في مديح “الخازوق” الديمقراطي الغربي
كلاديس مطر
كان من اكثر الجمل انتشارا في السبعينات هي عبارة “حسني البرزان” في المسلسل الكوميدي السوري الشهير “صح النوم”: (اذا اردنا ان نعرف ماذا يجري في ايطاليا فيجب علينا ان نعرف ماذا يجري في البرازيل). ولقد رأى فيها – في تلك الايام – المشاهدون ضربا من الفذلكة غير المفهومة او مقاربة هزلية مكملة لشخصية “البرزان” الكوميدية.
قد تنطبق هذه العبارة اليوم على حال الامة العربية. فمعرفة ما يجري في بلد واحد (واقصد هنا الدراسة الحقيقية لما يجري) من شأنها ان تكشف الضوء الباهر عما يجري وبقوة في بقية الساحات العربية. ولقد بات واضحا ومعروفا حتى لابن الخمس سنوات ان المشهد العربي الحالي ليس مجزأ بالمطلق وان التعامل مع كل دولة وإن كان انطلاقا من خصوصية بنيانها القومي والشعبي والسياسي الا ان الخطة الرئيسية الكبرى تشمل الجميع ضمن حزمة واحدة مبتدئين بالحلقات الاضعف (ربما كانت ليبيا) وانتهاءا بالاقوى ضمن كتلة – مصنفة غربيا باعتبارها الاكثر ممانعة وشراً ـ اي سوريا.
حين قرأت دراسة المفكر الفرنسي جان بودربار عن الارهاب وذلك بعد وقت قليل جدا من حادثة الحادي عشر من ايلول في اميركا، عرفت ان هناك قراءة اكثر حقيقية ورمزية للحدث، لمطلق حدث. لم يجرب الرجل ابدا ان يلقي اللوم على “الارهابيين الحاسدين للديمقراطية” الذين روعوا اميركا الآمنة، ولم يحاول ان يتحول الى مراسل صحفي فيكتب بلغة تقريريه عن الكوارث الانسانية التي وقعت لكل فرد كان في هذه الابراج او حتى الى اين سقط كل حجر، وانما اكتفى تماما بتفسير معنى “ان تصل القوة الى هذا الحد من المركزانية والاستقطاب بحيث تحمل بذور فناءها بذاتها”. لقد أدان حكما وضمنا وعلنا طبيعة النظام الغربي الراسمالي وأدواته واعتبره مسؤولا مسؤولية مباشرة عما حدث لهذا النظام. وها هم خصوم هذا النظام الاستقطابي المركزاني الاوحد يستخدمون كل تقنياته من اجل دك النظام الذي اخترعها.
لكن الرد يكن لم طبيعا او منطقيا، بمعنى أنه لم يكن مبنيا على فهم لهذه الحقيقة، ولهذا اتصف بطبيعة انفعالية انتقامية وجدت أنه آن الاوان ( اخيرا) لكي تقتنص الفرصة ويلم كل أسواق النفط مرة واحدة والى الابد تحت جناحه الغربي الراسمالي ثم دك اي تحالف قومي عروبي مناوئا له. الحقيقة، إنهم لم يريدون شراء النفط بسعر السوق وانما أرادو الحصول عليه (ببلاش). هذا هو كل شيء. لكن ماذا حشدوا من اجل هذه الغاية العليا لأمنهم القومي؟
أغنية الشيطان:
لقد ضخوا افكارا عن الديمقراطية و الليبرالية في أوردة الدول العربية، الغرب نفسه لا يعرفها على أرض الواقع، وذلك لان طبيعة النظام الراسمالي لم يعرف الديمقراطية الحقيقية يوما. واليكم الأسباب:
اولا: يعتقد معظم العرب خطأ ان الديمقراطية الغربية ولدت مع ولادة هذه الدول بينما هي حديثة العهد ظهرت في اغلب دول المنظومة الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ولم تتبدى بشكلها الحالي ـ القمعي كما سنرى لاحقا – الا مؤخرا. فهناك فرق زمني كبير يحسب بمئات السنين بين سنة تأسيس الديمقراطية في تلك المنظومة وبين البداية الفعلية لممارسة الديمقراطية فيها. والبرلمانات الغربية قبل الممارسة المعاصرة للديمقراطية فيها كان ممثلوها حكرا على الطبقة الارستقراطية المالكة حصريا للاراضي والتي تستبعد من بينها الذين يعانون من الامية والنساء، وهي بذلك تكون قد ابعدت اكثر من ثلاثة ارباع الشعب من التصويت وانتخاب ممثلين عنهم. لقد كانت اغلب القوانين التشريعية الغربية لا تعتبر الاولاد والمجانين والقصر والنساء مواطنين. ولقد الغت المحكمة العليا في اميركا لعامين متتاليين 1918-1919 قانونا يتعلق بعمل الاطفال من اجل الحد من معاناتهم وحياتهم اللاانسانية.
