لماذا يهدد الغرب سوريا وينتحب ؟
العميد امين حطيط
عندما اجتمعت الجامعة العربية في جلسة انتجت اسوأ موقف في تاريخها صفقت اميركا والغرب كله للقرار المتخذ و القاضي بالتوجه الى مجلس الامن لفرض حظر جوي على ليبيا ـ قرار تلقفه الحلف الاطلسي بعد صدور القرار 1973 وانطلق الى ليبيا بحجة حماية المدنيين في مهمة عسكرية تنفذ حنى الان بالتدخل الناري (دون النزول الى الارض)، وقد ذهب ضحية هذه التدخل لتاريخه بنار الحلف الاطلسي 200 مدنيا استهدفوا عن قصد او بمعرض قصف قوات للقذافي، تدخل اوصل ليبيا الى واقع اقل ما يقال فيه الانهاك بالقتل والتدمير و فقدان اهلها التحكم بمسار الامور حيث باتت السيطرة بيد الاطلسي.
واقع شجع الغرب على احياء خططه المزمنة ضد سوريا عبر التسلل الى الحركة المطلبية والاصلاحية، فاقام منظومة دولية للاطاحة بالقلعة السورية الممانعة على الطريقة الليبية، وتحويلها الى قاعدة لتنفيذ المشروع الغربي الالغائي للحقوق و السيادة الوطنية، وظن الغرب بانه قادر بما خصص من مال واعلام وتوظيف لرجال الدين واعداد للجماعات التخريبية ظن ان بامكانه عبر كل ذلك اسقاط سوريا من الداخل او انتاج بيئة تتيح له التحرك الامن في الاروقة الدولية لاستصدار قرارات على شالكة القرار 1559 او المحكمة الخاصة بلبنان او اسلوب التدخل في دارفور، او اي وجه من وجوه التدخل الدولي المزعوم بانه انساني، من اجل التخلص من الصخرة التي شكلت حصنا منع نجاح الحروب والخطط الهادفة لتصفية القضية الفلسطنية وهدر الحقوق القومية عبر احتضانها للمقاومات العربية واقامة جبهة المقاومة والممانعة معها ومع ايران .
لكن الغرب صدم بنتائجه هجومه، حيث تبدى جليا وعي الشعب السوري عميقاً، فلم تستطع كل فضائيات الاجرام الاعلامي ان تحرك اكثر من 3% من هذا الشعب، وفوجئ بانفتاح الحكم السوري واستعداده للحوار مع شعبه والمسارعة للاستجابة للمطالب الاصلاحية الممكنة لصالح الوطن من غير املاء من احد، وفوجئ يتماسك الجيش و القوات المسلحة و قوتهما واستعدادهما للدفاع عن الوطن مع صم الاذان امام الاصوات الطائفية والتفتيتية، وفوجئ بانهيار جماعات التخريب المسلحة، وافتضاح الاعلام التحريضي، وبالخلاصة فوجئ الغرب بقدرة الدولة السورية في شعبها وسلطتها على النجاح في الاختبار وافشال االخطة العدوانية التي تستهدفها.
ولان الغرب يملك دائما السلاح الاحتياطي :”القرارات الدولية” التي يتخذها وسيلة لثبيت نجاح ميداني بعد تضخيمه او تعويض فشل ميداني وتجاوزه فانه بعد الفشل في الميدان السوري يشهر هذا السلاح كورقة اخيرة متبقية بيده: فيهدد بالقرارات العقابية ضد سوريا و مسؤوليها. ولكن يتناسى او يتجاهل ان سوريا تعاملت مع عقوباته السابقة ولم تنحن، وتمسكت بسيادتها و لم تتراجع، و ان انها باليسير اليسير من اوراق القوة اجهضت خطة كونية لاسقاطها.
وهنا نسأل الغرب هل ينسى كيف تراجع عن الحصار وعزل سوريا و عاد اليها من غير دعوة؟ وهل نسى ان الموقع الاستراتيجي السوري وعلاقاتها الاقليمية تمنع عنها اي ضرر و خطر من اي قرار عقابي دولي، وهل يتوقع الغرب ان تهديد هذا المسؤول او ذاك في سوريا سيسقط الدولة؟
ان الغرب يهدد وينتحب ذارفا دموع التماسيح وهو يراقب الميان السوري، ويمني النفس بالقدرة على تحقيق اهداف الخطة من باب دبلوماسي دولي، وهو ان كان سيحصد الخيبة من المسعى الجديد (الموازين والعلاقات الدولية اراهنة تمنع النجاح الغربي) فان لفعله هذا فائدة لسوريا لانه يقدم الدليل القاطع على نجاحها في اسقاط المؤامرة ميدانيا، ومع استبعادنا للتدخل العسكري المباشر بكل وجوهه لاعتبارات يعرفها ذوو الشأن من استراتيجيين وعسكريين،تكون سوريا خرجت الان من دائرة الخطر وحققت انتصارا اخر في المواجهة مع اكتساب مناعة اضافية تلزم في حال التكرار.
:::::
جريدة الثورة السورية، بتاريخ 652011