بأملاك الدولة وعلى الحكومة أن تأخذ في فرض الضرائب بمبدأ التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وأن لا تتجاوز مقدرة المكلفين على الأداء وحاجة الدولة إلى المال.
أذا ما تم إخضاع تجربة المجالس المتعاقبة في ممارسة واجبها بالسهر على تطبيق هذه المواد الدستورية، وإمعان النظر فيها بندا بندا، ومتابعة السياسات الرسمية العامة التي طبقت بتعاكس تام مع نص وروح الدستور، ومراقبة نهج الحكم الذي قاد البلاد إلى الأزمة الخانقة التي يعيشها الشعب والوطن، يرى مدى الغبن الذي لحق بالناخب والشعب والوطن جراء أداء هذه المجالس النيابية، التي سهلت كل هذه الخروقات والسطو على ممتلكات الشعب والوطن، والتهام لقمة عيش المواطنين وبيع ثروات ومقدرات الوطن لصالح مجموعة صغيرة جشعة.
فالمحاكمة الموضوعية العقلانية والعلمية، إبتداءاً (بالمادة 1) بكون السلطة التشريعية صاحبة الولاية في التشريع والرقابة على الدولة وعلى كافة المؤسسات الأخرى ومحاسبتها، ودورها في توجيه الاقتصاد لتأمين العمل للأردنيين، ومحاسبة السلطة التنفيذية، وضمان تولي المناصب على أساس الكفاءات والمؤهلات، والبت في صحة نيابة أعضائه، والضريبة التصاعدية، وعدم التصرف بأموال صناديق الضمان والتقاعد…الخ ستكون النتيجة بكل قناعة وراحة الضمير استخلاص مفاده إن المجالس النيابية المتعاقبة قد خانت المسؤولية التي حملها لها الشعب والدستور، ومارست خروقات هائلة مما افقدها الشرعية، وبالتالي افتقدت كافة القرارات التي اتخذتها الى الشرعية، فالشعب غير ملزم بتبعات تشريعاتها وتداعياتها.
إن بعض “المعارضين” الذين أعلنوا موقف المشاركة، هم ذاتهم لا يحملوا محمل الجد تلك التبريرات التي ساقوها للمشاركة، كما انهم ليسوا مقتنعين بها، ويبدو أن نهج الرضوخ والتساوق مع نهج التحالف الحاكم هو الذي أوصلهم إلى هذا الموقف، وما الصراع الدائر بين صفوفهم إلا دليل على ذلك.
واقع الحال وكما هو على أرض الواقع، يجزم بأن نهج السلطة التنفيذية قاد البلاد الى أزمة شاملة متعمقة مستدامة، ولا أفق لأي حل في المنظور، فأين كان دور المجالس النيابية المتعاقبة من كل هذا. كيف تعاملت مع الصلاحيات والواجبات الدستورية المخولة لها، من أجل منع حدوث الأزمة الكارثة، ومحاسبة من تسبب فيها، وواجب حماية المجتمع من ممارسة مجموعة التبعية الحاكمة.
يجمع الشعب الأردني بأن المجلس النيابي قد تحول بفعل تغول السلطة التنفيذية عليه، إلى مؤسسة خدمية تابعة ومتذيلة، أليس هذه حالة مخالفة ومتعارضة تماما مع التكليف الدستوري. وتاريخ الأردن لم يشهد سوى مجلسين تم انتخابهما بنزاهة نسبية، ومارسا الى حد ما صلاحيات، وهما مجلس عام 1956، ومجلس عام 1989، وأيضا لأسباب خاصة باحتياجات سياسية للتحالف الطبقي الحاكم، فالأول عام 1956، الذي جاء في سياق انهيار الشكل القديم للاستعمار البريطاني – الفرنسي، والانتقال الى الشكل الجديد من الهيمنة الأمريكية، فجاءت هذه الخطوة لتخدم مهمة الانتقال من التبعية البريطانية الى التبعية الأمريكية، فاتخذ قرار تعريب الجيش الأردني، وإنهاء معاهدة الانتداب البريطاني. وتلى ذلك مجلس عام 1989 الذي كان يهدف إلى امتصاص تداعيات هبة نيسان، والتمهيد لمجلس مزور يمرر معاهدة وادي عربه.
