أم نموذج عن الجزيرة!
أمال وهدان*
البيرة – المناطق المحتلة
تلقيت اتصالاً من صديقة مساء يوم 26 تشرين أول الفائت لحضور فيلم في القصر الثقافي برام الله، ولم يسنح لي الوقت حينها لطرح الأسئلة، كما أفعل عادة لدى سماعي عن هكذا مهرجانات. وبين الرغبة في التغيير والاهتمام بالسينما الهادفة مر في ذاكرتي لوهلة نمطية الأنشطة التي شاهدتها في ذات المكان، ولم تبعث فيَ أياً منها الحماسة لتلبية الدعوة، متيقنة أن هذا الفيلم لا بد وأن يكون ضمن مهرجان ما مدعوماً من ذات الهيئةات الأجنبية إمعاناً في تلويث ثقافتنا ووعينا الوطني، في بيئة بات يشوبها ويتسلل في تفاصيل نسيجها رائحة الغرب وثقافته الهمجية وهي تغزونا بغطاء إنساني زائف.
وصدق حدسي تماماً، حيث كان الفيلم، كما أخبرتني صديقتي وكما جاء بالكراس التعريفي الذي وزع على حضور ملأ نصف القاعة، هو من مجموعة أفلام قصيرة في مهرجان سينما الشباب الدولي، وبين ما قاله ممثل إدارة المهرجان وبين ما كُتب على البروشور الذي حمل تعريفاً بالمهرجان وتواريخ نشاطاته وأماكنها، اتضح أن تمويل المهرجان كان من : مركز التنمية الثقافية الدنماركي، ومع الجمهورية الفرنسية وشعارها حرية مساواة إخاء (وبالطبع المقصود المركز الثقافي الفرنسي وكذلك الألماني) ومؤسسات محلية هي اراميكس، والناشر ومؤسسة عبد المحسن قطان ومركز القطان الخليل، وبالشراكة مع: المجلس الثقافي البريطاني، وجامعة بير زيت، ومركز يافا الثقافي، ومركز الفن الشعبي، وجامعة بيت لحم، وجامعة النجاح، وكلية دار الكلمة، وجامعة الخليل، ومسرح الحكواتي. كما تم توجيه الشكر إلى: افلام أتلانتك –تركيا، وزينة زوم للإنتاج-هولندا، والجنى-لبنان وكرم علي. وبالطبع ركز المتحدث على التعاون مع المجلس الثقافي البريطاني خاصة!
تمتد عروض المهرجان من 26 اكتوبر حتى 11 نوفمبر.
كل ما أوردته أعلاه هو مقدمة لسؤال:
تم عرض فيلم : روح القمح- سوريا ومدته 15,20 دقيقة إخراج هفال قاسو، ومحتواه أن مجموعة من الثوار يحاولون إدخال القمح إلى المدينة التي يحاصرها الجيش من كل مكان.
اللافت ان المتحدث باسم المهرجان تساءل لماذا وُضع هذا الفيلم الليلة مع أنه لم يكن في القائمة!
بالطبع، لم يُذكر اي شيء عن تاريخ إنتاج الفيلم، ناهيك عن اين تم التصوير، ولا أعتقد أنه تم في سوريا نفسها.
جوهر الفيلم هو دور الجيش في تجويع أهل المدينة. هل المقصود دور النظام السوري الحالي في ذلك؟! أم ايام العثمانيين أم الدولة البيزنطية؟!!!
وملاحظاتي هي التالية:
· هل دور الثوار تهريب القمح أم أن الفكرة مستوحاة من عقيدة التهريب والمهربين ولكنها حُرِّفت لتتحول إلى ثوار؟ فالثوار يحررون أساساً؟
· هل الفكرة مستوحاة من قيام العملاء العرب والأتراك الذين يهربون الأسلحة لقتل المواطنين والأمن السوري؟ وهي تهريب اسلحة وعملاء بتمويل من إمارة قطر وبقية بلدان الإسلام الوهابي؟
· هل كان زج هذا الفيلم بناء على موقف من حلف الناتو حيث أن عدة دول من الناتو مساهمة في تمويل المهرجان ومنها تركيا، دولة الإسلام القومي التركي الطوراني الذي يجدد قواه لاحتلال الوطن العربي مجدداً متعاونا مع الناتو وإسرائيل؟
· هل وافق المحليون القائمون على المهرجان على هذا الموقف المعادي للشعب العربي في سوريا ببساطة، أم هم ضد سوريا الوطن والشعب أساساً؟
· هل انجزنا حق العودة وبقي علينا الهجوم على سوريا!
· هل يعرف الشباب الصغار هدف هذا الفيلم؟
· هل هذا دور السينما الفلسطينية في أول غزواتها؟ وما هو فحوى بقية أفلام المهرجان؟!
· ألا يدل هذا على خطورة التمويل الأجنبي وقدرته، وهذا الأهم، على فرض ما يريد، اي ثقافة مسمومة، وما اسهل تمرير السم في الفن؟
· هل من المحال أن نقوم بأي عمل دون تمويل أجنبي؟
· من حق أي شخص أن يكون له موقفه، بعيداً عن خيانة الوطن حتماً، ولكن لماذا لم يكن هناك فيلماً موجه ضد نظام سياسي سوى ضد سوريا؟ مثلا، ألا يجدر أن يكون هناك فيلم عن اغتصاب الجيش الأمريكي لنساء العراق، أو فيلم مثلاً عن حكومة المالكي في العراق كحكومة عينها الاحتلال بينما فضائيات الإسلام السياسي تشبعها مديحاً؟! أو جرائم الناتو وعملائهم في ليبيا تحت شعار “حماية المدنيين” (وذلك بشهادة العشرات من الصحفيين المستقلين الأجانب؟!) أو، مثلاً، فيلماً عن القواعد الأمريكية في قطر؟ أو عن تحالف المجلس العسكري الأعلى في مصر مع الإخوان المسلمين والسلفيين لإشعال الفتنة الطائفية وإجهاض ثورة الشعب تماشياً مع أجندة الغرب؟!
· أو هل غفل القائمون على المهرجان عمداً عن التطرق في أفلامهم للعديد من جرائم الإبادة والتطهير العرقي الصهيوني المتواصلة في فلسطين المحتلة أو ممارسات سلطة أوسلو المعيبة بحق الوطن والمواطن الفلسطيني وذلك تماهياً وتوائماً مع أجندة الممول والسلطة؟!
هذه اسلئة أو تساؤلات برسم الإجابة عليها من القائمين على المهرجان. هل يُعقل ان دول الناتو التي خلقت إسرائيل وتحميها يمكن لها القيام بهذا كله ونحن نتفرج ببلاهة؟
أليس هذا كثيراً يا سينما الشباب!!!!
:::::
* Amal Wahdan, Publisher & Editor of The Arab Gazette Newspaper.
www.arabgazette.com