هل القذافي هو الأخرق الوحيد في ليبيا؟
محمود جلبوط
بعد الاستماع إلى كلمة ممثل ليبيا في الأمم المتحدة، الصديق السابق للعقيد، وللعديد من الليبيين المتخارجين الذين تزاحموا على القنوات الفضائية ذائعة الصيت كالحرة والجزيرة والعربية والجهات الإعلامية لإبراز نجوميتهم الإعلامية تطفلا على ما يجري في ليبيا: الجواب هو بالنفي طبعا، بل إن ما يقوم به هؤلاء ليس خرقاً وحماقة تتضافر مع ما يعتمده القذّافي في مواجهة شعبه وحسب بل هو إن أحسنا النوايا استجلاب للمستعمر لاحتلال ليبيا وسرقة نفطه واستباحة الدم الليبي أكثر بما لا يقاس مع استباحة الدكتاتور الليبي والمشهد العراقي ما زال ماثلا للجميع حتى يومنا هذا.
إلاممَ يهدف دعاة الحرص على ليبيا والليبيين: المنتدبون لل “المنظمات الدولية” وأعضاء”الإعداد الديمقراطي” المتنوعة، و”لجان حقوق إنسان”(مع احترامنا لحسني النوايا فيها) والمنتدبون إلى “المحكمة الجنائية”، ومنتسبو “الجماعات الإسلامية” إلى جانب “أولاد هيلاري”، من دعوتهم “مجلس الأمن” و”المنظمات الدولية” الأخرى (ينقصهم على ما يبدو لكي يكتمل ما حدث في المشهد العراقي السابق ربما وكالة الطاقة الذرية) ودول الغرب للتدخل السريع “لإنقاذ الليبيين”؟
هل تهدف هذه الدعوة إلى استجلاب “مرتزقة غربيين” بسحنة بيضاء هذه المرة لاستعمار ليبيا يجارون بذلك أترابهم العراقيين لمواجهة “مرتزقة” القذافي ذوي السحنة السمراء؟
رب بعض من يقاتل إلى جانب القذافي يقاتل اقتناعا بعدالة قضيته بناءا على ما قد سوّقه العقيد ونظامه لديهم تضليلا فترة حكمه الممتدة، وفي كل الأحوال فإن من يقاتل إلى جانبه من “المرتزقة” سود كانوا أم بيض يفعلون هذا مقابل أجر مغرِِ دفعه لهم أو وعدهم به ولكنهم سيغادرون ليبيا فور انتهاء المهمة أو يموتون أثنائها أو يلقي شباب الانتفاضة القبض عليهم، المهم أن مطامعهم لا تتجاوز المكافأة التي يصرفها لهم مأفون ليبيا، أما “المرتزقة” البيض اللذين يستغيث بهم هؤلاء الدعاة المستغيثون ب”مجلس الأمن” و”المحكمة الجنائية” “لخلع القذافي” فهم ينتظرون بشوق وبلعاب يسيل على النفط الليبي ويتنافخون ادعاءا بالحرص على أرواح الأبرياء وهم في الواقع لا يأبهون بالدم الليبي المراق على أيدي الطرفين المتصارعين بل هم على استعداد لإمداد جميع الأطراف في ليبيا بالسلاح الفتاك ليتقاتلوا حتى آخر قطرة دم ليبية وعربية وأفريقية، ومستعدون لحرق قبائلها التي يتغنى بها “مثقفو” الفضائيات مقابل أن لا تهرق نقطة نفط واحدة وأن يستمر بتدفقه إلى بلادهم: هكذا فعلوا في العراق، أحرقوه بالكامل على نفقته ومن نفطه وبنفطه ثم عهدوا إعادة إعماره لشركاتهم وعلى نفقته وبنفطه أيضا.
ثم كيف يستوي الأمر لدى المستغيثين ب”الجامعة العربية” لنصرتهم وهي ليست سوى جامعة لمندوبي أنظمة الدويلات العربية الدكتاتورية الشبيهة بالقذافي؟ هل غفلوا أن من يستنجدوا بهم لا يقلّون عن قذّافهم لا خرقا ولا دموية ولا دكتاتورية، ولو استطاع أشباه القذّافي هؤلاء لبذلوا كل ما في وسعهم لإنقاذه ليس حبا فيه، فلا يوجد نظام عربي يحب شبيهه الآخر من الأنظمة الأخرى فهم يقضون فترات حكمهم يتنافسون فيما بينهم لمرضاة أمريكا وربيبتها الصهيونية ويكيدون ضد بعضهم لديها، بل سيفعلون هذا خوفا من الشعوب العربية المنتفضة، من أن يمتد ما جرى في تونس ومصر وما يجري الآن في ليبيا واليمن والبحرين والأردن والعراق إلى عروشهم، بل هم والله في دواخلهم يوافقون القذّافي بكل ما يقوم به من قتل بحق شعبه هناك عسى ما يقوم به يجدي في إعادة الخوف والذل الذي زال من قلوبهم بزنود شباب تونس ومصر ويساهم اليوم شباب ليبيا بقسط منه، ثم لنتكلم بصراحة وع المفتشر كما يقول المصريون: إن جميع الأنظمة العربية بلا استثناء مش فاضية هالوقت وغرقانة لأذنيها في الخوف والهم والوجل، هم منشغلون حتى النخاع في إعداد العدة ليومهم الشبيه بما يجري في ليبيا، يراقبون تفاصيل ما يجري بكل دقة: إن كان فيما يقترفه القذّافي أو ردود فعل المنتفضين على حد سواء عساهم يستفيدون منها في مواجهتهم التي لا بد قادمة إليهم.
نأمل من الشباب المنتفضين في ليبيا والشعب الليبي بمجمله الانتباه والحرص من هؤلاء الدعاة والتسلّح بالوعي الثوري وحكمته والانشغال بالحرص على المصالح الليبية والعربية والاستفادة من الدروس المصرية والتونسية والتمسك بالوحدة الوطنية الخارقة للتجمعات القبلية وغير القبلية في معركتهم لإسقاط نظام الطاغية وعائلته وأعوانه، والسعي الحثيث لتشكيل القيادة الجامعة للتحركات الشعبية وإنشاء السلطات البديلة وحتى المقاومة العسكرية من العسكر والضباط المنضمين إلى الانتفاضة والمنضوين تحت راية ثوارها للإسراع في إنجاز الخواتم المأمولة لهذه الانتفاضة قبل أن تنقض قوى الثورة المضادة على المكتسبات المنجزة وإجهاض الانتفاضة وربما الإجهاز ليس فقط على مجمل ليبيا بل لمحاصرة وضرب ما حققته الانتفاضتين الجارتين في مصر وتونس، عزاؤنا للشهداء الليبيين وجميع شهداء الانتفاضات العربية.