ثعالب “رام الله”

 

ثعالب “رام الله” تخرج إلى الشوارع!

محمد الأسعد

 

        في الوقت الذي تضج فيه عدة عواصم عربية تحت وقع شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، خرجت تظاهرات في “رام الله” المحتلة بشعار مضحك يقول “الشعب يريد إنهاء الانقسام”. ورأيت في هذه المظاهرة عدداً من ثعالب أوسلو وأنصارهم وبعض من الذين انتهت صلاحيتهم، وآخرين ممن يكثرون من الظهور على شاشات الفضائيات متباكين على تهويد القدس وسرقة الأرض وعقم مفاوضات الأوسلويين ومن لف لفهم.

        البعيد عن الوقائع الفلسطينية قد يؤخذ بهذا الشعار، ويكبر في هؤلاء المتظاهرين حرصهم على وحدة الشعب أو منظماته، أما القريب من الوقائع، فسيعرف أن تسمية الحالة الفلسطينية بأنها “انقسام” لا تعدو كونها خدعة وتضليلا.

        ما يحدث في حقيقة الأمر أن فريقا فلسطينياً، فريق ثعالب أوسلو، انتقل منذ زمن يرجع إلى سبعينات القرن الماضي إلى خندق العدو، بسلاحه وماله واستثماراته، وتوج كل هذا بالإعلان عن انتقاله بالقول والفعل، ولم يعد راغبا حتى في التستر على ما يفعل. ووصل به الحال إلى تكوين جيش من الموظفين والمجندين متعاون عسكريا وأمنياً وثقافيا مع قوات الاحتلال الصهيوني ضد أي نوع من أنواع المقاومة.

        وفي الجانب المقابل، تقف المنظمات المصرة على المقاومة والشعب الفلسطيني الذي تنهب أراضيه وتهدم بيوته ويقتل أطفاله، تقف غزة المحررة والمحاصرة من كل الجهات.

        فهل يمكن توصيف هذه الحالة بأنها “انقسام” بين “فتح” و “حماس” كما يزعمون؟ أم أنها انقسام بين من تخندق في خندق العدو، ووجه سلاحه وأجهزة إعلامه إلى الفلسطينيين، وبين من يقاوم العدو المحتل؟

خلال السنوات القليلة الماضية، تكشفت جوانب مثيرة من بنية هذه التي تسمى سلطة رام الله، سواء على صعيد فسادها المالي والسياسي أو على صعيد وقوفها بوجه المقاومين والمشاركة في مطاردتهم وقتلهم أو تعذيبهم في سجونها. ولم يكن وقوف هذه السلطة علناً ضد نتائج انتخابات المجلس التشريعي الذي فازت بأغلبيتها حركة “حماس”، إلا مؤشرا حاسماً على نوعية هكذا سلطة. فهي لم تكتف بعدم الانصياع لهذه النتائج منذ اليوم الأول، بل عملت على تخريب المؤسسات والاستيلاء على الأجهزة الأمنية والمالية والإعلامية، وعلى تقويض سلطة حكومة انبثقت من نتائج الانتخابات.

        وجاء الكشف القريب العهد عن فضائح ثعالب هذه السلطة في سياق ما تسمى مفاوضاتها مع الإسرائيلين، أي تسليمها بكل وقائع الاحتلال، والتنكر لأي حق فلسطيني، ليقطع شك المشككين، ويضع سؤالا أمام كل فلسطيني: ما العمل مع هكذا عصابة من المنتفعين بالإحتلال والمساندين له؟

        في ضوء الثورات العربية القائمة، في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وامتداداتها المتوقعة إلى بلدان أخرى، وفي ضوء أن كل “المتفاوضين” مع العدو الصهيوني على الاستسلام، سيجمعون أوراقهم ويختبئون في جحورهم كما هو متوقع، يبدو عجيباً أن لا يرفع الفلسطينيون شعار “حلوا عن سمانا يا ثعالب أوسلو”، أو ” الشعب يريد اسقاط سلطة الفساد والمفسدين” أو “الشعب يريد انهاء الاحتلال”.

        إن ما يقارب أكثر من أربعين سنة مرت على وجود هؤلاء الدجالين، من دون أن يحاسب أحد منهم على إفساد حركات المقاومة الفلسطينية، وعلى الاستيلاء على المؤسسات الفلسطينية، وعلى تحويل العدو إلى شريك وصديق، تضع علامة استفهام حول وعي الشعب الفلسطيني. فهل هو شعب مثل غيره من الشعوب التي تمهل ولا تهمل، أم أنه شعب مصاب بحالة إغماء مستعصية؟