أميركا تدعم الارهاب في سورية !…………فكيف يكون الرد؟

العميد الدكتور امين محمد حطيط


بحجة محاربة الارهاب شنت أميركا الحروب ودمرت الدول ونظمت اللوائح السوداء والحمراء، وبحجة التصدي للتحريض على الكراهية وتشجيع الارهاب منعت محطات تلفزيونية من البث عبر الاقمار الاصطناعية التي تسيطر عليها بنفسها او تخضع اداراتها لنفوذها، ورغم ان أميركا تجنبت على الدوام اعتماد تعريف للارهاب، ولم تأخذ بالتعريفات المعتمدة له لدى هيئات ومنظمات دولية، فانها استمرت في سلوكها ودعوتها لمحاربة الارهاب بالمعايير التي تضعها هي بنفسها والتي تتغير بتغير الظرف زمانا ومكانا وممارسين.

والآن وفي مواجهة الوضع السوري فقد اعتبرت أميركا ان اعمال التخريب والقتل في سورية دفاعا مشروعا عن النفس وهو ما يثير الاستهجان والاستغراب لانه ينافي ابسط االقواعد والمعايير القانونية، وقبل ان نفصل ذلك ، نذكر بما يجري في سورية راهنا: حيث من انه من الثابت ان سورية شهدت في منتصف آذار الماضي انطلاق حركة شعبية وصفت بداية بانها “حركة مطلبية سلمية” ثم بعد ان توسعت وصفت بانها ” ثورة سلمية ” انكر كل من له علاقة بها اللجوء الى العنف وتبرأ منه، ولكن شهر بعض المحتجين السلاح بعد ذلك ضد السلطة والمواطنيين ثم راحوا يكيلون الاتهامات “للنظام الذي يقمع الحركة السلمية المدنية للشعب” على حد قولهم، ورغم ان الوقائع اثبتت وبالدليل اليقيني القاطع بان حركة “الاحتجاج السلمية ” انقلبت وبشكل سريع الى حركة مسلحة تقوم بالاعتداء على النظام والامن العام في البلاد وترتكب جرائم القتل والتدمير واغتصاب النساء وقتلهن، رغم كل ذلك استمر من يديرون الحراك في الداخل والخارج على القول بسلمية ” الثورة ” خلافا لما يسجله الواقع.

ولكن يبدو ان الامر تغيّر الآن بعد ان تمكنت قوى حفظ النظام في سورية من السيطرة على الوضع الامني واعادة الهدوء والامن الى اكثر من 90% من البلاد، وانحسرت “التظاهرت السلمية “حتى كادت أن تتلاشى، بعد هذا ذهل مخططو المؤامرة ضد سورية وخافوا على مشروعهم من السقوط كليا، ورأوا ان العلاج لمنع تثبيت النجاح السوري لا يكون الا بتبني “العصيان المسلح والحض عليهلذا خرج المسؤولون الاميركيون تباعاً ابتداءً بوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي صرحت وضوحاً بانها ” تتفهم لجوء المعارضة الى السلاح ” مبررة الامر” بحق الدفاع المشروع عن النفس ما يدفع الى طرح اسئلة كبرى ويفضح السياسية الاميركية التسلطية اسئلة يكون فيها:

1) هل ان رفع المواطن للسلاح ضد دولته بهيئاتها الرسمية وشرائحها الشعبية، يعتبر لدى الادارة الاميركية دفاعاً مشروعاً عن النفس؟ علماً بان الدفاع المشروع، وفقا للمستقر عليه فلسفة وقانونا، هو ردة فعل يقوم بها شخص او جماعة لدرء خطر يتهدده بشكل غير مشروع، ولا يجد وسيلة للتفلت منه الا باللجوء الى القوة المناسبة ليحمي نفسه.. وهنا نسأل من عرض المسلحين للخطر؟ أليس خروجهم على القانون وهم من بادروا الى استعمال السلاح بداية؟ والكل يعلم ان قوى الامن السورية امتنعت عن اطلاق النار رغم ما سقط لها من شهداء في الاسابيع الاولى للتحرك، وعندما توسعت الحركة المسلحة واقامت مناطق خارجة عن سلطة الدولة اجبرت القوى الامنية الرسمية للتعامل مع المسلحين كما يفرض القانون . وعليه لا يمكن اعتبار خروج المواطن على دولته وانتهاك امن المواطنين وممتلكاتهم امراً مشروعاً، ولا يمكن اعتبار حمل السلاح لارتكاب تلك الجرائم أمراً مسموحاً به، ولا يمكن اعتبار اللجوء الى السلاح في مواجهة السلطة عملاً مشروعاً. وتكون أميركا في وصف القتل بانه دفاع عن النفس قد انقلبت على المفاهيم وحرفت الحقيقة عن مواقعها. وهو امر اعتادت عليه منذ ان اعتبرت ارهابا فعل المقاومة إرهاباً لأنها تمارس حقها المشروع بالدفاع عن النفس ضد الاجنبي المحتل الذي يقتل ويدمر وبالقياس نفسه تعتبر الاخلال بالامن والخروج على القانون عملاً مشروعا.