لهذا، على العربي ان يفهم انه حتى الديمقراطية في الغرب اخذت وقتها لكي تتبدى في صورتها الشكلية الحالية ودائما بحسب النسخة البرجوازية الراسمالية للديمقراطية.
ثانيا: ان المعارضة العربية التي تلوذ بالفكر الليبرالي الغربي ملاذا أعمى تنسى ان الليبرالية الغربية مؤسسة حصريا على مصلحة راس المال وان الحياة الديمقراطية في الغرب تضبطها ضبطا كاسحا عبارات فضفاضة ضاربة مثل: المصلحة العامة والامن القومي فتخفض من سقفها لتصبح ديمقراطية شكلية بكل ما للكلمة من معنى. فالعربي لا يتصور الضوابط التعسفية التي يمكن ان تخلقها مثل هذه العبارات امام التطبيق الفعلي للديمقراطية في الغرب. وهي عندما تطلب من شعوبنا الانتفاض من اجل الديمقراطية فانها تقدم لهم نموذج الديمقراطية الغربية الشكلية التي تخفي وراءها قبولا صريحا بالتمييز العنصري والعرقي كما تشوه الحقائق تشويها مقصودا فيتحول على يديها سفاحو الانسانية الى رجال سلام والفلسطينيون والعرب الى مجرد “ارهابيين ومستخدمين للقوة بشكل مفرط تجاه شعوبهم”.
إن فشل الحل الاشتراكي في الغرب أضعف الى حد كبير الاحزاب اليسارية التي ارادت الديمقراطية الحقة والتي هي مشاركة كل المواطنين في الادارة وبتساويهم امام القانون. والمجتمع الغربي باعتباره مجتمعا طبقيا بامتياز فان الديمقراطية فيه هي صيغة مستترة لدكتاتورية الطبقة الحاكمة والسائدة. صحيح ان في بدايات تطور الراسمالية كان هناك طرحا لشعارات الديمقراطية حيث كان الغرض هو النضال ضد الانظمة الاستبدادية الاقطاعية والامتيازات الفئوية لكن، ولنتأمل هذا الامر ها هنا، في فترة الاضطراب الاقتصادي، تبقى الديمقراطية من دون ضمانات مادية تدعمها، واعطي مثالا على هذا حرية النشر. ففي الدول الغربية الراسمالية، تقع كل وسائل الاعلام فعليا بيد الطبقة الراسمالية القابضة على راس المال المتحرك و الفاعل والمؤثر في مختلف نواحي الحياة، وبالتالي فان الديمقراطية هي بين يدي السلطة التنفيدية اي رجال الدولة ذوي الارتباط الشديد بالاحتكارات. و لهذا فانه من المستحيل ان تكون الحريات الشخصية في حدودها الطبيعية او العادية حتى وذلك لانها تصبح مهددة للنظام الغربي الراسمالي برمته. وبالتالي فالديمقراطية من اهم الاسلحة الخطيرة في الغرب نفسه على نظامه هو.
