الإرهاب الصهيوني:

العنف والنفاق في الفلسفة والفكر السياسي والتنمية

من لا ينافق ولا يطبِّع بالسيف يُؤخذ

(الجزء الثالث والأخير)

عادل سمارة

رابط الجزء الاول لهذه الدراسة:

https://kanaanonline.org/?p=5489

رابط الجزء الثاني:

https://kanaanonline.org/?p=5518

وحتى الفلاسفة الجدد:

برنارد ليفي لم تُنسه الفلسفة حليب الرضاعة

برنارد ليفي اليهودي الفرنسي أحد من اسموا انفسهم “الفلاسفة الجدد” بدأ ليفي تلميذا لألثوسير وتحول بعدها إلى الماوية، ومن ثم خرج على الشيوعية بمدارسها (السوفييتية والصينية) وتحول مؤيدا لأفكار نيتشه، وركز اهتمامه على مساواة الشيوعية بالنازية  واعتبر أنّ واجبَ المثقفين الوحيد هو منع تكرار مجازر الشيوعيّين والنازيّين.

وقد يكون هذا ممكناً بمعايير المرحلة وادعاء مواقف إنسانية رغم ان هذا يتجاوز عن مئات الملايين قتلهم الاستعمار الراسمالي الغربي الأبيض منذ فجر الراسمالية ولا يزال. أما حينما يتحول الفيلسوف “الإنساني” إلى جندي في جيش الدفاع الإسرائيلي ويشاركه غزو غزة تصبح الفلسفة خطاب جريمة[1].

كان في حزيران 1967 قد تطوع في الجيش الإسرائيلي، وبعد ذلك بأربعة عقود  2009 رافق وحدة جولاني في إحدى عملياتها في غزة. أحدثُ قصائد الغرام التي كتبها الفيلسوف الجديد عن «قوات الدفاع الإسرائيلية»، أنشدَها يوم 30 أيار/ مايو 2010. فخلال مشاركته في منتدى عن «الديموقراطية وتحدّياتها الجديدة» عُقد أخيراً في تل أبيب، لم يتردّد في القول إنه «غطّى حروباً كثيرة لكنه لم يرَ يوماً جيشاً يطرح على نفسه كل الأسئلة الأخلاقية التي تشغل بالَ الجيش الإسرائيلي».

لم يُدن الاعتداء على سفينة اسطول الحرية 31 ايار 2010، ، واكتفى بوصفه بأنه «غبيّ لأن صوره ستبث في العالم كله، وستكون أكثر تدميراً من هزيمة عسكرية… كان يمكنه إجبارُ هذه السفن على الرسوّ باستعمال وسائل أخرى».ليست هذه القرصنةُ البيّنة إذاً ما آلمَ «أشهرَ مفكر فرنسي في العالم» («هارتس»)، ما آلمه هو «غباوتها[2]».

سؤالنا هو: لماذا هذه الاستدارة هل سببها أن يهوديته اقوى من الفلسفة ومن الفكر الإنساني بعموميته؟ أم أن ثقافة المركزانية الأوروبية تكمن وراء ذلك، أم هو المزيج بينهما؟

علماء السياسة: نفاق أم عنصرية؟

على ان المثال الواضح على التزلف الغربي لإسرائيل ما حصل في المؤتمر  الذي عقد في أوتاوا –كندا، 7-10 ديسمبر 1997، وفيه عرضت مواقف العديد من الأكاديمين الغربيين الذين يرفضون حق العودة للشعب الفلسطيني جملة وتفصيلاً مثل ليونارد هاوسمان ودون بيرتس وهما من عهد السياسات الاجتماعية الاقتصادية في الشرق الأوسط بجامعة هارفارد[3].

أما ديفيد ماكديل فهو مبرر خجول للصهيونية :” ان المفارقة الأعظم هي ان الحركة الصهيونية  التي فهمت على انها حل لمشاكل أكثر الأقليات اضطهادا في العالم بوضعها حدا لتشرد اليهود وعدم وجود وطن لهم، أدت إلى إيجاد أقلية اخرى مشردة وبلا وطن – الشعب العربي الفلسطيني، هذا لم يكن هدف الحركة الصهيونية بل مصلحتها المتزايدة بشكل واضح[4]“.

