لمن يهمه الأمر: بونجور يا محافظة القدس

زياد زيّاد ‏

منذ أول أمس السبت ونحن منشغلون بلا توقف بالمهمة الجديدة التي حملناها على عاتقنا تطوعا مثل عشرات المهمات التي نؤديها بدافع الانتماء لبلدنا وقضيتنا الفلسطينية وبالدرجة الأساسية قضايا القدس على اختلافها ومسمياتها، والمهمة الجديدة كانت استقبال خمسة من قيادات الصف الأول الميدانية الذين يمثلون شبيبة الحزب الاشتراكي الفرنسي ، الذين قدمو بترتيب ودعوة خاصة من مسئول الجالية الفلسطينية بفرنسا.

ولكي اكون صادقاً فقد رفضت فكرة استقبالهم منذ البداية وتذرعت أمام زوجتي التي طلب منها مرافقتهم بالعديد من الحجج والمبررات الملتوية كي لا أورط نفسي بهم مالياً وأمور أخرى نحن في غنى عنها، فلدينا ما يكفينا من الديون لسد احتياجات مصاريف محافظة القدس لشهر كامل، وأحرجني قلة معرفتي للغة الفرنسية سوى صباح الخير(بونجور) هذا عدى عن عدم تمكني من الحديث بالانجليزية، لذا تعمدت أن اطرد فكرة مبيتهم في بيتي الضيق والصغير والذي أصلا بالكاد يتسع لنا، وعملت طوال يوم أمس الأحد على الاتصال بالعديد من الأصدقاء الذين تطوع البعض منهم لاستضافة جزء من الوفد في بيته والبعض الآخر سعى للسؤال عن فندق أو بانسيون رخيص (وما أكثرها بالقدس) مع استعدادهم للمساهمة بجزء من قيمة المبيت والضيافة، غير أني لم ارغب بان أورط أصدقائي بمصاريف يمكنها ان تشكل عبء اضافياً عليهم، خصوصا ً وأنهم نفس الأشخاص الذين لا يقصرون باي واجب يطلب منهم في العديد من القضايا التي نحتاجهم بها في الشأن العام، وفكرت أن انسب جهة يمكنها تحمل مسئولية الوفد الضيف في القدس هي المحافظة ومن يقف على رأسها، وفعلاً توجهت لمكتب السيد المحافظ وتحدثت مع مديرة مكتبه في التاسعة من صبيحة يوم الأحد وأبلغتها عن الوفد والمهمة غير المتوقعة، فقالت: المحافظ يأتي عند العاشرة وسوف أبلغه مطلبكم، وطبعاً لم اكتفي بهذا الوعد بل قمت بالإيعاز لمن اعرفه بالمحافظة للمساعدة والضغط للتسريع بقبول وتبني الموضوع، بعد العاشرة أعدت الاتصال على جوال مديرة مكتب المحافظ مجدداً فطلبت مني (الدعوات) التي بموجبها حضر الوفد الفرنسي إلى بلدنا، فقمت بالاتصال برئيسة المركز النسوي الثوري /سلوان التي بدورها عملت اتصالاتها مع مفوضية الشؤون الخارجية بحركة فتح/ وبدورهم اعادو إرسال الدعوات إلى المحافظة، واتصلت مجدداً لا تاكد من وصولها فتلقيت ردا ايجابياً وتم إبلاغي بان المحافظ مشغول الآن وفي غضون ساعة سيكون لدينا جواب، فسررت لهذا التقدم وتفاءلت خيراً، ومن ثم أعدت الاتصال عند منتصف النهار ليتضح لي أن المحافظ في اجتماع آخر وان الأوراق على مكتبه للتوقيع فارتحت مجدداً لهذا التطور الايجابي، وانتظرت أكثر من ساعة وأخذت أعيد الاتصال على جوال الأخت مديرة مكتب المحافظ وما من مجيب واستمريت بالاتصال إلى ما بعد الثانية ظهراً دون أن افقد الأمل وقلت لنفسي حتى اللحظة لم أتلقى إجابة سلبية لذا يجب أن استمر بالاتصال حتى احصل على جواب، عند هذا الوقت تمكنت أخيرا من الإمساك بمديرة المكتب التي أكدت لي أنها متفهمة للوضع ووعدتني خيراً وأنها ستعود لي بتلفون، ومن اجل تربيط الأمور بإحكام عملت اتصالا إلى من يعمل قرب المحافظ ويمكنه المساعدة بالضغط، فأعاد الاتصال بي وطلب مني الصبر وان انتظر من مديرة مكتب المحافظ تلفوناً بغضون وقت قصير، ومضت الدقائق ثقيلة وتبعتها الساعات حتى الخامسة مساءاًً عندها شعرت بتأنيب الضمير وعقدة الذنب لأنني اخترت الجهة الخاطئة لأقوم بطلب المساعدة منها (وفي هذا عندي الكثير من الحديث حول المحافظة والقائم عليها ااؤجله لوقت انسب) فحسمت قراري ووكلت أمري لله، ورغم ذلك التمست عذراً للمحافظ ومن عنده، وقلت لنفسي ربما المحافظ لا يجيد الفرنسية مثلي تماماً، واسترحت لهذا المبرر (المحافظ لا يجيد الفرنسية) انه سبب وجيه جدا كي يرفض المحافظ بدماثة دبلوماسية استقبال الوفد الفرنسي أو يعمل لتقديم المساعدة لأشخاص مثلي وزوجتي ورطوا أنفسهم في استضافة وفد فرنسا باسم القدس، ومن نحن كي نتحدث باسم القدس أو نتكلم بما يمليه علينا واجبنا وانتمائنا، الم تقم الرئاسة بتنصيبه من اجل هذه الغايات فلماذا أمثالنا يتدخل!!؟؟ وخطر في بالي امر أكثر واقعية وقد استحسنته وهو أن المحافظ لم يتلقى راتبه وكذلك المحافظة لم تحصل على ميزانيتها منذ وقت طويل، لذا من الأجدر بي أن أفكر بهذه الأمور المالية الصعبة قبل التورط فيها، فالمحافظ والمحافظة ليس لديهم مبلغ ألف شيكل لقاء ضيافة خمسة من أهم قيادات الشبيبة الفرنسية. أو لعل المحافظ لديه من الأسباب الأخرى ما يكفي كي يعطل كل ما تطلبه الأخت عبير(رئيسة المركز النسوي الثوري سلوان) التي استحقت بامتياز بطلة المطالبة المتفوقة دون الحصول على قرش واحد من سيادة المحافظ، واشتهرت سيدة القدس القادمة بكثرة مطالبها للجياع والمحتاجين وما من منقذ أو مجيب، أتعرفون السر،، بسيطة جدا (الإجابة تكمن في ما أخذه الفلسطينيون بقمة سرت بليبيا فإذا كان شعبنا قد حصل على شي فان المؤسسة التي تديرها السيدة عبير قد حصلت بدورها على شي.)

