فَلِمَ الملامة!
بادية ربيع
ملاحظة: كتبت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، رسالة إلى المغنية المغربية هندي زهرة لثنيها عن القدوم إلى إسرائيل للغناء بالطبع، وربما لأمور أخرى؟ من يدري؟ قد يبدو هذا الحديث وقحاً، ولكن من يدري ماذا يُعد للمطبعين من ضيافات من اسرائيل ذات المال والحداثة وشطارة التجنيد؟
وأنا نفسي كعربية سورية، أقدر للحملة دورها في مجال المقاطعة، لكنني لا أفهم، وأحب أن افهم: كيف يمكن لحملة أن تقنع مغربية أمازيغية أو كردية أو يمنية أن لا تأتي إلى إسرائيل والحملة نفسها لا تعلن بوضوح أن هذا الكيان هو مستوطنة غير شرعية على ارض فلسطين؟ وبكل أدب واحترام، اقول لكم إن موقف الحملة هو ضمن موقف اليسار الغربي الصهيوني الذي يريد حلا إنسانيا لفلسطينيي 1967 ويرفض اي حديث جاد عن حق العودة لأكثرية الشعب العربي الفلسطيني؟
قد يخجل كثيرون من قول هذا لكم/ن، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يعرفون هذه الإجابة. بعضهم يخجل وبعضهم لا يرغب في نقدكم لأنه هو نفسه ضد حق العودة ويريدكم أن تظلوا ضمن هذه الدائرة. والحقيقة ما أكثر الفلسطينيين والعرب الذين لم يبرحوا هذه الدائرة، ويبدو أن من يدخلها لا يخرج منها فهي تستقبل ولا تُرسل! إنها قاتلة مثل مثلث برمودا.
نصف الموقف اخطر من اللاموقف
حين يصمت أمرىء يرتبك في امره الآخرون: فإما هو بلا موقف أو إنه يخبىء أمراً خطيراً!
أما نصف الموقف فهو الأخطر لأنه اساساً يطعن الموقف الحقيقي.
صحيح ان الموقف الحقيقي مكلف. ولكن هذا درس التاريخ. بل درس اللحظة.
في الماضي كان يقول اليسار الفلسطيني إن الموقف الصهيوني الحدِّي هو ضمانتنا في إحراج اليمين. هذا حين كان هناك يساراً! أما اليوم، فاليمين واليسار يستخدم صلافة الموقف الصهيوني ذخيرة لتنازلات لم يحلم بها العدو نفسه. طبعاً باستثناء من رحم ربي.
ماذا اقول أنا كعربية لمغنية أمازيغية سوف تغني في تل ابيب بينما:
فلسطينياً:
أكثرية التنظيمات الفلسطينية والتي تنتهي اسمائها ب “تحرير فلسطين” تعترف بالكيان الصهيوني، وتعيش من ريع قبولها باتفاق أوسلو، وتُقر له ب 78 % من فلسطين وأكثر. وحتى الإسلام السياسي شارك في الانتخابات في ظل اوسلو، ونتمنى له التوقف عند هذا الحد.
رئيس السلطة الفلسطينية قال قبل ايام لنا حق وطني وليس تاريخي في فلسطين لأن الحق التاريخي يحرم الطرف الآخر؟ وبالطبع الطرف الآخر لا يكتفي ب 78 بالمئة. وأما المفارقة بلا أحد قال كلمة بنصف لا!!
مثقفون فلسطينيون يدعون المثقفين العرب لدخول الأرض المحتلة تحت حراب الاحتلال؟ هل الفارق كبير عن حالة المغنية المغربية؟ ألم يتم استقبال المغنية التونسية في رام الله؟
مثقفون فلسطينيون كثر يعتاشون من أوسلو ويتغنون بها اي يعترفون بإسرائيل؟ فهل جريمة المغنية المغربية اكبر؟
مثقفون فلسطينيون يعيشون في الكيبوتسات كما يكتب عنهم د. عادل سمارة، فهل نقول للمغربية لا تأتي؟
عربياً:
مصر تعترف بإسرائيل ويُصر نظامها الحالي على استمرار اتفاق كامب ديفيد
الأردن يعترف بإسرائيل مع أنها ذات يوم ستجعله مستودعاً مثقلا بالفلسطينيين.
قطر تعترف بإسرائيل وتلعب دور تطبيع وتطويع العرب والإسلام السياسي للاعتراف باسرائيل ومن لا يفعل ترسل له الناتو (تصوروا: هي ترسل له الناتو- هكذا تبدو الصورة وليس الجوهر) هكذا كان مصير القذافي رغم كل حسناته الأخيرة مع الغرب!!
بقية الأنظمة العربية تجلس مع كل المعترفين بإسرائيل وكأن شيئا لم يحصل؟
إسلامياً:
لا توجد دولة إسلامية لم تعترف بإسرائيل وتقيم معها علاقات ربما سوى إيران. وهذه لها حساباتها للسيطرة على العراق بالمقابل. والأخطر تركيا التي تزعم أنها تقرص اذن إسرائيل طمعاً في نشر إسلام امريكي الجوهر تركي المظهر هو حليف لإسرائيل وعدو للأمة العربية.
وأخيراً، إذا كانت هذه الحملة بصدد كسب مؤيدين دوليين ولكن مع الخضوع لشرطهم بشطب حق العودة، فلا معنى لهكذا تأييداً.
(انظر الرابط)
2011/10/29
رسالة مفتوحة الى المغنية المغربية الأمازيغية هندي زهرة: كيف ستغنين في تل أبيب على أنين ضحايا الأبارتهايد الاسرائيلي؟
نكتب إليك من الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل [1] لنعبر عن صدمتنا لقرارك الغناء في تل أبيب في تاريخ 12.11.2011 على الرغم من علمك بالحصار الخانق الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على فناني وفنانات فلسطين، بل وعلى كل شعبنا الرازح تحت الاحتلال، وبالذات في قطاع غزة. نستغرب كيف تقبلين أن ترفهي عن مجتمع يمارس الاحتلال وسياسة التمييز العنصري والتطهير العرقي الممنهج، بالذات في القدس المحتلة والنقب، ويحرم لاجئينا، أي معظم شعبنا، من حقهم غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها إثر إقامة دولة إسرائيل على أنقاض مجتمعنا؟ نناشدك، كفنانة، كإنسانة، كمغربية، وكأمازيغية لإلغاء حفلك في تل أبيب كي لا تستخدمين من قبل إسرائيل، كما استخدم الكثيرون غيرك،للتغطية على انتهاكاتها للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وكي لا تصبحين، بالنتيجة، مشاركة في تجميل جرائم دولة الاحتلال.
في زمن تنتشر فيه الحملة التي أطلقتها الغالبية الساحقة من المجتمع المدني الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) [2]، وبالذات شق المقاطعة الثقافية منها [3]، في أرجاء المعمورة، وفي الوقت الذي يلتزم فيه نجوم وفرق فنية كبيرة في الغرب بالمقاطعة الثقافية لإسرائيل، أيعقل أن تخرق فنانة مغربية أمازيغية مرموقة مثلك مقاطعتنا لإسرائيل؟ إن لم تكوني قادرة على المساهمة الفاعلة في نضالنا الشعبيّ السلميّ من أجل الحرية والعدالة وتقرير المصير، فمن حقنا أن نطالبك، كحد أدنى، ألا تقوضي نضالنا بكسرك مبادئ مقاطعتنا الثقافية لإسرائيل. كما قال المغني البريطاني الشهير، روجر ووترز (مؤسس فرقة بنك فلويد)، “عندما ترفض الحكومات أن تتحرك، لا بد للناس أن يتحركوا بما يتاح لهم من وسائل سلمية. بالنسبة لي، يعني ذلك نية للوقوف تضامناً، لا مع شعب فلسطين وحسب بل وكذلك مع الآلاف العديدة من الإسرائيليين الذين يعارضون سياسات حكومتهم، والانضمام إلى حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها”.[4] بل إن مطالبنا الرئيسية المشتقة من القانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الانسان تصر على عدم التفرقة بين بني البشر بغض النظر عن الدين أو اللون أو الجنس، فنحن ندين كل اضطهاد وكل تفرقة عنصرية، بغض النظر عن هوية المضطهِد (بكسر الهاء) وهوية المضطهَد (بفتحها).
