رسالة

رسالة من الجولان المحتل

صادق احمد ألقضماني

الجولان السوري المحتل

سأبدأ باقتباس من مقاله قديمه قراءتها وما زلت معجب بمضمونها:

تعيش سوريا الأجواء ذاتها تقريبا التي أحاطت بالعراق قبيل غزوه مع فارق جوهري وهو ان قوى الاستعمار تبحث في بدائل سياسية تمكنها من قطف ” رأس النظام السوري” دون الاضطرار إلى إزالته كليا. واشنطن المتورطة في العراق، ليس بمقدورها تكرار ذات السيناريو في سوريا. (وقد تتمكن تل ابيب في النهاية من ” اقناع!” واشنطن بالسيناريو العسكري).

إدارة اوباما تأمل بـ ” معارضة سورية محلية ” على نمط ” الثورات الملونة ” المشتبه بتورط قياداتها بعلاقات مباشرة مع الاستخبارات الأمريكية وأجهزة أخرى. ومن غير المستبعد ان نرى قريبا ” تحركات شعبية! ” في مدن سورية ترفع من سقف مطالبها الإصلاحية ولهجتها السياسية بما يتناسب والأجواء الدولية التي على الأرجح سوف تجد لها لونا خاصا يلائمها ما بين البرتقالية(في أوكرانيا) والزهرية ( في جورجيا)..!

واشنطن التي قررت إخضاع دمشق إخضاعا تاماً لمتطلبات المشروع الصهيوني، تبحث ” بهمة ولكن بروية ” بين السوريين عن من يقوم بهذه ” المهمة!” وتأمل في ان تتمكن من تجير المزاج الشعبي المؤيد لمطلب الإصلاحات السياسية بما يخدم مشاريعها الاستعمارية التي تتعارض في جوهرها مع المشروع الديمقراطي العربي الذي طال انتظاره. وإذا لم ” تتحصن ” التيارات الديمقراطية في سوريا بالبعدين، القومي والمقاوم، فسوف تفشل في إيصال مشروعها إلى بر الأمان وفي تجنب ما تعده واشنطن لبلادنا.

ولعله من المفيد هنا إيراد مقطع من تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية (نشر في مجلة “رمال” –الكتاب الثالث 1999)، يكشف بعضا من ملامح ” تصدير الديمقراطيات ” علما انه اعد قبل ما يزيد على 50 عاما وكان موجها ضد الاتحاد السوفيتي…يقول التقرير: “… سنزج بكل ما نملك، بكل الذهب والجبروت المادي، لغسل عقول الناس. عقل البشر ووعيهم قابلان للتغيير(…) سوف نعمل على استبدال القيم ( الفعلية ) باخرى مزيفة ونرغمهم على ان يصدقوا بها(…) ولمحة اثر أخرى سوف تكتمل مشاهد تراجيديا كبرى من حيث أبعادها، تراجيديا الخنوع وضمور وعي شعب بذاته. سنطمس تدريجيا الأدب والفن وجوهرهما الاجتماعي(…)وفي إدارة الدولة سنخلق الفوضى والاضطراب. وبشكل غير ملحوظ ولكن نشيط، سوف نسعد على تفشي التغطرس والارادوية..أما النزاهة والأمانة فستكونان موضع سخرية ويتحولان إلى مخلفات من الماضي(…) سنعمل بمهارة ودون ان يلحظ ذلك احد على انتشار الصلافة والوقاحة والكذب والخداع (…) وانتشار الخيانة والعداء بين الشعوب(…) القلائل، قلائل جدا، سوف يحدسون أو يفهمون ماذا يجري. ولكن سنضع هؤلاء في وضع العاجزين ونجد أسلوبا للافتراء عليهم (…) وسيكون رهاننا الرئيسي متركزا على الشباب، وسنعمل على ان نجعلهم كسموبوليتيين(لا وطنيين)…. ألا يوجد في هذا التقرير ما ينطبق إلى حد كبير على واقع الحال؟!((

*** هذا ما قرأته قبل سنوات مضت وعلى ما يبدو ما زال صالحا لحد الآن,وهذا واقع الحال الذي ينطبق بالفعل لحد كبير على ما يمر به وطننا الغالي سوريا اليوم، فانا لست من الذين يؤمنون أن هذه الخطط لاستعماريه تسقط بالتقادم مع مرور الزمن بل مقتنع أن أدوات تنفيذها تحدثت وتجددت نتيجة الخبره الميدانيه التي مارسوها في العراق ولبنان وكثير من البلدان الأخرى.

