حركة الديمقراطية الشعبية المصرية

العدوان الاستعماري العسكري لحلف الناتو

علي ليبيا مشروع احتلال مباشر

تكرر حركة الديمقراطية الشعبية المصرية إدانتها للعدوان العسكري الاستعماري علي ليبيا الذي قاده ولا يزال يقوده حلف الناتو – الذراع العسكري للامبريالية – بغطاء رجعي ليبي عربي. وتعده مشروع احتلال دولة عربية شقيقة وحلقة من حلقات المشروع الاستعماري المشهر في وجه الشعوب العربية وغيرها من شعوب الجوار المعروف باسم مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهو المشروع الذي باشرت امريكا وحلفائها الاستعماريين تنفيذه بدءا باحتلال العراق وتمزيقه ويستهدف احكام السيطرة الاستعمارية علي المنطقة العربية وجوارها وحكمها حكما مباشرا من خلال تفكيك دولها وتقسيمها علي أسس دينية طائفية ومذهبية وعرقية وجهوية.

كما ترفض الحركة كل ما يترتب علي هذا العدوان من اسقاط للنظام الليبي بالقوة العسكرية الخارجية الاستعمارية ومن تنصيب لحكومة ما يسمي بالمجلس الوطني الانتقالي المفروض من قبل الدول الاستعمارية والمرتبط أغلب أعضائه عضويا بأجهزة مخابراتها والذين ينتظرون الآن أمر أسيادهم للوثوب علي طرابلس من داخل إحدي البوارج الحربية أو من علي متن إحدي طائرات الأباتشي لحلف الناتو.

مرة أخري ينجح أعداؤنا في تلغيم وتشويش رؤية ومواقف الكثير من القوي السياسية الوطنية المصرية والعربية لمسببات وأهداف عدوان الامبريالية علي ليبيا بالتستر وراء ذريعة حماية المدنيين الليبيين من قمع القذافي ونظامه ونشر الديمقراطية، فراحت تلك القوي تلهث لتهنئة “الثورة” الليبية وانتصارها واعتبارها حلقة من حلقات الربيع العربي والتي تستعيد به الدول العربية ” وجودها الفاعل في مواجهة سياسة العولمة الرأسمالية ” ( علي حد ما جاء ببيان الحزب الاشتراكي المصري علي سبيل المثال !! ).

أليست العولمة الرأسمالية هي الاستعمار الجماعي الذي يرفع ويقبل ” الثوار ” أعلام دوله في بنغازي وطرابلس علي رءوس الأشهاد، وأليست سياستها – المطلوب مواجهتها – هي سياساته التي لاتعشق سوي سفك دماء الشعوب، وتدمير وتجفيف مقدراتها البشرية والمادية سعيا وراء مزيد من التوسع والسيطرة المحمومتين علي خيرات تلك الشعوب وثرواتها ؟.

هل نسيت تلك القوي العراق ومصيره وذرائع غزوه ؟ الا زالت متشبثة بضلالة تقاطع المصالح بين مشروعنا الوطني للديمقراطية والمشروع الأمريكي لنشرها في العالم العربي ؟ الا تتذكر وتتعظ بما كشف عنه قائد حلف الناتو السابق ” ويسلي كلارك ” في مذكراته من أن إدارة بوش وضعت استراتيجية عسكرية منذ عام 2000 تتضمن شن حروب ضد سبع دول لتغيير نظم الحكم فيها تبدأ بالعراق وسوريا وتنتهي بإيران، أما الدول الأربعة الأخرى التي ذكرها في أكثر من حديث تليفزيوني فهي لبنان وليبيا والصومال والسودان ؟ وهل فقدت ذاكرتها وتحاول افقادها لشعوبها فصدقت أن حلف الناتو تحول فجأة إلي جمعية للرفق بالإنسان ( الليبي ) وحقوقه وحريته ؟.

ألا يدرك أصحاب هذه المواقف ان بمباركتهم وتهنئتهم ” لثوار الناتو ” إقرار منهم بمبدأ حق الامبريالية وذراعها العسكري في التدخل في شئون الدول وتغيير أنظمتها بالقوة المسلحة وخلق ” الثورات ” بمقاس أهدافها وهي التي لن تعدم الاستناد إلى أو خلق الذرائع لتمرير تدخلها وعدوانها ؟.