إن كان ردّك بأن “الفن فوق السياسة” أو أنك لن تأتي لدعم سياسة إسرائيل بل فقط للغناء لجمهورك “من أجل السلام والمحبة”، فلا بد أن نسألك أن تتأملي في المقولة التالية للمطران الجنوب أفريقي، ديزموند توتو، الذي لعب في القرن الماضي دوراً محورياً في النضال ضد نظام الأبارتهايد في بلده، كما تعلمين، والذي يؤيد اليوم حملتنا لمقاطعة إسرائيل: “إن كنت محايدًا في حالات الظلم، فقد اخترت جانب المضطهِدين [بكسر الهاء]”. لا يوجد حياد، إذًا، في غنائك في دولة تمارس الاضطهاد الاستعماري والعنصري ضد شعب يفترض أن تقفي متضامنة معه، كإنسانة وكفنانة. ألم تسمعي عن مقاطعة معظم المغنيين/ات لجنوب أفريقيا أثناء الأبارتهايد؟ لماذا لم يكن “الفن فوق السياسة” هناك؟
وإن كان ردّك بأنك كأمازغية تعانين من الاضطهاد العربي، فنحن ضد كل اضطهاد، ونرى في الثورات الشعبية التي تجتاح منطقتنا العربية لا ربيعاً عربياً بالمفهوم الإثني أو القومي بل ربيعاً ضد كل ظلم وتمييز عنصري وقمع ومن أجل الحرية والكرامة والمساواة بين الجميع في هذه المنطقة، دون تمييز حسب اللون أو الجنس أو العرق أو الإثنية أو الدين.
إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترفض السماح لفناني قطاع غزة السفر والمشاركة في حفلات فنية، كما تحد من حرية حركة مغنيات ومغني الضفة الغربية، بل وتمنع إدخال الآلات الموسيقية إلى غزة [5]. هذه سياسة ممنهجة مستمرة ضد جميع الفلسطينيين، سياسة قلصت من مشاركات فناني فلسطين في المهرجانات الدولية بشكل كبير. هذا ناهيك عن الفنانين الذين يقبعون في السجون الإسرائيلية لمجرد إصرارهم/ن على الانخراط في مقاومة فنية، تدافع عن موروثنا الثقافي وتنشغل في صقل هويتنا المعاصرة.
وكما تعلمين، لا بد، فإن الشعب الفلسطيني لا زال يشعر بالألم لفقدان أكثر من 430 طفل كانوا من ضمن 1443 فلسطيني قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال مجزرة شتاء غزة 2009. وخلال هذه الفترة أيضًا، تم جرح ما يقارب 5300 شخص، معظمهم تعرضوا لعمليات بتر أطراف، من بينهم فنانين وفنانات.
وكما قال الفنان المرموق إلفيس كوستيللو حين التزم بالمقاطعة الثقافية وألغى حفله في تل أبيب، إن ظروف الاضطهاد تجعل مجرد تنظيم حفل فني في الدولة المضطهِدة (بكسر الهاء) “عملاً سياسياً له دلالات أعمق بكثير من كل ما يقدمه الفنان على المسرح، إذ يعتبر تجاهلاً لمعاناة الأبرياء.” هل ستغنين رغم كل ذلك في تل أبيب؟
[2] http://www.bdsmovement.net/call#Arabic:
[3] http://www.bdsmovement.net/activecamps/cultural-boycott#.Tqv-4kMpvVY
[4] http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2011/mar/11/cultural-boycott-west-bank-wall
[5] http://news.bbc.co.uk/2/hi/middle_east/7545636.stm
اضيف بتاريخ: 29-10-2011