العميد الدكتور أمين محمد حطيط
تحاول ادوات المخطط التفتيتي الاحتلالي ان يصنعوا لانفسهم نصرا في سورية بتعداد منجزاتهم، من اجل هدفين:
ـ الاول اكتساب ألثقة بصوابية التحرك وانتاجيته
ـ والثاني من اجل رفع معنويات من تبعهم بعد ان خدع بشعاراتهم وخططهم ما دفعه للانخراط في المسار التنفيذي لهذا المخطط- المؤامرة.
وفي هذا السياق يحتسبون من عداد منجزاتهم قدرتهم على التأثير على بعض الضباط والمسؤولين وحملهم على الانشقاق والتمرد والالتحاق بالحركة المستهدفة للدولة السورية ونظامها، كما يضيفيون بعد التضخيم ( بشكل لا يقبله عقل ولا يثبته واقع) حجم التظاهرات مدعين سلميتها، مضيفين ردة فعل الدولة في مواجهتها، ولكن الورقة الاهم التي يستندون اليها بشكل اكبر وافعل كما يتبدى من سلوكهم هي ورقة الخارج، حيث يصورون الدولة السورية بنظامها القائم باتت معزولة وانها لن تقوى على الاستمرار في هذه العزلة الدولية لان صبر الخارج لن يطول وسيضطر للتدخل في يوم قريب تحت عنوان معين حتى ولوكان انسانيا ليغير الواقع. (طبعا نرى في رهانهم على الخارج وتطلعهم اليهم شيء من واقعية لا يمكن ان ننكرها لانه لولا هذا الخارج لاتخذت الحركة المطلبية في سورية مسارا آخر ولرأيت السوريين بقادة الرأي والفكر لديهم جميعا يتحلقون حول طاولة حوار وطني باحثين عن السبيل الاسلم والمسار الافضل لبلدهم لتطوير نظامه وتراكم القوة فيه).
والان وفي مناقشة ما يحتسبه من يسمى معارضة سورية انجازات نجد الحقيقة في مكان والادعاء في مكان آخر حيث نرى:
1) بالنسبة للقوى العسكرية والرسمية المدنية: ظهر بالدليل القاطع ان التماسك الرسمي في النظام وفي اجهزته المدنية والعسكرية فوق ما كان يتصور ارباب الخطة – المؤامرة وقد صرح ذلك علنا امام لجنة الشؤون الخارجية الاميركية السفير الاميركي في دمشق عندما استدعي لبلاده للاستماع اليه حول الوضع السوري، كما اكدت هذه الحقيقة كل وسائل الاعلام الغربي التي بقيت على حد معقول من الموضوعية ولم تنجرف في تحيزها وتحريضها الى حد التزوير الكلي. كما ان من ادعى انشقاقه اوتمرده تبين انه خطف اوغرر به ولم يكن خروجه نتيجة قناعة وفي كل الاحوال لا يشكل وجود بضعة افراد من هؤلاء ظاهرة يبنى عليها. فيكون الانجاز الاول كذبة لا يتضرر منها الا من اطلقها لانه يغري نفسه بشيء غير موجود فيبني عليه وسرعان ما يتفاجأ بانهيار البناء.
2) بالنسبة للتظاهرات المدنية فقد بات يقينا وتحت سمع وبصر العالم ان التظاهرات تراجعت في سورية من خروج ما يقارب المليون متظاهر او اكثر بقليل في كل انحاء سورية وساحاتها في الاشهر الثلاثة الاولى للتحرك تراجعت الى ما دون بضعة الاف في كل انحاء سورية معظهم ممن يخرجون من المساجد بعد صلاة الجماعة اوالجمعة فيستغل الحشد عند الخروج ليدخل فيه من يطلق شعارا اوعنواناً ضد النظام ويصور على ان الجميع وراء هذا الامر، واننا في التحليل والتقييم الميداني لا يمكن اعتبار الحركة المدنية الاحتجاجية مستمرة في الشارع السوري اليوم والسبب برأينا هوانكشاف حقيقة الخطة – المؤامرة امام وعي الشعب السوري الذي ثبت بالقين القاطع.
