ألإحتلال الديموقراطي

ألإحتلال الديموقراطي

أحمد حسين

تحقق أمريكا كل يوم خطوة إلى الأمام، في مشروعها على الساحة العربية. فقد أثبت العرب عموما شغفا بالغا بالديموقراطية، باعتبار أن الديموقراطية كائن تحرري بطبيعته مثل الماء. فالديموقراطية هي ما كان يسمى سابقا الحرية النسبية، التي كانت ترتعد منها فرائص الإستبداد والطغاة ولصوص المال والعقارات في كل بلد ديموقراطي. وانحياز أمريكا إلى الديموقراطية في العالم العربي، كان حدثا معنويا كاسح التأثير على الجماهير العربية، جعلها تتمنى لو فعلت أمريكا ذلك مبكرا. وسبب النجاح الأمريكي في استقطاب الجماهير العربية حول تحولها الديموقراطي يعود إلى سلة مليئة من الأسباب. ولكن أهمها أن الديموقراطية تتعارض تلقائيا مع الإمبريالية، ولا تتعارض مع الإسلام. وهذه ميزة لها وزنها لدى الهجريين. فالمهم أن تتحول أمريكا من دولة إمبريالية إلى دولة ديموقراطية، وأن تكون كل بنود التحرر شرعية بالكامل. والشرعية عند الهجري هي الديموقراطية. فالإسلام يشرِّع للكسب الحلال بدون استثناءات أو حدود، ويحيل بالفقر والغنى على الإقتصاد الإلهي. فدورة رأسالمال الإسلامي، تقوم على الدولة بين الفقراء والأغنياء. من عاش فقيرا ربما عاش ابنه غنيا، والعكس بالعكس. وكل كسب في الإسلام حلال إذا أخرجت منه الزكاة. خذ من أموالهم صدقة تزكيهم. أي تحول الكسب الحرام إلى حلال، باعتبار أن الحد الأقصى الممكن للكسب الحرام، هو 2.5%. وعندما تؤخذ هذه النسبة من مال من له مال تجب فيه زكاة المال، يصبح كل مال حلالا. وهذه ديموقراطية نسبية تميز بها الإسلام، وطبقية شرعية لا غبار عليها. تصور حسرة الغني حينما يدفع جاره عشرة صاغ زكاة، ويدفع هو مئة جنيه كاملة. وتصور العدالة النسبية ( المطلق في الأخرة فقط ) حينما قصر الإسلام تملك النساء على أربعة معا للرجل الواحد، وساوى في ذلك بين الفقراء والأغنياء. وهذا كله متحقق في الديموقراطية الأمريكية. فقد كانت أمريكا حريصة على التعاقد أولا مع الإخوان، ثم مع غيرهم ممن تشاء من بعدهم فتربعت على قلوب العرب المسلمين، ولم تحتج في تحقيق إنجازها الديموقراطي سوى إلى باقة من الفضائيات، وطواقم محدودة من اللحى المعتبرة.

ويستأنف البعض على قصف أمريكا وحلفائها للدبابات العربية في ليبيا، ولكن هؤلاء القومجيين البؤساء، نسوا أن الله ( يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ). وأن أمريكا أعطت لثوار بنغازي عن طريق الأشقاء من آل ثاني،والأشقاء من آل سعود وغيرهم، من الأسلحة المتقدمة، أكثر مما دمرت للقذافي الإسراطيني. كما أن الأشقاء من آل طنطاوي أمدوا ثوار بنغازي بخبراء عسكريين ماهرين. ومسدسا محشوا لطنطاوي ليبيا، الأخ العقيد ( نسيت الإسم ). فماذا يريد أتباع أبي لهب وأبي جهل من أمريكا؟

