كوابيس حنظلة – 3
كتاب الروميات ـ حنظلة
شبه العالم العربي اليوم سفينة اشباح في عرض البحر. وليس معنى هذا أن هناك شيئا غامضا يجري داخل السفينة المعزولة. فالأشباح أصبحت في الثقافة العامة لدي الشعوب، عالما مختلفا ولكنه مقروء بوضوح. اقتران الشبح بالموت والعالم المختلف يثير بعض الرهبة الكاذبة، ولكن الشبح يظل صورة دخانية بيضاء تتموج في العدم. وسفينة الأشباح العربية هذه، هي إخراج سينمائي أمريكي له دوافعه الذكية، فكل الهلوسات والأخبار التي تصدر حولها قابلة للتصديق بحكم شذوذ الحالة،وغير قابلة للنفي بقرينة واضحة للعقل المباشر. كل من يمر قربها يستطيع أن يزعم أنه رأى وسمع ما شاء. والنية للتصديق متوفرة في الطبيعة البشرية التي يقتلها الملل، وتعشق الإثارة. أي شيء ستقوله أمريكا استنادا إلى شهود العيان، سيملك من المصداقية أكثر من أية مصادر تنفيه. فالمتهم لا بد أن ينفي التهم الموجهة إليه على الإطلاق، لأنه مغرض، أما أمريكا وشهود العيان فهم أناس حياديون غير متعارفين، ويتفقون مع ذلك في كثير من التفاصيل. أي أن المنطق البريء المدعم بالنوايا السيئة والإعلام الفاتن أن يفرض نفسه على الجميع. من يستطيع أن يثبت أن الشبيحة هم عملاء من كل أوكار الجريمة اٍستأجرتهم أمريكا؟ من يمكن أن يثبت أن المرتزقة وشركات الأمن والعملاء والعجول الملتحية هم كل الثوار في ليبيا، وأن القذافي ليس لديه مرتزق واحد؟ وكم سيكون الأمر سهلا عليهم أن يتحدثوا باطلاع كامل على التفاصيل، وهم ينسبون ما فيهم إلى غيرهم، مدعمين بآليات الإعلام المتقدمة والمال وتكنولوجيا الكذب والفتنة المبتذلة للشهاقات والمخنثين وبنات السي آي أيه المستهلكات في قواعد المارينز في قطر !
ومن هو الذي يستطيع أن يمنع أمريكا أصلا من اختراع ما تريد وفرض ما تريد بدون تقديم مبررات؟ لا أحد بالطبع. ولكن أمريكا تتزعرن منهجيا، فهناك آخرون غير العرب لهم أدوار محددة في العولمة والشرق أوسطية، يجب أن تتناغم مع نظام الجريمة العالمي الذي تبنيه أمريكا والصهيونية. هناك مثلا عجول الأناضول. وهم يختلفون بكل شيء تقريبا في البنية الثقافية والقومية والسياسية عن عجول العرب الذين لا يفقهون شيئا سوى الطعام والجنس وطاعة أمريكا. هؤلاء يجب أن يدعموا أردوغان وجحشه غل، ويجب مراعاة ميولهم المذكورة. وهناك جحوش العسكر في مصر وتونس وكل دولة عربية، يجب على الشعب أن يؤمن أنهم معه وليس ضده. وأوروبا التي تعرف أن ساركوزي مصاب بالأيدز، وأن شهوره معدودة، ويجب مسابقة الزمن مع المرض، لاستغلال شذوذه المرضي، لتحصل من أمريكا والصهيونية على بعض حد على أح الفتات المناسبة، قبل انحلال نخاعه الشوكي. وهناك روسيا الجديدة، المنطقة المدارة من المخابرات الأمريكية، التي سيتم ضمها إلى الإنتداب الأمريكي المباشر، بعد الإنتهاء من الشرق الآسيوي. كل هذه المنغصات الثانوية يجب التخلص منها بثورات الربيع قبل أن يأتي الصيف. ومن أجل ذلك لجأت أمريكا مع العرب، أول حلقات التاريخ المفقودة، إلى أسلوب التصفية الربيعي، وسفينة الأشباح، لتتم المرحلة بهدوء وتوافق عالمي كامل.