3) ويبقى الامر الاخير وهوما يستحق التوقف عنده لانه السلاح المتبقي الاساس بيد المخطط والمنفذ ضد سورية وهودور الخارج. والسؤال الاساس هل نجحت المؤامرة فعلا في عزل سورية؟ وهل ان سورية عاجزة عن التعايش مع الواقع الدولي المستجد؟
– في سياق تعداد من يقف موقفا سلبيا من سورية متدرجا من الجفاء والقطيعة الى الخصومة والعداء يذكر المعارضون موقف الامين للعام للامم المتحدة للايحاء بانه موقف الامم المتحدة كلها، ثم يدرجون الحلف الاطلسي بالقيادة الاميركية والاتحاد الاوروبي واوروبا خاصة الدول المؤثرة (فرنسا – بريطانيا – المانيا) ويتابعون ذكر مجلس التعاون الخليجي وموقف الامين العام للجامعة العربية ومجلس الجامعة. واذا حللت طبيعة هذه الكيانات لرأيتها كلها كانت وهي في الاصل منتظمة في منظومة دولية واحدة قامت من اجل انفاذ المشروع الغربي وارساء المصالح الاميركية الاوروبية وبالتالي فان اتخاذها لموقف واحد ضد سورية ليس بالامر الجديد وهي لم تكن يوما الا عاملة ضدها لان سورية استمرت متمسكة بسيادتها وحقوقها القومية. وهنا تسجل ملاحظة حول اقحام الامم المتحدة والجامعة العربية من خلال مواقف الامين العام لكل منهما ونذكر ان الامين العام لا يحدد سياسة المنظمة بل ينطق بقراراتها وينفذها، ونعلم ان الامم المتحدة لم تتخذ قرارا واحدا ضد سورية وبالتالي فان موقف الامين العام فيها هوموقف شخصي يسدد عبره فواتير تعيينه للحلف الغربي، اما الجامعة العربية فيعلم الجمع ان قراراتها لا تتخذ الا بالاجماع وان مجلس الجامعة منقسم على نفسه حيال سورية وان اي موقف يتخذه الامين العام ضد سورية يعد خروجا عن الميثاق ولا يلزم الجامعة.
– وفي مقابل من يجافي اويخاصم سورية نجد ان هناك من يحتضنها وبالتالي ان العزلة المتحدث عنها غير موجودة لان الواقع يظهر الان ان في العالم انقسام الى معسكرين متواجهين: واحد تقوده اميركا واسرائيل من اجل الاطاحة بقلعة استراتيجية منعت نجاح المشروع الغربي اوعرقلت مراحله، وآخر وهومؤلف من دول عربية واسلامية ودولية كبرى يرى ان في استمرار سورية في موقعها الاستراتيجي تحقيقا لمصالحه القومية والانسانية , ولكل من المعسكرين اوراق قوة فاعلة يستعملها لكن الفارق بينهما ان المعسكر الاول يمارس الهجوم التآمري والثاني يمارس الدفاعي المشروع، وهويملك من القوة والاوراق ما يمكنه من النجاح في المواجهة واسقاط الهجوم الذي يستهدفه. واستطاع هذا الدفاع ان يحقق دوليا اقفال مجلس الامن ويعطل شرعية قرارات الجامعة العربية ويمنع تشكل اي حالة تشرذم محلي في سورية وهو بذلك سجل من الانجازات ما يمكنه من القول بانه في مأمن وطمأنينة للمستقبل.
وعلى هذا نرى ان ما يدعيه منفذوالمخطط التآمري على سورية من انجازات هووهم لا واقعية فيه، وان بيد سورية والمعسكر الذي يعنيه شأنها من الاوراق ما يمكنها من المتابعة الفاعلة للعملية الدفاعية التي نفذتها بنجاح مؤكد حتى الآن.
:::::
المصدر: صحيفة “الثورة” السورية.
الأثنين 19-9-2011