بودي قبل أن اختم رسالتي أن أخبركم سراً صغيراً وهو أن المحافظ فوت على نفسه تعلم بعض العبارات الفرنسية التي أمتعت نفسي ووقتي بترديدها مثل (ميرسي بيكو) رددوها كثيرا في بيتنا حتى اخجلوني، لقد كان لقائي بهم مع زوجتي وصغيراتي ممتعاً جداً وقد وجدت بان بيتي يتسع لضعف عددهم أيضا، وان بمقدوري استقبال غيرهم ولن يرهق ذلك ميزانيتنا، شكراً لكل من ساهم بإنجاح هذا اللقاء وعلى هذه الفرصة الطيبة، شكراً جناب المحافظ باسمي وباسم زوجتي التي تطوعت كل هذا اليوم الاثنين أيضا من اجل أن يحظى الوفد الفرنسي بإرشاد عن القدس وأهلها يمكنهم من تغذية ثقافتهم الممتدة بعمق التاريخ كي يواصلو دعمهم لقضيتنا وقدسنا، شكراً على تنازلك عن المتعة الاستثنائية التي حظينا بها معهم ميرسي بيكو.

نسخة خاصة:

1- سيادة الرئيس محمود عباس

2- معالي الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء

3- معالي وزير الخارجية دكتور رياض المالكي

4- منظمة التحرير الفلسطينية/ ملف القدس

5- المجلس التشريعي الفلسطيني

6- محافظة القدس

7- عدد من الصحافيين الفلسطينيين