رد على مقالة فهمي هويدي

(منشورة أدناه)

الأستاذ هويدي

الكلمة عهد وموقف ضد كل الحكام!

عادل سمارة

الكلمة موقف والكلمة عهد ” واوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا” هذا كلام الله فهل يفعل ذلك السيد هويدي؟

ما قاله عن سوريا واليمن صحيحاً، وعن الكيان ليس صحيحاً.

لماذا؟ لأن عذاب غزة ايها السيد عمره من عذاب فلسطين أي على الأقل من 1948 وليس قبل خمس سنوات لأن الحديث عن الحصار مقطوعاً عن السياق الطويل هو تمهيد للاصطفاف إلى جانب من يريدون دولة في الضفة والقطاع ليشطبوا حق العودة باسم الإسلام، اي حصر فلسطين في استعادة الإشراف على الحرم القدسي وحده!. وما تسميها إسرائيل هي الكيان الصهيوني؟ أم أن رقابة دولة قطر لا تسمح لك بالحديث عن الكيان وفلسطين 48 والتطبيع لأن حاكم قطر قضى ردحا من الزمن يستضيف شمعون بيرس وتسيفي ليفني والموساد وعضو الكنيست د. عزمي بشارة؟

عتبي عليك لأنك تعرف كل هذا ولا تقوله! هل هذا من قبيل الإخلاص للقراء الضحايا؟ وكل هذا كي لا تغضب حكومة قطر منك؟

أنت كتبت عن سوريا واليمن: “ولست أدعو إلى الانحياز إلى أي منهما، حيث أعتبرهما درجات في التعاسة وإهدار الكرامة الوطنية، ولا أرى بديلا عن التصدي لهما بكل ما تملك الشعوب من قوة”.

هذا ما نطق به البيت الأبيض قبل ثلاثة ايام؟ ما هذا التناغم؟ ألا يؤكد هذا أنك من فريق “الدين السياسي”؟ ربما افضل من أن اقل الإسلام السياسي، لأن هناك دين سياسي صهيوني ودين سياسي للمحافظين الجدد، وثلاثتكم تلتقون ضد الأمة العربية!

لم تعد تذكر ليبيا، بعد أن اغتصبها الناتو؟ فهل العيد بالنسبة لك في ليبيا سعيد؟

هل يُعقل أن كاتباً مثلك لا يعلم أن جامعة الدول العربية أداة ضد الأمة؟ أنت في مصر إذهب إلى هناك واسالهم: بعد أن دعوتم الناتو لاغتصاب ليبيا، اين موقعكم من ما يسمى إعمار ليبيا؟ أين دوركم هناك في السياسة والقانون وتضميد جراح الشعب؟ كل شيء بيد الناتو يا استاذ؟ وبالطبع شركات الناتو. اذكر لي اي حاكم عربي تجرَّأ على زيارة ليبيا قبل السادة قادة الناتو أو حتى تجرأ على التصريح بكلمة؟ لماذا ترى هذه الحقائق الصادمة وتحجبها عن القراء الضحايا؟

هل تعتقد ان مجلس التعاون الخليجي عربي ومسلم وقراره بيده ويستحق أن يقود مبادرة لحل مشكلة اليمن؟ ألم تسمع بمبادرة الجامعة في ليبيا التي كانت كمن يُدخل الزنى إلى غرفة أخته ثم يلوي عائدا بخسة.؟ هل هؤلاء مؤهلون كي يُؤتمنوا على اليمن؟ اليمن الذي رفضوا انضمامه إلى مجلسهم الغني؟ الآن يتباكون عليه.

دعني أسال سؤالاً محرجاً أوجهه لك وللدين السياسي المقاوم الذي مثلك طرب على ذبح ليبيا وهنأ أدوات الناتو هناك: طالما أنت وهم مسلمون، وطالما أنكم ضد الظلم، لماذا هنأتم الناتو في ليبيا ولماذا زملائك في الدين السياسي يتعاطفون مع الشعب العربي في البحرين بينما انت لا تذكر هؤلاء التعساء قط؟ هل السبب:

· لأنك سني وتروج لحكام الخليج

· ولأنهم شيعة

فمن منكما المسلم؟ أم أن الإسلام عند اللزوم. واللزوم بلغة الاقتصادي السياسي المصلحة؟

ألا يسيل الدم في البحيرن ايها المؤمن؟ أم أن الدم العربي للشيعة هو زيت سيارات؟ على الأقل ايها الرجل من قبيل احترام الذات كان يمكن سطرا واحدا عن البحرين. ولكن ديمقراطية جمهورية الجزيرة لا تسمح بذلك! فانتهيت أنت إلى التقيا اي الخبث. وهذا افضل تفسير لأن التفسير الأدق أن الشيعة لديك كفار، وربما أنت لديهم كذلك.