ثيرون من العرب نفسهم، شعوبا ونخبا ذكرية وأنثوية، فكرية وثقافية وسياسية، يميلون إلى تصديق أن القذافي والأسد يقتلان شعبيهما في سفينة الأشباح التي تقف مقابل خليج قطر المنفرج الساقين. يصدقون ليس لأنهم أغبياء، بل لأنهم أرسلوا عقولهم في إجازات مطولة على حساب قطر والسعودية. وهذا أمر شائع اليوم ويمتد ليشمل شرائح عربية واسعة. منهم على سبيل المثال العقيد صفطاوي الأهبل المحلل الحربي الناطق باسم ثوار ليبيا في إحدى قواعد الإعلام العسكري لأمريكا، والشاعر الذي احتار بين النفاق للصهيونية والتهيب من الخيانة الصريحة، فنصح الأسد بالتصوف الإيجابي، أي البقاء في الحكم واعتزال السياسة. والمفكر الفرنساوي الصالوني بالعربية، الذي يقلد جورج صاند في التبذل الرفيع. والمزدوج العقلي وأشياء أخرى…. وانحدارا من هؤلاء حتى سكن الأشرطة الصوتية، وشهود العيان والمرتزقة بالبنادق، والساعين والساعيات في الأسواق بطيبات ما رزقناهم، يعرضون ما بين أيديهن وما خلفهم. وهؤلاء يعدون بمئات الآلاف بل بالملايين. فقطر وحدها فيها سبعمائة ألف من كل الأنواع. ومع أنهم يشكلون أقلية، إلا أنهم الأقلية الإيجابية والمنظمة ميدانيا. أما معظم الآخرين فهم سلبيون بالفطرة والعادة. لا يهمهم من حكمهم. ألمهم أن يكون ذكرا بالغا مسلما. وفي الأخيرة استثناء واحد هو عزمي بشارة. حيث هناك إجماع على ملحميته الفكرية القومية. ليبرالي متوسط القامة مهيب الطلعة، تنازل عن راتبه من صندوق الوكالة اليهودية، لصالح راتبه من الوكالة العربية العامة. اتفق مع عمرو موسى أن يرثه في أمانة الجامعة، مقابل أن يدعمه في الترشيح للخلافة في مصر. رجل هذه هي مزاياه، يتمتع بحب الجميع وعلى رأسهم سابقا الرئيس الأسد الذي لم يعلن حتى الأن تخليه عن إعجابه بالرجل المفوه، جدير بالمنصب في سوريا إذا تنحى الأسد كما تصر بعض كازينوهات الفتنة الإعلامية.
لا أدري ماذا سيحدث في سفينة الأشباح. لقد توقفت عن الإستشعار بعد أن تبين أن ما أستشعره لا يتأخر في الحدوث. ولم يكن من بين كل ما استشعرته أمر حدوثه يبعث على السرور، فقررت التوقف عن الإستشعار في السياسة، واخترت الإستشعار في الغرام. ولم يخيب الإستشعار ظني. صلت في الحب وجلت كأني في الجنة. وعجبت لغبائي الذي صرفني إلى استشعار النكبات عن استشعار الملذات. وقررت أن أقضي ما فاتني. فاستشعرت أجمل ممثلات السينما وعارضات الأزياء والشبيحات، والسياسيات ما عدا ميركل وكلنتون، وسيدات حقوق الإنسان الشبقات، والصحفيات، والمذيعات والمذيع…ات.
وإذا كان الغموض محدود الأجل مثل ليل العاشقات، فإن الوضوح مثل نهار الكادحات في أسواق الجزر والبطاطا. فلا يختلف اثنان الآن حول حقيقة الأمر. المطلوب هو غرق السفينة بمن فيها. فالعالم المتنور لا يحتمل قصص الأشباح. ولا حرج في ذلك من الناحية الأخلاقية، فالأشباح موتي يجب أن يطيعوا قانون الموت ويختفوا نهائيا. وهذا ما يصر عليه الغرب ويوافقها عليه العالم بمن فيهم ملايين العرب أنفسهم. ويبدوا أن الغرب لا يمكنه التراجع عن هذا المطلب، ما دام لا يدفع مالا ولا دما ولا مصالح سياسية أو اقتصادي لتنفيذه. وربما لن يتراجع أيضا حتى إذا تنظم القوميون في خلايا مقاومة وضربوا كل ما تطاله أيديهم من مصالحه، التي هي أكثر في المنطقة والعالم، من مصالح العرب القوميين لديه. فالغرب يريد المنطقة العربية مقبرة للعرب، وإلا أصبحت مقبرة لكل طموحاته. ولكن القوميين قد يركبون رؤوسهم، ويواصلون التصدي لأنهم يدافعون عن وجودهم الإنساني، وعند ذلك سيطول أمد الحرب وقد تنضم إليهم شرائح شعبية أخرى محلية وغير محلية، وتنقلب الموازين.