ربما يفتح هذا التبرير على درس مستفاد من جانب العرب وبالطبع الفلسطينيين، وهو وجوب العمل الفكري المضاد والتوضيحي للعالم بأن هذا النفاق هائل بمعنى أن يقود تفهُّم وضع اليهود الناتج عن المحرقة النازية المشتدَّة والمكثَّفة إلى عدم إدانتهم بممارسة الصهيونية المذبحة /المحرقة الممتدة ضد الشعب الفلسطيني. وهذا يتطلب إضافة إلى توفير المعلومة والبحث إقامة علاقات قوية ومتطورة مع التحرك الشعبي العالمي الذي بدأ ضد الحرب والعولمة منذ قرابة عقدين، وهوتحرك في حال تجذيره وقرائته جيداً هو ضد الصهيونية بما هي جزء من آلة الحرب الراسمالية وجزء كذلك من العولمة. من جانب آخر، فإن ماكدويل يوفر أرضية مناسبة لعنصرية المؤرخ الصهيوني المجدد بني موريس الذي أكد حصول مذابح ضد الفلسطينيين عام 1948، ولكنه أصر على تبرير هذهع المذابح طالما تخدم إقاة الدولة اليهودية.


في قراءة لأعمال الكاتب الإيرلندي الراحل حديثا فريد هالداي يلتقط الكاتب صبحي حديدي بعين ثاقبة تقلبات الرجل، والتي برأينا أكثر من ذلك، هي عودة الرجل إلى اصله الثقافي بما يؤكد ان يساريته هي مركزانية أووبية. ورغم أن هاليداي كان يطرح نفسه كما لو كان المتخصص الأول والوحيد في الشؤون العربية، ويجيز لنفسه التأستذ علينا[5]، إلا أن هاليداي تجنب التعرض للصهيونية التي بدأت قبل ظهوره ولا تزال تحاول إعادة الوطن العربي إلى العصر الحجري

يقول حديدي: “ولكنه، في الآن ذاته، اختزل التوتّر (أيّاً كانت درجة شدّته) بين الغرب والعالم الإسلامي، إلرغبة البريئة التالية:  ‘إنّ ما يريده الغرب، بصورته المتمثلة في الديمقراطيات الصناعية، هو ببساطة عالم يكون شبيهاً بالغرب أمكن، يتاجر معه، وفق علاقات سلمية، ونحو ذلك’… ليس أكثر من ذلك!.

هل حقاً لم يبصر الكاتب اليساري البعد الاستعماري الراسمالي الذي دأبه وهدفه النهائي هو التراكم، بمعزل عن الآلية (أي النهب، التبادل اللامتكافىء).  ولم يدرك أن دافعاً اساسياً من وراء تدمير العراق هو خدمة الكيان الصهيوني!

لذا يقول ‘الأمر ببساطة هو التالي: إذا قُدّر لي أن اختار بين الإمبريالية والفاشية، فسأختار الإمبريالية’؛ فأي خيار!

في كتابهما الإمبراطورية” كتب هاردت ونيجري:

“… انظروا إلى اكثر النضالات قوة وجذرية في السنوات الأخيرة من القرن العشرين، إلى أحداث ساحة تيننمن في 1989، إلى الانتفاضة ضد سلطة الدولة الإسرائيلية سنة 1987، إلى عصيان ايار 1992 في لوس أنجلوس…كل من هذه النضالات كان محددا وخاصا، قائما على هموم إقليمية مباشرة بما لا يتيح فرصة الارتباط مع غيره وصولا إلى تشكيل سلسلة متصلة عالميا من حركات التمرد” (ص 98).

هل يُعقل أن الكاتبين اللذين يخططان لإمبراطورية عالمية لا يعرفان عن المستوطنة الصهيونية البيضاء في فلسطين ودورها ووظيفتها[6] في الامبراطورية البريطانية السابقة والأميركية الحالية؟ وطالما يقدمان الانتفاضة كحدث ثوري، لماذا يصوغان النص وكأن سلطة الاحتلال هي دولة الشعب المنتفِضْ؟ فهما في أفضل حالاتهما إما ينافقان الاحتلال كي لا يقعا تحت طائلة سياطه أو لا يعتبران العرب أمة تستحق الدقة العلمية والثورية بالطبع.

بين الفلسفة وكتابة السياسة

يعتبر نوعام تشومسكي من أكثر المفكرين المعاصرين حظوة على الصعيدين الشعبي والرسمي العالميين على حد سواء. ففي الوقت الذي يُشار إليه بالبنان، وخاصة من العرب (لبراليين ويساريين) على انه مفكر يساري، بل يراه البعض اشتراكياً [7] تنظر إليه المؤسسات الحاكمة على انه نقدي لبرالي وحسب، لذا لم تتعرض له المؤسسة الحاكمة كما هو حال نورمان فنكلشتاين، ولا الأكاديميا كما هو حال جوزيف مسعد.

على أن ما يحدد فكر الرجل يجب أن تكون أطروحاته الفكرية  وليس فقط مساوماته أو تصالحاته السياسية. فتشومسكي أحد أعلام الثقافوية واللغويات وتنظيراته في هذا النطاق هي التي تشكل دوره ووزنه، وليست مواقفه السياسية تجاه النظام الأميركي، الذي لا يحتاج المرء ليكون شيوعياً كي ينقده، فأي إنسان حقيقي هو نقيض وضحية محتملة للنظام الأميركي.

