قراءة مختلفة لإستحقاق أيلول

السياسي والمثقف: من الحياة مقاومة إلى مفاوضات

العامل الحاسم: الخطاب، نمط الإنتاج أم التمويل؟

(الجزء الرابع)

عادل سمارة

(3)

في الثقافي:

نماذج تفكيك وتبديل القيم

بعد نمط الإنتاج وبنية الاقتصاد ونمط الحياة ودور السياسي ومن ثم الرديف الثقافي في تفكيك قيم المقاومة وتسخيرها لصالح التفاوض، كما أشرنا أعلاه، ننتقل إلى “علم” تخريب القيم وتخريب الخطاب وهو ما قد نبدأه، نحصره في حزمتين:

أولاً: تفكيك القيم الأرضية وتحقيرها

وثانياً: إعلاء مبالغ فيه للقيم السماوية مشروطة بفصلها عن الواقع الأرضي

فيما يخص أولاً: لقد تم تفكيك وتحقير القيم الأرضية وخاصة الوطنية والقومية وبالطبع الطبقية ليتم تفريغ المجتمع من قيمه الأساسية وخاصة المقاومة والبعد العربي وبالطبع الوطني. لذا سادت مثلا نكات شعبية من طراز “صارت الخيانة وجهة نظر”، “العرب تخلوا عنا”. واتسع نقد بل التهجم على القوى السياسية بالمطلق وليس بالنقد المعمق، وبعد أن كان الفدائي كما القديس صار الابتعاد عن الحزبية مفخرة وشرطاً لدخول المنتديات أو دوائر الثقافة “المحترمة”!

قد يكون بيان أل 55* (انظر قائمة الموقعين في نهاية المقال) الذي يشجب العمليات الاستشهادية أعلى نبرة في تحطيم القيم التي يجدر الافتخار بها لا سيما ان الذين وقعوا عليه هم من المثقفين الذين يُفترض أن تكون لهم مساهمة في تصليب الوعي وتعميق الخطاب ومناهضة التطبيع والاستلاب. ولا شك أن هذا البيان مقصود به نقد قوى الإسلام السياسي رغم أن بعض الاستشهاديين كانوا من الجبهة الشعبية. ولكن مُوقَّعي البيان انطلقوا من زاوية الخطاب اللبرالي الخبيث والموقف السياسي لهذا الغرب الراسمالي والصهيوني ضد الإسلام السياسي. وهنا يجب التفريق بين نقدنا للإسلام السياسي فيما يخص المرأة والاقتصاد والمجتمع وبين مكانة الاستشهاديين ضد العدو.

تتعدد الأمثلة على تفكيك قيم النضال والاعتماد على الذات والثقة بالشعب…الخ. ربما كان فتح اليد للتموُّل أخطرها أو باكورتها. وهو النمط الذي سارت عليه منظمة التحرير الفلسطينية باكراً وكأنها اعلنت أن كل مالٍ حلال لك طالما أنت مقاتل، وربما لم يُدرك هؤلاء أن سهولة تسييل المال كان ورائها تسييل مستوى النضال نفسه بل إفساده، الأمر الذي انتهى إلى إقامة سلطة الحكم الذاتي كإمارة تموُّل من حيث أتى. والمفارقة في تطور الموقف من هذه الظاهرة التي استفحلت مع الحكم الذاتي حيث صار التموُّل لعنة تُشتم ولكن تُمارس باستمرار من قبل من يشتمها، قبل وخلال وبعد الشتيمة، وليس افضل من هكذا خطاب وطريقة أداء لتمرير وبقاء أللاقِيَمْ! فليس اسهل من لعن التمول والممولين كغطاء دخاني لتعقيم الذات ومواصلة التخفي.

أصبح التموُّل نمط دخل في مجتمع الأرض المحتلة 1967، فمن تمول المنظمة قبل أوسلو، وقيامها بتمويل أنصارها في الداخل وَرَش الأموال على النقابات والاتحادات لكسب الأنصار إلى اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة[1] وبعد أوسلو إلى ظاهرة الأنجزة (المنظمات غير الحكومية NGOs) التي فتحت طرق التموُّل للفرد الواحد على حدة وبشخصه، إلى تمويل المنح المخصصة للبحث والتجسس الأكاديمي بوعي أو تطامن أو جهل، لا فرق في النتيجة، إلى التمول من قنصليات الدول الأجنبية ومؤسساتها مثل يو. أس. إيد وأنيرا الأميركيتين إلى المؤسسات الثقافية الفرنسية والألمانية والمجلس الثقافي البريطاني…الخ. لذا، نشاهد هرولة هائلة إلى مصادر المال المسموم يقابله او ينتج عنه نهم استهلاكي يفوقه مما يعزز وجوب وضرورة الاستجداء أكثر إلى درجة استبدال غابة البنادق بغابة البروبوزال Proposal.

قال السيد مصطفى برغوثي عن المبادرة الوطنية يوم 19 أيلول 2011 في مقابلة مع فضائية المنار: “حبذا لو ينقطع التمويل الأجنبي عن السلطة”، لكنه لم يتمنى قطع التمويل الأجنبي عن منظمات الأنجزة! وقال “نحن كنا منذ البداية ضد أوسلو”. وهو نفسه عضو في المجلس التشريعي للحكم الذاتي ورشح نفسه لرئاسة الحكم الذاتي!! وبالطبع لم تناقشه المذيعة إما لعدم معرفتها أو لآداب الإعلام، وكم هو أدب خطر! فهل تمويل الأنجزة حلال وتمويل السلطة حرام؟ هذا وغيره يحدث في الأرض المحتلة ولا يوجد من ينتقد. وبهذا تحديداً يتم تطبيع الشعب على تذويب القيم وتمرير إحلال قيم التفاوض محلها.

