إن أية ثورة لا تكون فلسطين بوصلتها فهي ثورة مشبوهة
هل ما يجري اليوم في سورية هو ثورة ؟!!
وما هي مطالب هذه الثورة ؟!!
ومن يقود هذه الثورة….؟!
ما هي المرتكزات الفكرية التي تقوم عيها هذه الثورة ؟!!
في البداية وحتى لا يكون هناك أي لبس، ان ما يجري اليوم في سورية، إنما هو احتيال
وتزوير لمفهوم الثورات، وهو افك وبهتان .
الثورات أو الانتفاضات عندما تندلع ينخرط بها كل طبقات الشعب وفاَته، كل شرائحه
بنسائه ورجاله وحتى أطفاله ضد من انسلخ عن أهدافهم وغدر بمستقبلهم ولكن ما يحدث في
سورية اليوم عكس ذلك بكثير.
من الواضح ان سورية تتعرض اليوم لهجوم أو حرب كونية متعددة المحاور بقيادة الشر
الأكبر بالعالم أمريكا الصهيونية وحلفائها وعملائها العرب والمسلمين.
فمنذ أن غزت الجيوش الأمريكية العراق وتكشفت لها ولحلفائها الحقيقة التي أنبأتهم بأن
حربهم بالعراق خاسرة، وما تلى ذلك من تلقي وزير خارجيتها الذي جاء الى دمشق حاملاً
التهديد والوعيد ظاناً أنه المنتصر وأن شروطه ستقبل ومنذ أن رجع خائباً وسمع وشاهد أمراً
عجيباً فقد كانت العواصم العربية ترتعد على وقع الفوسفور الأمريكي المسكوب على أجساد
أبناء العراق الذين حملوا السلاح، فقد سمع كلاماً عجباً وهو الذي ظن بأنه قد أصبح سيد
المنطقة العربية بلا منازع لقد سمع بأن هناك شعباً وقيادة ترفض التهديد وهي مستعدة
لمواجهة وأنها لن تساوم على حقوق العرب منذ ذلك التاريخ وقد وضعت أمريكا سورية في
محور الشر وحاصرتها وحاسبتها، وسورية وقفت منتصبة القامة رغم كل الاغراءات التي
قدمها لها عملاء أمريكا من عرب النفط، رفضت المساومة على عروبة العراق، ورفضت
المساومة على عروبة لبنان ورفضت المساومة على عروبة فلسطين ورفضت التسليم
بالهيمنة الأمريكية، برغم المؤامرة الكبيرة التي حيكت حينما تم اغتيال الحريري تمهيداً
لخروج القوات السورية من لبنان، ولكن ذلك لم يسهل الأمر على مخططي المؤامرات فقد
وقفت سورية والمقاومة اللبنانية العربية بقيادة حزب الله وقفة سيظل التاريخ المعاصر
يذكرها بكل فخر حينما هزمت الاَلة العسكرية الصهيونية الأمريكية هزيمة كاسحة لم تحسب
لها حساب، وسجل التاريخ حينذاك كيف انتصرت الارادة والايمان، وكان لا بد لصانعي
القرار في واشنطن وتل أبيب من أن يعوا حقيقة ما يواجهوه، وأصبح لزاماً على أمريكا
وحلفائها وعملائها العرب الكُثر من أن يبدأو بنسج الشباك المسمومة لكسر ارادة هذا البلد
الذي ظل صامداً في وجه مؤامراتهم.
سورية وبرغم انسحابها المتاَمر عليه من لبنان ظلت عصية وازداد حلفائها قوة برغم
الدعم الأمريكي الكاسح لأذنابها في 14 أذار ومن تحالف معهم تحت ستار ديني كاذب.
وسورية ظلت قادرة على إبقاء جذوة المقاومة بالعراق الأمر الذي أفضى الى تحويل هذا
البلد الى مقبرة للغزاة، وها نحن نراهم يحاولون النجاة والهرب بعد أن عجزوا على تحمل
كلفة متابعة هذه الحرب الخاسرة.
وسورية الصامدة أحبطت كل التاَمر الصهيوني الأمريكي على فلسطين بقيادتها نهج
المقاومة العربية في لبنان وفلسطين، الأمر الذي أرق من ظن بأن مرحلة أوسلو ستفضي الى
ركوع فلسطيني عربي أمام مخططاتهم، وبقيت فلسطين المقاومة ورفض الاستسلام حاضرة
تنبىء كل من سرح بخياله وظن بأن صناع أوسلو ومعهم العرب العاربة قادرون على طمأنة
الكيان الصهيوني بأن تحالفاتهم معه اَمنة.
فما الذي جرى حتى استنفدت أمريكا والغرب أقصى طاقاتها ووظفتها بشكل غير مسبوق
منذ غزو كوبا ودفعت عملائها في لبنان والعراق وتركيا لاطلاق وحشد كل ما هو متوفر
وبتغطية عربية من دول النفط العربي، وتسخير امكانات لم نشاهدها منذ الحرب العالمية
الثانية، استخدمت فيه أعتى عمليات التضليل الإعلامي وتزوير الحقائق في التاريخ المعاصر
عبر إعلام عميل خائن جيشت إمكاناتها وقدراتها اللامحدودة لاشعال الحرائق والفتن
والحروب الطائفية وكانت أدواتها هي مجموعات من القتلة والمجرمين وتجار المخدرات
والسماسرة والمهربين والثأريين وأصحاب التيارات الطائفية والدينية البغيضة، من عملاء
المخابرات الأمريكية والصهيونية والعربية النفطية، مِن مّن يريدون تسهيل المخططات
الصهيونية على المنطقة العربية وعلى فلسطين تحديداً مِن مّن يريدون تحطيم خيار سورية
القومي حجر الزاوية الذي تأسست عليه علائم النهوض الومي الثوري الذي أخذت بشائره
تنهض في الأقطار العربية واحدة تلو الأخرى، والذي كان حتماً سيجدُ ملاذاً ودعماً والتصاقاً
مع الرسالة القومية لسورية.
