مقاربة اولية

مقاربة اولية للسياسة الخارجية الامريكية في عهد ادارة باراك اوباما *

الحالة الفلسطينية

د. نورالدين عواد

الولايات المتحدة الامريكية (امريكا)، منذ نشوئها وتوسعها وتطورها وصولا الى قوة عظمى، وحاليا القوة العظمى الوحيدة في العالم، لا زالت تحرص على بناء قوة عسكرية متنامية كما ونوعا، تضاف الى قوتها الاقتصادية، ونظامها القيمي النابع من النظام الراسمالي العالمي الذي يدافع عنه، ونفوذها السياسي في السواد الاعظم من الكرة الارضية، ما انفكت تلجا، باضطراد، الى استعمال القوة في علاقاتها الدولية. بغض الطرف عن حزب سلطان الدولة[1]، الديموقراطي والجمهوري سواء بسواء، تقوم الادارة التناوبية بالدفاع عن المصالح القومية، التي تشكل في الجوهر، مصالح الاوليغارشية المسيطرة والحاكمة. اعتقد انه كلما انخفضت القوة الاقتصادية الامريكية وبهت نفوذها السياسي، وفقد نظامها القيمي مصداقيته، ازداد الخطر الحقيقي لقوتها العسكرية، ليس على القوى الكبرى التي تمتلك قدرات عسكرية استراتيجية متناسبة او متكافئة معها، بل على بقية دول العالم، مهما كان عرقها او دينها او عنصرها او حجمها.

يكفي ان تعتقد امريكا ان بلدا ما، يعرقل مخططاتها الجيوسياسية او الجيوستراتيجية او يمتلك موردا ماديا هاما وضروريا بالنسبة لاقتصادها الاستهلاكي، حتى تبدا ادارتها بتسيير آلة حربها النفسية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية…الخ التي تتتوج بالحرب العسكرية العدوانية او الغزو او الاحتلال لذلك البلد، دون ان يهمّها في شيء عدد الكائنات البشرية التي يمكن ان تلقى حتفها في الصراع.

ان دولة (امريكا)  التي قامت على رفات 112 مليون فرد من السكان الاصلانيين الذين ابادتهم في شمال القارة الامريكية، لن تقلق كثيرا او قليلا لإفناء اية كمية من الاشخاص في اي مكان من العالم، اذا ما وقعت ضحية او ضررا ثانويا لتحقيق مصالحها القومية او الحيوية. وبالتالي، كما اقلقني السلوك العسكري للسياسة الخارجية التي انتهجتها ادارة جورج بوش الابن، يقلقني الان السلوك العسكري للسياسة الخارجية التي ينتهجها الرئيس الجديد باراك اوباما، في ظل ازمة بنيوية وعضوية تهزّ الاقتصاد الامريكي، وارتداداتها في مختلف بلدان المركز ووسط المركز ومحيط النظام الراسمالي العالمي.

نظريا وعمليا، الديبلوماسية لا تستبعد استعمال القوة العسكرية الوحشية. ان تغليب القوة الناعمة soft power في لحظة محددة من السياسة الخارجية الامريكية، لا يعني تلقائيا استبعاد القوة الخشنة hard power . من وجهة نظرها، الوسيلة ليست مهمة اذا ما تحققت الغاية؛ ميكيافيلية بحتة تسم السياسة الخارجية الامريكية. ” سيحاول الديمقراطيون اعادة السياسة الخارجية الامريكية الى مشاريع العولمة الليبرالية الجديدة ( مناطق تجارة حرة وما شابهها) التي اكتسبت زخما خلال عهد ادارة بيل كلينتون، لكنها جذمت على يد ادارة بوش الابن، بسبب استعمال العولمة العسكرية ـ الامنية”[2]. امريكا تمتلك اسلحة حديثة جدا، فالقنبلة النيترونية على سبيل المثال، تفني الكائنات الحيّة وتبقي على الموارد المادية (الجمادات) على حالها: انها وسيلة ناجعة في اي تطهير عرقي جماعي،قد تضطلع به الامبريالية.

بصدد الانتقال الرئاسي من جورج بوش الابن (الانغلوساكسوني) الى باراك اوباما (الافريقي الاسود): تغير في اللهجة واستمرارية السياسة الخارجية الامريكية.

” تكلم برفق واحمل عصا غليظة؛ فانك ستصل بعيدا”

ثيودور روزفلت (رئيس امريكي 1901 ـ 1909)

ان انتخاب السيناتور الافروامريكي باراك اوباما، رئيسا لامريكا للفترة 2009 ـ 2013، لا زال يستحثّ تحليلات وتقييمات مثيرة للجدل، بخصوص الدور الذي قد يضطلع به شخصه الوجيه (الكاريزمي) في السياسة الخارجية للدولة. ناهيك عن ان قرار لجنة نوبل بمنحه جائزتها للسلام، قد اثار ردود فعل اكثرية غير مؤاتية لاوباما، اذ انه لم يفعل اي شيء لاستحقاق تلك الجائزة. لقد تمّ التشكيك بموعظته حول التغيير، وسلوكه الحقيقي الذي يتنافى مع برنامجه الانتخابي، مما سيعرضه حتما لعملية استنزاف وتشهير سياسي داخل وخارج امريكا.

المصالح الطبقية للرئيس الامريكي وادارته هي نفس مصالح الاوليغارشية الامريكية (مصالح الزمرة الحاكمة) الموزعة على مختلف القطاعات الاقتصادية: المجمع العسكري ـ الصناعي، الطاقة، عالم المال، صناعة الادوية، العقارات، وسائل الاعلام الجماهيري…الخ. السياسة الخارجية للادارة، التي تسعى في سبيل تامين وحماية المصالح القومية للاوليغارشية ـ التي تمر حاليا بصيروة توسعية من خلال العولمة الليبرالية الجديدة، مفضية الى نوع ما من الاوليغارشية عابرة الاوطان  ومتعددة الجنسيات ـ تخضع لايديولوجية متناغمة مع تلك المصالح.

