مقتطفات من:
دراسة أمريكية عن كلفة “الحرب على الإرهاب”
سعيد عريقات ـ واشنطن
· 4 ترليون دولار و250 ألف قتيل
في دراسة أمريكية جديدة عن تكاليف الحرب على الإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة قبل قرابة عشرة أعوام، والتي قتل فيها حتى الآن 250 ألف شخص، وبلغت نفقاتها أكثر من 4 ترليون دولار حسب الدراسة، وهو رقم يتجاوز تكاليف الحرب العالمية الثانية، إضافة للخسائر والتكاليف غير المباشرة، والخسائر التي لا يمكن تقديرها بالدولارات وهي المآسي والعذابات التي عانى وسيظل يعاني منها الملايين الذين تضرروا من هذه الحرب.
وفي الوقت الذي تعاني فيه الولايات المتحدة من أزمة اقتصادية خانقة متعددة الجوانب، ويحتدم فيه الجدل بين الكونجرس والإدارة للاتفاق على الإجراءات الممكن القيام بها للحد من تفاقمها … أصدر معهد واطسون للدراسات الدولية، التابع لجامعة براون الأمريكية المرموقة – واحدة من الجامعات السبع الأولى في الولايات المتحدة- أصدر دراسة شاملة تحت عنوان ” تكاليف الحرب على الإرهاب … الحروب منذ عام 2001، العراق، أفغانستان وباكستان ” يفصل تلك التكاليف.
وحسب ما جاء في الدراسة ” أنه بعد 10 سنوات من الحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة على الإرهاب عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن عام 2001، بلغت التكلفة الإجمالية للولايات المتحدة في حروبها في العراق وأفغانستان، وعملياتها العسكرية في باكستان ما يزيد على 4 ترليون دولار أمريكي ومقتل ما لا يقل عن 225 ألف شخص بين عسكري ومدني من مختلف الأطراف المنخرطة مباشرة في هذه الحروب.”
وقالت الدراسة أن التكاليف الإجمالية التي وردت فيها قدرت في أدنى حد ممكن. خصوصاً فيما يتعلق بالنفقات وبعدد المدنيين الذين قتلوا في العراق تحديداً، وأفغانستان وباكستان على وجه العموم.
وأشارت الدراسة إلى أن الإدارة الأمريكية التي أعلنت الحرب ( إدارة الرئيس السابق جورج بوش ) والإدارة الحالية، لم تطلع ولا تطلع الشعب الأمريكي على الحقائق كاملة، سواء فيما يتعلق بما إذا كانت تلك الحروب ضرورية أم لا، أو ما إذا كانت هناك بدائل لها لمواجهة الإرهاب. ولذلك دعت الدراسة الإدارة والكونجرس إلى اتباع الشفافية التامة، والمحاسبة الدقيقة في إطلاع الأمريكيين على الحقائق. حيث أن الأغلبية الساحقة منهم لا تعرف عن حقائق هذه الحروب، إلا العناوين والشعارات التي قامت عليها.
تجدر الملاحظة أن إدارة الرئيس السابق جورج بوش، ألهبت الشعور الوطني لدى الأمريكيين وأثارت حماسهم لتأييد الدخول في الحرب على الإرهاب دون تحديد دقيق للعدو، ودون تقدير لتكاليفها، ودون تحديد للزمن أو السنوات التي تستغرقها. وظلت إدارة بوش حتى آخر أيامها تعزز شعارات الحرب على الإرهاب، وتثير قلق وهلع الأمريكيين من الإرهاب والإرهابيين حتى باتت مع مرور السنوات تبدو وكأنها حرب مفتوحة ضد المسلمين.
يذكر أن المشاركين في الدراسة التحليلية الشاملة كانوا قرابة 20 من العلماء والخبراء والمتخصصين الاقتصاديين والسياسيين والمحامين والمؤرخين والمعنيين بالشؤون الإنسانية والاجتماعية والسكانية. ومن أبرز النتائج التي توصلت إليها الدراسة ما يلي:
· إن التكاليف التي تكبدتها الولايات المتحدة ( أكثر من 4 تريليون دولار ) تتضمن التكاليف العسكرية، وتكاليف علاج الجرحى والذين أصيبوا بإصابات أقعدتهم مدى الحياة.
· مقتل 31 ألف شخص عسكري من ضمنهم المتقاعدون مع القوات الأمريكية، وأفراد قوات الأمن والجيش في كل من العراق وأفغانستان.