تشومسكي لغوي، ومن رواد الألسنية الحديثة، وتنطلق دراسته ل اللغة من اعتماد “مجموعة من المبادئ الفطرية التي يشترك فيها البشر كلهم،” تعرف بالنحو العالمي، وعلى “الحالة البدئية لمتعلم اللغة. وهو منتم إلى البنيوية الانثروبولوجية التي تعامل الظواهر الثقافية  كما لو كانت لغة  ومن ثم تحاول ان تكتشف القواعد، او ما سماه تشومسكي البنية “العميقة”. لعل اسهام تشومسكي هو في البنيوية الألسنية  او ما يعرف بالبراعة اللغوية. والبراعة اللغوية عنده هي واقعة لا تقبل  التفسير العلمي او التعليل السببي اوما شابه ذلك لأنها من خصائص الروح الإنساني  الغامض والخلاق. وبالتالي فهو يفصل بين المادة والروح . ويرفض تفسير البراعة اللغوية لدى الطفل الصغير علميا  او استنادا الى أشياء مثل البيولوجيا التطورية …(العظم ص 492)  لا يبتعد هذا التفسير عن الاية الكريمة: “يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي” . وهكذا، فإن تشومسكي ينتهي مثالياً، خالصاً.

لكن ما يهمنا في هذا البحث هو تشومسكي اليساري أو “الاشتراكي” كما يرى البعض وخاصة من حيث موقفه من الكيان الصهيوني. ففي الوقت الذي يُعتبر تشومسكي ناقدا حادا للسياسة الأميركية وحتى لسياسة الكيان الصهيوني، لا يستطيع إخفاء تناغمه مع الصهيونية وحتى اليهودية وهذا تناقض لا يمكن المرور عليه مرور الكرام ولا يمكن تغطيته بالتطرفات السياسية العالية لدى الرجل. هذا ما لم يجرؤ كثير من المثقفين العرب على التعرض له، وعليه، فإنه بمقدار مباعدته ما بينه وبين السياسة الأميركية، لم يباعد ما بينه وبين الصهيونية.

وأبعد من هذا، فإن تشومسكي النقدي جداً للسياسة الدولية التي تقودها بالطبع الولايات المتحدة الأميركية، يستند كما سنرى أدناه إلى نفس هذه السياسة (الأسرة/المجتمع الدولي) ليبرر دفاعه عن الكيان الصهيوني الإشكنازي كي يبقى مغتصباً لفلسطين!

حين سُئل تشومسكي من قبل مقابليه ستيفن س شالوم و جستين بدور[8]، كيف يرى امكانية حل دولة واحدة في صيغة دولة ديمقراطية علمانية اجاب كما يلي:

“… لم تتبن اية مجموعة فلسطينية (ولا بالطبع إسرائيلية) ذات وزن مقترحاً ينادي بدولة ديمقراطية علمانية ذات أهمية. بوسع المرء ان يدير حوارا مجردا، فيما اذا كانت الفكرة “محببة”. ولكنها غير واقعية بالكامل. لا يوجد دعم دولي ذي معنى لها. ولا داخل إسرائيل. والمعارضة لها تكاد تكون عالمية. إنها تُفهم على انها ستكون دولة فلسطينية بأقلية يهودية، ولا توفر ضماناً لا للديمقراطية ولا للعلمانية (حتى لو تم قبول وضعية او حالة الأقلية، وهذا ليس الحال). وبرأيي، فإن أولئك الذين  ينادون بدولة ديمقراطية علمانية يوفرون سلاحا لأكثر العناصر تطرفا في اسرائيل الولايات المتحدة[9]

ولكن، هل تقاس حقوق الشعوب بالدعم الدولي والأسرة السياسية الدولية خاضعة ومتذيلة للمركز الراسمالي العالمي؟ ألم يكن التصويت على تقسيم فلسطين مؤامرة ورشى وتهديدات للعديد من الدول التي صوتت لصالح التقسيم؟ هل يُعقل أن تشومسكي لا يعرف هذا؟ كيف سيكون شعور تشومسكي لو قيل له، أن هناك من يطالبون ب:

· وجوب إلحاق الهزيمة بالكيان

· عودة فلسطن كجزء من الوطن العربي الاشتراكي[10].

ويضيف تشومسكي:

“…إن الدعوة لدولة ديمقراطية علمانية لم يتم أخذه بشكل جدي من قبل الرأي العام الإسرائيلي أو العالمي، هو مطلب واضح بتدمير إسرائيل ولا يعد الإسرائيليين بأي شيء ابعد من الأمل في درجة من الحرية عندما تنتهي الأمور إلى دولة فلسطينية” …” إن الدعوة إلى دولة ديمقراطية علمانية ألأمر الذي لم يؤخذ على محمل الجد من قبل الجمهور الإسرائيلي”.