هل اعتبر أصحاب هذه المواقف أن قيادة التحول الديمقراطي في المنطقة قد اضطلعت به  قطر والإمارات والسعودية وغيرها من المحميات الأمريكية في الخليج ومشيخاتها الاستبدادية الرجعية الظلامية؟.

ألا تضعف تلك المواقف المؤيدة ” لثورة ” استقوت بالاستعمار و” انتصرت ” عبر حمم مقذوفات طائراته وأسلحته المتقدمة الممنوحة ” لثوارها ” ووحداته الخاصة المحاربة علي الأرض الليبية، فضلا عن إدارة مجلس قيادة تلك ” الثورة ” ( مجلس الخزي والعمالة ) من قبل الصهيوني برنار هنري ليفي والاستعماري القح فيلتمان وغيرهما من أركان قادة أعداء بلادنا، ألا تضعف تلك المواقف وحدة القوي الوطنية أمام العدوانية الاستعمارية الأمريكية الأوروبية الجامحة وتحبط نزوع الجماهير لطريق المقاومة والتحرير وإنهاء الوصاية والتبعية الاستعمارية الذي لا يزال يتحسس موقع أقدامه في مصر وأغلب الدول العربية ؟

إن أهداف العدوان الاستعماري الأطلسي علي ليبيا واضحة لكل ذي بصيرة. الهدف الأول (المباشر) هو الإجهاز علي الدولة الليبية الهشة وتقسيمها وتمزيق أوصال شعبها علي أسس قبلية وثأرية وجهوية وعرقية ودينية، ودفع النزعات الانفصالية عبر إعلاء الشعار الاستعماري المضلل ” توزيع السلطة والثروة ” وإدخال المجتمع الليبي أتون حرب أهلية مديدة  ( بدت تلوح معالمها علي الأرض ) مما يشكل الذريعة الجديدة للتدخل ” الدولي ” واضطلاع حلف الناتو بإرسال قواته البرية لحفظ السلم وحماية المدنيين بقرار جديد من مجلس الأمن أو حتي بدونه. وبذلك تكون ليبيا المترامية الأطراف والقليلة السكان والغنية بالبترول قد احتلت احتلالا عسكريا مباشرا لتصول وتجول فيها  الشركات الاحتكارية الاستعمارية بتأمين قوات دولها وقواعدها العسكرية المنتشرة علي الأراضي الليبية. أما الهدف الثاني فهو الوثوب الامبريالي إلي قلب القارة الأفريقية الواعدة بخيراتها إنطلاقا من بوابة المستعمرة الليبية مرورا بالجزائر – الدولة المحورية إقليميا – لتفكيكها واحتلالها أو تركيعها في الحد الأدني.

أما عن مصرنا الحبيبة فيكتمل بالوجود العسكري الاستعماري الثقيل لليبيا استكمال تطويق حدودها من الجهات الأربع والضغط علي ثورتها لتدجينها وتوجيه سياستها بالمخالفة لتطلعات شعبنا في استعادة الاستقلال الوطني لبلادنا كشرط أولي للنهوض والتقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

والحركة إذ تكرر إدانتها للعدوان الاستعماري الهمجي علي ليبيا الشقيقة، تدعو الشعب الليبي ( وكل الشعوب العربية ) وقواه ورموزه الاجتماعية والسياسية الوطنية الحقيقية إلي التوحد حول مهمة رئسية واحدة وهي رفض ومقاومة الوجود والتدخل الاستعماري العسكري والسياسي علي أرض ليبيا، وإلي نبذ ومحاصرة قوي النخاسة والعمالة لأعداء بلادنا ممن يدعون تمثيل ثوراتنا الوطنية وهم يهدفون في الحقيقة إلي تسليم بلادنا لقمة سائغة مهلهلة لأسيادهم الاستعماريين، واعتلاء ظهور بوارجهم ودباباتهم وتسويق الحكم الاستعماري الكريه.

حركة الديمقراطية الشعبية المصرية… 26 أغسطس 2011