2) هل ان أميركا وبعد فشل المؤامرة على سورية واستمرار الابواب موصدة امام التدخل العسكري الاجنبي فيها على غرار ما تم في ليبيا والعراق وادى الى تدميرهما، هل ان أميركا العاجزة ومعها الحلف الاطلسي عن شن حرب على سورية وفتح جبهة حرب تشارك فيها جيوشها ، هل انها اتخذت القرار االنهائي بشن الحرب البديلة على سورية وينفذها السوريون انفسهم، عبر تحويلهم الى ادوات لتدمير بلدهم وقتل شعبهم خدمة لأميركا في مخططها الهادف الى تفتيت سورية؟

3) هل ان أميركا بموقفها هذا تريد ان تقطع الطريق على الحركة الاصلاحية التي يقودها الرئيس الاسد، وتقول ان الاحتكام الى السلاح هو الحل الوحيد مع ما يترتب على الامر من خسائر لا تريح الا “اسرائيل” المتربصة ويمكن أميركا من وضع اليد على اشلاء بلد دمر وياتي موظف اميركي ليحكمه.


قد يكون هذا كله، وهنا يمكن ان التصوّر بان أميركا انتقلت في مواجهة سورية الى مرحلة جديدة تتمثل في رعاية الارهاب علانية وتشجع الجماعات المسلحة من اجل منع استقرار البلاد، واتخذت موقفا يوحي بشرعية حمل السلاح ضد السلطة، وشرعية ارسال الاسلحة الى تلك الجماعات، سلوك ترى فيه أميركا تعويضا للخسائر التي منيت بها خطتها للاطاحة بالنظام السوري رغم ما قامت به منذ عقدين من الزمن من ضغوط.و هي لا ترى غضاضة في تشجيع العنف والقتل والارهاب، ولا تكترث لما سيسببه ذلك من خسائر بشرية ومادية ومعنوية للسوريين ولدولتهم.


وهنا فليسمح لنا ان نتوجه بالاسئلة الى من هم في داخل سورية او خارجها وهم يتحركون تحت شعار “المعارضة السورية، لنقول لهم:

1) ألم توقنوا بعد ان الاكثرية الساحقة من الشعب السوري هي مع النظام القائم وجودا وحركة اصلاحية؟ (رغم ان الغرب اعترف بذلك).

2) ألا تعتقدون ان الاستمرار في العمل التخريبي ودعم المسلحين هو استنزاف للدولة من غير ان تجنوا منه انتم شيئا، لان النظام اقوى وامنع مما تتصورون.

3) وبالنسبة الى بعض المعارضة التي تؤكد على سلمية “الثورة ” فاننا نسألهم، اين موقفكم من الدعوة الاميركية باللجوء الى السلاح ونشر الرعب في ربوع وطنكم .

اسئلة تشكل التحدي واختبار صدق نوايا المعارضة الوطنية السورية، حيث انه بات من المسلم به ان الحكم في سورية هو خارج دائرة الخطر، وان الاستمرار في العمل العسكري – الارهابي ضده لن يؤدي الا الى خسائر على اكثر من صعيد تلحق بالشعب السوري، وان من يهتم بامر سورية بصدق عليه، بعد افتضاح السياسة الاميركية، ان يتمسك بامرين اساسيين دونما مواربة:


دعم الحركة الاصلاحية والعمل لانجاحها عبر حوار بناء وهادف يجري برعاية من الدولة خاصة وان الدولة شرعت الابواب لهذا الامر وارتبطت بجداول زمنية لانجازه.
رفض العمل العسكري مهما كانت مبرراته وكان مصدره، تدخلا اجنبيا ام ارهابا من الداخل، ورفض “الدعوة الاميركية للتسلح والحض على الارهاب“..
:::::

المصدر: “البناء” اللبنانية

spacer http://www.al-binaa.com/newversion/article.php?articleId=44297