إصلاح سوريا ليس عبر بوابة أوسلوـ ستان
عادل سمارة
حين يرمي النظام في سوريا بقطعة من سوريا إلى سمك القرش، نبقى مع سوريا. وحين يتعاطى النظام مع أعداء الأمة بدبلوماسية نقف ضد النظام والدبلوماسية وبالطبع ضد أعداء الأمة. وإذا كان الاعتراف بدولة أوسلو-ستان، حتى ولو مشروطاً بحل كافة القضايا …الخ هو جزء من الإصلاح، فهذا ليس إصلاحاً للشعب العربي في سوريا بل تفريط بجزء من سوريا تتنطح لحمله جامعة الدول العربية، وهذا هو الإصلاح الذ ي تفرضه الولايات المتحدة وتمهد له “المعارضة السورية المعولمة” المعادية للأمة. والغريب ان التجاوب معه يأتي في الوقت الذي:
- تشن فيه الولايات المتحدة حرباً معلنة على سوريا وليست فقط على النظام
- وفي وقت تراخي قبضة الوحش الإمبريالي سواء بتقطيع اصابع كفيه في العراق، وارتخائها عن الزناد في لبنان والغوص في إشكالية المديونية داخلياً.
لا يليق بالمثقف النقدي والمشتبك أن يرحب بتقطيع جسد الوطن، فليس المثقف ابداً على باب السلطان كبُر السلطان ام صغُر. والمثقف ليس بحاجة للسلطان، بل السلطان بحاجة للمثقف. السلطان صاحب مصلحة والمثقف صاحب موقف، اي هكذا يجب أن تكون المعادلة. لذا، فإن قرار النظام السوري الاعتراف بدولة أوسلو-ستان، هو خطيئة وسقطة لا يمكن السكوت عليها. وهو اعتراف يقود في النهاية إلى الاعتراف بالدولة الصهيونية الإشكنازية وحتى اليهودية الخالصة على أرض جنوب سوريا!
كان بوسع النظام السوري أخذ عبرة من إضطراره لقطع قطعة أخرى منه هو لبنان، وهو الأمر الذي رفضته سوريا حتى ما قبل عامين حين اضطرت لتبادل السفارات مع لبنان! ولبنان جزء من سوريا، بل هو حتى في الخريطة كالجنين في بطن امه، وهو جنين زِنىً غربي فرنسي في الأساس ومنذ عام 1860 وليس فقط بعد فرض هذا الكيان من قبل الجنرال الفرنسي غورو. كان بوسع النظام أخذ العبرة من هذا حيث واصلت الإمبريالية مطالبها الأخرى من سوريا وزادت عليها، وها هي اليوم تضرب سوريا بالسيف التركي والسعودي وكثير من سيوف الإخوان وأنواع السلفيات وبالمندسين وأنواع من المخابرات…الخ. وإذا ما خُيِّل للبعض أن الولايات المتحدة باشرت العدوان على النظام وعلى سوريا عام 2005 فهذا تساوق مع خطاب دبلوماسية العدو. فبعيداً عن ممانعة النظام، فإن الغرب الرأسمالي كما الكيان الصهيوني لا يعدم لحظة دون التخطيط ضد الأمة العربية. فهل يُعقل أن يُعلن هذا العدو بصدق موقفه منا؟ لو كان هذا العداء موسمياً، لكنا بألف خير؟ وهل يُعقل أن تمويل هذا العدو للشق العميل من المعارضة السورية سواء خدام أو البنايوني بدأ منذ عام 1999 وحسب؟ لماذا لا نضع في الحسبان ان هذا العدو يجند ويدفع بداية من برنار هنري ليفي وبرنار كوشنير وبرنار لويس ومحمد جعفر وحتى “كويتب” صغير في الضفة الغربية ويدفع له طالما يخصص قلمه الفقير علميا وثقافياً ضد سوريا؟ وقد لا أجانب الحقيقة إن زعمت أن ما يُدفع لهؤلاء هو اتاوة مصدرها جزيرة النفط والرمل والتخمة.
لن ترضى عن سوريا قيادة اوسلو-ستان. ومن يقرأ ما تكتبه اقلام كثير من الفلسطينيين في أرض أوسلو يدرك أن هناك غرفة عمليات مخصصة للانتقام من سوريا وتركيعها. وما جرى في اليرموك مجرد شاهد واحد. وعليه، لن يكون للاعتراف باوسلو-ستان اي تاثير في إسكات أهل هذه الغرفة وتمفصلاتهم في مختلف أجزاء أوسلو-ستان، بل سيشدوا اكثر، لأنهم هكذا، ولأن مَنْ ورائهم يطلب المزيد.
فهمنا الاضطرار للخروج من لبنان وإن كنا ضد الدخول إلى لبنان بتلك الطريقة. وكنا نتمنى طالما حصل الدخول أن تتم استعادة لبنان، وهو الأمر الذي كان مستحيلاً لأن الأمور لم تتم إدارتها بما يتناسب مع متطلبات مشروع قومي وحدوي ديمقراطي وثوري. فما بدأ قُطرياً، بعيداً عن المناخ القومي الثوري لن يُنتج ثماراً وحدوية.
خلاصة القول، إن المطلوب في سوريا الشعب هو السير الحثيث في تطبيق ما توافق عليه المتحاورون من المعارضة الوطنية النظيفة والنظام نفسه. فقوة سوريا من داخل سوريا وليست من إرضاء الأعداء. ألم يقل لنا المتنبي:
وهل تُغني الرسائل في عدوٍّ…..إذا لم يكنَّ ظُبىً رقاقا!
أو كما قالت العرب:
قالها سعدُ وسعدٌ مشتمِل….ما هكذا توردُ يا سعد الإبِل!