في خطاب لسيد المقاومه اللبنانيه حسن نصرلله الذي تطرق فيه لكثير من الملفات الهامه ,قد أوضح السيد حسن والذي أثق برأيه الوطني المقاوم كما أثق بمصداقية ووطنية جيفارا الأرجنتيني، أوضح انه ينظر لأي نظام عربي من زاويتين:

))موقف النظام من النزاع العربي الإسرائيلي وهنا استعاد مواقف سوريا إلهامه من ألمقاومه أللبنانيه التي أنجزت تحرير أجزاء كبيره من لبنان عام 1985 وصولا إلى الانتصار عام 2000 مرورا على انتصار 2006 التاريخي بالإضافة لمنع تقسيم لبنان وانتشاله من الحرب الأهلية ألدمويه ,إذ شكر السيد هنا الشعب السوري الذي تحمل الكثير بسبب مواقف قيادته ألوطنيه والقومية.

ثانيا مدى قبول النظام السوري الإصلاح,إذ قال انه يعرف من خلال نقاشات كثيرة مع السيد الرئيس بشار الأسد إن النوايا لإحداث إصلاحات جذريه وليس فقط إصلاحات عابره وطالب شعبنا السوري الذي حمى ألمقاومه أن يحافظ على بلده ونظامه لان الإصلاح قادم…. ((

*** فإذا كانت الأحداث الأخيرة التي يشهدها قطرنا العربي السوري نابعة من حاجات الشارع للتغير والإصلاح وان الموجّه الوحيد والهدف المعلن هو بناء سوريا ديمقراطيه علمانيه فيها سيادة للقانون وممارسة الحياة السياسية بحريه وشفافية، هذا مطلب حق لا يختلف عليه اثنان لكن يجب أن يقابل بنفس روح المطالب من الشعب،هذا قد وعد به الرئيس وهو يبدو جادا..

من ناحيته شاعر العرب الأول شاعر ألمقاومه المناضل سميح القاسم كتب وتحت عنوان أخي بشار….. سأقتبس بعض من وجهة نظره:

)) إنني أيها الأخ العزيز,لست من أصحاب السكاكين المشحوذة بانتظار وقوع الجمل….. والى جانب القلق المشروع من تحويل المطالب المحقه إلى صراع ديني ومذهبي ,فأنني أعلن قناعتي بأنك رجل عروبي وتقدمي وحضاري وإصلاحي….((

فإذا كان هذا الشاعر المناضل الحساس الرافض لأي ظلم كان وأينما كان,وهو نصير العدل والحق لا يشكك بإمكانية الإصلاح ويثق برأس الهرم في بلدنا سوريا و بالتأكيد هو يتابع ويحلل مايراه ويسمعه من أخبار تبثها الفضائيات.

فأين دورنا نحن المواطنين العرب السوريين من هذه الثقة والتعبير عنها بسلوك يخدم مشروع الإصلاح الذي يتبناه السيد الرئيس بشار الأسد.

أعتبر نفسي من مناصرين الرأي والرأي الأخر ولا اعتبر المعارضه بالمجمل صنيعة قوى الخارج ولكن لا بد من تفنيد أشكال المعارضة التي نراها تنشط في بيئتنا العربية وخاصة قطرنا العربي السوري.

إذ بات واضحا وبدون لبس فيه أن هناك معارضه تدّعي النشاط باسم مؤسسات حقوقيه وهي مرتبطة كليا بالمشروع الغربي تخدم مصالحه وتسعى لنتائج ميدانيه تحقق بها رغبته, كان الغرب قد عجز عن انجازها بشكل مباشر.. وهنا لن ننسى أبدا بوش الابن عندما وصف سوريا بإحدى دول محور الشر لأنها رفضت الانصياع للمشروع الغربي ودعا لإسقاط النظام السوري بأي شكل،هذه ألمعارضه يجب العمل وبأمانه وبمسؤولية عاليه على استئصالها و تعريتها ومحاربتها بكافة الأشكال.

هذه معارضه انتهازيه تشم رائحة الضحية من بعيد، ونراها تتوحد لنهش جسد الفريسه وتتصارع لنيل الأفضل منها.”لن ننسى ذلك المشهد للمعارضة العراقيه الرخيصة الانتهازيه التي رقصت على تمثال الرئيس صدام حسين بعد إسقاطه من قبل القوات الأمريكية المحتله إحتفالاً بالنصر،ومن ثمَّ عاثوا فسادا وقتلا وتدميرا، وكانوا فاسدين سياسياً وأخلاقياً ووطنياً، إذ كان ثمن رقصهم مناصب حساسة تخدم مشاريع الغرب المباشره”.