في سياق سَوْق الأمثلة على التحايل على القيم وتحطيمها، تحضر إلى الذاكرة مسألة الكنيست الاسرائيلي اي عضوية فلسطينيين فيها، وهي مسألة مرت بمحطات لافتة. كان يُنظر لأعضاء الكنيست في بدايات اغتصاب فلسطين 1948 على أنها خيانة. وقد قيل الكثير في تقريع جبر داهش معدي وسليم خليل وغيرهما على عضوية الكنيست. ولكن أعضاء الكنيست من الحزب الشيوعي في الكيان نُظر إليهم كمناضلين وساهمت في ذلك منظمة التحرير الفلسطينية تحديداً لا سيما في حقبة بحث المنظمة عن قبول الدول الاشتراكية لها من جهة، وفي سياق تحولات الموقف السياسي والخطاب لقيادات المنظمة باتجاه الاعتراف بالكيان الصهيوني من جهة ثانية. وقد مرت هذه الأمور بشكل تدريجي تطبَّع عليها الجمهور. وهذا التطبُّع هو الذي أعطى السيد عزمي بشارة فرصة إخراج عضوية الكنيست على أنها حالة نضالية عالية إلى درجة أنه عقد تحالف دعم مع إيهود باراك حينما كان مرشح حزب العمل الصهيوني لرئاسة الوزارة، بل ذهب للقول “ولماذا لا أكون أنا”. ولاحقا رحل الرجل من فلسطين وتحت دخان نضالية عضوية الكنيست زعم أنه نُفي وانتهى في إمارة قطر ليكون المفكر العربي! النقطة المفصلية هنا: كيف يمكن أن يكون عضو كنيست مفكراً قومياً عربياً؟ وكيف يمر هذا الإسقاط الهائل للقيم دون نقد! كيف ولماذا استقبله النظام السوري لسنوات، وكذلك حزب الله. ولننظر اين هو الآن!

وأما ثانياً: فقد تأثرت الأرض المحتلة بمختلف تطورات المنطقة ومن ضمنها إعلاء مزدوج ومبالغ فيه للدين ومن أطراف متناقضة للمسألة الدينية من مدخل إسلام سياسي أكثر مما هو إيماني ومن مدخل قيم الإسلام. وهذا جزء من محاولات فك الإسلام عن العروبة ليؤخذ إلى طبعات خطرة كالإسلام العثماني أو الأميركي أو الوهابي أو الفارسي…الخ. ربما كانت البداية في المرونة التي اعطاها السادات للإسلام السياسي في مصر وهي المرونة التي رافقها عقد صلح واعتراف مع الكيان الصهيوني اي بمقدار ما حاول استنهاض الإيمان لدى الشعب “وازن” ذلك بتوجيه ضربة قاصمة للقومية العربية عبر التحالف مع الولايات المتحدة وضربة للإسلام بالاعتراف بالكيان. ولاحقاً كانت الثورة الإسلامية الإيرانية حيث سيطر الإسلام السياسي على الحكم متمثلاً في بعدين: إقامة دولة دينية في إيران والتوجه إلى المنطقة بدوافع القومية الفارسية وليس بدوافع الإيمان الإسلامي لتكون قوة دفع ضد الكيان الصهيوني وقوة تقويض للقومية العربية في العراق!!! هكذا السياسة إذن وليس الدين.

لقد تاثرت المناطق المحتلة بهذه التغيرات، وانتشر خطاب الإسلام السياسي على حساب الخطابين القومي والاشتراكي. ومع أن هذا أمر مفهوم في جانبه السياسي تحديداً، إلا أن اللافت أن المؤمن العادي، وليس العضو في تنظيم سياسي، قد اقبل على التدين كثيراً دون أن يشكل هذا الحماس الديني في داخله موقفاً من التسوية وموقفاً ضد القيم الجديدة التي بدأت تحل محل قيم المقاومة والوطنية. لذا، تعايش الإيمان والفساد، والتطبيع فتم سياسياً دخول حماس انتخابات مجلس الحكم الذاتي وتشكيل حكومة حماس او حكومة الوحدة الوطنية في ظل أوسلو وتصالحت فتح وحماس في ظل امير قطر الذي لم يعد خافياً ارتباطه بالسياسة الأميركية!. وعلى المستوى الشعبي، لم يجد التاجر غضاضة أن يكون متديناً جداً ووكيلاً للمنتجات الإسرائيلية وفي آن ولم يجد المواطن العادي طالما يصلي الأوقات الخمسة غضاضة أن يستهلك هذه المنتجات ولا يقاطعها. ويبدو أن العامل الوطني والقومي والوعي الطبقي هي الأقوى لاستنهاض المقاطعة، بينما يمكن بل ولقد أمكن تبرير أو تغطية استهلاك منتجات العدو عبر الشعور بالغفران حين تأدية الفرائض.

لعل ما نود تبيانه هنا، أن المواطن قد أُصيب بفُصام بمعنى الشعور بالإشباع طالما يقوم بكامل الفرائض الدينية، وربما بدرجة من المبالغة، ولا يشعر أن هذا يجب أن يدفعه لمقاومة تجاوز أو إسقاط القيم الوطنية والمقاوماتية. فمثلاً، يمارس الجمهور المتدين تطبيعاً اقتصاديا هائلاً مع منتجات الاحتلال والدول الغربية دون اي شعور بأن هذا خطر على المسألة الوطنية.