لذلك ولذلك كله التحمت هذه القوى المعادية لتدمير هذه القلعة المنيعة التي استعصت طويلاً
عليهم فلا هي مستعدة للالتحاق بركب كامب دايفد وأوسلو وما بعد أوسلو، ولا هي مستعدة
للاعتراف للعدو الأمريكي الصهيوني بأية حقوق لهم بالوطن العربي، ولا هي مستعدة لفض
العروة الوثقى في تحالفاتها الاستراتيجية.
هم يريدون إجبار سورية وقيادتها بكل الوسائل المُتاحة،بكل الإمكانات الهائلة المُتاحة
لديهم، بكل ما انتجه العقل البشري من تكنولوجيا وأساليب، بكل أسلحة الدمار الكلي التي
يمكن تخيلها، بكل ما أوتيت أيديهم وعقولهم سخروا كل ذلك لكي تجبر كل هذه المكائد
سورية على التنصل عن خيارها القومي وأن تحذو حذو من سبقوها في كامب ديفيد وأسلو،
يريدون حرق سورية وتجزئة المُجزأ لكي يتسيد المشروع الصهيوني في المنطقة، فأمريكا
ليست بقادرة منذ الاَن على ارسال الأساطيل والجيوش وهي الاَن في مرحلة احتضار اقتصادي
، ولا يمكن أن تتم عملية انعاشها بدون الهيمنة الكاملة على المنطقة وعلى النفط العربي
بالكامل لذلك فالحل هو عملية تأسيس لمرحلة المشروع الصهيوني بايدي فلسطينية وعربية،
وتبقى سورية، لذلك كان لا بد من إغراق سورية لأن عكس ذلك هو أن سورية هي صمام
الأمان ضد التسرطن الصهيوني المحدق بالوطن العربي، فهي الحاضنة لمقاومة التطبيع
والغزو الثقافي ومحو الهوية القومية للأمة نعم الهوية القومية هي ما يخشاه المشروع
الصهيوني الأمريكي لأنه على هذه الصخرة فقط تتحطم كل المؤامرات والفتن لذلك كان لزاماً
على القيادة السورية أن تتصدى وبكل حزم لهؤلاء القتلة وكان لزاماً عليها إبادة هؤلاء
الخوارج الذين خرجوا من جحور ظلامية ولولا ذلك لكنا الاَن في إمارات تُبدد هواجس الكيان
الصهيوني مثلما شاهدناهم بقنوات العدو يطمئنونه على مستقبله الواعد بعد نجاحهم المزعوم
بالأراضي المحتلة ضاربي الصنوج، نافخي المزامير عند السلاطين وأشباههم الذين نشاهدهم
كالطحالب اللزجة في تفلتاتها في المياه الراكدة وحراكها داخل البيت الفلسطيني وفي عموم
الساحة الفلسطينية على حساب الصفوف الطويلة والعريضة من أبناء المقاومة والثبات على
الموقف القومي، هؤلاء الذين يمتهنون العمالة السياسية والذين يدعون الدفاع عن الشعب
العربي السوري وما هم في الحقيقة إلا متاجرون استولدتهم مرحلة أوسلو بكل ما فيها من
ركوع وارتزاق، حيث يتصيدون موقف ما لكي يجري تلميعهم لدى سادتهم في واشنطن وفي
السفارات الغربية.
إن دهشتنا تزول حينما ندقق في محور الهجوم على هوية سورية القومية بمعزل عن
الرسالة القومية العربية، بما في ذلك التخلي عن هذه الهوية، والتخلي عن قوى المقاومة
العربية والفلسطينية، وأول ما تستدعيه دعواتهم وتعاطفهم المتدثر بالحقد الأسود هو النيل
من سورية والنيل من المرتكزات التي تقوم عليها، فإذا كان المطلوب هو الانتظار بالصف
الطويل لتلقي المكافاَت السخية عبر الاصطفاف مع جميع القوى المعادية التي تسعى لإخراج
أمريكا من ماَزقها التاريخية في العراق ولبنان وايران وفلسطين وباقي الأقطار العربية التي
ثارت شعوبها ضد عملائها، أو أن يصطفوا في خارطة طريق واحدة أمام استسلامهم المبين
والحاق الجميع بركب الركوع للمشيئة الأمريكية حتى لا يبقى أحد يتهمهم بما اقترفت وما
ستقترف أيديهم لاحقاً.
لذلك وبكل تأكيد هناك ما يعي بأن هذه الدعوات المتهافتة والهجوم المحموم تأخذ موقعها
في سياق موقف انهزامي استسلامي يتسم باللاوطنية ويتطابق مع التوجهات المسمومة
بمهمة أن يتحلل الوطن العربي لكي يستطيع البعض هنا بالأراضي المحتلة أن يقضي ما تبقى
من عمره على المنصات الفارغة في نعيم أوسلو دون خوف من ما يمكن أن يُكدر صفو هذا
النعيم.
:::::