الان حين يأتون الينا بفكرهم “الديمقراطي” اسالوهم اولا…اين هي الديمقراطية الفعلية في بلادكم؟ هل تسمحون لطبقاتكم الكادحة بالنضال من اجل الديمقراطية؟؟ ام تخافون من ان تتحول ديمقراطيتهم الثائرة الى ثورة اشتراكية؟ الا تعلمون ان ارفع اشكال الديمقراطية هي الديمقراطية الاشتراكية التي تعبر عن مصالح الشعب الكادح، وهي الصيغة الوحيدة و الطبيعية للدولة الاشتراكية. فاذا كنا نطالب اليوم باصلاحات تتعلق بتساوي الحقوق في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، واصلاحات في سوق العمل والادارة والضمان الصحي وحرية التعبير والخروج في المظاهرات وبحق الاقتراع الحر العام، فاننا نفعل هذا لا انطلاقا من التطبيق الجنوني الاعمى للديمقراطية الغربية الراسمالية المشوهة والتي تخيطها على مقاسها الطبقات الحاكمة المالكة لراس المال، وانما انطلاقا من ديمقراطية طبقات شعبنا الكادح كله و الواعي في آن ان الثوب الذي ليس على مقاسه لن يرد عنه اي عواصف.
لهذا بدلا من استيراد ديمقراطية مبتورة مشوهة عاجزة الى بلادنا على الشعوب الغربية نفسها أن تثور وتنفض يدها من هذه الديمقراطية والليبرالية التي تخفي وراءها نزعة متدينة سافلة وفظائع ترتكب كل يوم في حق شعوب العالم وجرائم ليس لها اول من آخر تحت عنوان مخرب اسمه: الامن القومي و المصلحة العليا.
ثالثا: يعتقد العربي خطأ ان الديمقراطية هي النقيض للديكتاتورية. وهذا صحيح اذا كانت الديمقراطية مطبقة كما ذكرت اعلاه. لكن الفرق اليوم هو التالي: الدكتاتورية اليوم تضع الشعب على خازوق من صنع رجل واحد، اما الديمقراطية كما تصدرها الغرب لنا وكما هي لديهم فتضع الشعب على خازوق من اختياره هو وعبر الاقتراع.
لقد وصل بوش الى السلطة بواسطة الاقتراع الشعبي !!! ولم يمض وقت قليل على انتخابه حتى بدأ بترويع الدنيا حوله. حتى هتلر اتى عن طريق الانتخابات الديمقراطية.. ليحيل العالم الى بركة دم. اما اوباما الذي هلل العرب له باعتباره “حسين” وباعتباره – كما بدا لنا – نتيجة لاكثر تبديات الديمقراطية الغربية شفافية – ها هو يدك ليبيا من اجل سرقة النفط. واذا، هل الغرض ان نأتي بالمجرمين عبر صناديق الاقتراع أم الغرض تأسيس نظام شعبي حقيقي يعطي ما لله لله وما لقيصر لقيصر؟ نظام قادر على ان يحل مشاكل الحاضر المتنامية لا ان يلتفت على سبيل المثال لتطبيع اشكال الشذوذ الجنسي وتعميق التفاوت الطبقي بشكل مميت واستدخال مظاهر الحياة الاستهلاكية الراسمالية المؤلمة.
امر آخر ربما يجمع الديمقراطية الغربية بالديكتاتورية ألا وهو سرقة الثروات ومراكمتها. ولاعجب ان 35 % من الشعب الاميركي تحت خط الفقر اليوم ينهلون من نعيم الجنة الراسمالية. هناك ايضا الفساد الاداري وبذر اللغة العنصرية وتهميش الاقليات ثم، طبعا، فبركة الحروب من اجل تأمين سوق لتصريف السلاح وتأمين الموارد الاولية بطريقة البلطجة و السرقة. الواقع ان حروب الغرب هي باسم حقوق الانسان دائما، هي حروب انسانية تحمي المدنيين وتبعد الطغاة !! اما حروبنا فهي حروب الطغاة العرب الشخصية.
رابعا: يعتقد العربي خطأ ان الغرب الراسمالي هو غرب علماني برع على كل الاصعدة في فصل الدين عن الدولة ولهذا فانه يمثل نموذج المجتمع المؤسساتي المدني. هنا اقول ان السياسة الغربية المعاصرة لا تفصل ابدا بين الدين و الدولة على عكس ما يقال وما هو ظاهر. عندما تستطيع فعليا دولنا العربية ان تفصل بين الدين والدولة تكون قد تجاوزت بكثير سقف الرغبات الغربية الراسمالية لانها لا تريدهم ان يفصلوا بين الاثنين بالمطلق وذلك لكي يبقى وقود اشعال الحروب حاضرا بالنسبة للغرب.