نخبة النخب وتفكيك القيم

النخب هي فصَّالات تربيط وتماسك الطبقات، وهي نفسها صواعق تفجير صراع الطبقات ايضاً. ولعل الأهم لبحثنا هذا تبيان فاعلية النخبة الثقافية بما هي فصّالات في الخطاب والتنظيم وتفكيك القيم وتفخيخ المجتمع بقيم جديدة خطرة.

يميل كثيرون لإلقاء اللوم والتبعية على النخبة السياسية بما هي صاحبة القرار من جهة ولديها أجهزة القمع والسيطرة لتنفيذ القرار سواء الشرطة والمخابرات والجيش وأجهزة فلسطينية جديدة لا نحفظ كل اسمائها من جهة ثانية. ويميل البعض إلى رمي التبِعة على الحركة السياسية على التنظيم. ولا شك ان لهذه جميعاً دورها وخاصة التنفيذي الميداني.

وترى البحوث والقراءات المعمقة أن اساس المشكلة كامن في التحولات في مواقع القيادة السياسية سواء تحولاتها أو انتقالاتها الطبقية ومواقفها السياسية نظراً لمؤثرات اشرنا إليها اعلاه كالغوص في التموُّل المشبوه والممنهج والموظف لأهداف محددة وخطرة، والاقتناع بالعجز عن حمل المشروع الوطني الثقيل، أو للأصول البرجوازية الصغيرة والطبقة الرخوة الأخرى اي الوسطى لهذه القيادة، أو لعدم بروزها من بنية قومية إنتاجية تحول دون انتقالها إلى التبعية أو المساومة…الخ. وربما نضيف لهذه كلها أن الحركة الوطنية الفلسطينية بعد 1967 هي الامتداد اليتيم لحركة التحرر القومي العربية التي لفظت أنفاسها في هذه المرحلة بعد هزيمة 1967 مما ساهم في إقتناع قيادة الحركة الفلسطينية بأنها أعجز عن حمل مشروع التحرير فألقت بقيمة التحرير لصالح التفاوض.

هل هذا تجنٍّ؟ من يسمع من اي مسؤول في الحكم الذاتي غير “دولة في حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف” كيف سقطت كلمة التحرير بشكل نهائي قاد إلى نسيانها تماماً من الجيل الكبير، ولم يعد يعرفها الجيل الجديد المصاب بهستيريا الدولة؟ هل ذكر هذه القيمة نوستالجيا وحنين أرثوذكسي للماضي من أُناس وراء التاريخ؟.

لكننا نرى أن النخبة الثقافية هي القاسم المشترك بين هذه جميعاً، هي التي تستخدم وتُستخدم وهي جهاز البث الناعم الذي يوصل ما يراه السياسي وصولا إلى الهيمنة التي قد تُغني عن القمع والسيطرة فيبدو النظام السياسي نظراً لمساهمتها شعبياً ومقبولاً، بل ويُهتف له في الشوارع ويُدعى له على المنابر كما حصل إثر اتفاق أوسلو وقُبيل وبعد خطاب السيد عباس في الأمم المتحدة.

من هم هؤلاء “المثقفين” الذين يمارسون دوراً كأنه السحر، الذين على اختلاف مشاربهم الفكرية والطبقية يميزهم الدور؟ هم آليات تسليك القنوات المسدودة كي لا يقوم غيرهم بنسفها! حين ينتقل السياسي من موقع لآخر، قد يفقد نفسه، أما المثقف فينتقل على إيقاع ناعم ويكسب ويتكسَّب في الحالتين. في حالَتيه كذلك، يجد السياسي، من المثقفين من يسهلوا ويبرروا له ذلك. أما حين يغير المناضل خندقه يُقتل أو ينتهي بوصمة الجبن والخيانة. حقاً أن التقاعد محظور على المثقف المشتبك. أما حين يغير المثقف موقعه إلى سياسي… يكسب! لماذا لا يضحك مثقف فلسطيني في سريرته حين يتذكر أنه كان من شعراء تحرير فلسطين، وغابة البنادق، واليوم هو نفسه شاعر مديح اوسلو وغابة مقترحات التمويل، في “العصرين” والموقفين هو نخبة مفروش دربها بالمال! ربما يكفي هذا لتعريف مختلف للمثقف.

يتحدث رجل السياسة بتقتير شديد ويتنقل بين الناس في حالة من الفزع المُخفَّى، مُقلٌّ في الحديث، يدلي ببعض التصريحات بين الفينة والأخرى، لكن المثقف هو الماكينة اليومية للترويج، وخاصة مثقف الصحافة. فهو خفيف كموضوعاته ولكنه ماكينة بث متواصل حتى للهواء الوسخ. لذا تعج الفضائيات والصحافة بكتابات هؤلاء إلى حد التخمة. هل يؤثر هذا على الناس؟ بالطبع نعم وخاصة حين نعرف أن مثقفي القراءة اقل بكثير من مثقفي تشغيل العين والأذن. وحتى مثقف الموضوع العميق والعيار الثقيل، يُطالع الجمهور اكثر من السياسي. والمشكلة أن هذين المستويين من الثقافة هما اللذان يروجان ما يريده السياسي، هما ماكينة شعبيته وشعبية موقفه أو العكس.