ومن الأمور التي شدت قلوب الجماهير العربية إلى أمريكا، عاملان لهما أهميتهما، الأول أن أمريكا لا تعارض الحجاب ولا البرقع الملون ولا غطاء الرأس كما تفعل الدول المستهترة مثل فرنسا وألمانيا. على العكس من ذلك فقد طالبت بعض فضائياتها بتحجيب المذيعات لديها، ولكن المشرفين على القناة أقنعوهم أنهم سيخسرون نصف المشاهدين وثلاثة أرباع المفكرين الذين يظهرون على شاستها. وأخيرا توصلت معهم إلى حل وسط وهو ألا تظهر المذيعات زينتهن إلا لبعولتهن، وإذا لم تكن ذات بعل فلتتعفف إلى حين. أليس هذا يكاد يكون انحيازا إلى الإرهاب الإسلامي؟! فماذا يريد القوميون اتباع هند ابنة عتبة من الجماهير المسلمة؟ ثم لماذا يرفض الهجريون الوصاية والإحتلال الأمريكي؟ أليسوا أفضل من أوروبا أو الصين أو الهند أو إسرائيل؟ ألم يحكمهم المماليك دهورا بخير ما يحكم به العبدالمسلم سيده المسلم؟ ماذا يفعل العرب ليتحرروا غير أن يتقومنوا فيعودوا إلى الجاهلية ن يرجعوا إلى الجاهلية أن؟ لا يا سادة! كافور أبو المسك، وعماد الدين زنكي، وبيبرس وحتى بوش الذمي أفضل من يزيد رامي القرآن بالسهام.

الأمر وجهة نظر. أو رأي ورأي آخر. هذه هي الديموقراطية والتحرر والنهضة والتنمية والسيادة. القذافي قوماني، وعلي عبد الله الثمودي قومجي وبشار الأسد قومي، وقطر دولة إخوانية عميلة لأمريكا، فمن هو الأفضل لنا دولة نفطية مستورة وذات بعل مثل قطر، أو دولة عزباء تتحرى الصدقات من العابرين؟

ألأرض لله يورثها من يشاء! وإذا كان الله قد منعك شيئا، فلو اجتمعت الإنس والجن على أن يهبوه لك ما استطاعوا، وضع عكسه وفكر! هل يستطيع الإنس والجن أن يغيروا ما كتبه الله للثورة المصرية أو التونسية؟ هل يستطيع الإنس والجن أن يحرروا فاسطين وقد كتبها الله رسميا وبالتوثيق الذي لا يرد لليهود إلى أبد الدهر؟ ما لكم عليكم البهلة يا مخاريق القومية! أبعد هذا تحاولون مأ منع الله وتستنكفون عما أعطى. خذوا ما قدر واتركوا ما لم يقدر لمن يريد من أهل الكفر والعلمنة. من لم ينتفع بكلامي استهتارا بشخصي الضعيف فليسأل غيري من قساوسة الفقه الإسلامي الأجلاء. لبقرأ كتاب ” تحفة المسوخ في رفض الرضوخ للشيوخ ” من وضع سلة العلم وقصعة المعرفة الشيخ العلامة ” بطن العجل “، اللدنّي الوحيد الذي يجوز له أن يقسم على ما يعرف في السياسة. أو الشيخ الغنوشي حامل أغراض ملكة بريطانيا الشخصية، أو نقيب المصلين لأمريكا في مصر، العلماني المتفرنج عبد البديع. أو أبا عبد الله السفاح، خليفة المسلمِّين على البغل في الجزائر. ومن لم يعجبه هذا ولا ذاك، فليسأل ولي نعمتهم وراعيهم وكبيرهم الذي علمهم الولاء لله ولأمريكا، حمد بن جبر آل بوش، صديق وشريك الكاردينال عمرو كلينتون، سائس إسطبل الجامعة الأمريكية في القاهرة.

أختم. من يهد الله فهو المهتد، وما بنا من نعمة العقل والثورة والتحرر فمن عنده، وما بنا من شر وتخلف وتبعية وخور عقلي وفكري وسياسي فمن أنفسنا. أي من قناة الجزيرة، وعزمي بشارة، والقساوسة، والبوشيين. أدعو معي لهم:

أللهم زد كل واحد منهم يدا ورجلا وعينا وقرنا وعورتين، ليخدموا شر خلقك بشر جوارحهم. اللهم أعطهم كل ما يريدون واحرمهم منه. يسر لهم طريقهم ما عدا خطوة الوصول. أعل مناصبهم بالذل، ولا تشبع لهم جوعا إن أكلوا، ولا ترو لهم ظمأ إذا شربوا. جد عليهم بما لا نعرف من الضر فقد نكلوا بنا، وبددوا شملنا واستقووا على ظلمهم لنا بك، تعاليت عن تجديفهم وزعمهم وكفرهم بك. إسلامهم ليس إسلامك ودينهم ليس دينك، ولست استعديك عليهم في حق لك، وأستعديك عليهم في حق لنا، فنحن خلقك وليس خلقهم هم. اللهم اغفر لنا جهالة القول بين يديك إذا شئت، فقد بلغ بنا البؤس منهم مداه، ولا حول لي بهم، فأحيلهم على عدلك ولا أزيد.