وأهم مصالح الغرب لدى العرب، هم البشر من الخليجين وأبناء الروميات وليس النفط. لأن النفط له منذ زمن بعيد. وقد نهب معظمه وأفرغه في آبار باطنية في بلاده. وإذا قفزت أسعار النفط، كانت أمريكا بالذات هي أكثر من يستفيد من ذلك لأنها نهبته بكميات تجارية. ولكن النموذج الخليجي، هو عماد الخطة الغربية لإخراج العربي من دائرة المصطلح الإنساني الواقعي، إلى دائرة المسوخ الأسطورية، كالشبحية الحيوانية، لتصفية وجوده بمبررات حضارية وذوقية وأخلاقية. فما دام النموذج الخليجي متوفرا في المشهد العالمي، فلن يسأل أحد: لماذا تقتلون العرب؟ ولن يسأل آخر لماذا تنهبونهم؟ فالعجول والأبعرة ليست بحاجة إلى مدارس أو مصانع أو خبز. ولعبة الغرب الذكية أنه يستغل هذه الفرصة لتصفية العرب المتحضرين جزئيا، وترك الخليجيين يتكاثرون في محمياتهم بحرية مطلقة. هذا الوضع هو الذي يحمي ما تبقى من النفط، وليس ضرب الرمل بالطائرات.
أما أبناء الروميات، فهو نوع قديم مهجن ينتمي وراثيا إلى الأم، له جلد ناعم لا يطيق القطن أو الساتانات وله فقحة مربعة وينام عاريا حتى في الشتاء. وتنحدر هذه السلالة من نساء المماليك وأتباعهم. ومعظمهن تركيات وروسيات وأوروبيات شرقيات مستوردات من أسواق الجواري، أو هدايا مدسوسة من أجهزة المخابرات الصليبية في تلك الأيام. ومن أشهرهن شجرة الدر التي يعتبرها المصريون مثل كليوباترا في المكانة التاريخية رغم أن المماليك ظلوا يتوارثونها في مخادعهم إلى اغتالت زوجها وورثته بدورها. وكانت المستوردات في ذلك الوقت يسمين الروميات. وبعد أن ملك الأتراك وهم من الروم، مارسوا التجارة بالروميات لترويم العرب. وكان الخليفة العثماني يهدي رومياته اللواتي ملهن إلى أتباعه من العرب. وأبناؤهن ألأوائل كانوا جنسا لا ولاء له لأحد إلا نفسه. فقد كان يرى أمه ما تفعل مع أبيه، كما أن كثيرا منهم لم يعرف له أما ولا أبا فنشأ على نفسه. لذلك فإن نسلهم اليوم نشأ على مزاج السلالة المتوارث من العدمية والإستهتار بالشرف. ومعظمهم من عائلات غنية، والسبب معروف. لذلك فإن أكثرهم من المتعلمين الذين ما زالت دماء الغرب تشدهم إليها، وهم يعملون عادة في الأعمل الحرة والمهن المعتبرة والوظائف المجزية. ولكن أكثرهم يعملون في الثقافة والفن، خاصة في مجالات البحث الأكاديمي والإستشراق الثقافي والفلسفي بميول باطنية خفية. أما حثالاتهم الإجتماعية فهي مرئية كثيرا في مجال الصحافة والإعلام المسموع والمقروء والمرئي. وهؤلاء باب خاص في طبيعتهم وطبائعهم. فهم أحب خلق الله إلى المخابرات الدولية. ألرجال لهم طبائع النساء، والنساء طبائع الرجال. فالرجال ملفوفون مكرفتون قريبون من التخنث يجذبون الشواذ. والنساء جميلات لعوبات مسترجلات، مكشوفات السواعد والنحور والرؤوس والصدور والظهور. ويقال أنهن لا يرتدين من الملابس إلا ما يراه الناس. وقد يقول البعض لقد أسرف حنظلة في الوصف. وأقول:لا ! أسرفت في الصدق والشكوى والتحذير. فوالله لأولئك وأولائكن قد أسرفوا في ابتذال دمنا وشرفنا ووعينا، بما لا تستطيعه أمريكا والغرب والشر الكوني إلا بهم. ووالله إن لهم ولهن القسط الأوفر في دم كل عربي رجلا أو طفلا أو امرأة سال في هذا الوطن المنكوب منذ غزو العراق إلى الغزو الشامل الذي ستموت به أمة بأكملها. ألم تسمعوهم وتسمعونهن يحرضون ثوار السى آي أي في ليبيا وسوريا واليمن على القتل، وكأنهم وكأنهن متصوفين في حالة النرفانا، ألم تسمعوهم وتسمعوهن يستجدون ويستجدين الغرب حرق العرب بطريقة أكثر جذرية مما يفعل وكأنهم وكأنهن يستجدونه تحت وطأة الإنفعال باللذة القصوى؟ هل هؤلاء بشر مثلنا يمكن أن نحس بإنسانيتهم أو شرفهم؟ من يفعل ذلك سوى العتاة من سوداويي الجريمة الكونية؟ فأين هو العدل في مطالبتنا أن نسكت لهم على هذا الولوغ المسعور في دمنا ومستقبلنا وأنسانيتنا؟ ما الفرق بينهم وبين شياطين الجحيم؟ لا أدري إذا كان لهم أبناء، واستبعد ذلك لأنهم متفرغون للتحريض على قتل الطفولة العربية وكأنها مصدر وبائي. ولكن إذا كان لهم ولهن ذلك، فهل يحملون ويحملن أطفالهم ويدللوهم ويدللنهم وماذا يقولون لهم؟ لا يمكن ذلك في حالتهم وحالتهن أبدا، وإلا لكان ذلك أبشع مشهد سوريالي عبثي اقترحته الجريمة المريضة في تاريخ البشر، يدعو إلى الكفر بالله وبالإنسان. تصوروا أنفسكم مكانهم، ألا تحسون بالرغبة في الإنتحار؟ ألا يساوي طفل واحد أوقتيل ممن قتلوهم وقتلنهم في العراق أو ليبيا أو سوريا أو اليمن، أن نغضب حتى الجنون؟ من أجل ماذا يمكن أن يتحول الرجل ذئبا والمرأة أفعى وينشر الموت بين الناس بهذا الإخلاص والشبق والرعونة؟ أمن أجل الدولارات وحدها؟ أبدا ! فهذا افتراض لا يجوز على بشر عاديين. إنها الجريمة الشخصية ومرض القتل المجاني والحاجة النفسية الملحة للمجرم للتدمير. إنها الكراهية التي لا سابقة لها. فهل تقترحون أن نغفر لهؤلاء موتنا وحزننا وأطفالنا؟
هل رأيتموهم وهم يصنعون معجزات الأكاذيب الإعلامية للتحريض على القتل بالجملة، بحماس العالم الذي يكتشف دواء لمرض السرطان، أم أنكم مصابون بخدر الإدراك؟ هل سمعتموهم وهم يوردون الأخبار الميدانية عن طريق مراسليهم إلى طائرات الناتو لتقصف الدنيين، فيوحون أن القذافي يخبيء الأسلحة في بيوت المدنيين؟ من أخطر عليكم وعلى أطفالكم هؤلاء أم الأوبئة والكوارث الطبيعية؟
هل تمتعتم بهن وهن يشهقن وينخرن ويغنجن ويتململن على كراسيهن بشره ويقذفن بدخائلهن الأنثوية على الشاشة ليستدرجن وعي المتكلم والمشاهد إلى ما يردن؟ هل سمعتموهن يعاتبن الناتوا لأنه لا يبذل الكافي من القصف على مدن القذافي المسكونة بالغيلان ليحمي المدنيين في الجانب الآخر؟ ألا تحسون بالغضب وهن يستغفلنكم بذلك، لأن المدنيين موجودون في مدن القذافي فقط، ولا يوجد مدني واحد في الجانب الآخر لأن خطة ترحيلهم إلى تونس ومصر والخليج كانت جاهزة، وبدأ تنفيذها بعد ” إعلان الثورة ” بخمس ساعات؟ اسفي على من يفرقون بين تلك العاهرة المربعة الفقحة التي تتكلم من معدتها وبين امرأة لوط، وبين شاشات التلفزيون وسدوم وعامورة.
وإلى الدياييث والعاهرات وسدوم وعامورة الجديدتين. لعلكم تعرفون ما فعل الله بسدوم وعامورة القديمتين. لقد جاوزتم حدود المهزلة الدعائية، إلى البغي الدعائي. ثم تجاوزتم ذلك إلى التخابر الميداني، ثم انحططتم في الجريمة المباشرة من خلال الكذب والتحريض والتراسل الإذاعي، وانغمستم فيها إلى أخس حضيضها. أيديكم وأفواهكم ومهاراتكم أصبحت ملوثة بدماء الأبرياء. كفوا أيها الساقطون والساقطات. بلغ السيل الزبى. ارتزقوا بالدعارة التي نشأتم عليها في أوكار المارينز، واتركوا دعارة القتل والتحريض على الدم العربي. ولا تغتروا بالله، فلكل جريمة عقابها. كفى أيها المثلثون والمربعات لهوا بالدماء ! لا صمت عنكم بعد اليوم. وليس لكم شرف لنخترقه أو عزة لندوسها، ولكن لكم نفسياتكم المذلة المهانة، وحيثياتكم المفتعلة التي ترتزقون بها أمام الناس. سنظل نضرب عليها بنعالنا حتى تقرف منكم الخنازير.