إن العلمانية في الغرب غير متحققة كنظام سياسي فعلي. ولم يحصل مرة ان كان الغرب الراسمالي مدركا لكون الدين مجرد شكل من اشكال الوعي الاجتماعي وليس كما هم يرونه “نهجا متجانسا و ملتصقا بالنهج السياسي للدولة”. فاذا كان الدين هو طريقة في استيعاب الوقع تتبلور وتتعاظم و تضعف و تقوى تبعا لواقع الانسان الاقتصادي، فان الدين في المجتمع التناحري الطبقي انما يخضع لهذه القوى الاجتماعية العفوية التي تكرسها الانزياحات الاقتصادية و نتائجها المؤلمة على الانسان، فيبدأ بالانصياع الى قوى يعتقد انها اكبر منه تدير هذه الدنيا حوله. ولعل من اكبر مروجي هذا الاعتقاد هي الطبقة البرجوازية الحاكمة التي من صلب ايديولجيتها ان يكون هناك هيمنة دينية على الشعب بالمعنى الاكثر خرافية للكلمة.
أعود الى علمانية الغرب لاقول أن الحياة السياسية لديهم انما تمتلىء بالتيارات والاحزاب الدينية اليهودية والمسيحية على السواء. ولاعطي مثال على ذلك اقول ان ملكة بريطانيا هي الراس الاعتباري المعنوي للكنيسية الانغليكانية، ناهيك عن دور هذه الكنيسة في مجلس اللوردات. إن حضور هذه الكنيسة إنما هو حضور عقائدي نهجوي يعطي لهذه الثقافة طابعها وابعادها. وهو حين يشكل الطابع الثقافي للبلد فانه حتما يقاوم ويحارب لكي يحافظ على هذا الطابع امام اي استدخال قيمي من اي دين آخر. واجبار اتباع الاديان الاخرى على التخلي عن شعاراتهم الدينية كلبس الحجاب اوالرموز الدينية يأتي تحديدا من هذا الباب العنصري الديني. واذا علمنا ان الاحزاب المسيحية الديمقراطية هي التي كسحت اوروبا الغربية بعد الحرب الثانية وإن هذه الاحزاب مستمدة تماما من التعاليم الدينية الكاثوليكية، ندرك أن هذا التحالف مع الدين لطالما كان يضفي طابقا قدسيا على النظام الاقطاعي و لطالما ناضلت الفلسفة والعلم لابعاد السياسة عن هيمنة اللاهوت الذي لم يكن يتمتع بتقدمية قادرة على النهوض بالشعب كله.
لا يحتوي كلامي على اي بعد تمييزي تجاه اي دين او فكر او عقيدة وانما هو محاولة لتوضيح ما يحاول الغرب الراسمالي استدخاله الى بلادنا بينما هو مفقود كلية لديهم. كما انني لا ارمي على الاطلاق الى دفع الشعوب العربية للتخلي عن ثوراتها او الاصلاحات وانما العكس تماما ولكن دائما انطلاقا من خلفياتنا و اداوت انتاجنا المحلية و كنتاج لتطور عقائدنا وحاجاتنا.