انقسمت النخب الأردنية منذ تأسيس الإمارة حول المشاركة أم المقاطعة في العملية الانتخابية، ولا يزال هذا الانقسام قائما الى يومنا هذا، عدا فترة مؤقتة ساد اتفاق بين كافة النخب بالانخراط في العملية الانتخابية لمجلس عام 1989، ولكن بعد تطبيق قانون الصوت الواحد عام 1993، عاد الانقسام بين فئة ترفض القانون ولكنها عاجزة عن التأثير فيه، بفعل عوامل كثيرة، وعلى رأسها عدم القدرة على استنباط الحلقة المركزية في الصراع، أو عدم الرغبة والمصلحة في استيعاب أن المشكلة ليست في قانون الانتخاب ولا في أجواء إجراءات الانتخابات، فهما نتيجة وعارض وليس علة وسبب، والفئة الأخرى انحازت تماما لخدمة سياسة التحالف الحاكم، بغض النظر عن تداعيات هذه السياسة على الصعيد الشعبي وعلى صعيد الوطن فتعلن وتحث على المشاركة أياً كان القانون أو الأجواء الانتخابية.
كيف يمكن تفسير مشاركة بعض القوى والشخصيات العامة، بالرغم مما تبديه من امتعاض من قانون الانتخابات ورفضها له، وشكواها المستمرة من عدم نزاهة العملية الانتخابية، فتشعر بالندم على المشاركة بعد جلاء المعركة الانتخابية.
وكيف يمكن تفسير مشاركة المجتمعات المحلية الأكثر تضرراً من نهج تحالف مجموعة التبعية، وحالة الإحباط المستمر من أداء المجالس النيابية، التي تصاب به هذه المجتمعات، وتعبر عنه بصراحة بالغة.
المشكلة الحقيقية والتحدي الأول المجمع عليه من الجميع، يتمثل في تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وغياب آلية تحمي المجلس من الحل، إذا لم يقبل بالخضوع للسلطة التنفيذية، والتحدي الثاني يتمثل في تحايل السلطة التنفيذية على نص وروح الدستور، حيث ألغت العمل بمبدأ الشعب مصدر السلطات، وأحلت مكانه مجموعة تبعية صغيرة معزولة عن هموم الشعب ومشاكله، وباتت هذه المجموعة تأخذ على عاتقها إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وتسخرهما لصالح مراكز رأسمال العالمي. والتحدي الثالث يتمثل في سيادة ثنائية القبول/الامتعاض لما تقوم به السلطة التنفيذية من ممارسات وسياسات وقوانين وإجراءات تمس مصالح المواطنين ولقمة عيشهم ومستقبل وطنهم، وتطاول على ممتلكات الوطن وأموال الشعب، وحالة العجز والاستسلام من قبل معظم قوى المجتمع.
أذن قانون الانتخاب وعدم نزاهة العملية الانتخابية، هما ظاهرتان وليس علة وسبب.
فالقوى التي تقاطع فقط من أجل هذين السببين عليها إعادة النظر في إنتاجية المقاطعة، فإذا لم تصب في معالجة العلة والسبب من عجز المجالس النيابية المتتالية من أداء دورها المنصوص عليه في الدستور، وما يلبي حقوق الشعب ومصالح الوطن العليا، فلن تصبح مقاطعة منتجة، بل لعبة مفاوضات صغيرة من أجل مكاسب صغيرة على حساب القضايا الوطنية الكبرى.
