إن كنتم عرباً، لا تغفروا لي…

إن كنتم عرباً، لا تغفروا لي…لأنني فلسطيني

عادل سمارة

ملاحظة من “كنعان”:

تنشر “كنعان” ثلاثة مقالات عن د. عزمي بشارة (للاساتذة عادل سمارة ورفعت سيد أحمد وحس م يوسف) لاهيمتها البالغة. ويهمنا ان ننوه الى ان رئيس تحرير “كنعان” د. عادل سمارة كان قد اكتشف عزمي بشاره منذ اواسط تسعينات القرن الماضي وكتب في تحليل مواقفه العديد من المقالات. ويستطيع القارئ الكريم ان يطلع على بعض هذه المقالات في ملف على موقعنا الالكتروني غلى الرابط التالي:

http://kanaanonline.org/studies/?p=9

ويحتوي هذا الملف على:

1)

أ) مقابلة مع عزمي بشارة من عام 1996: الفلسطينيون في الكنيست الإسرائيلي، ترجمة وتعقيب رجاء زعبي عمري.

ب) مصالحة الإستعمار دون خروجه…تقاسم الوطن مع العدو: عزمي بشارة كحالة دراسية، د. عادل سمارة. (آب 2007)

الرابط:

https://kanaanonline.org/?p=3159

2) متابعات: رسائل القرّاء حول ما نشرناه عن د. عزمي بشارة

الرابط:

https://kanaanonline.org/?p=3164

3) عزمي بشارة المفكّر الأجوف

يحي أبوزكريا

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة التاسعة ـ العدد 1894)

الرابط:

https://kanaanonline.org/?p=1152

4) التطبيع معكوساً بشارة الى الكنيست على اكتفاف حزب الله عادل سمارة

23 تموز 2001

الرابط:

http://www.kanaanonline.org/articles/00002.pdf

5) إغواء الشباب للتطبيع تحت قشرة “نضالية”

د. عزمي بشارة في “رسالة” التطبيع

عادل سمارة

29 تشرين الاول (اكتوبر) 2010

الرابط:

https://kanaanonline.org/?p=4906

* * *

إن كنتم عرباً

لا تغفروا لي…لأنني فلسطيني

عادل سمارة

دار نقاش طويل فيما يخص د. عزمي بشارة قبل خروجه  الطوعي والآمن من الأرض المحتلة. وليس ما نورده هنا متعلقاً بأهمية الرجل من عدمها، بقدر ما هو من اجل التأسيس لعربي آخر ومختلف اي بقامة المقاومة المنتصرة عام 2000، و 2006 و 2008  و 15 ايار 2011.

لم تتنبه إلا قلة نادرة لجوهر أطروحات بشارة وخطورة تلك الأطروحات التي تم إخراجها بطريقة ماهرة لكنها لم تكن عصية على الفهم. قد يكون الراحل صالح برانسي والكاتب الشاعر أحمد حسين وعادل سمارة من أوائل من نبهوا من عزمي بشارة وخاصة انه من مدرسة إميل حبيبي المضادة للأمة العربية والقومية العربية تضاداً تناحرياً. وخاصة حين كان عزمي ينشر مقالات خبيثة باسم أبو الطاهر الجنابي.

هناك اكثر من سبب وراء ذلك الانبهار بالرجل:

فمن جهة هناك “قدسية” ما لعرب الأرض المحتلة ليس نابعاً من تقديسهم ولكن من هزيمة الكثير من العرب والفلسطينيين في الصراع العربي الصهيوني. وليست هذه إدانة أخلاقية لمن يقدِّسون وإنما تأشيراً على ضعفهم. فالمهزوم يبحث عن اي بطل حتى لو كان أقدر منه ب واحد في المليون.

وهناك فقر المعلومات عن الكيان مما أعطى الرجل سمعة فوق طاقته حينما كان يزور سوريا ولبنان، نعم فالفقير ثقافة ومعلوماتياً هو مهزوم كذلك إذا أخذ أية معلومات أو تحليل على علاتها. وحينها لم ينتبه الكثيرون في الخارج أن الرجل كان يلتقي المخابرات الصهيونية قبل السفر وبعده. ولم يتسائلوا:  إذا كان بطلا إلى هذا الحد لماذا لا يمنعه الكيان؟ لماذا لا يسائله!

وحينما أُشيع قبل خروجه بعامين أنه سيقدم للمحكمة لم يتسائل هؤلاء لماذا لم يُقدم؟ هل كانت له حصانة غير عادية؟

وهناك فقر العمق الفكري، فالكثير من المثقفين القوميين كانوا يفتقرون لثقافة قومية فجاء حديث بشارة عن القومية بالنسبة لهم كنزاً إضافياً لم يحلموا به، بل دليل تنوير، بالطبع دون أن يقرأوه جيداً لأنهم يفتقرون لآليات التحليل ولا لفهم مناسب لما يعتقدون به.

وهناك مسلمون من مختلف الإيديولوجيات، كانوا يقولون في داخلهم “لأنه مسيحي فيجب تزكية ما يقول” لأنهم لا يؤمنون أن لدى المسيحيين العرب انتماء قوميا وعروبياً. هكذا قالت مثقفة محلية ذات مرة عن مثقفة أخرى نصف عربية ونصف بيضاء: “يخلف عليها أنها تعتبر نفسها فلسطينية”؟ هذا الفهم المتخلف أخطر من التخلف نفسه.

أمام هذه النظرات الكسيحة والمكسوفة بل المهزومة تمكن بشارة من تسمية خروجه من الأرض المحتلة نفياً وصاروا يرددون ورائه ذلك. تمكنوا من تعمية انفسهم عن أمر واضح. تماماً كما أعموا أنفسهم عن عضوية الكنيست وتقديم /أداء بشارة قسم الولاء للدولة اليهودية[1].

في هذا المعرض نعتقد ان على هؤلاء أن يراجعوا عمق إيمانهم بقضية الأمة ومستقبلها.

بدات تتضح معالم الانتماء الصهيوني لدى بشارة منذ عام 1994، حينما قدم ورقة في مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان  ونشرتها صحيفة الحياة في لندن  وصحيفة الصنارة الصادرة في الناصرة المحتلة وعنوانها” شرعية تمثيل الفلسطينيين في انتخابات الحكم الذاتي” وقد كتبتُ ردا عليه نشره في مجلة كنعان العدد 59 كانون الأول لعام 1994 ص ص 28-32، بعنوان: ” المطلوب انتخابات سيادية لا سياسية: الديمقراطية السياسية بدون وطن شرك” كما نشرتها نفس صحيفة الحياة آنذاك[2]. وكان بشارة قد شارك في مؤتمر غرناطة للتطبيع 1993 إلى جانب شمعون بيرس ولفيف من المثقفين العرب المتلهفين على الاعتراف بالكيان.

لقراءة ما كُتب باكرا عن بشارة أنظر مجلة كنعان العدد 76 أيار 1996، مقالة عادل سمارة: محاورة انتقادية مع التجمع الوطي الديمقراطي في مناطق 1948 ص ص 28-34. وهذا الحزب الذي أسسه عزمي بشارة بعد أن استقطب معظم أعضاء حركة ابناء البلد ودخل الكنيست على ظهره. ورغم ذلك لم يغضب التنظيم الفلسطيني الكبير القريب من ابناء البلد وبقي يحتضن عزمي ويقدمه إلى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد!! والتنظيم والرئيس يعرفان ان الرجل عضو كنيست!!!

وقد أوردت في مقالتي عن هذا الحزب مقتطفاً بشارة: إنه حزب بلا إيديولوجيا، وينتقد تيار الحركة الإسلامية ودراوشه أنهم إيديولوجيون. ولكن مقرئي بشارة لم يتنبهوا أنه يزعم أنه قومي، فهل لا توجد إيديولوجيا قومية؟ أم أن التوابع لا يرون تناقضات مَنْ يبهرهم!

لعل أول تحليل موسع عن بشارة كان في الدراسة التي نشرت في كنعان العدد 85 نيسان 1997 ص ص 33-51 بعنوان: ثنائية القومية، والحكم الذاتي الثقافي ودولة لكل مواطنيها ـ مشاريع صهيونية.

في تلك الدراسة يقتطف سمارة من أقوال وكتابات بشارة عن مصادر عربية وعبرية وإنجليزية،  بأنه:

“لا يطالب بأرض في 48 بل بحكم ذاتي ثقافي، وبأن الصهيونية حركة تحرر وطني في ذهن مؤسسيها، ويؤيد دولة ثنائية القومية ودولة لكل مواطنيها وينادي باندماج فلسطينيي 1948 في الكيان ويرفض دولة ديمقراطية علمانية لأنها لا تأخذ بالاعتبار وجود امة يهودية هنا ذات ثقافة عبرية شكلت كيانها”.

وقد يكون من الطرافة بمكان أن رفض الدولة الديمقراطية العلمانية لدى بشارة متطابق تماماً مع رفض نوعام تشومسكي لأن الأخير يقول بأن الدولة المشتركة ستكون على حساب اليهود” أي ان اليهود سوف يُظلمون[3].


[1] إن الشعور بالذنب لدى كثير من العرب، نقصد ذنب عدم الانتصار وتحرير فلسطين هو الذي يدفعهم إلى غفران انهزامية كثير من الفلسطينيينن وهذا ما جعلهم يغضون الطرف عن خروج محمود درويش من فلسطين علماً بأن أهم ما يريده الكيان هو أن نرحل. ومعروف تاريخيا منذ جابوتنسكي أنه عرض دفع تكاليف الرحيل والتوطين للفلسطينيين! لقد غض كثيرون في الشام الطرف حتى عن فلسطينيين من 1948 عاشوا في الكيبوتسات وطبعوا كتابا لأحدهم!!! راجع الحلقة 2 من مقالات الاختراق في كنعان الإلكترونية 1 ايار 2011 رقم 2556. كنعان النشرة الألكترونية، العدد  2556، أول أيار (مايو) 2011.

[2] لا نلوم عربا خارج الأرض المحتلة إن لم يطلعوا على هذه الحقائق، فقد فوجئت كنعان عام 2009 أن اعضاء/ات في هيئة التحرير لم يقرأوا مواقف ونقاشات المجلة وغذا بهن/هم مطبعات/ين على خطى بشارة!

[3] أنظر ما كتبه تشومسكي في كتاب عادل سمارة: التطبيع يسري في دمك، منشورات دار أبعاد بيروت والمشرق العامل في رام الله ص ص 44-49، ومقالة عادل سمارة، ” الإرهاب الصهيوني:العنف والنفاق في الفلسفة والفكر السياسي والتنمية”  ص ص 153-183 في كتاب المؤتمر الخامس لجمعية إنعاش الأسرة  بعنوان العنف والعدوانية الصهيونية-الإسرائيلية مظاهرها، اسبابها جذورها، الصادرعام 2011.