وبشان حق العودة يقول تشومسكي:

“… ليس هناك تأييد دولي لحق العودة يمكن تلمسه، وفي ظل ظروف (فعلية وغير متخيلة) فإن دعماً من هذا القبيل إذا ما تطور، فإن إسرائيل سوف تلجأ إلى سلاحها الأخير والنهائي وهو معاندة الرجل الكبير لمنع حصول هذا الأمر. وبرأيي، فإنه من غير المناسب تعليق آمال لا يمكن أن تتحقق أمام أنظار شعب يعاني من البؤس والقمع، والحري أن يُعمل على بذل جهود بنائية لتخفيف معاناتهم والتعاطي مع مشاكلهم ضمن الالم الواقعي”

هنا تتضح المركزانية الأوروبية في الرجل تماماً، بل ويلتقي مع ما  قاله جورج شولتس وزير الخارجية الأميركي 1982: “تحسين شروط المعيشة للفلسطينيين”.

لقد كرر تشومسكي مواقفه هذه يوم 14 كانون ثانٍ 2010

فقد رفض أي حديث في القضية الفلسطينية “…إذا ما بدأ منذ عام 1948، وحصر الصراع على ما أُحتل عام 1967، وقال إن جرائم إسرائيل لا يمكن مقارنتها بجرائم أميركا” وكأن المسألة ليست في الجريمة بل فقط في حجمها، هذا إذا كانت جرائم أميركا اكبر حقيقة! وأكد على أن دولة واحدة امراً غير عملي وأن دولة واحدة اشتراكية غير مفيدة، كما رفض مقاطعة فرقة رقص إسرائيلي (كمثال على ما يجب أن يقاطع)

بعد أن منعه الاحتلال من دخول الضفة الغربية، لنلاحظ أنه لم يحاول الذهاب إلى غزة؟ أليس لهذا معنىً؟، غادر إلى بيروت، وهناك أكد على رفضه للدولة الواحدة! وبغض النظر عن أي دولة واحدة يتحدث هذا أو ذاك، وهي برأينا مجرد رؤية للمستقبل، فإن تشومسكي بهذا الموقف الحدِّي للفصل بيننا وبين الغُزاة، إنما ينتهي إلى “دولة يهودية نقية” فهل ما زلنا نحتفي به؟

نقد يمشي على نصل السكين

يلتقي جون ميرشايمر[11] مع تشومسكي في حل الدولتين كحل للصراع العربي الصهيوني كما كتب  في شيكاغو تربيون(9 أيار ر 2010)، ولكن دون نفاق ودون نقد المجموعة الدولية في مستوى والاستناد إليها في مستوى آخر! كان ميرشايمر من الجرأة بمكان بحيث اعتبر ان مصير إسرائيل سيكون الأبرثايد.

“…لن تكون هناك دولة ديمقراطية  ثنائية القومية لأن معظم اليهود يرفضون العيش مع العرب. صحيح ان التطهير العرقي سيحقق دولة يهودية نقية لكن لهذا ثمن كبير لن يقبله اي مؤيد لها…قد تسير اسرائيل باتجاه دولة نقية وتضع الفلسطينيين في منعزلات. … كثير من الإسرائيليين لا يريدون دولة فلسطينة قابلة للحياة”، لذا يستغرب لماذا لا تستعجل اسرائيل واميركا في إقامة دولة فلسطينية.

استهداف من لا ينافق

أما من اخذته الجرأة لقول الحقيقة، فتعاقبه الصهيونية معاقبة من أخذته العزَّة بالإثم.

كتب عامل المناجم السابق والكاتب التلفزيوني المسرحي جيم آلن، مسرحية (1987) تكشف أسرار تعاون قيادة الصهيونية وأغنياء اليهود مع النازية وهي معلومات تحاول قيادة الصهيونية منذ عام 1944 إخفائها. وقد تمكنت المنظمات الصهيونية والشخصيات اليهودية الكبيرة في بريطانيا من إرغام مسرح الرويال كورت على منع عرض المسرحية . وقد رحبت بذلك كافة الصحف البريطانية بمنع المسرحية التي تحمل اسم الهلاك The Perdition وكانت صحيفة الديلي تلغراف اليمينية المحافظة الأكثر بهجة وسعادة بالإلغاء[12]. على أن أوساط المسرح البريطاني  قد سرَّبت إلى النطاق الثقافي في لندن آنذاك، بأن الضغط الحقيقي جاء من زعامة المسرح الأميركي الذي هدد المسرح البريطاني بعدم مواصلة دعمه مالياً، ليتكشف الأمر عن تبعية المسرح البريطاني للأميركي.

