الأخ الرئيس زناط!

الأخ الرئيس زناط!

جمال محمد تقي

هناك مفردات شعبية وعامية تدخل التاريخ من اوسع ابوابه، بعد ان تعلق باذهان جمهور لاعد له، وبوقت قياسي، بحكم استخدامها من قبل اشخاص لا تبارحهم الاضواء، اوبحكم ترديدها من اعلى المنابر، الى جانب لفتها للانتباه بحكم غرابتها وطرافتها، ربما لم يسمع بتلك المفردات من قبل لمحليتها الصرفة، وعلى سبيل المثال مفردة زنقة التي استخدمها القذافي في خطابه الشهير الداعي لسحق وملاحقة المعارضين والمحتجين شبر شبر بيت بيت ودار دار وزنقة زنقة وفرد فرد، بالمناسبة اجد هناك علاقة خفية بين كلمة مزنوق التي يستخدمها الاخوة المصريون للدلالة على حالة الاحتصار او الورطة والضيق والتي نستخدمها نحن العراقيون ايضا وبنفس المعنى تقريبا “مزنوك ” وبين مفردة الزنكة او الزنقة التي وردت بخطاب القذافي اياه بمعنى الغرفة، اورد في هذا المقام مثال اخر لمفردة يمنية طريفة ستكون مدخلا للمقالة، المفردة لم يستخدمها الاخ الرئيس علي عبدالله صالح بعد، ولكنها كالشبح تحوم حول اغلب هتافات وحوارات المحتجين رواد ساحات التغيير في صنعاء وعدن وغيرها من محافظات ومدن اليمن غير السعيد برئيسه الزناط، فالزناط هو المتلاعب والدعي الكاذب وايضا المحتال!

قال احد المحتجين وبطلاقة شعبية يحسد عليها: ليست لدينا اي ثقة بوعود وتصريحات والتزامات الاخ الرئيس لان التجربة اكبر برهان وقد جربناه لاكثر من ثلاثين عاما تبين فيها، ان الرئيس زناط من الطراز الاول!

نفس وصف زناط اطلقه المئات من المحتجين، وتحديدا بعد تردد اخبار تنصل علي عبدالله صالح عن اتفاقه على تسوية مقبولة من قبل احزاب المعارضة بوساطة اوروبية وامريكية وبمشاركة وجهاء يمنيين ويتضمن اتفاق التسوية المذكور على احالة صلاحيات الرئيس لنائب له خلال فترة لا تتجاوز الشهرين مقابل ضمانات بعدم محاسبة او ملاحقة الرئيس واقاربه بأي قضية من القضايا، وبعد اصراره على البقاء حتى انتهاء ولايته وبأنه سيبقى رئيسا لحزب المؤتمر الشعبي العام حتى لو ترك منصب رئاسة الجمهورية، وهو لم يكتفي بهذا بل طالب المحتجين بالرحيل بدلا منه، فالمعنى يكرر نفسه بمواقف الرئيس المراوغة!

ان ارادة الملايين التي تعرف ماذا تريد، والتي تملك من زاد الخبرة بالاعيب النظام وسيناريوهاته وابتزازاته ما يكفيها للصمود والحصانة والانتصار، ومشروعية وشمولية اهدافها وسلمية وتحضر وسائلها، ستفرض نفسها حتما على الصامتين والقلقين بل وحتى على المتعاونين مع النظام نفسه، وتجعلهم يعيدون حساباتهم وسيختارون حتما الوقوف مع الاكثرية الساحقة والفاعلة والثائرة سلما من ابناء هذا الشعب، وسوف لن تقهرها او تشوشها التهديدات والاغتيالات واجراءات الطواريء، وتغيير وجوه الحكومة، ولا تخيفها التخويفات بالانقسام الانقلابي وغيره، انها ماضية لتحقيق اهدافها، فحاجز الصمت قد كسر ولم يعد السكوت ممكنا، ومعرفة الناس بامكانية التغيير السلمي لحالة البؤس السائدة بينهم والتي لا يتم تجاوزها الا باسقاط النظام بالاحتجاج والعصيان المدني عامل اضافي يزيد ثوار اليمن عزما.
الحكمة اليمانية تستوجب تنحي الرئيس وتسليم السلطة لمجلس رئاسي مؤقت، وهذه الخطوة ستنجيه من مصير قد يكون اسوء من مصير بن علي ومبارك، اما التشبه بالمصير المجهول للقذافي وبرغم من عدم تشابه حالة الثورة في ليبيا مع اليمن فانه انتحار لا اعتقد يتمناه صالح او افراد اسرته.

ان الخروج الامن للرئيس علي عبدالله صالح يعتمد على مقدار الامان في طريقة تعاطيه مع تسليم السلطة ومن دون زنط، وبحرص على عدم تعقيد الموقف وعدم اراقة المزيد من الدماء!

مبادرة علي عبدالله صالح الاخيرة والداعية لتشكيل حكومة تترأسها المعارضة، وتتقاسم حقائبها مع الحزب الحاكم، لتكون ضامنة لرحيله نهاية العام الحالي لا تعكس توجها جادا للاخ الرئيس لتجاوز حالة الزنط التي يعيشها نظامه منذ عقود خلت.