· مقتل 172 ألف مدني ( 125 ألف عراقي و 35،600 باكستاني، 11،700 أفغاني)، وقالت الدراسة أن هذه الأرقام كحد أدنى بمختلف المقاييس ( يذكر أن دراسات دولية عدة وضعت في هذا الخصوص تراوحت مقدراتها للقتلى بين المدنيين في العراق فقط بين 400 ألف ومليون شخص ).
· أدت هذه الحروب إلى تشريد 7،8 مليون شخص أصبحوا لاجئين سواء خارج أو داخل أوطانهم، ( 3،5 مليون لاجئ عراقي خارج العراق منهم 1،8 خارج العراق، و 3،3 مليون لاجئ أفغاني منهم 2،9 خارج أفغانستان ومليون لاجئ باكستاني منهم 965 ألفاً خارج باكستان ).
· خلافاً لكل الصراعات والحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، فإن حربها في كل من العراق وأفغانستان تم تمويلها بالكامل من قروض يتعين سدادها عاجلاً أو آجلاً. مما سيضيف عبئا على البلاد التي لا تزال تعاني من أزمة الركود العالمي. وإن الولايات المتحدة دفعت فوائد على هذه الديون حتى الآن مبلغ 185 بليون دولار. وتقدر الدراسة أن إجمالي الفوائد التي ستدفعها الولايات المتحدة على ديون تمويل حروبها هذه ستبلغ ترليون دولار بحلول عام 2020.
· إن المبلغ المذهل للتكاليف ( أكثر من 4 ترليون ) مرشح للازدياد أضعافاً مضاعفة بحلول عام 2050، متضمناً ذلك تكاليف الإنفاق العسكري في المستقبل، ورعاية الجنود المتقاعدين والمصابين والمقعدين … الخ.
· أن هناك الكثير من التكاليف المترتبة على عواقب هذه الحروب لا يمكن تقديرها وتحديدها، خصوصاً وأنها ستستمر حتى بعد توقف القتال والعمليات العسكرية نهائياً، وبشكل تام. وقالت أن التكاليف والخسائر غير المرئية تفوق التكاليف والخسائر المادية والبشرية المنظورة.
· إن الوعود التي أطلقتها الولايات المتحدة بأن غزو العراق وأفغانستان سيجلب الحرية والديمقراطية لهما لم تتحقق. فكل من العراق وأفغانستان يواصل احتلال موقع متأخر ومتدن جداً في التصنيف العالمي للحريات السياسية، وإن أمراء الحرب يستمرون في السلطة بفضل الدعم الأمريكي. كما أن الانقسام الطائفي والعرقي في العراق أصبح أكثر مما كان عليه قبل الحرب.
· أنه كانت هناك بدائل للحرب في كل من العراق وأفغانستان، لكنه لم تتم مناقشتها إلا نادراً. وهي لا تزال متوفرة للولايات المتحدة حتى الآن. وذلك في إشارة من الدراسة إلى ضرورة اعتماد البدائل السلمية بدلاً من الحروب الباهظة التكاليف.
· بلغ عدد القتلى من الجنود الأمريكيين 6،051 قتيل بينما بلغ عدد الجرحى من الجنود الأمريكيين في هذه الحروب 99،065 جريح.
وأوضحت الدراسة أنها ركزت على التكاليف والخسائر البشرية الأمريكية أكثر من غيرها نظراً لمحدودية مصادر المعلومات وغيرها من المصادر. ولذلك فإنه لا يزال هناك الكثير جداً من الحقائق المطلوب معرفتها عن هذه الحروب وآثارها وعواقبها وخسائرها الإنسانية والاقتصادية والحلول الممكنة لمواجهة الكوارث والمآسي والخسائر المذهلة التي ترتبت عليها وستترتب في المستقبل.
وتشير الدراسة إلى الخسائر غير المنظورة وهي المعاناة والآلام والعذاب الذي سببته الحروب لمئات آلاف الأشخاص الذين أصيبوا بإعاقات وتشوهات من جراء الحرب. إضافة إلى الذين قتلوا أو ماتوا بسبب نقص العلاج والرعاية خصوصاً بين الأطفال. وقالت أن هذه الخسائر المالية لا تساوي شيئاً مقارنة بالمعاناة والعذاب المستمر لعقود مقبلة.