تعرض الفلسطيني في الولايات المتحدة جوزيف مسعد بروفيسور مساعد في تاريخ الدراسات الثقافية المعاصرة في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة لهجمة مفتوحة من قبل اللوبي الصهيوني هناك بهدف عزله من عمله[13]. وشارك في الحملة بعض أعضاء إدارة الجامعة والطلبة اليهود وصحف التابلويد يمينية الاتجاه، والصحافة الإسرائيلية  كذلك. ومع أنه حاز على شهادات تقدير لمحاضراته من طلبة الجامعة، إلا أن هذا أغاظ منظمة الطلبة اليهود في أميركا “هيليل”. فبدأت توجه طلبة يهوداً ومنهم من كان جنديا في جيش الاحتلال ليسألوه اسئلة عديدة ترغمه على تحديد موقف سياسي. ثم قام هؤلاء الطلبة بتوزيع عريضة للتوقيع عليها من الطلبة عامة للمطالبة بفصله من عمله. كما اعلمته إحدى الطالبات أنها دُفعت لذلك من أطراف خارج الجامعة.

كما هدده طلبة بالقتل  وقام بعض اللوبي الصهيوني بنشر دعاية بأن محاضرات تشبه في مضمونها الصليب المعكوف.

ممن شاركوا ضده كان الصهيوني المعروف دانييل بايبس الذي كتب في نيو يورك بوست  25 حزيران 2002 بأن مسعد متطرف ومعادي لإسرائيل. كما نشرت وول ستريت جيرنال في 18 ايلول 2002 مقالة  ل بايبس لموقع إلكتروني موالٍ لإسرائيل اسمه CampusWatch حيث ذكر فيه ثمانية بروفيسورات ومسعد منهم تضمن محتواها أنهم معادين لإسرائيل وأميركا وطلب من الطلبة  مراقبة هؤلاء المحاضرين. كما قام الحاخام شيير باتهاهم بأنه وصف الصهيونية بالنازية الجديدة. وأمام كل هذا يقول مسعد: لم يكن أمامي سوى أن أحافظ على هدوئي[14]. وهذا راجع لإدراكه أن بوسع اللوبي الصهيوني ممارسة الإرهاب في أميركا  بشكل حر.

ولا تختلف حالة بروفيسور نورمان فنكلشتين عن حالة مسعد سوى في نجاح اللوبي الصهيوني في تجريده من مقعده الجامعي. وفي حين كان مسعد متمسكاً بدوره كمحاضر جامعي دون تدخل عالٍ في السياسة، فإن فنكلشتين واجه ماكينة الإعلام الصهيوني التي دأبت على ابتزاز ألمانيا بسبب المحرقة، وحتى دول أخرى بتهمة التواطؤ بدرجة أو أخرى. كان كتاب فنكلشتين، صناعة الهلوكوست مثابة صدمة للصهيونية وثقلها في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي أدى إلى فصل فنكلشتين من عمله.

واحدث ما كتب فنكلشتاين: ما وراء خوتزباه: سوء استعمال المعاداة للسامية واستغلال التاريخ[15]. والكتاب مراجعة نقدية حارقة لكتاب، (The Case For Israel)، الدفاع عن قضية اسرائيل، لكاتبه آلان دورشوتيز، أستاذ القانون في جامعة هارفرد، الذي صار من أكثر الكتب مبيعا عند صدوره في 2003، وتوزعه الحكومة الإسرائيلية، وملحقاتها الثقافية، وتشجع المنظمات الصهيونية الشباب اليهود على قراءته واقتنائه. ويستعرض فنكلشتين بدقة تدعو للدهشة والانبهار ما يطليه دورشويتز عن نزاهة إسرائيل وإنسانيتها باستعراض كل ما ورد في كتاب دورشويتز من معلومات، معلومة معلومة. وكلمة “خوتزباه” في الانكليزية هي من أصل يهودي وتشير إلى الوقاحة، أو التصدي الفج، واستعملها فنكلشتين في عنوانه كإشارة إلى كتاب (Chutzpah) خوتزباه، الذي كان عنوان مذكرات آلان دورشويتز.  حيث يتحول دوريشويتز فجأة إلى مدافع عن الاغتيالات السياسية غير القانونية للزعامات الفلسطينية رغم أنه ضد حكم الإعدام كمحامي أمريكي.