كيف يتوزع المثقون الفلسطينيون في تشكيلة اجتماعية اقتصادية مشوهة؟ ما نوع المثقف الذي تنتجه هذه التشكيلة التي تعيش في وطن بلا ارض وسلطة بلا سيادة وتراكم بشري بلا إنتاج ودولة أُعلن استقلالها عدة مرات ويحتفل أهلها ويكتب مثقفوها خطباً لكل احتفال كأنه الحقيقي وكأنه الأول! بدل صد الهجمة على قيمة الحياة مقاومة جرى رفع الهزيمة إلى الحياة مفاوضات! اي مثقفين سوف يتولدون عن ذلك؟

كتبت عن المثقفين غير مرة وفي غير موضع. في المجتمع طبيعي التطور دون تقطُّعات حادة قاطعة، افترضت ان المثقف لا بد أن يُقرأ من موقع الإنتاج وإعادة الإنتاج [2] ولا أقصد هنا أن يكون هو نفسه عاملاً بيده، اي ليس هذا شرطاً لانتمائه الطبقي ولدوره. وإذا كنت سأوضح هذا، فلإن المحدِّد هنا هو أي نمط إنتاج. نمط الإنتاج هو شغل الإنسان في الطبيعة اي في المكان. بهذا المعنى، فالمثقف هو في التحليل الأخير طبقي، هو من وإلى طبقة معينة لها دورها في العملية الإنتاجية، في خلق وتوزيع وحيازة الثروة، في الإنتاج وبالطبع في الاستغلال. يتحدد موقفه في اين هو من العملية الإنتاجية ومن أية طبقة في نمط الإنتاج، من هي الطبقة التي هو مثقفها العضوي حيث يُنتج لها خطابها النظري. وكونه ينتج الخطاب النظري، فهو يعيش من هذا الدور وليس شرطاً من كونه يعمل بيده، هو يقدم خدمات تلعب دورا واضحاً في تمكين آخرين من إعادة إنتاج المجتمع طبقياً لصالحهم، هو يسهل دورهم الاستغلالي عبر مساهمته الإيديولوجية، وبهذا المعنى يُنتج قيمة ركزية ينال بموجبها دخلاً في عملية توزيع الثروة. من هنا كان مرتكز غرامشي في عضوية المثقف. وهو المرتكز الذي حاولت توسيعه من مثقف نقدي وعضوي وثوري إلى مثقف مشتبك رداً على المثقف الإنساني/المراوغ لدى إدوارد سعيد،[3] وتطويراً لمثقف فانون المناضل الذي جسده فانون نفسه بالتحاقه بالكفاح المسلح في الجزائر تطويرٌ موجزه ان المثقف لا يتوقف ولا يتقاعد فلا رابط بين التقدم في العمر ومواصلة النضال، ربما يموضع المثقف نفسه، أو يعيد موضعتها في مجال ما نظراً لظروف ما. لا تنحصر طبقية المثقف او موقعه من العملية الإنتاجية وإعادة الإنتاج في القراءة المبتذلة بأن يشتغل بيديه وعضلاته كي يكسب رزقه وموقعه. إن عضويته لطبقة ما (شريطة وصولها الوعي السياسي وفرز حزبها) هو الأهم وهي العامل المحدِّد. هذا في المجتمع ذو الوضع الطبيعي.

ولكن، ماذا عن المثقف في المحتل 1967؟ فهذا الجزء من فلسطين التي جرى تدمير بناها الجغرافية والسكانية والطبقية والاقتصادية والثقافية والسياسية وهو ابعد وأعمق بكثير من الزعم بأنها تعرضت لتطهير عرقي. فمشروع التدمير متواصل ولا يُخفي نفسه ولا يتخفى بالتطهير العرقي؟ ولعل أوضح سمات المحتل 1967، كما أشرنا، هو تقويض قطاعات الإنتاج، وتمييع أو تضييع معالم نمط الإنتاج، وحلول نمط التمويل المعولم محله. توفير مداخيلاً من غير مواقع الإنتاج، مداخيلاً مضمونة بمعزل عن حجومها مما يشجع ويغري بالاستهلاكية. فهو سيولة مالية لا جهداً محلياً إنتاجياً فيها، ومقصود بها جعل الاستهلاكية عقيدة، إنه إحلال إيديولوجيا السوق دونما تأسيس على قيمة الإنتاج. وهذا يضع المثقف في شبكة إعادة إنتاج المجتمع وليس في عملية الإنتاج في المجتمع، وتحديداً ليس في قدرة المجتمع على إعادة إنتاج نفسه بقواه العاملة والفاعلة الذاتية.

وتحديداً فيما يخص المثقفين. فإذا كان المثقف العضوي للطبقة الراسمالية هو مثقف عضوي لطبقة تملك/تسيطر على قطاعات الإنتاج الرئيسية على الأقل، تقابلها الطبقة العاملة التي مثقفها العضوي يناضل من إجل هزيمة هيمنة البرجوازية ووصول هيمنة الطبقة العاملة إلى قلعة الدولة، وكلا المثقفَيْن في هذه الحالة جزء من قوة اجتماعية لها دورها الرئيس في إنتاج وإعادة إنتاج المجتمع، فإن مثقف الأراضي المحتلة العضوي هو مثقف عضوي للطبقات وحتى الأطراف ذات الدور الفاعل في إعادة إنتاج المجتمع، وهي بشكل اساسي غير منتجة وغير محلية! وإذا كان امره هكذا، اين سيصطف، وبماذا سيعظ، وما هي القيم التي سوف يتمسك بها ويدعو لها ويمارسها؟.

