الأمريكان يفضلونها ليبرالية


محمد سيف الدولة

ونحن على مشارف الانتخابات البرلمانية...
أظن ان الشخصيات الوطنية الليبرالية المصرية يجب ان تقلق من حجم الارتياح الذى يكنه لهم الأمريكان، وحجم التأكيدات المتكررة فى مؤسسات وأروقة صنع القرار هناك على ضرورة العمل على بناء ودعم تيار ليبرالي مصري.
فالأمريكان ينطلقون من فكرة تكاد تصل الى حد اليقين ان نجاح القوى الليبرالية فى مصر سيحافظ على العلاقات الحميمة بين مصر والولايات المتحدة وسيحافظ على التزام مصر بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وعلى التعاون المشترك فى مواجهة (الارهاب)، وسيحافظ على الريادة والقيادة الاقتصادية والسياسية لرجال الأعمال والقطاع الخاص المصرى والاجنبى وفقا لآليات الاقتصاد الحر بما يخدم المصالح الأمريكية فى المنطقة.

* * *

وأنا لو كنت ليبراليا لبذلت كل ما فى وسعى لنفى هذه التهمة التى ان ثبت صحتها لا قدر الله لوضعتني خارج المشروع الوطنى المصرى المتفق عليه منذ اكثر من قرن، منذ زمن الاحتلال البريطانى.
بل لوضعتنى أيضا خارج مشروع ثورة 25 يناير التى قامت ضد نظام صنعه الأمريكان طوبة طوبة.

* * *

ولكن للأسف قليلة هى الشخصيات الليبرالية التى ترغب فى نفى ذلك.
بل ان المراقب العادى قد يصدق لأول وهلة هذه التهمة لعديد من الأسباب أهمها :
ان الخطاب الليبرالى المصرى تجاه أمريكا هو خطاب ايجابي فى مجمله.
فلم نسمع اى نقد جاد لتبعية النظام السابق للأمريكان او للمشروع الامريكى وسياساته فى المنطقة مثل دعم اسرائيل او احتلال العراق وأفغانستان وتقسيم السودان
و لم نطلع على اى برنامج ليبرالى مصرى مستقبلى، يتحدث بوضوح عن الرغبة فى تحرير مصر من هذه التبعية.
ولم نسمع اى نقد ليبرالى لقيود معاهدات كامب ديفيد او اى دعوات لتعديلها، أو اى ادانة لجرائم اسرائيل.

و لم يسبق ان تحفظ اى من رموزهم على التواصل الدائم مع السفارة الأمريكية وتلبية دعوات الحوار المتكررة معها، و التي للأسف لحقهم فيها آخرون من تيارات أخرى.
كما انه من المعروف ان بعض الشخصيات والجماعات الليبرالية المصرية تتلقى دعما من هيئة المعونة الأمريكية ومثيلاتها.
وهى المؤسسات التى تتصدر برامجها وأجنداتها : هدف العمل على تأسيس و دعم ونشر الافكار والمؤسسات الليبرالية فى كافة بلدان العالم فى مواجهة باقي التيارات الوطنية.
بل ان البعض من هذه المؤسسات الأجنبية يدعى زورا وبهتانا ان له بعض الفضل فى تفجير الثورة المصرية مثل المعهد الجمهوري والديمقراطى وفريدوم هاوس ومعهد البرت اينشتين.
و حتى أولئك الذين لا يتلقون اى دعم، يمتنعون عن إدانة التمويل والمانحين أو مقاطعة الممنوحين، كما يمتنعون عن إدانة التدخل الخارجى.
كما ان أنصار الليبرالية الاقتصادية من رجال الأعمال المصريين هم شركاء وتابعون لمئات من المؤسسات الغربية الرأسمالية، تابعون لهم فى المصالح الاقتصادية والسياسية.
ثم هناك تطابق مريب فى بعض الأحيان فى الأجندات والشعارات والمعارك السياسية، فحين نجد على سبيل المثال أن الغرب يركز الآن على التخويف من التيار الاسلامى الصاعد بعد الثورات العربية، نجد أن بعض الليبراليين المصريين يضعون التصدي للتيار الاسلامى على رأس أولوياتهم السياسية، تماما مثلما فعلوها فى عصور سابقة مع التيارات القومية والاشتراكية.

* * *

ولكن رغم كل هذه المؤشرات، فان هناك عديد من الشباب المصرى الثورى الذى قد يميل الى الأفكار الليبرالية، ولكنه يرفض فى ذات الوقت التبعية للامريكان والعمل وفقا لاجنداتهم.
ولذلك فاننى أوجه دعوة صادقة الى هذا الشباب الوطنى الثائر، والى كل الأصدقاء من الشخصيات الليبرالية الوطنية الى العمل على إزالة هذه الشبهة عن الليبرالية المصرية وأنصارها، من خلال طرح برنامج عمل وطنى مشترك يضع تحرير مصر من التبعية الأمريكية على رأس أولوياته.

:::::

المصدر: http://khabaronline.com/item.php?Item=11662&sec=1