فيلسوف الغبرة
الحقيقة، إننا كشعوب عربية بحاجة ماسة لكي نعي ما يجب علينا استدخاله الى حالتنا الثقافية والسياسية من بين هذا الرش العشوائي للمناهج التي يمارسها الغرب الراسمالي علينا. تُرى هل يملك عمرو موسى رئيس الجامعة العربية، ولا اقول الشعب، هذا الفهم لما يحصل؟ لقد قال حلف الناتو انه لن يوافق على ضرب ليبيا الا اذا اخذ الضوء الاخضر من الجامعة العربية. ولقد اعطى عمر موسى هذا الضوء الاخصر بالنيابة عن العرب لضرب ليبيا مع انه لم يوافق على هذه العملية كل العرب (صوت فقط 9 اعضاء من اصل 22) وكان هناك حراك مهول من وراء الكواليس بمساعدة السعودية وعمر موسى لكي يؤمن العدد المناسب من اجل الموافقة. ربما كان الرجل يغازل اميركا من اجل منحة منصب الرئاسة في مصر. ولكن،هل يحكم مصر رجلا أمر للتو بضرب بلد عربي شقيق؟؟؟ هل هو الرجل المناسب الذي يتولى قيادة الثورة الشعبية؟؟؟ هل يثق الشعب برجل كلف غزله لاميركا مجازر بشرية؟؟؟ لو قالت الجامعة العربية لا لضرب ليبيا وتمسكت بهذه اللا وبصوت عالي، ألم يكن افضل من المساومة واللعب على الحبال والتآمر على ابناء الامة من وراء الكواليس وبشكل مفضوح؟؟ الى متى سوف نعرف ان ما يحدث في بلادنا ليس سببه قصور الاصلاح – وانا لا ادافع عن هذا القصور ولا بشكل من الاشكال – وانما لان هناك من يريد ان يرى هذه الامة مثل “متخلف عقلي يجوب الشوارع” بكل ما للكلمة من معنى، حينها قد لا يسهل فقط ضربه بالحجارة وملاحقته كما يفعل الاطفال في شوراع مدننا البائسة عندما يتعثرون بواحد، وانما قتله ناجسا من دون ان يشعر المجتمع الدولي انه خسر شيئا ما يذكر. الدول المتخلفة عقليا لا تنفع بشيىء. انها عالة على البشرية وهي ليست جديرة بمواردها الطبيعية بل انها تسيء استخدامها. أليس هذا لب الفكر التنافسي الاخرق ؛ البقاء للأقوى؟
حين يقتتل الشعبين المصري والتونسي في مباراة ودية فأقل شيىء يمكن قوله أن الاصلاح الاقتصادي و الاداري والسياسي وحده لا يكفي وإننا امام فراغ فكري منهجي قاتل. كيف يحصل هذا ممن قال انه يملك عقلا ثوريا اصلاحيا؟ واذا، ما نحتاج اليه ليس ديمقراطية مستوردة او ليبرالية مستنسخة وانما الى اعادة نظر في بنية وعينا وارواحنا وعقولنا التي اهيل عليها احقاب طويلة من تراب التعسف والالغاء والمنع من التفكير والبحث عن الحقيقة.
لقد بين الحراك الشعبي العربي مؤخرا ان الغالبية العظمى انما تملك وعيا كبيرا لما يحدث، ومثال على ذلك مؤخرا الوعي الشعبي الاستثنائي في سوريا الذي اطفأ الفتنة الطائفية في مهدها وأدرك دهاليز المؤامرة. لكن هذا لم يمنعه في نفس الوقت من المطالبة بالاصلاحات التي يحتاجها والتي تدعم مسيرة هذا الوعي ولا تقمعه او تقتله، ولم يتنازل عن المعارضة السلمية الاصلاحية المشروعة واللازمة في مسيرة التحول الديمقراطي الهادف والتي تريد البناء وليس التخريب بينما عينه تتحرك مثل رادار لا يكل ولا يمل فلا تحاك مؤامرات جديدة ضد الوطن.
لقد كان مؤلما ان تطلب بعض افراد المعارضة السورية تدخل الناتو من اجل ضرب سورية. وهل من خيانة أكبر من تسليم الوطن هدية للغازي والمحتل الاجنبي؟ نعم، لهذه الدرجة وصلت حالة العماء لدى البعض مما فتنتهم الشعارات الاحتفالية التي يلتحفون بها ليل نهار حتى انه لو لب منهم الغرب اللحاق به الى وكر دبابير لما ترددوا. لكن الكلمة الاخيرة كانت للشعب: “اتركونا بمفردنا نعيد ترتيب بيتنا الداخلي انطلاقا مما نريد وما نحتاج اليه نحن كشعب…لسنا بحاجة لاحد لكي يقول لنا ما يجب علينا فعله في اوطاننا وفي حياتنا. ان تجربتنا خاصة وادواتنا خاصة ولا ينفع معها ادوات الغير ولا حتى رأيه او نهجه وإننا لمصلحون وقادرون على الاصلاح السريع و الحاسم.”
:::::
موقع الكاتبة: