محمد احمد سعيد ـ واشنطن
لا ينسجم موقف الولايات المتحدة الاميركية المتمثل في الابقاء على سفيرها في دمشق مقيما على رأس عمله مع ما طالب به الرئيس اوباما من تنح للرئيس السوري بشار الاسد (تصريح باراك اوباما 8 آب 2011).
فمن المعروف ان سحب السفراء الخليجيين من دمشق جاء بطلب من واشنطن لنزع الشرعية عن نظام حكم الرئيس الاسد وتشجيعا للمعارضين السياسيين وللمتظاهرين على الاستمرار في تحركاتهم الاحتجاجية في المدن السورية التي تشهد ازمة تظاهرات تحولت بعد اشهر من انطلاقتها إلى تمرد مسلح يغطي اكثر من مدينة سورية مثل حمص وادلب وجوارهما الريفي (وريف دمشق الغربي والشرقي بدرجة اقل) .
مصدر وثيق الصلة بالادارة الاميركية في واشنطن وهو شخصية شديدة الاطلاع على كواليس السياسة الاميركية افاد ” عربي برس ” بالخلفيات الحقيقة لسحب السفير روبرت فورد من دمشق اليوم في الثالث والعشرين من ت1 اكتوبر على خلفية وجود مخاوف امنية كما زعمت ادارة باراك اوباما في تصريحات لمسؤوليها اليوم، وهو المضمون نفسه الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر السفارة الاميركية في العاصمة السورية دمشق .
مصدر ” عربي برس ” الاميركي يقول :
في تموز الماضي استدعت الخارجية الاميركية السفير روبرت فورد الى واشنطن للتداول معه في الشأن السوري ولاستطلاع الاوضاع الميدانية في سورية ومدى قدرة النظام على الصمود في وجه الاحتجاجات التي كانت وقتها قد وصلت الى حد خروج مدن بأكملها عن سلطة الحكومة ومن بينها حماة وحمص ودير الزور مع ما للأولى من خاصية وجدانية عند كثيرين من ابناء سورية، إضافة الى ما تمثله حمص ودير الزور من فرص امنية توفرها الحدود المفتوحة بينهما وبين كل من لبنان حيث نفوذ الاميركيين القوي المتمثل في تيار المستقبل وإمتداده المخابراتي المرتبط مباشرة بالاميركيين (فرع المعلومات ) ومع العراق حيث الوجود الاميركي المباشر على الجهة المقابلة لدير الزور .
وصل السفير الاميركي وقتها الى واشنطن متوقعا ان هيلاري كلنتون وزير الخارجية هي التي ستستقبله ولكنه بدلا عن ذلك حظي باستقبال مطول من مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي ومن ثم اسطحبه ذاك إلى لقاء مطول مع باراك اوباما في غرفة الاوضاع (التي تقع في الطابق الثالث من البيت الابيض تحت الارض والتي تضم اجهزة اتصال مباشرة مع كافة غرف العمليات الامنية والمعلوماتية والعسكرية والنووية الاميركية في كل ارجاء العالم ) وقد حضر ذلك اللقاء عدد من مستشاري الرئيس اضافة إلى وزير الدفاع والخارجية ومدير الامن الوطني المشرف على كافة اجهزة الامن الاميركية .
عرض السفير الاميركي لرأيه حول الاوضاع في سورية واعتبر في عرضه ان اسقاط الاسد ممكن شرط ايجاد البديل المعارض له وقال بأنه يفضل مجلسا عسكريا حاكما باغلبية علوية ينقلب على الاسد ويكون ذاك البديل ضمانة لاستقرار الاوضاع في العاصمة السورية وصولا الى درعا والجولان حيث الحدود مع اسرائيل، وفي المقابل يضمن هذا المجلس المفترض ولاء الجيش الذي برأي الاميركيين يضم نخبة علوية قد لا تنقلب على الاسد الا اذا كان البديل علويا (….)
روبرت فورد طالب بأن يوافق الرئيس الاميركي على عودته إلى دمشق للأسباب التي سنوردها ادناه وقد وافق الرئيس اوباما على ذلك شرط ان يكون ناتج وجود السفير في دمشق اكبر من ضرر وجوده في بلاد تدعو الادارة الاميركية رئيس جمهوريتها للتنحي .
من الاسباب التي اوردها السفير لبقائه في سورية هي الامور التالية :
تأمين ولاء شخصيات معارضة في الداخل للولايات المتحدة وتشكيل مجلس انتقالي سياسي من الموجودي داخل سورية ينضم اليه عند اعلانه اشخاص يمثلون ثقلا معنويا في مواجهة النظام السوري على ان يكونوا من المقربين حاليا او سابقا الى الرئيس بشار الاسد وإن لم يوجد فإلى الرئيس المرحوم حافظ الاسد . (يأتي في هذا السياق الشك ببعض الشخصيات الموالية سابقا والتي اجتمعت في دمشق على بيان معين بدا كأنه انقلاب من تلك الشخصيات على امور هم اساس البلاء في وجودها )
ثانيا : عرض السفير فورد امام المجتمعين للجهود التي يقوم بها لأنشاء ” تنسيقيات الثورة ” من ليبراليين ومستقلين في كافة المناطق التي تشهد تظاهرات وذلك لمنافسة السلفيين والاخوان المسلمين على الارض التي تشهد تعاطفا من السكان مع المتظاهرين، وأكد السفير ان علاقته بقيادات الاخوان المسلمين الناشطين داخل سورية ممتازة وتشهد تنسيقا متواصلا ويوميا عبر وسطاء واحيانا بطريقة مباشرة، وكشف السفير فورد للرئيس الاميركي ولاعوانه بان ستين إلى خمسة وستين بالمئة من التظاهرات ينظمها نشطاء على علاقة امنية بالاخوان المسلمين مباشرة او عبر مشغلين يرتبطون بالأخوان والباقون هم من المتعاونين مباشرة مع اجهزة مخابرات حليفة للأميركيين وتمولهم دول خليجية .
ثالثا : إعتبر السفير ان وجوده يشجع المناطق التي لم تثور بعد على ركوب موجة الثورة مثل دمشق وحلب وهو لهذا سيعود للإبقاء على مظلة حماية يتظلل بها كثير من النشطاء الذين يديرون العمل التحريضي من مباني السفارة او من مقرات تحظى بحماية السفارة الاميركية (تدير رزان زيتونه من منزل مستأجر من ديبلوماسي اميركي كافة انشطة ما يسمى بمكتب اعلام الثورة في الداخل وهي تقتل يوميا عشرين سوريا على الورق سواء حصلت احداث امنية ام لم تحصل، في حين يدير المدعو ياسين الحاج صالح عملية تسويق العلاقات الاميركية المباشرة مع شخصيات سورية معارضة وموالية يعرفها وتعرفه ومن السفارة يسوق الحملات الاعلامية عن انقلاب شخصيات سياسية سورية وشعبية ضد النظام و من مبنى السفارة ينصح الاميركيين مع من يتصلون وبمن يثقون ومن مبنى السفارة في ابو رمانة يعمل كمستشار سياسي للأميركيين بكل تلاوينهم الديبلوماسية والامنية في العاصمة السورية فضلا عن معاونته للجزيرة وللعربية على استئجار خدماتن بعض من يسمون انفسهم بشهود العيان )
رابعا : قال السفير ان وجوده يعين محطة المخابرات الاميركية هناك على تقديم ضمانات قد يحتاجها ضباط كبار يسعى هو المخابرات الاميركية الى تجنيدهم ليشكل منهم مجلسا وطنيا يحكم سورية بعد انقلابه على الرئيس بشار الاسد .
عاد فورد في الرابع من آب الى دمشق وبدأ في محاولته تنفيذ ما وعد به رئيسه وكان القرار الاميركي انه إن لم ينجح فعليه المغادرة والعودة الى واشنطن وحينها سيلجأ الاميركيين الى الخطة ” ج ” وهي جزء تخريبي دموي عماده الاغتيالات والتفجيرات الامنية مجهولة المصدر، وسينفذ تلك الخطط ارهابيون لا يعرفون انهم يعملون للأميركيين وارهابيون يعرفون وينفذون ما تطلبه المخابرات الاميركية منهم .
الخطة ” ج ” هي الحلقة ما قبل الاخيرة (الاخيرة غير قابلة للتنفيذ وهي التدخل العسكري ودونه حرب شاملة ضد اسرائيل وتركيا والوجود الاميركي في الخليج تشارك فيها ايران وحزب الله والمقاومتين العراقية والفلسطينية إلى جانب سورية ) من مجموع خطط اميركية موضوعة مسبقا تهدف إلى اسقاط النظام في سورية إن لم يصل المتظاهرون من اصحاب نداءات الثورة الطائفية الى الهدف الاميركي وهو تدجين سورية ونظامها في مجالات تعاون اولها التخلي عن مقاومة الهيمنة الاميركية في المنطقة وقطع العلاقات مع ايران وحماس وحزب الله والانضمام إلى محور الممالك التي لا يمسها سوء الثورات الشعبية شرط تنفيذ الاجندات الاميركية الجديدة الساعية الى سايكس بيكو 2011 . (يرجى مراجعة مقال ” ما هي الخطة في سورية ” في موقع أسيا تايمز تاريخ 20 – اكتوبر 2001 )
ويختم المصدر حديثه مع “عربي برس” فيقول : رحيل السفير هو اعلان فشل اميركي في تنفيذ الخطط التي وضعت والتي كان من المفترض ان روبرت فورد سينجزها .
فشل السفير الاميركي في مسعاه، فلا منقلبين ذوي وزن ثاروا على النظام من داخله ولا ضباطا صغارا او كبارا ذوي نفوذ باعوا انفسهم للأميركيين ولثورتهم التي يمولها العراعرة السلفيين بوقودها الطائفي وتشاركهم قناتي الجزيرة والعربية واموال قطر وامراء السعودية في تسويقها وفي تمويلها، ولا معارضة الداخل قبلت بأن تبايع الامير ” برهان غليون ” آخر مماليك الصليبية الجديدة في واشنطن.
رحيل السفير الاميركي من دمشق هو اشارة انطلاق عمليات تفجير وارهاب وقتل واغتيالات ستشهدها سورية إلا إن نجحت قواها الامنية وشعبها في دحر هذه الخطط كما دحرت الخطط التي قبلها
::::
المصدر: “عربي برس”، http://www.arabi-press.com/?page=article&id=7999