العداء للفلسطينيين

أبعد من العداء للفلسطينيين

عادل سمارة

كتب الأستاذ فهمي هويدي ناقداً قرار سلطة الإمارات بطرد فلسطينيين بأنه أمر تُشتمُّ منه رائحة عداء للفلسطينيين. وهو رأي صحيح وصائب، ولكن الأمر ابعد بكثير من هذا وأعمق، هو قرار سياسي لا علاقة له بالمستوى الخيري والإنساني ولا حتى بالجهد الذي قدمه الفلسطينيون في بناء الإمارات، أو الكويت التي قامت بنفس الفعلة وعلى نطاق أوسع. فقضية فلسطين هي الصراع العربي الصهيوني، لذا، هي قضية قومية في الجوهر. وقد اثبتت التطورات والصدامات أن الموقف القومي هو العمود الفقري لهذه القضية عامود تواصلها وعامود الحرص عليها.

ومن هنا، فخطوة دولة الإمارات هي استكمال لموقف بل والدور المُناط بالدولة القطرية لضرب المشروع القومي. . وليست هذه أول خطيئة من نوعها. فقد التئمت أنظمة عربية منذ عام 1991 في العدوان الغربي على العراق. ورغم أن قوات هذه الدول كانت رمزية إلا أن الهدف الذي أُبتُغي هو التأصيل في ذهنية المواطن العربي أن المشترك القومي غير موجود، وأن بوسع اية دولة عربية العمل وحتى العدوان على دولة عربية أخرى ضمن عدوان غربي. هي تطبيع المواطن العربي على القطرية، ولا يختلف هذا عن تطبيعه على قبول الكيان.  بكلمة أخرى، المقصود هو نزع الانتماء العروبي لصالح قطريات مرتبطة وتابعة للمركز الإمبريالي ضمن دور لها هو خدمة المشروع الغربي وخاصة الأميركي الصهيوني في المنطقة.

فليس من مجال لتثبيت الكيان الصهيوني في  الوطن العربي سوى بضرب المشروع القومي. وهذا ما ثبت رغم اتفاقات كامب ديفيد واوسلو ووادي عربة واتفاقات سرية أخرى. ولو كان الصراع على فلسطين بمعزل عن الأمة لكانت المسألة أو المهمة قد أُنجزت. وعليه، فطرد الفلسطينيين يصب في المشروع التصفوي ببعديه:

· تصفية المشترك القومي

· والذي يقود بالضرورة إلى تضفية القضية الفلسطينية.

من جانب آخر، فدولة الإمارات ليست أكثر من محمية أميركية. فالقيادات العليا للأمن والمخابرات والشرطة هي أميركية أو غربية عموماً. وحاكم الإمارات هو الذي أهدى فرنسا مساحة من الوطن للنظام الفرنسي لإقامة قاعدة عسكرية هناك. ومتى؟ في عيد جلوسه على كرسي الحكم! ونظام الإمارات هو الذي تفاخر بكشف من اغتالوا الشهيد محمود المبحوح، ولكنه لم يتابع الأمر!! فهل من الغرابة أن يطرد الفلسطينيين؟ والإمارات تشارك اليوم في ضرب ليبيا ضمن عدوان غربي عليها تحت شعار حماية الشعب العربي في ليبيا. وتحت تبرير وجود ثوار هم الذين استدعوا العدوان الغربي  الذي “ضنَّ” عليهم بإرسال قوات برية لاحتلال ليبيا.

والإمارات تشارك في قوات سعودية  وخليجية لاحتلال البحرين.

لعل هذه الوقائع، وهي بالتأكيد ليست كل السجل، تؤكد أن ما قام به الحكم في الإمارات هو جزء من مشروع نقل  تفكيك الوطن العربي إلى احترابات داخلية عربية-عربية وصولا إلى دمج الكيان الصهيوني في الوطن العربي اندماجا مهيمناً.

ولا نستبعد أن لقرار حكم الإمارات هذا علاقة بالقلق الذي ينتاب الدوائر الإمبريالية من التحركات والثورات والانتفاضات في الوطن العربي لأنها بالتأكيد ليست في صالح الدولة القطرية.