ان قيام ادارة جورج بوش الابن، بإرجاع ايديولوجيته وسياسته في الشرق الاوسط الى معتقدات ومفاهيم دينية، لا يلغي التقدير السابق بل يؤكده. اذ “يؤمن المحافظون الجدد بإرث مسيحي ـ يهودي Judeo-Christian heritage ، ترجموه الى حرب ضد العالم العربي ـ الاسلامي، وفقا لنظريتهم القائلة بـ “صدام الحضارات”[3]، وللمفاهيم الشتراوسية الفاشية التي تحلّل (تبيح) ابادة الضعفاء على يد الاقوياء، واستخدام الدّين كاداة سيطرة على الشعوب دون استثناء، من اجل خوض معركة هارمجيدون Armagedón، بالصدفة في فلسطين، كمقدمة لا يمكن ان يوجد دونها، “مشروع القرن الامريكي الجديدط ولا “نهاية التاريخ” ولا “يوم القيامة”.

باراك اوباما: وقائع وآمال

على الرغم من ان المؤرخ الملحمي ستودس تيركل Studs Terkel كان قد حكم وقضى بان “الامريكيين لا توجد لديهم ذاكرة للماضي”[4]، الا انه توجد آمال كثيرة داخل وخارج امريكا، ازاء امكانيات اجتراح تغييرات في السياسة الداخلية والخارجية على يد ادارة باراك اوباما، حكما عليه، من خلال لهجته وفذلكته والكاريزما ومناقب اخرى يتمتع بها كقائد لامريكا، لكن الحقيقة، من وجهة نظري، جاءت قبل قرن ونصف قرن من الزمان على لسان خطيب افروامريكي شهير وهو فريديريك دوغلاس Frederick Douglass ، كان عبدا مشردا وقائدا لانصار الغاء العبودية، عندما قال: “ان لم يوجد كفاح فلن يوجد تقدم (…) السلطان لا يهب شيئا ان لم نلحّ عليه بالطلب. فهو لم يفعل ذلك قطّ، ولن يفعله ابد”[5].

في غابر الزمان، كان الامبراطور يستطيع تغيير الامبراطورية وتحويل مسارها التاريخي. في العصر الراهن، من شبه المستحيل التفكير بان قائدا في النظام الامبريالي يمكنه تغيير امريكا نوعيا. بهذا الخصوص لا يسعني الا التاكيد على ان “باراك اوباما، وهو السيناتور الافروامريكي الوحيد في مجلس الشيوخ منذ عام 2004، والثالث منذ تاسيس امريكا (1776)، ليس الا مرشّح الطبقة الحاكمة من اجل انقاذ النظام الامريكي من ازمة متشابكة الابعاد الداخلية والخارجية. اوباما مشروع لتعزيز الجبهة الداخلية في ظل الازمة الاقتصادية العالمية؛ ومشروع استعادة الثقة الشعبية في النظام (…) من 50% الى 66% ارتفعت نسبة المشاركين في الانتخابات، مما كرّس شرعية النظام الامريكي في اوج الازمة (…) اوباما هو اعادة انتاج الحلم الامريكي (…) وممثل الامبريالية التي تسحق شعوب الارض”[6].

ارى ان طبيعة النظام السياسي الامريكي، وقواه الداخلية، وتضافر مصالح مختلف المجموعات واللاعبين الداخليين، وعوامل اخرى، تجعل من المستحيل اجتراح التغيير الذي يبشّر به اوباما. “تحكم امريكا مؤسسة establishment تمثل مصالح حوالي 100 عائلة من الانغلوساكسونيين واليهود المهيمنين على كارتيلات الصناعة، وبورصات القيم في امريكا والشركات عابرة الاوطان الكبيرة (عائلات روكيفيلر، مورغان، كارنيغي..الخ) تدعمها منظومة من السياسيين ووسائل الاعلام الجماهيري والجامعات ومراكز الفكر وهيئات سرية كالماسونية. في السلطة التنفيذية الامريكية، يتناوب منذ بدايات القرن العشرين الحزبان الديمقراطي والجمهوري، اللذان يشكلان الواجهة السياسية للمؤسسة establishment المتحالفة مع الصهيونية العالمية (…)النظام السياسي الراهن في امريكا هو ممثل دكتاتورية راس المال بالتحالف مع الصهيونية العالمية. انه النظام السياسي الاكثر بعدا عن مباديء الديموقراطية في العالم (…) كائنا من كان يمارس العمل السياسي في امريكا، فردا او حزبا، يحتاج الى تمويل هائل يمكن الحصول عليه من الشركات العملاقة التي تقدم اموالها، فقط لمن يخدم مصالحها”[7].

في هذا السياق جاء اوباما بصفته فرصة من اجل امتصاص فقدان امريكا لمصداقية، وازمتها الادبية والاخلاقية، بالاضافة الى ازمتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية. “في هذه اللحظة كانوا بحاجة الى تبديل، ظهر اوباما كقوة انتخابية، مع امكانيات للفوز، وكالتزام من راس المال الكبير وبشكل رئيسي راس المال المالي”[8].

في 3 نوفمبر 2008، وجه المرشح الرئاسي السابق رالف نادر Ralph Nader رسالة الى السيناتور باراك اوباما، يشرح له فيها، التحولات التي مرّ بها الرئيس المنتخب وتعهداته الحقيقية: ” خلال عامي الحملة الرئاسية، كانت كلمتا “أمل وتغيير”، “تغيير وأمل”، الموضع المتكرر في تصريحاتك. مع ذلك، يوجد اختلال بين هذين الهدفين، وطابعهما السياسي، الذي يخضع لمراكز السلطان المتناحرة، والتي لا تميل في شيء الى “التغيير والامل”، بل تميل الى استمرار الوضع القائم statu quo. لقد تلقيت مساهمات اقتصادية هائلة لا مثيل لها، اكثر بكثير من السيناتور ماكين McCain ، جاءتك من مصالح شركاتية، مصالح وول ستريت Wall Street ، وبشكل يسترعي الانتباه، من محامي مكاتب محاماة خاصة بالشركات العملاقة. لنر، على سبيل المثال، التحول الذي طرا عليك: من مدافع  بليغ في شيكاغو عن حقوق الفلسطينيين، قبل ان ترشح نفسك لمنصب سيناتور قومي، اصبحت ذيلا وناطقا باسم الخط المتشدد في اللوبي اليهودي الامريكي (آيباك AIPAC ) الذي يؤكد على الاضطهاد العسكري والاحتلال والحصار واستيطان ومصادرة المياه والاراضي التي تخص الشعب الفلسطيني على امتداد اعوام طوبلة، وكذلك الاراضي الضئيلة في غزة والضفة الغربية. (…) لقد اثبتّ طاعة مطلقة لتركيز السلطان في يد “الشركات الاعلوية”. لقد كانت حملتك الانتخابية مثالا على المواقف النذلة”[9].