ليس من السهولة بمكان تحديد الموقع الاجتماعي الوطني لمثقف يعتاش من التمويل الأجنبي ويرتبط بمنظمة تعتاش من ذلك التمويل. فمصدر منظمات كثيرة من الأنجزة وما يسمى المجتمع المدني والمؤسسات الأجنبية الرسمية والثقافية الأجنبية الرسمية هو المال الأجنبي، أي عائدات غير منظورة لا عائدات إنتاج من قطاعات الإنتاج المحلية. طبقاً لدخله فهو موزع على الطبقات الأقرب إلى حجم ذلك الدخل وعلى هذا يرتكز موقفه السياسي. وإلا كيف نقرأ وماذا نسمي موظفاً كبيراً في الأنجزة طالما يؤسسها ويروج لها؟ هل هناك افتئاتاً حين نسميه مثقف الأنجزة؟ ما الذي يحدد موقفه من الحياة عامة وحتى من القضية الوطنية؟ مثقف عضوي لمن ذلك الذي يعتاش من منظمة وضعت توقيعه على وثيقة أل يو.أس.إيد لمناهضة الإرهاب؟ أو لوثائق مشابهة؟

هل هناك طبقة برجوازية ذات قاعدة إنتاجية حتى نقول هذا مثقف عضوي للبرجوازية؟ حين يعيش ثلث المجتمع على المساعدات الأجنبية المقدمة لسلطة الحكم الذاتي بما هي برجوازية بيروقراطية وكمبرادورية، ماذا نسمي المثقف العضوي لهذه الطبقة أو ما معيار التقاط ارتباطه وانتمائه؟ هل مثقفها العضوي مثقفها أم مثقف مموليها؟ هل من غرابة إذن أن لا نجد حركة ثقافية نقدية حقيقية في المحتل 1967؟

دعنا نتوسع قليلاً عند هذه النقطة المفصلية. هل هناك طبقات ذات ملامح مكتملة في الأرض المحتلة؟ أم أن حضورها الطبقي مجاز وحتى افتراض؟ بل هل هناك بنية مجتمعية مبلورة؟ أم أن هناك شظايا مجتمع، مجتمع متشظً ليس فقط بسبب الاستعمار الاستيطاني ومصادرة الأرض بل ايضاً لتقويض مواقع الإنتاج والافتقار لسياسة تنموية تشكل عملية لصق اجتماعي وتماسك. أي تنمية بالحماية الشعبية. أليس العامل الأساس الذي كان يحمي تماسك المجتمع الفلسطيني هو المشروع الوطني القومي السياسي، الحياة مقاومة؟ ماذا يتبقى إذن بعد تفكيك هذه القيمة الجامعة؟ ألا نلاحظ أن تفكيك هذا المشروع هو الذي فتح الجسد الفلسطيني لكافة أنواع الاختراقات دون أن يرافق منتهكيها اي شعور بالذنب أو حتى الزلل؟

هل يساعدنا هذا التشخيص الحامض على فهم حقيقة كبيرة، ذكرها الكاتب في غير موضع، وهي أن التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية الثقافية المكتملة أكثر قدرة على مواجهة تخريب القيم وطمس الهوية الجماعية، وأكثر قدرة على مواصلة العمل بالسرديات الكبرى؟ مثلاً لنحاول قراءة رفض الشعب المصري للتطبيع رغم تبني السلطة هناك للتطبيع بلا حدود، بينما يسير التطبيع على عجلات في الأراضي المحتلة والأردن وبشكل سري في كيانات الخليج؟ ألا يستدعي هذا مناقشة مسألة هامة هي وجود قطر مكتمل وبنية ثقافية تاريخية متماسكة مقابل كيانات هشة؟

هل هناك من يمكن تسميتهم مثقفي القوى السياسية؟ هل هذا تصنيف طبقي أم سياسي؟ هل القوة السياسية مجتمع؟ هل هي طبقة؟ ام هي جزء من مجتمع طبقي؟ وحين يكون المثقف كادرا في منظمة سياسية منخرطة في السلطة وممولة منها ولها حصة في كوتا التوظيف السلطوي، فهل مثقف هذه المنظمة هو مثقف التنظيم أم الوضع الطبقي حيث يٌعاد إنتاجه من مصادر إعادة إنتاج الطبقة/ات التي يتوزع عليها اعضاء تلك المنظمة؟ هل التقسيم الإيديولوجي هو الذي يحدد المثقف أم التقسيم الطبقي؟ هل اعضاء تنظيم واحد هم ذوو إيديولوجيا واحدة وموقع طبقي واحد؟ كيف تفرزهم إذن؟ من الذي يُهيىء له التمكُّن من الوعي السياسي باكراً؟ المثقف أم المواطن؟ وبالتالي من الذي يؤثر في القرار السياسي؟ هل تساعدنا هذه التساؤلات في التقاط وربما في فهم ذاك التوتر داخل تنظيم يساري، توتر بين رفض المثقف المشتبك للعلاقة الحميمة بين بعض القيادة وبين سلطة المفاوضات.

قد تكمن بعض الإجابة عن هذه الأسئلة في قراءة المواقف السياسية لمثقفي الأرض المحتلة 1967 مع إشارة موجزة إلى المحتل 1948 والشتات. وربما يمكن تصنيفهم على قاعدة من إثنتين:

· الموقف السياسي/الوطني في حالة تعافي المشروع التحريري.

