ثوارت برنار ليفي

ثوارت برنار ليفي

بقلم الإعلامي: خالد الفقيه

يعيش الوطن العربي هذه الأيام ما يسميه البعض بالثورات، وتوغل بعض فضائيات النفط في تأجيج إواره بهدف إسالة المزيد من الدماء لتتدفق كما يتدفق النفط في صحراء العرب الذي تغذي عائداته الدولارية إستمرارية هذه لفضائيات.

وتغفل وسائل الإعلام هذه عن محرك وباعث هذه التحركات التي تسميها بالثورات ضد الأنظمة الشمولية ولكأن خليجنا الثائر ينعم بالديمقراطية ويعلمها للعالم. ولكأن أنظمة الحكم فيه لا تعرف التوريث وتتبدل الوجوه فيه كل أربع سنوات مرة. ولكأنه لا يوجد فيه من إنقلب على أبيه أو أخيه وأزاحه عن سدة الحكم في حلكة ليل داكن.

وعلاوة على كل هذا من حقنا أن نتسأل عن الدور المشبوه لليهودي برنار هنري ليفي الذي  رصدته عدسات الكاميرات في ميدان التحرير بالقاهرة وفي بنغازي الليبية لإلتقاء المجلس الإنتقالي والترتيب معه للمرحلة القادمة بما في ذلك إستحواذ الرأسمالية المتوحشة على نفط ليبيا وتجزئة البلاد.

برنار ليفي الذي تقول بعض المصادر العبرية أنه قد يرشح نفسه لرئاسة وزراء الاحتلال كخلف لنتنياهو وهو الذي قال في مؤتمر عقد في تل أبيب تحت مسمى الديمقراطية وتحدياتها في آيار من العام الماضي إن الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش التي رأها في حياته ديمقراطيةً، وقال حرفياً: ” لم أر في حياتي جيشاً ديموقراطياً كهذا يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية. فثمة شيء حيوي بشكل غير اعتيادي في الديموقراطية الإسرائيلية”.

وهو الذي دعا لتدخل دولي في دارفور السودانية وأوصل البلاد هناك للتقسيم، وفي 16/9/2008، نشر برنار هنري ليفي كتابه “يسار في أزمنة مظلمة: موقف ضد البربرية الجديدة” الذي يزعم فيه أن اليسار بعد سقوط الشيوعية قد فقد قيمه واستبدلها بكراهية مرضية تجاه الولايات المتحدة و”إسرائيل” واليهود، وأن النزعة الإسلامية لم تنتج من سلوكيات الغرب مع المسلمين، بل من مشكلة متأصلة، وأن النزعة الإسلامية تهدد الغرب تماماً كما هددتها الفاشية يوماً ما… وأكد أن التدخل في العالم الثالث بدواعي إنسانية ليس “مؤامرة إمبريالية” بل أمر مشروع تماماً.

وفيما يخص الشأن السوري فإن ليفي يعد في نظر الولايات المتحدة مهندس ما يسمونه بالانتفاضة التي قد تطيح بالنظام وتفتح الباب أمام التسوية مع الكيان الصهيوني بعد رحيل الأسد. فليفي كان الوجه الأبرز حضوراً في إجتماع المعارضة السورية في باريس الذي أبدى مرارته كما قال لعدم التدخل العسكري في سوريا وسط تصفيق الحضور الذين بدوا دماً تريد من الغرب قصف بلادهم وقتل شعبهم واستباحة أراضيهم.

والسؤال هنا ما الذي يفعله ليفي في ليبيا وسوريا ودول أخرى وهل سيكرر ما فعله بيوغسلافيا التي دفع باتجاه تفتيتها وفي الباكستان التي كان أحد أبرز داعمي إنسلاخ بنغلادش عنها؟

ولماذا تلبي ما تسمي نفسها بالمعرضة السورية إن كانت وطنية تريد الإصلاح واالديمقراطية دعوات أصدقاء إسرائيل للمشاركة في مؤتمر باريس؟

هل بات برنار ليفي الأب الروحي للثورات العربية؟ وهو الذي نقل رسالة من المجلس الإنتقالي في ليبيا لمكتب نتنياهو تتضمن إعترافاً ضمنياً بكيان الاحتلال الصهيوني ووعد بالتطبييع معه لاحقاً.

إن دخول هذا الصهيوني على خط ما يجري في سوريا من شأنه أن يقوض مشاعر العداء التاريخية المتوارثة في أوساط الشعب السوري للإحتلال الإسرائيلي الذي يحتل جزءً من أراضيهم.

وحتى لا يفهم القاريء بأننا ضد الحريات والديمقراطية والوحدة القومية التي تكفل التحرر والإنعتاق من الإستعمار وأدواته مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية عدا عن أدواته الميدانية المرتبطة برنا مجياً وتمويلاً بهذا المحور الناهب لخيرات الشعوب نقول: في مصر وتونس نعم رحل النظام ولكن بقيت أدواته وجيشه وزلمه المرتبطين بالغرب تسليحاً وإستخبارتياً، وهذا لا يعني أن عاقلاً كان مع النظامين المذكورين، ولكن من أتوا بعد زين العابدين ومبارك أكدوا من الحظة الأولى لتوليهم مقاليد الأمر التزامهم بكل ما فعله مبارك وزين العابدين من إتفاقات ومعاهدات بما في ذلك كامب ديفد ووجود السفارات والمثليات الصهيونية وحماية مصالح العدو، الثورة في وعيينا تعني حالة قطع مع الماضي كما فعل عبد الناصر وهوتشي منه وكاسترو وغيرهم.

ونحن هنا لا نريد باسم الثورة تفتيت المفتت أصلاً ولا نريد باسم الثورة ولوج عالم التطبيع والتمييع للقضايا القومية الكبيرة، ومن غير المقبول باسم الثورة الإلتفاف على ما تبقى من شذرات المقاومة والممانعة.

ومن حق كل حر في هذا العالم أن يخشى على سوريا من الضياع كما ضاع العراق ودخل الكثيرون مرحلة البكائيات والندب والندم، وفي هذا المقام ومن خلال المتابعات لما يدور في الشام استوقفني خبر عن مؤتمر عقد بشأن سوريا في باريس بإدارة جيل هرتزوغ وحضور ليفي إستوقفني خبر عن طرد صبية سورية صاحت في القاعة عندما استطلعت وجوه الجالسين على الكراسي فلم ترى فيها وجه وطني واحد فما كان منها إلا أن صاحت في هذه القاعة لا يوجد سوري واحد، في هذه القاعة لا أرى إلا صهاينة. وما هي إلا لحظات وكانت أيد خفية قد إنقضت عليها لتخرجها خارج القاعة.

هرتزوغ رد على الفتاة قبل مغادرتها الصهيونية ليست تهمة الصهيونية مفخرة والغريب أنه لم يتحرك أحد من الحضور إلا شاب سوري حركته الحمية فقال: إن من أيد ودافع عن الحرب الإسرائيلية على غزة ووقف إلى جانب الحرب على العراق، لا يمكن أن يكون صديقاً لشعب سوريا. وكان مصيره كسابقته.

وفي قاعة المؤتمر لم يطلب أحد من الحضور من مضيفيهم إرجاع الجولان وكان همهم إستجلاب طائرات الناتو لضرب مدن سوريا والحجة طبعاً إسقاط النظام.

وبحق وليسمح لي الدكتور عادل سمارة في استعارة وصفه لهؤلاء حين سماهم بأولاد هيلاري. فهؤلاء بإسم الحرية يذبحون أوطانهم ويبيعونها ويصيحون بعدها فليحيى الوطن.