فاز اوباما بالانتخابات الرئاسية الامريكية في عملية وصفتها ذي نيويورك تايمز New York Times بانها “تنفيس قومي”، نتيجة لانعدام شعبية جورج بوش الابن، ورفض سياساته الاقتصادية والخارجية، والاستياء من حربيه في العراق وافغانستان، وانفجار الازمة المالية، وقبول نداء اوباما لاحداث تغيير في الوجهة التي تسير فيها البلاد”[10]. في خطاب فوزه بالرئاسة، تماهى اوباما مع السياسة الخارحية لبوش : حرب ضد الارهاب على نطاق كوني. “كان اوباما واضحا دائما في وجهة نظره الامبراطورية واعاد تاكيده على ضرورة استعادة موقع امريكا بصفتها “السلطان الأعلوي” والبلد الاكبر والاكثر سطوة في العالم (…) اوباما هو اكمل وجه للامبراطورية”[11]. مع اوباما في البيت الابيض، تكتسب صلاحية راهنة،  البديهية التاريخية القائلة بانه “لا يوجد شيء اشبه من جمهوري الا  ديموقراطيا”[12].

ان الرئيس الامريكي، حتى وان تمتع بصلاحيات دستورية معينة، لا يمكنه تجاوز خطوط محددة، اعدتها وصادقت عليها دولة الامن القومي او الدولة العميقة[13]. ان من يتجاوز تلك الخطوط، ايّا كان، يقع عليه العقاب اما بالطعن في دستوريته او الاقالة او الاغتيال. “في امريكا، تغيير اللهجة، والاولويات وحتى التوجه السياسي الكوني، يوجد له اسبقيات: الرؤساء جاكسون Jackson ، ماكينلي Mckinley، لينكولن Lincoln، ويلسونWilson،روزفلت Roosevelt، غيروا جذريا السياسات واعادوا توجيه البلاد، ولم يكن ذلك الى الافضل دائما (…) في احدى تلك المنعطفات أنشأوا “دولة اسرائيل” (…) ان ما لم يحصل قطّ، هو ان اي رئيس امريكي انقلب على النظام”[14]. خلال عهد ( او عهدي) اوباما الذي يدعو الى التغيير على الطريقة الامريكية، اعتقد بان التفكير في انقلاب استراتيجي امبريالي صهيوني، قد يكرس الشرق الاوسط الكبير او “اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات” او كلاهما، لا يعتبر شطحة اوجنون.

جيمس بيتراس James Petras،  يجري تشريحا بسيطا ومقنعا لحقيقة ترشيح وانتخاب اوباما كرئيس لامريكا فيقول “بمجرد ان تدخل الحملة الانتخابية لاوباما وفوزه اللاحق فيها، الى سجلات البلاد، بصفته السياسي المخادع للعمل في الالفية الجديدة، فان مواقفه الاقتصادية والسياسية ستؤذن بلحظة “تاريخية” اخرى:  تعيين مضاربين فاسدين وفاشلين وحربجيين. هيا بنا نشارك في الاحتفال بـ ” اول افروامريكي” رئيسا امبراطوريا، ينتصر بالخداع ويحكم بالسلاح”[15].

السياسة الخارجية واستراتيجية الامن القومي لادارة باراك اوباما.

خلال مؤتمر برلين الخامس والاربعين حول الامن الدولي، الذي عقد في 6 ـ 8 فبراير 2009،  حدد نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن Joseph Biden، الاولويات الامنية الامريكية لعام 2009 على النحو التالي: “السياسة الخارجية الامريكية الجديدة ستركز على استعمال الوسائل الدبلوماسية بدلا من الوسائل العسكرية. ستعتمد امريكا لهجة جديدة في خطابها وكذلك طرق جديدة في تعاملها في علاقاتها بالعالم. تشدد امريكا على ان الامن البشري والاقتصادي غير قابلين للقسمة والانفصام. لا يوجد تناقض بين الامن والقيم الامريكية. لا يمكن فصل القوة العسكرية عن القوة الدبلوماسية الامريكية. ستكون امريكا جاهزة تماما لاستخدام القوة العسكرية من اجل الدفاع عن الامن القومي. امريكا ستستخدم كافة موارد القوة المتاحة: العسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية والقانونية والثقافية من اجل اجتثاث الازمات قبل ان تستفحل وتنتشر. ستركز امريكا على توحيد قواها العسكرية والدبلوماسية”[16].

باراك اوباما : تعهد ثابت مع “اسرائيل”.

يسعى المرشحون الرئاسيون في امريكا، وهذا امر منطقي، الى الفوز برئاسة القوة العظمى الوحيدة، وفي سبيل ذلك،  يفعلون كل ما يسمح به النظام السياسي من اجل الفوز باقصى عدد ممكن من اصوات الناخبين وولايات الاتحاد الامريكي. التصريحات والخطابات والوعود التي يعطونها الى مختلف القوى وجماعات الضغط والمصالح، تشكل عناصر لا مفر منها في حملاتهم الانتخابية. سلسلة من الوعود الانتخابية، اذ تتضافر مع الاسهامات التمويلية والاصوات، تتحول الى تعهدات سياسية للتنفيذ، بمجرد تربع الفائز على عرش البيت الابيض.

في سياق الحملة الانتخابية الامريكية لعام 2008، صرح المرشح الرئاسي السيناتور الديموقراطي باراك اوباما، بكل شدّة قائلا ” لم اكن مسلما قطّ؛ لقد ربّتني امّي وهي علمانية؛ انا مسيحي وامارس مسيحبتي بنشاط؛ لدي تعهد عميق وشديد مع المجتمع اليهودي ويجب ان لا يشك احد في ذلك ابدا (…) ومع امن اسرائيل التي يجب ان تبقى دولة يهودية (…) انني اعارض حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى البلاد، كما اعارض الحوار مع حماس، طالما لم تعترف بشرعية وجود اسرائيل”[17].