· وعلى ضوء واقع الدخل أكثر مما هو على اساس واقع الإنتاج في اللحظة الحالية حيث أن كلاً من مشروع المقاومة وقطاعات الإنتاج تحت الاستهداف.

ما يغرينا بالبدء بواقع الدخل أو مصدر الرزق، هو فريق مثقفي منظمة التحرير/سلطة الحكم الذاتي. وهو الفريق الذي نشأ وتربى وشاخ مع منظمة التحرير وتجدد مع تحولها إلى وريثها سلطة الحكم الذاتي. هذا الفريق الذي بدأ وما زال مأخوذاً بالدور السياسي لقيادة المنظمة والسلطة، وهو فريق أقرب إلى مثقفي البلاط. فهو إما مؤسس و/أو موافق ومؤيد لطروحات القيادة السياسية أو صامت على تلك الأطروحات. وهو الفريق الذي طالما نظَّر للكفاح المسلَّح سابقاً وللمقاومة لكن ضعف التقاطه للعمق الشعبي أن الحياة مقاومة تورط لاحقاً للتنظير للتسوية السياسية ودولة الضفة والقطاع. لعله نموذجاً على الانتقال من الحياة مقاومة، وحتى مسلَّحة بالتحديد إلى الحياة مفاوضات. قد يكون الأب المؤسس والروحي لهذا الفريق هو الراحل محمود درويش في عبارته الشهيرة: “من يخرج على الشرعية يخرج على الإنسانية” عبارة تشرعن الانتقال مع القيادة من المقاومة إلى المفاوضات. والأب المؤسس للمفاوضات اقتصاديا (لا تنموياً) الراحل يوسف صايغ، بينما أخوه أنيس صايغ كان يمثل الأيقونة الوطنية، المثقف النقدي ببسالة لقيادة المنظمة تحديدا. لذا كان طبيعياً الانتقال بخطاب هؤلاء المثقفين حيث انتقل الموقف السياسي. وإذا كان محمود درويش قد رحل من فلسطين طوعاً ثم بارك الكفاح المسلح وانتهى مُعاداً إلى الأرض المحتلة بموجب أوسلو، فإن الراحل إدوارد سعيد كان نموذج الصد التام تجاه هذا الكفاح. هل هذا الفريق مثقف عضوي للسلطة أو للطبقة؟ ما مدى تداخل السلطة والطبقة وايهما المقرِّر والذي يعطي الموقف الأساس؟ أسئلة نتركها برسم الإجابة. ما يهمنا هنا ألم يؤسس هؤلاء لما نراه اليوم من تاييد للحياة مفاوضات؟

ولكن، ماذا عن مثقفي الأكاديميا؟ فهم ليسوا مثقفي المنظمة/السلطة؟ قلة منهم مرتبطة بالسلطة، وهم متواجدون في الأرض المحتلة والشتات قبل المنظمة والسلطة وبعيداً عن حكمهما؟ ما هو الفيصل في مواقفهم؟ صحيح أنهم من الطبقة الوسطى، وهي باستثناء موظفي السلطة ذوي المراتب العالية والمتوسطة ليسوا معتمدين معيشياً على هذه السلطة. ولكن الطبقة الوسطى نفسها ليست طبقة مؤسسة لنمط إنتاج ففي حدود ما نعرف لا يوجد نمط إنتاج للطبقة الوسطى لتقوم عليه تشكيلة اجتماعية اقتصادية، تماما كما تفتقر البرجوازية الصغيرة لذلك فهما تتوزعان على الأنماط المتمفصلة مع النمط المسيطر، وهما تكادان تندغمان معاً، كما يندغم محيطهما الأدنى مع الطبقة العاملة والأعلى مع البرجوازية، هذا مع اعتقادنا أن تداخل محيطات الطبقات لا ينفي وجودها ولا يُسقط صراع الطبقات. وحتى لو وافقنا دون جدال على أن الخدمات، التي هي سمة هذه الطبقة، هي من قطاعات الإنتاج، المباشر أو الداعمة لقطاعات الإنتاج، فإن هذه الطبقة ليست فيصلا في التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية. وحتى البرجواية الصغيرة التي تتداخل مع هذه الطبقة من حيث مستوى المعيشة والدخل وتتفارق عنها من حيث مصدر الدخل ودرجة الاستقلال عن السلطة وتحديداً عن التموُّل الأجنبي، او هكذا يُفترض، فهذه لا توفر ما يُقنع بالقول أن هناك نمط إنتاج البرجوازية الصغيرة لتكون هناك سلطة هذه البرجوازية [4]. تكمن اهمية الطبقة الوسطى في دورها الوسطي بين الطبقتين الرئيسيتين دور وسطي من حيث الموقع والموقف. لذا، فهي عريضة ورخوة، وهي ذات طاقة استهلاك ورغبة استهلاك. هي غير ثابتة، لذا غالبا ما تكون اول ضحية في الأزمات الاقتصادية وعليه فإن تلاشيها هو مؤشر على الحدث الثوري حيث الصدام المباشر بين الطبقات الشعبية والبرجوازية. وكما اشرنا فهي تعيش بخدماتها ووظيفيتها كما أن كثيرون منها يتحولون إلى جزء من الطبقة البيروقراطية من حيث دورها الإداري والحاكم. كما أنها منبع التكنوقراط وهي الشريحة المُريحة لكافة أنظمة الحكم.

