الولايات المتحدة تستعد للمرحلة التالية في الضربة العسكرية لليبيا
وسط خلافات بين الخارجية والدفاع
سعيد عريقات ـ واشنطن
بينما بدأت العمليات العسكرية الغربية في ليبيا، في العيد الثامن لشن الحرب على العراق عام 2003 والذكرى الحادية عشر لقصف يوعسلافيا، بدأ يبرز على السطح طبيعة النقاش الحاد الذي وصل حد الصراخ بين البيت الأبيض ووزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي من جهة، ووزارة الخارجية الأمريكية من جهة أخرى. وعلمت القدس السبت أنه على خلاف المرات السابقة التي شنت فيها الولايات المتحدة حروباُ ضد دول عربية، كانت وزارة الخارجية هذه المرة هي التي ضغطت باتجاه التدخل العسكري الفوري بينما نصحت وزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي الرئيس ألأمريكي أوباما بالتريث قدر المستطاع قبل الأمر ببدء العمليات العسكرية فوق ليبيا.
وقال مصدر مطلع للقدس أن التوتر بلغ أشده يوم الجمعة، 11 مارس / آذار الجاري بعد التقاء نائب وزير الخارجية الأمريكي جيفري فيلتمان مع وفد ليبي يمثل المعارضة الليبية للمرة الأولى وتكون من سفير ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم وسفير ليبيا السابق لدى واشنطن علي الأوجلي إثر لقائهما مسئولين في وزارة المالية الأمريكية للبت في الأساليب المتوفرة لدعم الولايات المتحدة للثورة الليبية مالياُ من الأموال الليبية التي جمدتها الحكومة الأمريكية في المصارف الأمريكية.
ويقول المصدر أن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أخبرت الرئيس أوباما قبيل إلقائه خطابه الأسبوعي صباح السبت 12 مارس آذار الذي يذاع على الراديو “إن وقوف الأمريكيين وأيديهم مكتوفة تجاه المجزرة التي يرتكبها كلب الشرق الأوسط المسعور ضد شعبه موقف لا يتماشى مع المسؤولية الأخلاقية للولايات المتحدة، ويذكر بما حدث في رواندا عندما نظر العالم مشلولاً لحمام الدم المثير للرعب” في وسط التسعينات أثناء ولاية زوجها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون.
بدوره نصح كل من وزير الدفاع روبرت غيتس ومستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي توماس دونالين، نصحا أوباما “بأن ليس لدينا ما نجنيه في هذه اللحظة؛ فلتتخذ أوروبا المبادرة والقيادة، وإذا كان السيد ساركوزي (الرئيس الفرنسي) تحكه يده لقصف ليبيا فليكن، خاصة بينما ونحن متورطون في حربين مفتوحتين في المنطقة، وثالثة على وشك الانفجار” في إشارة إلى اليمن.
يشار أن تعبير “كلب الشرق الأوسط المسعور” لوصف القذافي كان قد أطلقه الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان عشية قصف يوم 15 إبريل / نيسان 1986.
وأكد المصدر للقدس أن التوتر لا يزال قائماُ بين هيلاري كلينتون من جهة وروبرت غيتس وتوماس دونالين من جهة أخرى.
أما الرئيس أوباما فقد قرر المشاركة الأمريكية في القصف بعد أن توصل إلى حل وسط يشترط عدم إرسال أرضية أمريكية إلى ليبيا. ويبقى أوباما “المحارب المتردد” وفق الوصف الذي أطلقه عليه خبير معهد بروكينغز العسكري مايكل أوهانلون.
أما جيفري وايت الخبير العسكري في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط وهو معهد مقرب من إسرائيل فيقول “من ناحية الفاعلية العسكرية، سيكون الخيار الأفضل هو الجمع بين هجمات جوية محدودة ضد قوات النظام الجوية والأرضية، وإنشاء مناطق حظر قيادة السيارات إلى جانب حظر طيران، وليس هناك مناصاً من إنزال قوات برية لتعزيز دفاعات المتمردين في الشرق. إن أفضل طريقة لتنفيذ ذلك دولة عربية واحدة (ربما مصر) أو أكثر مع قوات ناتو.”
ويصر وايت على ضرورة تقديم “مساعدة عسكرية للمتمردين” للإطاحة بنظام معمر القذافي
وقد قذفت الولايات المتحدة 112 صاروخ كروز توماهوك من الغواصة فلوريدا، والغواصة سكرانتون والغواصة باري مطلقة عملية “أوديسيا دون” أو ملحمة الفجر بينما شلت طائرات إيواكس الرادارات الليبية وشبكت الاتصالات لنظام الدفاعات الجوية الليبية بشكل كامل.
وتشير الدلائل وفق تصريح نائب الأميرال كورتني، المتحدث العسكري للعمليات الحالية على “صواريخ كروز دمرت 50% من أنظمة القذافي للدفاع الجوي.”
ويعتبر صاروخ كروز توماهوك الذي استعمل للمرة الأولى ضد العراق عام 1991 من الصواريخ العابرة للقارات، وهو بمثابة طائرة صغيرة غير مأهولة، قادر على ضرب الأهداف بدقة متناهية ويقتصر استخدامه على البحرية الأمريكية والبريطانية فقط، ويمكن له الطيران بمستوى منخفض تحرم أجهزة الرادار المضادة رصده، وتجري برمجته لضرب الأهداف المعنية قبيل إطلاقه بينما يتاح إعادة برمجته إثناء طيرانه بعيد إطلاقه، ويمكنه الطيران لمسافة من500 ميل إلي 1100 كيلو متر بسرعة تصل إلي 600 ميل في الساعة.
ويختلف “توماهوك” عن الطائرات بدون طيار الأخرى كونه صاروخ أحادي الاستخدام. أما الأخرى مثل “بريدتور” فهي تحمل أسلحة وصواريخ تضرب بها الأهداف ومن ثم تواصل تحليقها ويعاد استخدامها وسيتم وضعها ميدانياًُ في المرحلة الثانية التي تبدأ الاثنين 21 مارس / آذار وفق المصدر.
يشار إلى أن هناك قرابة 20 سفينة حربية، 11 منها أمريكية، تنتشر في البحر الأبيض المتوسط حالياً للمشاركة في فرض حظر الطيران على ليبيا.
:::::
نشرت في “القدس”، القدس المحتلة، 21/3/2011.