السيناتور الامريكي باراك اوباما، حدد سياسته الخارجية وتعهداته السياسية تجاه الصراع في الشرق الاوسط، واكد على موقفه سابق الذكر، في خطاب القاه امام احدى اقوى جماعات الضغط في النظام السياسي الامريكي، اي آيباك AIPAC ، قال: “امن اسرائيل يقف فوق النظام ثنائي الحزبية في امريكا، ويجب التاكيد على هذا التعهد كلما تعرض امن اسرائيل للخطر (…) حماس في غزة، حزب الله في جنوب لبنان، وبعدهما ايران، الدولة التي تشكل خطرا جديا على اسرائيل وتحديا استراتيجيا لاسرائيل وامريكا والشرق الاوسط (…) ساقوم بتنفيذ مذكرة التفاهم الخاصة بـ 30 مليار دولار على امتداد عشرة اعوام، والامدادات العسكرية الى حليفتنا اسرائيل، وفقا الى القوانين التي نطبقها مع حلف شمال الاطلسي؛ سادعم دائما حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها في الامم المتحدة وفي العالم باسره (…) السلام الآمن والدائم يشكل مصلحة قومية لاسرائيل وامريكا؛ ومصلحة فلسطينية وعربية (على اساس حلّ دولتين) دولة يهودية للشعب اليهودي ودولة فلسطينية، تعيشان معا في سلام وامان (…) اي اتفاق مع الشعب الفلسطيني يجب ان يحافظ على الهوية اليهودية لدولة اسرائيل، داخل حدود آمنة ومعترف بها؛ القدس ستبقى عاصمة اسرائيل الموحدة”[18].

مرشح منصب نائب الرئيس، جوزيف بايدن Joseph Biden، افصح عن قناعته السياسية بالمختصر المفيد، واكد، دون قصد منه، على اطروحة كاتب هذه الورقة القائلة بان امريكا قد تحولت الى دولة امبريالية صهيونية، عندما صرّح بالقول: “لو كنت يهوديا لربما كنت صهيونيا. انا صهيوني. لست مضطرا ان تكون يهوديا لكي تكون صهيونيا”[19].If I were a Jew, I would be a Zionist. I am a Zionist. You don’t have to be a Jew to be a Zionist.”. نعم ليس الزاميا ان يكون المرء يهوديا ليكون صهيونيا، لان الصهيونية ، في التحليل الاخير، ليست الا تشعبا فلسفيا وايديولوجيا لراس المال، الذي لا لون له ولا وطن.

باراك اوباما والسياسة الخارجية الامريكية

ان فريق السياسة الخارجية الذي عيّنه بارك اوباما يغطي طيفا من المسؤولين ذوي المواقف المختلفة، بما فيهم ليبراليين ومحافظين وديموقراطيين وجمهوريين، معنيين بوضع سياسة امن قومي “ثنائية الحزبية”[20]. هذا الفريق موال لاسرائيل ( دينيس روس Dennis Ross ديفيد اكسلرود David Axelrod، راحم ايمانويل Rahm Emanuel ، دانييل كورتزر Daniel Kurtzer، سوزان رايس Susan Rice، جوزيف بايدن Joe Biden وهيلاري كلينتونHillary Clinton.

ان ابرز علم في هذه السياسة هي دون شك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتونHillary Clinton ، التي يؤكد انتخابها بان السياسة الخارجية الامريكية لن تشهد اي تغيركبير تجاه القضية الفلسطينية. ان صمت كلينتون امام الوحشية الاسرائيلية يعني انها، كوزيرة خارجية، ستستمر في دعم مهمة آيباك AIPAC الداعية الى احتلال كافة الاراضي المحتلة من جديد. قالت الوزيرة: ” ان هذا السور ليس ضد الشعب الفلسطيني بل ضد الارهابيين. يجب على الشعب الفسطيني ان يساعد على منع الارهاب. وعلى الفلسطينيين ان يغيروا موقفهم ازاء الارهاب (وكانت قد قالت في مايو 2005) ان مستقبل بلادنا متشابك مع مستقبل اسرائيل والشرق الاوسط”[21].

المثقف الكوبي رامون باروديPARODI RAMÓN ، مسؤول قسم المصالح الكوبية في واشنطن سابقا، علق على موقف ادارة اوباما قائلا: “لا يمكننا ان ننتظر المستحيل من قادة ومسؤولين مستعدين لمواصلة سياسات خاطئة تفتقر الى المصداقية، طبقتها ادارة بوش الخارجة (من البيت الابيض)، وهذا واضح على الصعيدين العسكري والاقتصادي”[22]، من خلال مواصلة وتعزيز الحرب في افغانستان، وتوسيعها لتشمل باكستان، وزيادة خطة انقاذ الاقتصاد الليبرالي الجديد المفلس. في نهاية المطاف، “المصالح الاستراتيجية الامريكية لا زالت اجبارية تماما على اي رئيس امريكي، ايا كان، والذي سيلعب، شاء ام ابى، دور رئيس الامبراطورية”[23].

في اشارته الى احتمال ان يصبح المرشح الرئاسي باراك اوباما، بعد دخوله البيت الابيض رئيسا، مناصرا لاسرائيل، اعترف مالكولم هونلينMalcom Honlein وهو احد قادة الجالية اليهودية الامريكية بانه ” في عام 2000، جورج بوش الابن كان لغزا مجهولا وفي النهاية اضحى رئيسا مواليا جدا لاسرائيل”[24]. ارى ان التماثل والاندماج بين الصهيونية اليهودية والصهيونية المسيحية، قد امتّدا الى المؤسسات والشخصيات الاسرائيلية والامريكية بحيث يسود انطباع ان الامر يتعلق بدولة امبريالية صهيونية.

لقد فضح فيديل كاستروFIDEL CASTRO اسقاط السياسة الخارجية للادارة الامريكية الجديدة التي يتزعمها اوباما، على الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، عندما قال: ” اذا ما اريد تحقيق فهم افضل للطابع الجائر لسلطان الامبراطورية، فانه يجب الاخذ بالحسبان التصريحات المنشورة على الموقع الالكتروني الرسمي للحكومة الامريكية يوم 22 يناير 2009، بعد وصول باراك اوباما الى اسدة الحكم. فقد قرر بايدن واوباما بحزم دعم العلاقة بين امريكا و “اسرائيل”، ويعتبران ان التعهد القابل للجدل، في الشرق الاوسط، يجب ان يكون امن اسرائيل، الحليف الرئيسي لامريكا في المنطقة. امريكا لن تبتعد ابدا عن اسرائيل، ورئيسها ونائبه “يؤمنان بشدة بحق اسرائيل في الدفاع عن مواطنيها”، حسب ما يؤكده اعلان المباديء الذي يستعيد هذه النقاط في السياسة التي كانت تنتهجها حكومة سلف اوباما، جورج بوش الابن”[25].