نعود ثانية إلى الموقف السياسي، إلى الوعي السياسي، فالأكاديميون مسيسون بالطبع، ولكن البارز من بينهم ذوو مواقف إصلاحية لبرالية وحتى تطبيعية. كثير منهم يمارس التطبيع ويؤيد سياسات سلطة الحكم الذاتي، ويشارك فيها[5].        صحيح أن مثقفي الأكاديميا إلى حد كبير لبراليون، بمعنى كونهم في الغالب اشتقاقاً للبرالية الغربية. ولكن الاختلاف هنا في طبيعة الطبقة التي ينتمي إليها هؤلاء وأولئك، بمعنى أن الخطاب واحد بينما الانتماء الطبقي مختلف. فالبرجوازية المحلية، إن وُجدت بالمفهوم الناضج للتسمية، فهي برجوازية كمبرادورية بخلاف البرجوازية في المركز ذات الأصول والدور القومي الإنتاجي. هل هؤلاء المثقفون اللبراليون مُسقَطون على واقع مخالف لما تعلَّموا؟ وهل لهذا السبب ليست لهم مواقف نقدية من سلطة الحكم الذاتي بمعنى أنهم حلفاء سلبيون لها أو نقيض صامت. لا بل هم إقصائيون لتيارات الإسلام السياسي مما يجعلهم اقرب إلى سلطة الحكم الذاتي، فمعظم موقعي بيان أل 55 ضد العمليات الاستشهادية من هؤلاء. هذا البيان الذي نُشر كبيان على نفقة الاتحاد الأوروبي. هل كان ذلك لضيق ذات اليد؟ أم لأن هناك حبلاً سُرِّياً دفعهم لتأكيد انتمائهم للبرالية الغربية، وهذا معنى التخارج. أليس هذا البيان تأسيساً لاجتثاث قيمة المقاومة وإحلال قيمة سلام راس المال محلها، وهذا السلام لا يعيش بلا مفاوضات. ولكن هل من معنى لإقحامهم على طبقة كما نفعل؟ هل هم مثقفون عضويون لطبقة أم للسلطة؟ أمر مربك، وإن قلنا أنهم مثقو سلطة، اليس الأدق وصفهم بشريحة؟

قد تُعلن عن هؤلاء مواقفهم المحلية والإقليمية. فهم وقد وقفوا مع الحوار مع مثقفين من الكيان الصهيوني، وحاوروهم منذ عقود حيث وضعوا انفسهم ضمن دائرة التسوية وخاصة الاعتراف بالكيان الصهيوني، لقد وقفوا اكثر من مرة خارج التوجه القومي العربي والحقوا انفسهم بموقف المركز وخاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. لقد بارك كثير منهم احتلال الولايات المتحدة للعراق، ولم يبدُ منهم موقف ضد احتلال الناتو ل ليبيا، واصدر قسم منهم، مع منتسبين جدد لهذا الاتجاه، بياناً يهاجم النظام السوري دون ان يأخذ الاعتبار ولو بالإشارة الموجزة الخطة الثلاثية للمركز الراسمالي والكيان الصهيوني والسلفية الرسمية العربية والإخوانية لتدمير سوريا البلد والوطن.

ما الذي يكمن وراء توجه هذه الشريحة من المثقفين؟ هل هو استلاب الخطاب؟ التموُّل، طبيعة الأكاديمي؟ أم بشكل اساسي ذلك التشوه في التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية وتلك الدرجة العالية من دور العامل السياسي مقابل البنية الاقتصادية وخاصة نمط الإنتاج. إن صح هذا فنحن أمام هيمنة نمط التموُّل والذي هو من مصادر خارجية مما يجعل تخارج هذه الشريحة أمراً طبيعياً بنظرها.