هيلين ثوماس: من الجرأة  إلى الاعتذار

نشرت صحيفة هآرتس الصهيونية في طبعتها الإنجليزية (7 حزيران 2010) تصريحاً صحفياً  للسيدة هيلين ثوماس (89 عاما)   وهي مخضرمة في عملها بالبيت الأبيض قالت فيه:”… فلينصرف اليهود من فلسطين إلى جهنم …فليذهبوا إلى المانيا او بولندا أو الولايات المتحدة”؟ إثر ذلك تحرك اليهود في الولايات المتحدة وتمكنوا من إلغاء كلمة كانت مدعوَّةً لألقائها في حفل تخريج  مدرسة بيثيسدا في ميريلاند حيث كانت ضيفة شرف للحديث هناك بما أنها من خريجات هذه المدرسة منذ عقود. كما وصفت إدارة اوباما حديث السيدة بأنه عدائي استفزازي. وبالطبع نشرت هيلين اعتذاراً وابدت اسفها. لكن رئيس عصبة رفض تشويه السمعة أفراهام.ه. فوكسمان قال: ” إن اعتذارها لم يصل الحد الُمرضي…إن دعوتها لليهود بالرجوع إلى ألمانيا وهولندا هو تعصباً ويدل على جهل بالتاريخ. …نعتقد أن هيلين ثوماس بحاجة إلى تقديم اعتذار قوي وجاد على الألم الذي سببته ملاحظتها”. ولكن يعلم الله وحده اي حجم/قدرٍ من الاعتذار يريدونه من هذه السيدة!

يفتح موقف هذه السيدة على أكثر من سؤال، منها: ترى هل انتظرت هذه السيدة حتى غدت بلا حاجة لوظيفة لأنها تعلم أن نفوذ الصهيونية يمكن ان يقطع لقمة عيشها؟ إن أهمية حديثها كامنة في ما نريد نحن من  العالم أن يصل إليه وهو أن فلسطين مغتصبة من قبل المستوطنين اليهود منذ عام 1948 وليس منذ عام 1967، وأن أوروبا الشرقية إبَّان أزمة تأخر رسملتها هي التي ذبحت اليهود في القرن التاسع عشر  وأوروبا رأس المال ذبحتهم في القرن العشرين وطردتهم إلى فلسطين وأن ما تسمى عقدة الذنب الأوروبية مجرد كذب ضخم. ولو كان لأوروبا أن تتأثر بجرائهما ومذابحها لما حصرتها في ستة ملايين يهودي!

ومن الغرابة بمكان أن السيناتور جيمس ابو زرق من اصل عربي حين سُئِل عن ما قالته هيلين توماس قال: ” اليهود لهم حق العيش في إسرائيل وليس في المناطق المحتلة… وانا أفضل حل الدولتين”.[16]!  ولم يجرؤ الرجل على التفوه بحرف واحد عن حق العودة!

الإرهاب والرهبة وأنياب التطبيع

في الحالة الفلسطينية، مركز الصراع، تختلف المعايير إذ يتخذ الإرهاب الصهيوني حالة أكثر شدة وانكشافاً حيث تقوم الصهيونية العقيدية/الثقافية/الأكاديمية بتوظيف الصهيونية العسكرية لتصفية المثقفين الفلسطينيين. هذه كانت حالة غسان كنفاني وكمال ناصر.

أما حالة ناجي العلي فكانت التصفية بالتطبيع، وهي حالة اختلطت فيها التكهنات بين الأيدي الفلسطينية والرسمية العربية والصهيونية! إنما كانت تصفية هذه الطاقة الخارقة والانتماء المشبوب بعواطف كامنة لا صارخة، هي حتماً على يد التطبيع. نعم، من يُقاوم بالسيف يُؤخذ. ومن يُطبِّع من الفلسطينيين، يموت على الفراش، هكذا كانت الراحة الأبدية لإميل حبيبي الذي قبل جائزة دولة إسرائيل للإبداع التي منحه إياها اسحق رابين[17]

أما د.عزمي بشارة فحالة مختلفة وخلافية. فهو الذي قال عن الصهيونية:

“… تعودت أن أراها كحركة استعمارية بذاتها أو جوهريا. ولكن من خلال قراءاتي للأدبيات الصهيونية فأنا متأكدا أنها أكثر تعقيدا من ذلك فهي تنظر لنفسها كحركة نهضة، كحركة تحرير، ولذلك فإنها كانت في حالة توتر بين تصورها لنفسها وبين ممارساتها… إن هدفي هو دولة لكل مواطنيها. استقلال ذاتي ثقافي ، وبدون هذا فإن الأمور سوف تؤول إلى المطالبة بتحرير المقاطعات ودمجها في وحدة سيادية طبيعية Irredentism ستقود إلى صراعات. ولكن إذا ما تجذر الحكم الذاتي الثقافي في دولة لكل مواطنيها، فإنه سيكون أساساً للاندماج… إنه أمر بلا معنى، إنه أمر غير حقيقي على الاطلاق، لن يكون هناك استقلالاً ذاتياً جغرافياً لأن العرب مبعثرين في طول البلاد وعرضها[18]

واختار بشارة عضوية الكنيست، وأقسم يمين الولاء للدولة اليهودية. ولكن هذا التطبيع الجارف لم يشفع له عند الكيان الصهيوني الذي اتهمه بتلقي أموالاً من حزب الله وقرر تقديمه للمحاكمة! لكن بشارة غادر في سفر إلى الخارج ولم يعد اي اختار المنفى. وزاد الخلاف حيث قال انه قد نُفي!

