“السلام المستحيل”…!

عن بدائل “السلام المستحيل”…!

نواف الزرو

رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يعلن  بمنتهى الوضوح:”ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي غير قابل للحل ما دام الفلسطينيون لا يعترفون باسرائيل كدولة يهودية/ هارتس- وكالات / الأربعاء 15/ 06/2011″.

مضيفا “ان “القضية ليست الانسحاب من كيلومتر هنا او هناك ولكنها تتعلق بمصير الشعب اليهودي”، مؤكدا ان اعتراف “ابو مازن” بيهودية الدولة سيفتح الافاق للوصل الى سلام-وللاعتراف بيهودية الدولة وراءه ما وراءه من تداعيات كارثية على الفلسطينيين-“.

وكان نتنياهو استبق زيارته الاخيرة لواشنطن بسلسلة لاءات تكفي لنسف أي تسوية من أساسها، إذ كرر التمسك ب”القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية”، وب”بقاء الاستيطان” و”تواجد جيش الاحتلال في منطقة الأغوار المحاذية للأردن”، و”الاعتراف بيهودية إسرائيل” و”أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح- الثلاثاء ,17/05/2011″. كما كرر نتنياهوشروطه للتسوية مع الفلسطينيين في افتتاح الدورة البرلمانية قائلا:”إن الكتل الاستيطانية (في الضفة الغربية) ينبغي أن تبقى تحت سيطرتنا”، ويجب الاعتراف ب إسرائيل دولة للشعب اليهودي وعاصمتها السيادية يجب أن تبقى القدس الموحدة”، وأن  مشكلة اللاجئين (الفلسطينيين) ينبغي أن تحل خارج حدود  إسرائيل”، و”اتفاق السلام يجب أن يضع حداً للنزاع والمطالب (الفلسطينية)”. وكرر ما أسماها الحاجات الأمنية ل “إسرائيل” والتمسك بوجود عسكري  إسرائيلي على المدى البعيد في الأغوار المحاذية للأردن”، مشدداً على وجوب”ان تكون الدولة الفلسطينية المقبلة “منزوعة السلاح”، مضيفا:”أن الصراع مع الفلسطينيين نابع من أنهم ما زالوا لا يعترفون بدولة إسرائيل وهذا ليس صراعا على (حدود) العام 1967 وإنما العام 1948 وعلى إقامة دولة إسرائيل ولذلك فإن الأحداث (في ذكرى النكبة أمس) جرت في يوم الاستقلال (الإسرائيلي) وليس في يوم بدء (حرب) الأيام الستة”، موضحا:”إنه لهذا السبب يسمي الفلسطينيون ذلك ‘يوم النكبة’ لكن نكبتهم هي أنه لم يقم لديهم زعماء أرادوا التوصل إلى تسوية وحتى اليوم لم تقم لديهم قيادة تعترف بإسرائيل كدولة القومية اليهودية ويحظر علينا أن نغرز الرأس بالرمال وإنما النظر إلى الواقع بأعين مفتوحة”.

ويلحق بنتياهو نائبه وزير الشؤون الإستراتيجية الجنرال احتياط موشيه يعلون الذي اعلن فى حوار مع صحيفة “كوميرساتت” الروسية: “إن حل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى أمر صعب جدا- الأربعاء 1 / 06 / 2011″، مضيفا  في وقت لاحق:”:” إنه لا يمكن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الظروف الحالية، وكل من يحاول عرض حل للصراع يوهم نفسه- السبت 2 / 07 / 2011″.

والكاتب الاسرائيلي آري شبيط  يوثق في هآرتس 2/6/2011 تحت عنوان:” الحرب والسلام” قائلا:” انه لن يكون سلام مع الفلسطينيين. لا هذه السنة ولا هذا العقد وربما هذا الجيل ايضا”، مضيفا:” حتى لو عاد اهود اولمرت ليصبح رئيس الحكومة فلن يكون سلام مع الفلسطينيين، وحتى لو عادت تسيبي لفني لادارة التفاوض مع احمد قريع (أبو العلاء)، فلن يكون سلام مع الفلسطينيين، وحتى لو سافر يوسي بيلين الى جنيف وخلا بمحمود عباس على ضفة البحيرة فلن يكون سلام مع الفلسطينيين”.

هكذا اذن حقيقة المشهد السياسي من وجهة نظر اسرائيلية.

وفي هذا السياق الالغائي لعملية المفاوضات واحتمالية السلام، لعلنا نربط ربطتا جدليا واستراتيجيا ما بين “شطب القضية الفلسطينية” كما اعلن ليبرمان في ايلول/2009، وما بين نهج”الابادة السياسية للقضية” وبين”السلام المستحيل في الادبيات والاستراتيجيات الاسرائيلية…!

فحينما يعترف ليبرمان خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة يديعوت أحرونوت/ ونشرتها الجمعة 4 / 9 / 2009  “إنه يريد محو القضية الفلسطينية من قاموس وزارته”، مضيفا:”يهمنا إزالة الموضوع الفلسطيني عن جدول الأعمال بقدر ما نستطيع، وهذه أجندة سياسية بالأساس”، مؤكدا:””مرّ 16 عاما منذ أوسلو لكن لا يوجد احتمال للتوصل إلى أي اتفاق شامل بإمكانه حل المشاكل بعد 16 عاما آخر أيضا”، فان هذا الاعتراف يضعنا امام تحديات كبيرة  لم يرتق العرب حتى اليوم الى مستوى التصدي لها، ولو جاء الاعتراف في زمن عربي آخر مختلف عما نحن فيه اليوم، لاختلفت ايضا المواقف والردود العربية، ولربما لتحركت جيوش وجيوش…!.

اما  ما هو ذلك الزمن العربي الآخر فهذه مسالة  تمس صميم الانظمة والسياسات والارادات العربية السيادية الحرة الابية…!

ونقول: ان سياسة  شطب القضية بكافة ملفاتها  راسخة في ادبيات ومخططات المؤسسة الصهيونية مذ اقيمت تلك الدولة المخترعة، فهي بالتالي ليست موقفا ليبرمانيا صرفا كما  يحاول البعض ان يروج، وانما هي  قضية واجندة اجماع سياسي اسرائيلي متكامل يمتد من الحائط اليساري الى اقصى الحائط اليميني…!

وهم هناك في المؤسسة الامنية والسياسية الاسرائيلية يربطون عمليا ما بين” السلام المستحيل” الذي يجمعون في سياقه على مواصلة المفاوضات العبثية بغية كسب الوقت واقامة حقائق الامر الواقع على الارض، وما بين”الابادة السياسية والاستراتيجية للقضية والحقوق العربية في فلسطين” في الاستراتيجيات الاسرائيلية…؟.

لو جاز لنا ن نخاطب الثنائي نتنياهو وليبرمان على تصريحاتهما لقلنا لهما: شكرا لكما نتنساهو و ليبرمان على مواقفكما وصراحتكما ووضوحكما وحسمكما وتهديداتكما، شكرا لكما على دوركما الكبير جدا في الكشف عن الوجه الحقيقي ل”اسرائيل” والاستراتيجيات والاطماع والاهداف الاسرائيلية الكبيرة…!.

ويبقى السؤال الكبير يبحث عن بدائل “السلام المستحيل”، وتبقى الكرة في الملعب الفلسطيني العربي الدولي، فعلى قدر ما نستحضر من اوراق القوة والضغط والفعل الحقيقي على قدر نتقدم في القضية…؟!

:::::

Nzaro22@hotmail.com