الخطوط الاستراتيجية للسياسة الخارجية والسلوك الذي يجب على باراك اوباما تبنيه ازاء الصراع العربي ـ الصهيوني، حسب تعليمات ايهود اولمرت.

نشر رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت Ehud Olmert ، يوم 20 يوليو 2009 في صحيفة ذي واشنطن بوست The Washington Post ، مقالا يبيّن في حدّ ذاته طبيعة العلاقات القائمة بين اسرائيل وامريكا، ودور كلا الدولتين في “عملية السلام” واولويات سياستهما على مسرح الشرق الاوسط. انطلاقا من التماثل والاندماج بين اسرائيل وامريكا، يرسم اولمرت عمليا الخطوط الاستراتيجية للسياسة الخارجية والسلوك السياسي فيما يتعلق بالصراع العربي ـ الصهيوي:”الشراكة بين اسرائيل وامريكا تشكل احد اهم الارصدة الاستراتيجية لاسرائيل. امريكا تمنح اسرائيل مساعدة امنية واقتصادية هامة و تقدم لها دعما لا يثمّن على الصعيد الدولي (…) خلال عهدي رئيس الوزراء ارييل شارون وعهدي ايضا، قمنا مع الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بتمتين العلاقات الاسرائيلية الامريكية على كافة المستويات وفي اكثرية القضايا. لقد اعتمد هذا التقدم على تفاهمات عميقة وسرّيّة، مكتوبة وشفوية. خلال الانتفاضة الثانية (في فلسطين) سهلت امريكا لاسرائيل دعما لا سابق له في حربها ضد الارهاب الفلسطيني، وفي بناء السياج الامني (سور الفصل).  لقد وضعنا معا صيغة “حل الدولتين” لانها السبيل الوحيد لفض الصراع، من خلال تبني خارطة الطريق بمشتقاتها وتطبيقها.

“كانت قضية المستوطنات محل خلاف بين اسرائيل وامريكا، وعل الرغم من ان امريكا لم تدعم بناءها، الا انها احيانا تعترف بالامر الواقع على امتداد 40 عاما (منذ 1967) (…) ومع ذلك، فان قضية المستوطنات، تتراس اليوم جدول الاعمال بين امريكا واسرائيل، بدلا عن العملية السياسية (…) التي تتطلب اتخاذ قرارات شجاعة من قبل قادة الطرفين، كسبيل وحيد لحل معضلة المستوطنات (اليهودية في الضفة الغربية) مما سيوطد علاقاتنا الثنائية، ويتيح لنا التعامل مع القضايا الجوهرية: عملية السلام، حرمان ايران من الاسلحة النووية، التخلص من الحركات الاسلامية المتطرفة، واقامة حوار ضروري من اجل تطبيع العلاقات بين اسرائيل والعالم العربي. الوقت يستنزف ولا يمكننا ان نفقد ما تبقى لنا منه في قضايا ليس لها اولوية”[26].

تغيير الادارة الرئاسية في امريكا. مضاعفاتها على الشرق الاوسط.

كلا الحزبين، الديموقراطي والجمهوري، بصفتهما ممثلين للاوليغارشية في النظام السياسي الامريكي، يتطابقان في قضايا جوهرية كثيرة منها: المصالح القومية العليا، وامن النظام السياسي والاقتصادي الامريكي. وسائل وتكتيكات السلوك السياسي لكل ادارة يتعدّل، على الرغم من انه، في لحظات مفصلية، يتطابق الحزبان في كل شيء، وهكذا نجد ان احدهما يشن الحرب والاخر يواصلها. “لا زال الحفاظ على النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الامريكي، و حماية اعلويته (تفوقه) وديمومته، هو الثابت؛ اما وجود شخصيات وافراد مختلفين كقادة، وآليات حكومية، فهو المتغير”[27]. بهذا الصدد، يرى أوغو شافيس Hugo Chávez (رئيس جمهورية فنزويلا البوليفرية) ان “امريكا دولة امبريالية وتوسعية وراسمالية متوحشة. اي ادارة تاتي، سواء كانت ديموقراطية ام جمهورية، فانها ستمثل مصالح راس المال الامريكي”[28].

ان التوصل الى حلول سريعة للصراع في الشرق الاوسط يشكل قضية هامة واساسية من اجل تحقيق المصالح القومية الامريكية. من الواضح في سياسات الحزبين، اللذين يتناوبان السلطان في مركز الامبريالية العالمية “واشنطن ان الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة كان ولا زال وسيبقى “المصلحة القومية” الرئيسية”[29] للسياسة المهيمنة والمسيطرة التي تنتهجها الادارات المتتالية في امريكا.

الدور المركزي الذي اضطلعت به الادارة الامريكية المغادرة (ادارة بوش الابن) في محرقة غزة، كان بارزا وحاسما، في الاعداد للعملية العسكرية الاسرائيلية، ومحاصرة اي مبادرة دولية كان لها ان تضع العراقيل امامها. هذا السلوك الذي اتبعته ادارة بوش الابن جاء “عشية تولي باراك اوباما مقاليد السلطان في البيت الابيض و بموافقته الضمنية”[30].

لقد ترك جورج بوش الابن لاوباما في آخر لحظة، إرثين يتعلقان بالصراع والعلاقات بين امريكا واسرائيل: العدوان الصهيوني على غزة واتفاق امني تم ابرامه يوم 17 يناير 2009 في واشنطن، بهدف تعزيز الامن الاسرائيلي، بالتعاون مع امريكا، وحتى من خلال الزّج بمصر وحلف الناتو في مكافحة المقاومة الفلسطينية. في تعليل ذاك الاتفاق وفقا لما يقول الموقعون عليه، يمكننا قراءة مايلي: “على قاعدة التعهد الامريكي الدائم بامن اسرائيل، بما في ذلك تامين حدودها والدفاع عنها؛ الحفاظ على قدرة اسرائيل على الردع وتعزيزها، ودفاعها الذاتي ضد اي تهديد فعلي او كامن؛ ومع التاكيد على ان هذا التعهد ينعكس في التعاون العسكري، والاستخباراتي والامني بين امريكا واسرائيل، والتخطيط الاستراتيجي المشترك والدعم الكمي والنوعي الذي تقدمه امريكا الى اسرائيل…”[31].