فكما قال الشاعر القاسم ” هناك من شحذ سكاكينه بانتظار وقوع الجمل لنهش لحمه”,هذه الأصوات المعارضه تبني موقفها من خلال مصالحها الضيقه والتي تطمح لدور سلطوي داخل أي نظام حاكم , إذ أكاد أجزم بأنَّ البوصلة لديهم ذاتية وأنانية يحاولون اخفائها بشعارات رنانة ملمعة للوصول لمآربهم، لكن خسؤا..

وهنالك معارضه وطنيه حقيقية لها وجودها وتملك من المصداقية الوطنيه سلوكا لا يسمح لنا إلا احترامها والوثوق بمنطلقاتها إذ تبني موقفها وسلوكها من خلال مجمل معطيات الظرف الراهن وتقرر استراتيجياتها على أساس فهم شامل لا تلغي فيه المضمون في القائم لهذا النظام الوطني والقومي، ولها مطالبها الذي اقر سيادة الرئيس باحقيتها وأهميتها، وتسعى من خلال حوار شفاف للوصول لمتطلباتها وهي تقول: ليس بالخبز وحده يحيىا الإنسان بل وفرة الخبز لا تجلب الكرامه الوطنيه والقومية إذ تقول “من يعدني أن تصبح دمشق كدبي (من برا رخام ومن جوا سخام) ومن يعدني أنا وأمثالي من الفقراء بالموت على طريقة دبي وماليزيا لن أكون معه”.

فهي تسعى بل تعمل جادة وبمسؤولية وطنيه باتجاهين اثنين محاربة المؤامرة وتجتهد لوأد الفتنه وعودة الاستقرار وتستبسل في الدفاع عن المطلب الحق في الإصلاح لكافة مناحي الحياة التي تمس المواطن…. فمن يصر ويناضل لثبات الموقف الوطني القومي ويقدر موقف النظام ضد مشاريع الغرب لهي معارضه تستحق الاحترام والتقدير حتى وان كنا بجهتين منفصلتين 0

سأعود للاقتباس من مقاله عبرت عن وجهة نظري…

))إن مهمة التصدي ومقاومة المخطط الأمريكي في سوريا يجب أن تكون في مقدمة أولويات المطالبين بالديمقراطية والإصلاحات ألسياسيه وفقط الربط بصوره واضحة وجليه بين المطالب ألديمقراطيه ورفض المشاريع ألامبرياليه ورفع هذا الربط شعارا رئيسيا لا يقبل اي التباس هو السبيل الوحيد أمام هؤلاء الديمقراطيين حتى ينأوا بأنفسهم عن تهمة الخيانة ومن أن يتحول “مطلبهم الديمقراطي إلى مطية انجازه الوحيد سيكون صلح ذليل مع ألدوله ألصهيونيه على حساب حقوق المواطن السوري في استعادة الجولان المحتل كاملا.((

إنني ومن خلال رؤيتي وقناعاتي التي تشكلت من خلال قرءاتي لمجمل الأحداث في بلادنا العربية بالعقد المنصرم ومن خلال إيماني بأننا أمة واحدة وانا من الذين ينادون بالوحدة العربية وضرورة انجاز المشروع القومي الذي سينهض بأمتنا العربية ويقودها لعصر ذهبي ثاني ,أطالب أبناء بلدي أينما وجدوا بالالتفاف حول القيادة الوطنيه القوميه في سوريا الوطن، سوريا الكرامه ولنقف معاً بإصرار وبحزم لمساندة رئيسنا الحر بمشروعه الإصلاحي ولنعتبر أن لكل فرد فينا مهمة ممارسة السلوك الجدي والحقيقي الذي يساهم ببلورة وترميم الثقة بمشروع الإصلاح الذي أصبح حقيقة واضحة لا لبس فيه واني على قناعه تامة أن مشروع الإصلاح الداخلي في وطننا سوريا هو بوصلة القياده السياسيه لتجاوز الأزمه والخروج بسوريا قويه متماسكة موحده اتجاه المشروع القومي الأول,تحرير فلسطين والأراضي العربية المحتله، ولنخطو خطوه إلى الأمام موحدين لبناء سوريا حديثه ديمقراطيه ولكن على ذات الأساس الوطني القومي القائم.