نعم ورث الثورة جيش النظام

نعم ورث الثورة جيش النظام

بقلم الاعلامي: خالد الفقيه

 

        منذ إندلعت شرارة التحركات الشعبية في مصر والداعية لإسقاط نظام وحقبة مبارك وريث نظام السادات وكامب ديفيد الذي مرغ كرامة الأمة بالطين وأستدخل الهزيمة إليها ثقافةً وممارسة والعالم بكليته منشد لتطورات الأحداث وما حملته ساعةً بساعة يترقب ما يمكن أن ينجم عن هذه التحركات التي آثر البعض تسميتها بالثورة فيما رأى آخرون فيها انتفاضة على ثلاثين عاماً أو يزيد من القمع وأحكام الطواريء.

وفي هذه الفترة التي أنتهت رحيل فرعون مصر على أمل أن ينتهي عصر الفراعنة والعسكر كثرت الكتابات والتحليلات التي أوغلت في التمني والترجي والبناء وبعضها كان سطحياً متقلباً.

        ومما كتب في التحرك المصري تحليلاً إنفرد به المفكر القومي العربي الدكتور عادل جاء تحت عنوان كي لا يرث الثورة جيش النظام والبرادعي والإخوان، وبعد رحيل مبارك جاءت النتائج كما تنبأ بها سمارة فجيش النظام ورث الثورة وأكد على الالتزامات والمعاهدات الدولية والإقليمية بما في ذلك حالة التحالف التي لا إنفصام فيها مع الولايات المتحدة التي يرتبط بها هذا الجيش تسليحاً وتدريباً، وأكد على ذلك مسؤولوا الإخوان الذين قالوا أنه في هذا الوقت لن يطالبوا الدولة بالتحلل من إلتزاماتها ومعاهداتها الخارجية وسارعوا للإعلان عن نيتهم تشكيل حزب سياسي بالضرورة سيوافق على واقع الأمر في مصر حتى يتسنى له المشاركة في العملية السياسية.

        ولكن خلال الهبة أو الثورة تبادر لذهني ولأذهان الكثيرين تساؤول حول جمود المتظاهرين وعدم تحركهم في خضم انتفاضتهم نحو السفارة الأسرائيلية في القاهرة والمصالح الصهيونية في مصر؟ وثار التساؤول أيضاً عن موقف الجيش المصري من مثل تحرك كهذا لو حصل؟

        واليوم مع إمتداد حركة الجماهير لأكثر من قطر عربي نقول إن هذا الحراك لا بد أنه الرد الأصيل والمدوي على فكرة القطرية العربية التي لم تجلب للأمة إلا مزيداً من الذل والمهانة والتمترس خلف خطوط العدو والإمبريالية العالمية بوجهها المعولم المتوحش.

        في مصر كما في تونس نعم ورث النظام جيشه الذي لم يتحلل أو يعلن تبرئه مما أبرمه النظام من معاهدات واتفاقات ذل ومهانة بل وزاد على ذلك تمسكه بالنهج والنسق السابق وبقيت الإمدادات والتدريبات العسكرية لا تتجه إلا نحو الغرب مع العلم أن العالم بات اليوم متعدد الأقطاب، فالحكام الجدد ولو من باب المناورة لم يهددوا بتغيير توجهات البوصلة وآثروا بقائها على وجهتها السابقة.

        ما تقدم ألا يعني للعموم ممن ضحوا بدمهم وتمردوا على السوط الذي ألهب ظهورهم لعقود الاستمرار حتى تغيير الوجوه والعقول؟ آلا يدرك هؤلاء بأن المؤامرة التي تحاك ضدهم لن تتوقف حتى تعيدهم لبيوتهم كما خرجوا منها دون تحقيق مطالبهم بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟ آلا يدرك هؤلاء بأن عقلية العسكر ستبقى في حالة تأهب وتحفز لإنتزاع كل بوادر التمرد المشروع من عقولهم.

فرحنا وفرح الكثيرون لإنهيار أنظمة الردة العربية التي تأمرت على القضية القومية الأولى قضية فلسطين، فرحنا بسقوط جلاوذة العصر الذين بدأت عورتاهم ومؤامراتهم تتكشف وتكشف عن دورهم البذيء في الاغتيالات وسحل الجثث في الشوارع وتأجير أراضي الفلاحين للكارتيلات الاحتكارية الغربية لتدفن السموم فيها، نعم تغبطنا السرور ونحن نراهم يفرون من غضب الشعوب بملابسهم وما تيسر لهم نهبه في عقود، لقد دفنهم التاريخ بحركته التي لا تتوقف عند أحد ولا تعرف سيرورته التجمد ونحن نستذكر ماضيهم البشع المر وهم ربما كانوا أكثر من أعداء أمتنا فرحاً وتمنياً بانهيار مشاريع المقاومة والمانعة المتبقية في فضائنا العربي وهم من قال عنهم السيد نصر الله أن وجوههم أسودت أكثر من الإسرائيلي بعد نصر تموز عام 2006.

        ولكن ومع كل هذا فحركة الشعب لم تحقق ما رنت إليه بعد فالطريق لا زال في منتصفه وعلى الشعوب أن تستجيب لقدرها بالإنعتاق الكامل والمكتمل من العبودية حتى تسترد كرامتها التي جردها إياها النظام وجيشه.