سلوك الادارة الخارجة والادارة الداخلة يتطابقان في الامور الجوهرية؛ تتغير فقط الشكليات ووتائر ووسائل التنفيذ ولهجة الخطاب. فالخطط والمبادرات التي تدفع بها هذه الادارة او تلك، تجاه  فضّ الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني توضح ذلك:

· رؤية بريجنسكي Z. Brzezinski (19 نوفمبر 2008)[32] : دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتحت مرصاد قوات الناتو؛ تقسيم القدس؛ تبادل جغرافي وديموغرافي (اراضي وسكان) بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية؛ وعودة اللاجئين الفلسطينيين فقط الى الدولة الفلسطينية المفترضة.

· رؤية جون بولتون J. Bulton (يناير 2009)[33]: ثلاث دول: اسرائيل والاردن ومصر، بمعنى، تصفية القضية الفلسطينية.

· رؤية جيمس كارتر J. Carter الجديدة، الواردة في كتابه بعنوان “ We Can Have Peace in the Holy Land: A Plan That Will Work” (Editora Simon & Schuster,” (20 يناير 2009)[34]: وهي في تقديري ، رؤية متوازنة فقط على اساس شرعنة استيلاء الصهيونية على فلسطين. اعطاء الفلسطينيين شيءا ما، وفقا لمبادرة السلام العربية في قمة بيروت 2002.

· خطة هيلاري كلينتون Hillary Clinton[35]: دولتان مع تعديل جغرافي وديموغرافي، مع اسقاط حق عودة اللاجئين الفسطينيين.

· الرفض الامريكي لفكرة “السلام الاقتصادي” التي تفتقت عنها عقلية بنيامين نتنياهو Netanyahu B، يندرج في اطار الرفض الامريكي لابطال حل الدولتين من اجل انهاء الصراع العربي ـ الصهيوني. “يؤمن اوباما بان السلام الذي اختزله العرب في مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يمكن ان يكون الضمانة الاولى لامن اسرائيل”[36].

دبلوماسية المبعوث الخاص

ان احد اول الاعمال التي قامت بها ادارة اوباما تجاه الصراع في الشرق الاوسط، تمثل في  انتهاج دبلوماسية المبعوث الخاص، في هذه الحالة كان جورج ميشيل. لم تكن مهمته اكثر من استنساخ لرؤية جورج بوش الابن بخصوص الصراع، والفاعلين فيه و الحل المقترح. وهذا الامر يؤكد على الاطروحة القائلة  بان “الرئيس الامريكي بغض النظر عن اسمه وحزبه السياسي وصفات عرقه او عنصره، فانه يلتزم باستراتيجية قومية قائمة على رؤيتها للمشروع الصهيوني كاداة، لا مثيل لها، من اجل تجسيد المصالح الشاملة للاوليغارشية في امريكا (…) اسرائيل رصيد احتياطي لامريكا”[37].

لقد ارسل جورج ميشيل للمرة الثانية الى الشرق الاوسط من اجل اجراء دراسة ميدانية لوضع الصراع العربي ـ الصهيوني، وتقديم تقرير بالخصوص. في المرة الاولى ارسل خلال الفترة الانتقالية بين ادارة كلينتون وادارة بوش الابن، وفي المرة الثانية، ايضا في الفترة الانتقالية بين ادارة بوش الابن وادارة باراك اوباما، الذي بارك تلك المهمة. من فحوى خطاب تولي ميشيل لمهمته، يمكن التاكيد على الاطروحة القائلة بان رؤساء امريكا يلتزمون باستراتيجية وضعت خطوطها العريضة العامة ادارة الرئيس ويلسون W. Wilson، عندما صادقت سرا على وعد بلفور عام 1917، قبل ان تصدره بريطانيا العظمى، اي قبل ان يكون لمجموعات الضغط اليهودية (حاليا اللوبي الموالي لاسرائيل) نفوذ في النظام السياسي الامريكي. “تعطي تلك الاستراتيجية الاولوية لكل ما من شانه ان يعزز المشروع الصهيوني، حتى وان ترتب على ذلك، التعامل مع الواقع الملموس القائم على ارض الصراع بشكل غير موضوعي، واغفال متعمد للحقائق في تاريخه الطويل”[38]. وهذا يعني صهينة الاستراتيجية الامريكية و اضفاء طابع لاعقلاني على سياستها الخارجية، حتى وان ذهبت عكس المدخل الواقعي للادارة  والحس السوي، وهذا السلوك لا يخدم المصالح القومية الامريكية الموجودة في كل مكان.

لنلق نظرة ونرى:

1. “تصرّ ادارة اوباما على ان تكون الحكومة الفلسطينية القادمة، حكومة وحدة وطنية، مهما كان شكلها ومضمونها، وأن تعترف بالشروط الثلاثة التي وضعتها اللجنة الرباعية الدولية، وان يتراسها سلام فياض”[39].

2. تم تسريب “خطة باراك اوباما من اجل الدفع بعملية السلام في الشرق الاوسط”[40]. وتتضمن ما يلي:

· يجب على البلدان العربية ان تتخذ اجراءات من شانها اضفاء الشرعية على اسرائيل امام شعوبها، من خلال الاعمال التالي: انهاء المقاطعة الدبلوماسية؛ وقف الحملات الدعاوية المعادية لاسرائيل في وسائل الاعلام العربية وفي النصوص المدرسية العربية وخاصة في مادة التاريخ؛ السماح للطيران  المدني الاسرائيلي بعبور الاجواء العربية، ويجب على حماس وقف قصفها على اسرائيل فورا ، والافراج دون شروط عن الاسير جلعاد شاليط.

· بالمقابل يجب على اسرائيل: وقف عمليات الاستيطان فورا؛ ضمان حرية حركة الفلسطينيين؛ والسماح لهم بالحصول على فرص اقتصادية واعدة، وتمكينهم من تعزيز مسؤوليتهم في مجال الامن.

· اما الادارة الامريكية فانه يجب عليها: تبني خيار اقامة دولة فلسطينية؛ “منزوعة السلاح” حسب جون كيري John Kerry (رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ)؛ “حرة وموثوقة” حسب قول جوزيف بايدن Joseph Biden (نائب الرئيس الامريكي) امام الجمعية السنوية لايباك AIPAC.

