المنتدى الثقافي العربي في رام لله المحتلة
ملخص ندوة “التجزئة في الوطن العربي “
عقدت في المنتدى الثقافي العربي ندوة كان عنوانها الرئيسي قراءة في مشاريع تجزئة الوطن
العربي أدارها د.زهير صباغ الذي قدّم للحديث عن أسباب وملابسات التجزئة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وأطماع المركز في الوطن العربي وأسباب استمرار هذا التدخل.
وتعرّض الأستاذ سميح حمودة في حديثه لمفاتيح الدور الإستعماري الغربي في الوطن العربي، حيث ركز على دينامية التفتيت الكامنة في الرأسمالية كتشكيلة، بمعنى قيامها حتى بتفتيت مجتمعاتها نفسها كي تبقى أيديولوجيا رأس المال متحكمة بالمجتمع في مجمله، وأشار إلى أن التخلف التقني هو من عوامل تأكيد وترسيخ التبعية إلى جانب دور القوة العسكرية في تعميق التبعية. كما أن نمط الحياة في العالم العربي (الحداثي الاستهلاكي) يساعد على إنجاح المشاريع الاستعمارية في تكريس التبعية. وأشار إلى قيام الغرب بالتفتيت الهوياتي ودفع الأقليات أو طوائف (أو حتى مناطق) لتبنّي هويات معينة في مشروع لفكّها عن البنى التجميعية والإندماجية، وخاصة في المجتمعات الإسلامية التي يعتبرها المتحدث تجميعية واندماجية بطبيعتها، كما أنها متصالحة مع التعدد العرقي والديني والثقافي… الخ. وأعطى مثالاً على ذلك أن الخلافة العثمانية كانت تجميعية في حكم الوطن العربي. فالرأسمالية حريصة على تحويل التنوع إلى هويات سياسية متنافرة وحتى متنازعة. وتناول مسألة تضاد الغرب مع الحضارة العربية الإسلامية من مدخل تناقضه مع فلسفة هذه الحضارة؛ فبقدر ما الحضارة العربية الإسلامية إندماجية تعددية ومتقبلة للآخر، فإن الحضارة الغربية، الرأسمالية الاستعمارية، تفتيتية تعمل على اختراق المجتمع وتحطيم البُنى التقليدية من أجل الربح الأقصى. وهذا يتطلّب خلق كيانات وظيفية (مثل إسرائيل) تخدم مشروع الهيمنة الرأسمالية الإمبريالية وخلق النخب الحاكمة (آل سعود؛ الهاشميون؛ أسرة مبارك...) التي تلعب دور الكومبرادور. كما أشار حمّودة إلى أن الحضارة العربية الإسلامية تشكّل خطراً بالنسبة للغرب على المستوى الفلسفي الحضاري (من حيث أنها تطرح نفسها بديلاً للحضارة الغربية التي تحمل فكراً إقصائياً وعنصرياً)، وعلى المستوى السياسي – الاقتصادي والاجتماعي.
النقاش:
أثارت المفاتيح التي عرضها حمودة نقاشاً ومداخلات وتعقيبات وأسئلة معمقة من قبل الحاضرين: هل كان الحكم العثماني للوطن العربي إسلامياً أم إستعماراً تركياً؟وهل عدم تفتيت الوطن العربي يقدم تفسيراً للتخلف الذي أصابه؟ ولكن هل حقا كان سلوك الإمبراطورية العثمانية إستعمارياً، أم أن هذا وكذلك التخلف تصح في مرحلة ما؟ هل يمكن التعميم بأن الغرب تفتيتي، أم أن المسألة خاضعة لشروط تاريخية وجغرافية أكثر مما هي سمة عامة ودائمة، وكيف يمكن للإمبراطوريات القديمة أن تكون تجميعية بينما الإمبراطوريات الرأسمالية الحديثة تفتيتية في الكامل؟ هل القومية نتاجٌ أوروبيٌّ في المطلق، أم أن الأمم والقوميات هي وجود وتطور ومسيرة تاريخية لا ترتدّ فقط إلى كونها توليدات مرحلة الرأسمالية بأصلها الغربي. هل ديدن الرأسمالية الغربية هو في تجزئة الهوية والجغرافيا وحسب، أم ان هذا مشوب بالحرص على مرونة السوق وحتى وحدانيته؟ هل الرأسمالية فردانية في المطلق، وماعلاقة هذا وخطورته على الوطن العربي والعالم الثالث؛ بمعنى أن التكفير بالسرديات الكبرى، الدين والاشتراكية والقومية…الخ هو جزء من التفتيتية الرأسمالية الغربية! ما الإختلاف بين المسيحية والإسلام من حيث الدولانية والتشريع والسلطة؟ هل الإختلاف في النص أم الإختلاف في المشروع السياسي، وهل المسيحية مشروعٌ سياسيٌّ يَنشُدُ الحُكم والدولة كالإسلام؟ هل أن تخلف الوطن العربي وعدم وحدته كذلك يتعلّقان بقابلية بنيوية مرتبطة بالخضوع للإستعمار ؟ما طبيعة العلاقة بين الإسلام والعرب، أم أن التفارق أو التناقض بينهما هو نتاج تعاطٍ مقود بالخضوع لهيمنة الفكر الغربي لقراءة التاريخ والتراث والدين بمنظور متخارج…الخ.
الحوار القادم
يوم السبت 14 أيار الجاري، يتحدث فيه أ. زياد الترتير عن مستقبل الدولة العبرية
هل الدولة العبرية ظاهرة تاريخية عابرة؟ عوامل الهدم والبناء والتغيرات الجيوسياسية في المشرق العربي. مصادر القوة والضعف الداخليةوالخارجية.
يدير النقاش/الحوار إحسان سالم (أبو عرب)