نريد الحريات في سوريا واليمن. نعم ولكن الا تخجل من عدم ذكر البشر في الخليج؟ إذا كانت الحرية غائبة في سوريا واليمن، فالبشر في الخليج ليسوا هناك؟ قل لي كم مواطن هناك مسموح له أن يعرف ما هي الحرية، والحزبية والديمقراطية وحق القول وحق الفعل وحق ركوب السيارة؟ كم مواطن هناك له حق السؤال: لماذا الأميركي هو سيد البلاد؟ لماذا ارسل الخليج 3 تريليون دولار لإسعاف اميركا ولا يجرؤ على إعادة إعمار قرية اسمها غزة، نعم قرية، التي تتباكي أنت عليها وتستخدمها لتمرير ما تريده ضد اليمن وسوريا وتغطية تنعُّمك بعوائد نفط الخليج؟

يكفينا ما لدينا، وإذا حاول أحد ذكر فلسطين فليذكرها في السياق الصحيح، في سياق رفض أوسلو جملة وتفصيلاً، فليرفض التطبيع الذي ما زال عسكر مصر التي أنت فيها يتمسكون به بنواجذهم، وليرفض تطبيع قطر التي تحتضن قلمك وترعاه.

بل ليرفض ذلك التحالف الذي يتم اليوم بين الدين السياسي والولايات المتحدة لحكم الأمة العربية كي تُصبح كلها خليجية. ولكن خليج بلا نفط، لتصبح صحراء ثقافياً ولكن بلا نفط.

قل لي وأنت العارف: اليس الخليج كما فلسطين تحت الاحتلال؟ لا بل اسوأ؟ الاحتلال هنا يسرق منا سرقة أو اغتصاباً ما نملك ليمول بنيته الاحتلالية. والاحتلال في الخليج يُموَّل من مال الله ومال الأمة! لماذا يا أستاذ لا تذكر هذا؟ أليس حراماً أن لا تقول الحق؟

الاحتلال في الخليج، يتحكم بالأرض والثروة وخاصة النفط، وطائراته من هناك تضرب في كل مكان. ألم تسمع بهذا؟

قل أن في سوريا اسرة تحكم البلد، ولكن بشرفك ما (ولا اقول من، لأن من للعاقل _ ولمذا أخشاهم، فلست ممن يعتاشون منهم) ما الذي يحكم في الرياض والدوحة وأبو ظبي ومسقط والكويت والمنامة؟ هل تحكمها ديمقراطية اثينا، أم صحابة رسول الله؟

نحن على الأقل نعترف بأخطاء حكام سوريا وليبيا والعراق سابقاً ونصر على تغييرهم او تغيير سياساتهم وكتبنا ولا زلنا، ليس فقط لأننا نحترم وعي القارىء بل لأننا لا نهين أنفسنا. تخيل، أنت، لا ليس انت، أنا اسال القارىء: تخيل لو كنت في زيارة لأي بلد مثلا موسكو أو بكين وقلت لشخص ما رأيك في حكام الخليج؟ لن أقل لك الإجابة لأنني أخجل.

إذا كان لنا أن نبارك بالعيد فلنكن صادقين أولاً.

* * *

مقالة فهمي هويدي

كل سنة وأنتم محررون

فهمي هويدي

لا معنى للعيد والدم يسيل كل يوم في سوريا وفي اليمن.

ولا معنى للعيد وغزة تعاني الحصار منذ نحو خمس سنوات،

وأخشى ما أخشاه أن نقف موقف المتفرجين مما يحدث في سوريا واليمن كما فعلنا مع غزة.

وأستحي أن أقول إنه لولا الضجة التي أثارها أولئك الناشطون الذين قدموا من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، وحاولوا قبل أيام قليلة كسر الحصار، لما تذكر أحد غزة هذه الأيام.

ما تمنيت أن أضع الدول الثلاث في تصنيف واحد. لكني وجدت أن ثمة قواسم مشتركة في سياساتها إزاء جماهيرها العربية.

رغم أنني أدرك أن هناك الكثير الذي يفصل بين سوريا واليمن من ناحية وبين إسرائيل من ناحية ثانية، ولن أختلف مع من يقول إنه لا وجه للمقابلة بين البلدين الشقيقين وبين العدو الاستراتيجي والتاريخي.

لكننا مع ذلك لا نستطيع أن نتجاهل حقيقة أن الأنظمة الحاكمة في الدول الثلاث تمارس القهر والإذلال بحق العرب الخاضعين لها.

ولا ننسى أننا شاهدنا لافتات لسوريين فاض بهم الكيل بعدما فتك بهم النظام فكتبوا قائلين إن إسرائيل لا تعامل المساجين العرب بهذه الوحشية،

لا نستطيع أيضا أن نتجاهل أن الاحتيال والمراوغة يدين النظم الثلاثة.

فإسرائيل وقّعت اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين ثم اعتبرته ورقة لا قيمة لها، وراحت تتوسع في الاستيطان ونهب الأراضي وتدمير حياة الفلسطينيين.