خلاصة القول:

* اسقاطات الادارة الديموقراطية الجديدة مقارنة مع اسقاطات الادارة الجمهورية المغادرة، تشهد على استمرارية وجود نهج ايديولوجي ـ سياسي، كانعكاس لنفس المصالح الطبقية للقوى الاجتماعية ـ السياسية التي تتكون منها الدولة العميقة في امريكا.

* تشكل مبادي استراتيجية الامن القومي الامريكية القواعد المفتاحية لاسس السياسة الخارجية لادارة اوباما، والتي تضمن استمرارية التعهد الامريكي الاستراتيجي مع اسرائيل ومعاداتها الدائمة للقضية العربية الفلسطينية.

* انتقال سلطان الرئاسة في امريكا شكل استمرارية للحكومة والسياسة والاهداف بين الجمهوريين والديموقراطيين.

* اوباما ملتزم بالوعد الذي قطعه على نفسه امام جمعية آيباك AIPAC في يونيو 2008 : “تعهد راسخ” بامن اسرائيل (…) وحق اسرائيل في القدس بصفتها “عاصمة غير قابلة للتقسيم” للدولة اليهودية؛ وتحييد حماس وحزب الله عسكريا، كظرف ضروري مسبق لشن عدوان محتمل على ايران.

* ادارة اوباما تنتهج سياسة مماثلة في جوهرها لسياسة سلفه بوش الابن، مع ادخال بعض التعديلات الشكلية والتجميلية، بغية الابقاء على وجود اسرائيل ومطالبها في مجالات الامن والجغرافيا والديموغرافيا، من اجل تحويلها الى قوة اقليمية وحيدة، في اطار مشروع السيطرة الامبريالية الصهيونية على نطاق كوني. اي تنتاقض بين القوتين لم يكن تناحريا قط، ودائما فرضت واشنطن مصلحتها وارادتها.

* ارتداد ادارة باراك اوباما عن تنفيذ وعدها بتغيير سياساتها ازاء فلسطين؛ وتبلور نزعة يمينية متطرفة في اسرائيل؛ وعجز الانظمة العربية عن تبني مواقف سياسية اواقتصادية، ناهيك عن العسكرية، دعما للقضية المركزية للامة العربية؛ خنوع القيادة الفلسطينية الرسمية لاتفاقيات اوسلو واستراتيجية المفاوضات الابدية؛ في ظل وضع دولي يتسم بازمة بنيوية للنظام الراسمالي العالمي، ينعكس على اولويات الفاعلين الرئيسيين في العلاقات الدولية، كلها عوامل تجعل ، في رايي، عملية التهدئة والحل والتسوية في الشرق الاوسط قضية صعبة باضطراد وقليلة الاحتمال على المدى المنظور.

واذ استعير مسلمة سياسية تاريخية اغريقية صاغها توسيديديس Tucídides (اثينا، 460 ـ 395 قبل الميلاد) ولا زالت تحافظ على صلاحيتها في العلاقات الدولية الراهنة، وهي ” الاقوياء يفعلون ما يستطيعون بينما الضعفاء يكابدون ما يجب عليهم مكابدته”، انهي هذه الورقة بالقول: “الاقوياء يفعلون ما يستطيعون بينما الفسطينيون يكابدون ما يكابدون”.

:::::

* ورقة بحثية، بالاسبانية اصلا، مقدمة امام المؤتمر الدولي الثاني عشر “علوم سياسية جديدة”، الذي عقد في الفترة 18 ـ 20 نوفمبر 2009. هافانا ـ كوبا.


[1] استعملت سلطان ترجمة لمصطلح POWER بالانجيزية و PODER بالاسبانية لتمييزها عن مصطلحي AUTHORITY AUTORIDADو  اللذين يترجمان سلطة على التوالي. وفي رايي هذا هو الاصح لغويا ومفهوميا.

[2] منشور بتاريخ 23 اوكتوبر 2008 على موقع الجمل.

http://www.aljaml.com/node/37860

[3] اسعد ابو شرخ، زيارة بوش…معاني واشارات، منشور بتاريخ 18 يناير 2008 على موقع اجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

http://www.pflp.ps/index.php?action=Aklam&id=812

[4] عامي غودمان، Goodman Amy “المنظّم الاعلى” منشور يتاريخ 5 نوفمبر 2008 على موقع “ديموقراطية الآن”.

spanish@democracynow.org.

[5] المصدر السابق.

[6] ابراهيم علوش، “اوباما وافخاخ صيد المغفلين” منشور بتاريخ 8 نوفمبر 2008 على موقع المشرق العربي.

http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/b-mushacat-1762.htm

[7] عبدالواحد الجصاني، انتخاب اوباما هل هو تدجين للاقليات ام انتصار للعنصرية؟ منشور بتاريخ 8 نوفمبر 2008 على موقع البصرة.

http://www.albasrah.net/pages/mod.php?mod=art&lapage=../ar_articles_2008/1108/jsani_111108.htm

[8] منشور بتاريخ 7 نوفمبر 2008 على موقع لاتيني آرغوس انترناسيونال.

Argos Is-Internacional <argosisinternacionalenlared@yahoo.com>Friday, November 07, 2008 12:30 PM

[9] منشور بتاريخ 7 نوفمبر 2008 على موقع فلسطين الحرة بالاسبانية.

http://www.palestinalibre.org/boletin.php?a=10675, publicado el 7 de noviembre de 2008.

[10] رامون بارودي (مسؤؤول قسم المصالح الكوبية في واشنطن سابقا) PARODI RAMÓN “البيت الابيض ليس لديه ارضية مفروشة بالورود” منشور في صحيفة غرانما الناطقة باسم الحزب الشيوعي الكوبي بالاسبانية بتاريخ 7 نوفمبر 2008.

http://www.granma.cubaweb.cu/2008/11/07/interna/artic01.html

[11] إيفا غولينغر (كاتبة وباحثة فنزوبلية ـ امريكية) Golinger Eva “وجه الامبراطورية الكامل”، منشور على موقع شبكة فيرتين الاعلامية ، بتاريخ 7 نوفمبر 2008. virtin@une.net.co>Friday, November 07, 2008

[12] خورخي غوميس باراتا (كاتب صحفي كوبي) Barata Jorge Gómez “باراك اوباما” منشور علىموقع آرغوس الدولي يوم 7 نوفمبر 2008.