كما لم تتسامح الصهيونية مع الراحل إدوارد سعيد رغم أن سعيداً كان يدعو للاعتراف بالكيان الصهيوني، وبمساواة قانون العودة لليهود بحق العودة للفلسطينيين، وأكد إيمانه بدولتين لشعبين، اي ما يعني عملياً شطب حق العودة[19].

ومع ذلك، “… في شهر ايار  من سنة 2002 أي قبل عام ونصف تقريبا من وفاته ذهب المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد إلى ” معهد متحف فرويد” الموجود بالعاصمة النمساوية فيينا وذلك لإلقاء محاضرته السنوية المعتادة والتي كان عنوانها هذه المرة ” فرويد والعالم غير الأوروبي” Freud et le monde non europeen . وكم كانت مفاجأة إدوارد سعيد كبيرة حين منعه مسؤول المعهد وأمر بغلق أبواب المعهد في وجهه ولم يسمح له بالدخول لإلقاء محاضرته[20]

لعل الدرس المستفاد من معالجات هذه الورقة هو توطين مدخل اوَّلِيٍّ لرؤية وقراءة الامتداد للإرهاب الصهيوني في الفلسفة والاقتصاد والفكر السياسي  والثقافة والأكاديميا. هذا الإرهاب الذي يتخذ اشكالاً متعددة بدءاً بالإغراء، فالتخويف فالطرد من العمل ولا ينتهي بالقتل. وأمام هذا النفوذ الأخطبوطي كثيراً ما لجأ مفكرون وأكاديميون إلى النقد غير المباشر للصهيونية، أو النفاق او التراجع عن مواقفهم.  وماذا يحتاج هذا؟ يحتاج لشغل مديد.

فرويد هذا الأخير الذي بدأ في سنة 1934 في فيينا كتابة مؤلَّفه المهم والمؤثِّر والمقلق للصهيونية والمقوض لدعائم المركزية الأوروبية والذي أكمله في العاصمة البريطانية لندن في عام 1939 بعد أن فر إليها هروبا من النازية !!! وقد كان عنوان هذا الكتاب ” موسى والديانة التوحيدية “

وهذا لأن فرويد يدافع فيه عن فكرة أن موسى النبي كان في الأصل قبطيا من سكان مصر القديمة وقد أتى بالديانة التوحيدية اليهودية التي أصبح اليهود يدينون بها بعد خروجهم من الأسر الفرعوني وهي الديانة التوحيدية نفسها التي عُرفت لدى الفرعون المصري أخناتون الذي كان يؤمن بإله واحد وقام بنبذ الشرك وفرض على رعيته التوحيد وكان ذلك سببا في موته المفاجئ وفي سن مبكرة، وبالنسبة لفرويد فقد أخذ موسى التوحيد من هذا الفرعون الشاب وتكوَّن التراث الديني اليهودي من خلال هذا الاتصال.

كان إدوارد سعيد يريد أن يقدم قراءة لهذا المؤلف المهم والذي بلوره في كتاب سماه ” فرويد والعالم غير الأوروبي” Freud et le monde extra européen قام فيه بتوضيح فكرة فرويد وتوسيعها مميطا اللثام عن الهوية اليهودية التي لا تبدأ من ذاتها والوحي الذي جاءها من عند الله -كما يذهب- بل إن التراث الديني والثقافي والحضاري والفني اليهودي تكوَّن عن طريق اتصاله بحضارات وثقافات قديمة عاش اليهود بينهم وتأثروا بهم (المصريون القدامى والعرب والشعوب السامية الأخرى كالآشوريين والهكسوس المعروفين بالعماليق وعلى الأخص شريعة حمورابي في بلاد ما-بين النهرين)، ومن شأن الذهاب هذا المذهب تقويض دعائم أصالة الديانة اليهودية التي يدين بها العبرانيون ومن ثم تفكيك المركزية الغربية التي تدخُل اليهود-مسيحية في تكوينها والتي ترى الأشياء وتحكم عليها من خلال الانطلاق من ذاتها غير معترفة بالاتصال الذي حدث عبر التاريخ مع الشعوب الأخرى وخصوصا الشرقية منها.