والذين يبررون المشاركة بكونها فرصة سانحة لفضح ممارسات الحكم، والتواصل مع الناس من خلال استثمار المناخات التي توفرها الانتخابات، وتوصيل خيرة أبناء الشعب الى البرلمان كمقدمة ضرورية لتطوير الحياة السياسية في البلاد…الخ من هذه المعزوفة، هو إعلان العجز والإفلاس، والأخطر في هذه التبريرات هو الخلفية الايدولوجية التي تتضمنها بشكل خفي، وهي الاستعاضة عن فعل النضال التراكمي اليومي، وعن الفعل المتنامي في الحراك الاجتماعي، بفعل المناسبات التي لا تطور ولا تغيير ولا تراكم شيءً ذي قيمة، بل تخدم تخدير الشعب، والتساوق الواعي أو غير الواعي مع نهج قوى التبعية الحاكمة، التي قادت البلاد إلى الكارثة المعاشة، مما يدلل على غياب الوعي لدى هذه القوى.
الاستخلاص الرئيس هو أن المهمة المركزية للنضال الوطني والشعبي، اليوم وغدا هو تحرير السلطة التشريعية من هيمنة السلطة التنفيذية، والطريق الوحيد المتبقي للسير فيه،هو تحشيد أبناء شعبنا حول قرار المقاطعة، بغض النظر عن موقف القوى والشخصيات التي انحازت الى الاستمرار في السير في نهج ثبت أن تداعياته مدمرة على الشعب والوطن.
المتاح والفاعل حاليا هو استنهاض الحراك الشعبي من خلال العمل على استنباط أساليب ووسائل ملائمة لتفعيل حراك المقاطعة، وصولا الى عصيان شعبي عام يتوج بالامتناع عن المشاركة في هذا المسمى ” العرس الديمقراطي”.
الخيار المطروح هو ليس بين الاستسلام والإصلاح، وليس بين فعل المشاركة الايجابي وفعل المقاطعة السلبي، فهذه الشعارات المعهودة والمعروفة، ليس لها وظيفة سوى الاستمرار في تزييف الوعي الجمعي للمجتمع الأردني.
الخيار الفعلي الآن وغدا هو بين الاستسلام للواقع المرفوض أو التغيير لغد أفضل، الخيار هو بين الانبطاح والتسليم لنهج ” صناعة القبول وثقافة القطيع” أو المقاومة واستعادة الحقوق الوطنية والشعبية.
إن باب الإصلاح في الواقع الراهن لاستعادة الصلاحيات الدستورية للمجلس التشريعي، وتحقيق فصل السلطات، وتحقيق مبدأ “الشعب مصدر السلطات”، يبدو انه مغلقا كما تدل على ذلك حصيلة كل هذه السنوات والتجربة المعاشه، فهل البديل هو الاستسلام.
الخيار الآن وغداً هو بين خيار التنمية الوطنية بما تمثله من ازدهار المجتمع وتقدم الشعب، عبر كسر التبعية، أو خيار استمرار التبعية المفروضة من الخارج واستمرار الأزمة بمظاهرها المتعددة:الفقر والبطالة والجريمة المنظمة، وهضم حقوق المواطنة، وعدم تساوي الفرص، وعدم تساوي الجميع أمام القانون، والتفريط بالحقوق الوطنية، وتسليع الكفاءات الوطنية في الخارج، والتساوق مع المشاريع الصهيو-أمريكية…الخ.
ما هو المطلوب من كل من يدعي الحرص على حقوق الشعب والمصالح العليا للوطن؟ أليس استخلاص الدروس والعبر من كل الانتخابات السابقة، والمنتظر من الذين يختارون طريق المشاركة، بالرغم من كل ذلك، هو العمل للحصول على ضمانات قبل الدخول في لعبة “العرس الديمقراطي” وهي:
1. استعادة السلطة التشريعية لصلاحياتها الدستورية.
2. ضمان فصل السلطات.
3. ضمان احترام مبدأ الشعب مصدر السلطات.
4. اعتبار كافة القوانين المؤقتة غير شرعية والغائها.
” كلكم للوطن والوطن لكم”