واليمن تلقي مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ولا يزال رئيسها يسوِّف في التوقيع عليها، في الوقت الذي تواصل قواته وأنصاره قمع المعارضين وإراقة دماء العشرات كل يوم.

وسوريا تلقفت مبادرة الجامعة العربية وأعلنت أنها توصلت إلى «اتفاق» معها لحل الأزمة، وفي نفس يوم الإعلان قتلت 24 مواطنا في حمص وبانياس ودير الزور.

وفي الأيام التالية ظلت راجمات الصواريخ تدك بعض المدن والمدرعات تقتحم مدنا أخرى، والشبيحة ينقضون على المتظاهرين وأرتال المعارضين الوطنيين تساق إلى السجون.

بالتالي فقد تحول «التنفيذ الفوري» لبنود المبادرة إلى إطلاق يد السلطة في سحق الجماهير، وبدلا من وقف أعمال العنف فإن ذلك العنف اشتد.

وبدلا من الإفراج عن المعتقلين فإن أعدادهم تضاعفت.

جميعهم يراهنون على الوقت، ويعتبرون أن الاتفاقات الموقعة والمبادرات التي تقدم ليست سوى أستار يحتمون بها لمواصلة مخططاتهم وأجلا يتوفر لهم لسحق المعارضين وتغير الخرائط السياسية والاجتماعية، ووقتا إضافيا يسمح بتثبيت الأوضاع الظالمة وإدامتها.

من المفارقات أنهم جميعا يمارسون ما يمارسونه من جرائم، ثم يتحدثون عن «الحوار».

نتنياهو ما برح يتحدث عن العودة «للمفاوضات» مع الفلسطينيين،

كذلك يفعل الرئيسان علي عبدالله صالح وبشار الأسد حين يدعو كل منهما إلى الحوار مع المعارضة، ولا تكف أبواقهما عن التشدق بأهمية حسم الخلافات من خلال الحوار، في الوقت الذي يتحاور فيه البلاطجة في اليمن والشبيحة في سوريا مع الشعب الغاضب بأساليب أخرى.

يبتزلون الحوار ويعتبرونه وسيلة للي ذراع المعارضين وكسر إرادتهم ومخاطبتهم من موقع السلطة ومركز القوة، في حين أنهم جميعا لا شرعية سياسية لهم.

لا فرق في ذلك بين احتلال مارسته إسرائيل بحق الفلسطينيين،

أو احتكار للسلطة والثروة مارسه علي عبدالله صالح الذي ينتمي إلى عائلة عفاش الدم في «سنحان» (الدم في اليمن تعني القط)

أو تمارسه أسرة الأسد في سوريا.

والأول احتكر السلطة لأكثر من ثلاثين عاما والثاني احتكرها لأكثر من أربعين عاما

ــ وهو احتكار لا يكاد يختلف كثيرا عن الاحتلال إلا في هوية القائم على الأمر. فقمع الشعب واحد ونهب ثروات البلد واحد، غير أن النهب في ظل الاحتلال يتم لصالح الدولة المحتلة، في حين أنه في ظل الاستبداد يتم لصالح الأسرة الحاكمة.

ولست أدعو إلى الانحياز إلى أي منهما، حيث أعتبرهما درجات في التعاسة وإهدار الكرامة الوطنية، ولا أرى بديلا عن التصدي لهما بكل ما تملك الشعوب من قوة.

هذه النقطة الأخيرة تقودنا إلى مشترك آخر بين الحالات الثلاث، يتمثل في بسالة الشعوب وقدرتها على الصمود.

فالشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال منذ حلت به النكبة،

والشعب السوري لا يزال يتحدى سجانيه وظالميه في تظاهرات لم تتوقف منذ نحو ثمانية أشهر.

والشعب اليمنى أعلنت جماهيره العزلاء رفض النظام وأصرت على المطالبة بإسقاطه منذ تسعة أشهر،

جميعهم طالبوا بالحرية، وجميعهم احتملوا قسوة وفظاظة الشبيحة والبلاطجة، واستقبلوا رصاصات المحتل والمحتكر بصدور عارية وشجاعة نادرة.

إن عيدنا الحقيقي سيظل مؤجلا حين تتحرر شعوبنا ممن أهانوها بالاحتلال والاحتكار. واعذرونا وسامحونا حين وضعت الجميع في سلة واحدة، لأن الظلم ظلمات.

وإذا لم تستطع شعوبنا أن تقدم العون للأشقاء المظلومين بسبب بؤس نظامنا العربي، فلا أقل من أن تعبر عن تضامنها معهم برسالة في المناسبة نقول:

كل سنة وأنتم محررون.. ونحن أيضا.

:::::

صحيفة الشرق القطريه الاثنين 11 ذو الحجة 1432 – 7 نوفمبر 2011

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2011/11/blog-post_07.html