[1] قد تكون من مفارقات القدر أن دانييل بارنباوم الموسيقار اليهودي من اصل أرجنتيني وحامل جنسية ألمانية على نفس نهج ليفي، فقد أيد مذبحة غزة.  وهذا الرجل يترأس فرقة موسيقية تطبيعية من عرب ويهود طلب من مجلس بلدية رام الله استئجار القصر الثقافي برام الله فوافقت أغلبية المجلس (تموز 2009) رغم مكاتبتنا إليهم بانه أيد المذبحة وحينما رحل عرفات كتب: “مات الطاغية عاش الشعب”، وأن ما يقومون به عملا تطبيعياً، ومع ذلك لم يرتدع  معظم أعضاء المجلس وقرروا رفع دعوى ضد كاتب هذه الورقة مطالبين بالسجن أو دفع غرامة مليون دينار ا أردنياً أو الاعتذار! ونظراً للاحتجاج منرافضي التطبيع صوت المجلس ثانية وألغى قرار الدعوى في نهاية ايار 2010. أهمية الحدث أن تمخضت عنه نقاشات وحوارات ضد التطبيع فكشفت الإشكالية عن  جهل واسع بمخاطر التطبيع  وعن تفشب التطبيع إلى حد مقلق وعن تبريرات هائلة مجتمعياً للقيام بالتطبيع، ومن جانب آخر تشكل التجمع الشعبي لمناهضة التطبيع.

[2] المصدر: جريدة الأخبار (http://www.al-akhbar.com)

[3] أنظر عادل سمارة اللاجئون الفلسطينيون بين حق العودة واستدخال الهزيمة منشورات  بيروت دار الكنوز الأدبية 2003.

[4] David McDowell, The Palestinians : Minority Rights Group. London, n.p.

مقتطف في عادل سمارة اللاجئون مصدرسبق ذكره ص 77.

[5] لمعرفتي الشخصية به وخاصة في حرب الخليج 1991 كان بيننا نقاشاً ونفوراً واضحين أثناء إقامتي في لندن للدراسة.

[6] أنظر حول دور إسرائيل كتاب عادل سمارة: الاقتصاد السياسي للصهيونية: المعجزة والوظيفية، منشورات مركز المشرق/العامل للدراسات الثقافية والتنموية، رام الله 2008.

[7] تشــومســكي في فلســطين، ضمن سلسلة محاضرات “تشومسكي في فلسطين” تتشرف دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية وبرنامج الماجستير في الدراسات العربية المعاصرة في جامعة بيرزيت بدعوتكم إلى محاضرة الفيلسوف العالمي نوعام تشومسكي، بعنوان: أمريكا في العالم

وذلك يوم الإثنين الموافق 17 أيار 2010، الساعة 12:00 ظهراً، في قاعة الشهيد كمال ناصر-جامعة بيرزيت

[8] مترجمة في مجلة كنعان، العدد 119، تشرين أول 2004 ص ص 43-52، مترجم المجلة ثابت عكاوي.

[9] Noam Chomsky interviewed by Justin Bodur and Stephen Shalom. March 30, 2004. http://www.zmag.org/content/showarticle.cfm?ItemID=5240 .

وقد رد على تشومسكي نقدياُ نواح كوهين، في موقع مجلة Axis of Logic بعنوان

Noam Chomsky. “Noam Chomky and “Left Apologetics for Husticein Palestine”, 3 August , http;//www.axisoflogic.com/artman/publish/article_11169.shtml2004.

[10] أنظر مقالة مسعد عربيد وعادل سمارة، دولة اشتراكية في الوطن العربي وفلسطين في مجلة كنعان، العددين 141  ربيع 2010 و 142 صيف 2010 .

[11] استاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو .

[12] جريدة العرب اليومية ، لندن، 23-1-1987.

[13] For further background on the witchhunt against Middle East studies, see Joseph Massad, “Policing the Academy,” published in Al-Ahram Weekly, No. 633, 10-16 April 2003 (http://weekly.ahram.org.eg/2003/633/op2.htm) and Joel Beinin, “The new American McCarthyism: policing thought about the Middle East,” Race and Class, v. 46 no. 1, July-September 2004.

[14] Against The Current, ATC 116, May-June 2005

[15] مراجعة عفراء جلبي ، الأخبار عدد الخميس ٣ حزيران ٢٠١٠

http://www.al-akhbar.com/ar/node/192218

[16] Democracy Now! by Bit Torrent, June 08, 2010

[17] أنظر مقالة عبد الوهاب ولي، جائزة الإبداع الأدبي الإسرائيلية لإميل حبيبي في جريدة النهار المقدسية ، 23-3-1992 ص 12.

[18] د. عزمي بشارة في مقابلة  مع جريدة جيروزالم بوست الصهيونية   28-2-1997، أجراها معه لاري ديرفنر بعنوان: Ya Allah Prime Minister. كان ذلك حينما رشح بشارة نفسه لرئاسة الوزراء في الكيان الصهيوني.

[19] انظر بهذا الصدد مقالة عادل سمارة، إشتباك فكري مع تراث إدوارد سعيد، في مجلة كنعان العدد 140 كانون ثانٍ 2010 ص ص 84-140.

[20] http://www.ahewar.org/الحوار المتمدن