Argos Is-Web Master <argosiswebmaster@yahoo.com>Tuesday, November 11, 2008 10:35 AM

[13] لمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع الى مقالة ثيري ميسان Thierry Meyssan (صحفي فرنسي و مدير موقع فولتيير) بعنوان ” كيف تحافظ الدولة العميقة على نفسها في ظل التناوب السياسي الحزبي”، المنشور  على موقع شبكة فيرتين الاعلامية،   بتاريخ 10 مارس 2008.

[14] منشور على موقع آرغوس الدولي بتاريخ 11 نوفمبر 2008.

Argos Is-Web Master <argosiswebmaster@yahoo.com

[15] جيمس بيتراس ، “لحظة تاريخية: انتخاب اكبر مخادع في التاريخ الحديث” منشور على موقع لاهايني اللاتيني بتاريخ ديسمبر 2008.

http://petras.lahaine.org/b2lhart_imp.php?p=1766&more=1&c=1

[16] منشور على موقع الجمل بتاريخ 18 فبراير 2009. www.aljaml.com/node/4204

[17] منشور على موقع شام بريس بتاريخ 30 يناير 2008 على موقع شام بريس. http://www.champress.net/?page=show_det&select_page=1&id=22694

[18] نصري قميصة، “باراك اوباما واسرائيل” منشور على موقع المشرق العربي يوم 22 يونيو 2008.

http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/b-mushacat-1339.htm

[19] عادل سمارة “بين بلاط الانجزة وبلاط الانظمة لا يوجد فرق” منشور بتاريخ 5 سبتمبر 2008 على موقع كنعان.

http://www.kanaanonline.org/articles/01648.pdf

[20] رامون بارودي (مسؤؤول قسم المصالح الكوبية في واشنطن سابقا) PARODI RAMÓN “من مرشح مظفر الى رئيس، الى اين انت ذاهب يا اوباما؟” منشور في صحيفة غرانما الناطقة باسم الحزب الشيوعي الكوبي بالاسبانية بتاريخ 1 ديسمبر 2008.

http://www.granma.cubaweb.cu/2008/12/01/interna/artic01.html

[21] منشور على موقع فلسطين الحرة بالاسبانية بتاريخ 3 ديسمبر 2008.

http://www.palestinalibre.org/boletin.php?a=11168

[22] رامون بارودي (مسؤؤول قسم المصالح الكوبية في واشنطن سابقا) PARODI RAMÓN “لن تجنوا الكمثرى؟” منشور في صحيفة غرانما الناطقة باسم الحزب الشيوعي الكوبي بالاسبانية بتاريخ 13 ديسمبر 2008.

http://www.granma.cubaweb.cu/2008/12/13/interna/artic01.html

[23] سيرج حليمي، “خطوات اوباما الاولى” منشور على موقع ريبيليون بالاسبانية بتاريخ 8 يوليو 2009.

[24] إيدالميس بروكس Brooks Idalmys (باحثة في مركز دراسات افريقيا والشرق الاوسط الكوبي)، “الصراع والحلفاء والانتخابات”بالاسبانية. منشور بتاريخ 9 سبتمبر 2008، في “مرصدالمركز” نشرة رقم 9 لنفس التاريخ.

[25] فيديل كاسترو، ” محاولة لفك رموز فكر الرئيس الجديد للولايات المتحدة الامريكية ” المنشور بالعربية في كنعان الالكترونية العدد 1792، بتاريخ 2 فبراير 2009. https://kanaanonline.org

[27] محمد صوان، “تحديات  ما قبل عهد اوباما” منشور بتاريح فبراير 2009، على موقع مجلة الهدف الفلسطينية على موقعها الالكتروني، العدد 1409.

http://www.alhadafmagazine.com/details/intDetalhadaplas.asp?idopject=10

[28] منشور على موقع البصرة بتاريخ 9 فبراير 2009.

http://www.albasrah.net/ar_articles_2009/0209/Shafez_030209.htm

[29] محمد العبدالله، “جولة ميشيل واستعراض قوة البوارج الحربية”. منشور بتاريخ 30 يناير 2009، في صحيفة العرب القطرية.

[30] منشور على موقع ريبيليون بالاسبانية. http://www.rebelion.org/noticia.php?id=79217

[31] مقتطف من نص الاتفاق الامريكي ت الصهيوني من اجل وضع حد لادخال السلاح الى غزة. منشور بتاريخ 25 يناير 2009 على موقع المركز الفلسطيني للاعلام.

enhttp://www.palestine-info.info/Ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2bcOd87MDI46m9rUxJEpMO%2bi1s7btF7wNcGV0613KTowNzC6u0o74pdoJN%2bRnBZALlaoIUGmgvdVrl3MPJthVv0KP%2bgt8%2fxNbmg0v7mmtTrP5%2f%2bpRvCDugSX5L%2fn6JtqZdohUw%3d  

[33] نقلا عن موقع الجمل. منشور بتاريخ 6 يناير 2009. http://www.aljaml.com/node/40461

[34] تقرير واشنطن رقم 197، المنشور بتاريخ 14 فبراير 2009 على موقع المشرق العربي

http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa/sahafa-1149.htm

[35] سليم نصار، “كلينتون تحمل مشروع سلام من اجل دولة فلسطينية” منشور بتاريخ 28 فبراير 2009 على موقع المركز الفلسطيني للاعلام. http://www.palestine-info.info/Ar/default.aspx?xyz=U6Qq7k%2bcOd87MDI46m9rUxJEpMO%2bi1s7EjozLZm%2baC9n%2fPr1pKNdWQLj0YqYpOoU8iXf5jm9Sn79EWEaSsUL6nb7QIMtxOtAmMol3Z2XvYlUYblZNGmvHtCSqxl5D7eYeshtsrHzas0%3d

[36] المصدر السابق.

[37] عوني فرسخ، “من رؤية بوش الى مقاربة اوباما”، منشور بتاريخ 30 يناير 2009 في صحيفة الخليج الاماراتية.

[38] المصدر السابق.

[39] عريب الرنتاوي، “واشنطن تعقد حوارات القاهرة” منشور بتاريخ 5 ابريل 2009 على موقع المشرق العربي

http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa1/b-mushacat-2342.htm

[40] مشروع امريكي لتطبيغ العلاقات بين العرب واسرائيل. منشور بتاريخ 10 مايو 2009 في صحيفة عكاظ السعودية.