_______

* وقَّع على هذا البيان: د. سري نسيبة، د. حنان عشراوي، صالح رأفت، صلاح زحيكة، ممدوح نوفل، حنا سنيورة، د.محمد اشتية، ابراهيم قندلفت، د. اياد السراج، د. موسى البديري، هدى الامام، د. مروان ابو الزلف، سمعان خوري، د. سعيد زيداني، د. أمية خماش، د. جاد اسحق، د. مناويل حساسيان، صلاح عبد الشافي، شاهر سعد، د.محمد دجاني، عماد عواد، فضل طهبوب، ماجد كسواني، تيسير الزبري، د. احمد مجدلاني، د.طالب عواد، خضر شقيرات، زاهي خوري، ماجد ابو قبع، إيهاب بولص، د. عصام نصار، د. سليم تماري، د.سعاد العامري، د.آدم ابو شرار، د. ريما حمامي، صبحي الزبيدي، د. منذر دجاني، أسامه ظاهر، سيمون قبه، جيانا ابو الزلف، يوسف ظاهر، جمال زقوت، د. صالح عبد الجواد، د. نظمي الجعبة، د. جميل هلال، د. عرفات الهدمي، د. للي فيضي، د.زكريا القاق، آمنه بدران، د. علي قليبو، مروان ترزي، د. رجائي دجاني، عيسى قسيسية، هاني المصري، د.جمانة عودة، لوسي نسيبة، عبد القادر حسيني، زهره الخالدي، هشام عبد الرازق، ابراهيم الدغمة، علي دخل الله، جميل السلحوت، خميس ابو ندى، داود كتاب، سنا عنبتاوي، طلال ابو عفيفة، الاب رائد ساحلية، روث مطر-خوري، د. اسامة اباظة، د. ناصر الطيبي، د. سامي يعيش، د. بلال الشافعي، هيام الجعبة، عادل زعنون، د.انور مسودة، واصف شكوكاني، أسامة جرار، خالد حوراني، د.سعيد الطريفي، سائد توفيق بسيسو، محمد ابو عطوان، د.فضل عاشور، توفيق اسماعيل حسين، مصطفى بشارات، مفيد علمي، جوناثان كتاب، سني خوري، داود عويس، جميل ظاهر، سونيا الزبن، سناء الخيري، إيناس المصري، حكم كنفاني، محمد الكاشف، اسامة سامي طه، سهيل طه، د. حاتم طه، رامي طهوب، رامي الخالدي، ندا الشوا، راوية طهبوب، ايوب الحوامدة، عبد الكريم ابو شعبان، محمد ياغي، علي ابو شهلا، وليد علي صيام، الياس حنا طمس، د. مجدي المالكي، المحامي جلال خضر، د. هديل القزاز، ماهر جواد فرح، عادل رويشد، احمد الرفاعي، عمر الخطيب، نزار المغربي، ايمن جوعانه، عميد برهم، زهير فهمي ابو رمضان، محمد فارس، معتز ابراهيم، بهاء العالم، د. ساميه حليلة، حياة كنعان، عصام بدر، سوسن حليلة، سميرة حليلة، حمادة الفراعنة، محمد بلبول، إياد علي بدوي، داود الديك، محمد فوزي، عامر قواسمي، اشرف العملة، جميل ابو يوسف، عزام الحلواني، عبد الغني سلامة، خلود بدر، محمد اسعد، عبد العزيز الدريدي، سعود السويركي، زهير العيلة، انور منصور، خالد عبد الرحمن حمدان، مالك سليمان السيد، توفيق ابو حرب، أيمن جيتاوي، سمير عبد الفتاح، محمد كراره، ايوب تكروري، عبد الله عيد، ابراهيم سعيد، جمال سعيد، معن ابو بكر، يونس شلبي، سامي ابو ديه، عبد الحكيم طوطح، خضر سلامه، سمير الشريف، حاتم المكحل، نجاح رفيدي، د. سالم جبارين، د. ابراهيم خميس، عبد اللطيف ابو سيف، د. حسن شعبان، د.محمد غضية، سفيان احمد عدوي، ربجي طلب العاروري، محمد احمد عدوي، فؤاد الكردي، رامي راضي رضا، نعيم نصر، محمد علي عثمان، عيسى مجلتون، سعيد ابو اماره، عادل يوسف سليم، هلال عطا المصري، عمر محمد السيسي، جمال سعيد الجمله، سعيد الخربان، درويش الصباغ، نهاد العابودي، احمد الشرفا، حمزه الزين، محمود الصباغ، صبحي النمنوم، وليد شهلا، محمد النبيه، خضر ابو صوي، سمر الهواري، اكرم العواوده، فتحي حسين الشنطي، انور عمران النابلسي، د. احمد صبح، احمد ابو غربية، محمد ابو غربية، راضي حسنه، د. غسان عبد الله، غازي يوسف مخالفه، عمران ابو الهوى، حامد محمد حبوش، ماهر حبوش، علي حبوش، د. فتحي ابو مجلي، مي ابو مجلي. ملاحظة: هذه النسخة مترجمة عن موقع شبكة الانترنت للاعلام العربي.

http;/www.amin.org/eng/uncat/2002/jun/jun19.html


[1] دعت لجنة التوجيه الوطني لإضراب ليوم واحد احتجاجاً على سياسات ما للاحتلال. ذهبت إلى مطبعة لشخص ضالع في الحصول على أموال هذه اللجنة، فإذا به لم يثضرب؟ سالته لماذا، قال: هذا مضر بشُغلي! تقدم 62 صحفياً عام 1979 إلى هذه اللجنة للحصول على قروض سكنية، وتم قبول الجميع باستثماء محمد ابو لبدو وعادل سمارة. أمر جميل ان يتفق ضدك الجانبان الفلسطيني والأردني!

[2] أنظر كتاب مثقفون في خدمة الآخر، مصدر ورد ذكره ص ص 15-22.

[3] أنظر عادل سماره، اشتباك فكري مع تراث إدوارد سعيد، في مجلة كنعان، العدد 140، كانون أول 2010، ص ص 84-139.

[4] أنظر كراس يساري مصري، موقف من القائلين بسلطة البرجوازية الصغيرة منشورات دار العامل، رام الله، بدون تاريخ.

[5] ربما نموذج هذه الفئة السيد علي جرباوي الذي اعترض ذات وقت حتى على محادثات مدريد ودعا قبل سنوات قليلة لفض سلطة الحكم الذاتي ثم ما لبث أن صار وزيراً في السلطة إياها. والسيدة حنان عشراوي التي قطعت ذات وقت عهداً بأن لا تدخل في سلطة الحكم الذاتي ثم ما لبثت أن شغلت وزارة فيها، واسست منظمة مفتاح التي من أنشطتها تعليم وتدريب المرأة الفلسطينية على التفاوض. ها هي إذن لا تشارك بل تؤسس للتفاوض! أنظر مقالة جوزيف مسعد، ساسة واقعيون أم مثقفو كمبرادور في مجلة كنعان العدد 84 نيسان 1997، ص ص 14-28.