عفلق مسلم وأنا مسيحية، وليخسأ الخاسئون

عفلق مسلم وأنا مسيحية، وليخسأ الخاسئون

سميره الخطيب

 

كنت قد آليت على نفسي ترك  الكتابة بعد استشهاد اميري وامير جمع المؤمنين يوم الحج الأكبر، فالفجيعة اخرستني رغم فخري وإعتزازي وشدهتي بفروسية القائد الشهيد المعلم  وبطقوس الشهادة التي خلدها مصعب ابن الزبير يوم ابى الإستسلام لبني امية ببيت شعر:

 

وإن الألى بالطف من آل هاشم                            تأسوا وسنوا للكرام التآسيا

 

        لكن الخلل في التعليقات على اسلام الفارس اليعربي الأصيل والرومانسي الثوري، معلم الأجيال استاذي الكبير الشهيد الخالد أحمد ميشيل عفلق اجبرني على ترك صمتي لمرة واحدة.

 

هل يمكن لأي مسلم أن يكون مسلما دون الإعتقاد والإيمان بأن السيد المسيح هو كآدم إعادة لبدء الخلق، وانه كلمة الله ارسلها للبشرية انذاك كآخر فرصة للتوبة والمصالحة وترك المعصيات وترك الربا وترك عبودية البشر الذين كانوا يقعون ضحية لمرابيي الهيكل ؟

 

هل يمكن ان اكون مسلمة دون ان اؤمن بطهر وعذرية السيدة مريم العذراء وبأنها اقدس نساء العالم في الماضي والحاضر والمستقبل وحتى يوم الدين  ؟

 

تعلمت إسلامي من ميشيل عفلق وأنطون سعادة (الإسلام في رسالتيه: المسيحية والمحمدية) ومارون عبود (ابو محمد )، واتقنت لغتي العربية في مدرسة النهار الصحفية وبإشراف استاذي الكبير رياض نجيب الريس، الذي علمني ايضا ان الحملة الصليبية الرابعة شنت ضد المسيحية الشرقية في المكان الأول وليس  ضد الإسلام. فقد ايقن الصليبيون انذاك (كما يوقنون اليوم) انهم لن يحققوا نصرهم الأزلي على العروبة والإسلام الا بالقضاء على مهد المسيحية الحقيقية وتاريخها في الوطن العربي.

حين تعثمن الكثيرون من المسلمين العرب وأهملوا لغتهم العربية لصالح اللغة التركية، جمع الموارنة امهات الكتب العربية ولجأوا الى الأديرة والجبال هربا من ظلم الدولة العثمانية التي وقعت فريسة الشيخوخة والتحلل في آخر ايامها. ولولا هؤلاء المسيحيين لخسرت اللغة العربية والمكتبة العربية ملايين المخطوطات والكثير من التراث العربي الإسلامي. ولربما اصبح القرآن الكريم كتابا نقرؤه بالعربية تماما كما قرأ الأوروبيون الكتاب المقدس باللغة اللاتينية المنقرضة دون ان يفهموا معناه.

لذا اقول للمنكرين والمؤيدين ومن بينهما :

أنا – بالصلاة على سيدنا محمد، وعلى السيد المسيح وعلى كافة الأنبياء والمرسلين – مسيحية حتى نخاع العظم، ومسلمة حتى نخاع العظم، اؤمن بما اتزل على الرسل اجمعين، كان كتابا واحدا وبذات النص وبأوقات متفاوته، قوامه تطبيق الوصايا العشر، والإيمان بالله الواحد الأحد وبما انزل على جميع النبيين، وبملائكته وكتبه ورسله.

أعرف جيدا أن ابراهيم خليل الله القى به الى النار حين تحدى الشرك وهاجر الى ارض الله في فلسطين التي كان يحكمها ملك موحد هو سالم اليبوسي العربي، واعرف ان موسى كليم الله حارب شرك قومه في سيناء حين عبدوا تمثال ابيس  عجل الفراعنة الذهبي، واعرف ان السيد المسيح تعرض للمحاكمة وحكم عليه بالصلب حين تعرض لتجار الربا الذين حولوا بيت الله الى بيت شرك وبازار تجاري لإدارة الصيرفة والربا. واعرف ان انتصار كل اولئك الرسل والأنبياء تحقق بانتصار الرسول العربي الكريم يوم فتح مكة. ووالله اني لأبصر انتصار الرسول العربي عليه الصلاة والسلام وهو يهوي بعصاه على الأصنام في مكة، اكاد اراه يحطم التماثيل قائلا : ” هذه لأبي ابراهيم، وهذه لأخي موسى، وهذه لأخي عيسى. “

واشعر بالفخر لأن عبادة الأصنام اندثرت منذ ذلك التاريخ إلا ما ندر.

معلمي الحبيب أحمد ميشيل عفلق،  مثله مثل الملايين من المسيحيين العرب الذين اغترفوا القيم اليعربية من امهات الكتب التي حافظوا عليها واكتنزوها ذخرا للأمة بكل ابنائها كان مسلما بالفطرة، تماما كما انا مسيحية بالفطرة.

انه الدين الواحد الذي حافظ عليه الشرفاء في كل العصور. وكيف لا يحفظونه وقد وعدنا الله  ان يتم نوره ولو كره الكافرون والمشركون والمجرمون والضالون والإرهابيون المضللون (بفتح الضاد واللام ).