خطة الانتقام الاميركي ـ الخليجي من سوريا ؟!…

فضيحة ؟ او وهم؟

العميد الدكتور امين محمد حطيط

في الملف الليبي لعبت الجامعة العربية دور الوسيط المهئ لقرار من مجلس الامن لتسليم ليبيا الى الحلف الاطلسي و نجحت الخطة التي حبكت بمراحلها الثلاثة وفقا لما يقول برنار هنري ليفي – وهو من بات يسمى مهندس الثورات العربية – نجحت بالاطاحة بمعمر القذافي و افراز وضع اقل ما يقال فيه انه وضع ليبيا في القبضة الغربية و فتح افريقيا عبرها امام الحلف الاطلسي بالقيادة الاميركية. كل هذا ما كان ليتم لولا الدور الذي لعبته الجامعة العربية في تعليق عضوية ليبيا فيها ثم “الاستغاثة بمجلس الامن لحماية المدنيين ” و فرض حظر جوي عليها مكن الحلف الاطلسي من تدميرها و تنفيذ خطته كاملة فيها.

وشاء المخطط االغربي ان يكرر التجربة او ما يسمى النموذج الليبي في سوريا و بالوسائل ذاتها. ومن اجل ضمان نجاح الخطة خاصة في انطلاقها في الجامعة العربية، امر باستبدال الرئاسة النصف سنوية للجامعة بنقلها من فلسطين الى قطر البلد الاصغر في العالم العربي و الاوثق ارتهانا و ارتباطا بالغرب وبقيادته و الاكثر تاثيرا بماله و اعلامه في الساحة العربية. لكن الغرب صعق لرؤيته الطريق يقطع عليه سياسيا في مجلس الامن عبر فيتو منظومة البريكس، و ميدانيا في سوريا و المنطقة عبر تهديد منظومة المقاومة، و لان الملف السوري بات بالنسبة لاميركا ملف المفات او الاساس في كل ملفاتها الاستراتيجية ليس في المنطقة فحسب بل في العالم كله ذلك لان النجاح فيه يعوض الخسائر الاستراتيجية الاميركية ويتيح لها العودة الى الامساك بالمنطقة مجددا، لهذا قرر تخطي الموانع و ايجاد البديل فكانت الجامعة العربية هي المفتاح.

هذه الجامعة التي تتحول الان و بقرار اميركي و ادارة قطرية الى بديل عن مجلس الامن الدولي، تسير في تنفيذ الخطة التي وضعتها اميركا و التزمها مجلس التعاون الخليجي المتحكم بقرار الجامعة الان، وهي الخطة المركبة كالتالي:

· سياسياً: بعد تهريب قرار تعليق مشاركة الوفود السورية باجتماعات الجامعة و هيئاتها، ثم تجاوز التنفيذ نص القرار و انقلابه الى تعليق واقعي لعضوية سوريا في الجامعة، تتجه الجامعة بعد ان اتتها كلمة السر من الغرب، حيث اعتبر آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا ان بلاده و من خلفها الاتحاد الاوربي ايضا، تعتبر مجلس اسطمبول المسمى ” المجلس الوطني السوري ” هو المحاور الشرعي باسم سوريا و ان الاعتراف به كممثل شرعي لسوريا سياتي لاحقا ً تتجه الجامعة لمثل هذا الاعتراف.

· و على صعيد الجيش تتجه الخطة لتنظيم المسلحين و الجنود الفارين من الجيش و القوات المسلحة الشرعية و تأطيرهم تحت مسمى “الجيش السوري الحر”، ثم تدريب و تسليح هذا التجمع و تكليفه بالقيام بمهام عسكرية بامرة “المجلس الوطني السوري” لينازع الجيش العربي السوري شرعيته بعد الترويج المزعوم لحدوث ” الانشقاق الكبير فيه”.

· في الاقتصاد تقوم الجامعة بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا تحت عنوان محاصرة النظام من اجل الشعب و و تهدف في الحقيقة الى تجويع الشعب من اجل تثويره على النظام.

· و في الامن، تتجه الجامعة و تحت عنوان حماية المدنيين، لاعتماد القرار المتعذر صدوره في مجلس الامن الدولي، و الشبيه بالقرار 1973 المتعلق بليبيا، قرار يجيز التدخل العسكري ” العربي” متجاوزين في ذلك الفيتو الروسي – الصيني، و رافعين حاجزا امام التدخل الايراني نصرة لسوريا باعتبار ان الشأن عربي و لا يحق “لغير العرب التدخل فيه” ( طبعا انها تلفيقة سمجة و كذبة مفضوحة ). ويبدو ان التحضيرات و الاعمال التمهيدية لوضع هذا القرار موضع التنفيذ قد بدأت عبر ما تم تسريبه او كشفه من اعمال من قبيل:

· دهن طائرات اردنية باللون و العلم السوري،من اجل استثمارها للترويج بوجود انشقاق في الطيران السوري و ان الطائرات المنشقة بدأت بمساندة جوية لقوى ما اسمي ب”الجيش السوري الحر”.

· دهن طائرات الناتو بلون الطيران لبعض الدول العربية خاصة القطرية و السعودية لتكليف هذه الطائرات بالمهمة ذاتها التي قام بها الناتو في ليبيا لجهة تدميرها و الاجهاز على نظام معمر القذافي.

· تصوير افلام في الهند و الاردن و تركيا اعتمدت فيها مجسمات مشابهة للقصر الجمهوري في دمشق و لساحة الامويين و السبع بحرات و المسجد الاموي والساحات الرئيسية في المدن السورية الكبرى لبثها في التوقيت الملائم و القول بان المتظاهرين الخارجين على النظام ملؤا الساحات بعد “الانشقاق الكبير” المزعوم في الجيش. ما يؤدي حسب الخطة الى خروج السوريين ضد النظام.

اذن الجامعة العربية و بالقيادة القَطَرية تأمل بلعب دور ” مجلس امن عربي ” لمصلحة اميركا وضد بلد عربي مؤسس لها، دور فرضته اميركا بعد ان عطلت موازين القوى دور مجلس الامن الدولي فهل ستنجح في المهمة ؟

من المفيد ان نذكر الجامعة ومن يشغلها، بان التضليل او التلفيق او تهريب القرارات يمكن ان ينتج اثره للحظة و لكنه يسقط حتما بالوعي و الثبات، و ان سوريا و حلفاؤها لديهم من القدرة و الاستعداد لمواجهة “مجلس الامن العربي” ما سيظهر ان الخطة ليست اكثر من وهم يدغدغ احلام البسطاء والسطحيين والبلهاء فقط.

ويكون على هؤلاء المنفذين للاوامر الاميركية ان يعلموا ان خطتهم ما هي الا اعلان حرب على سوريا، حرب لن يقف فيها على الحياد كما يتمنون او يعتقدون منظومة المقاومة و في صلبها ايران، او مجموعة البريكس و في طليعتها روسيا و الصين. اننا نراهم واهمون، لان من يقصدون تحييده لن يكون قتاله اصلا من اجل سوريا فقط رغم الاتفاقات و العلاقات بل انه سيقاتل من اجل نفسه و للدفاع عن مصالحه ومن يدخل معركة دفاعية لا يستأذن احداً و لا يتوقف عند رغبات خصم، ما يعني ان ما يتوهمونه من تحييد لن يحصل، و ما يتمنون تحقيقه في الخطة البديلة لن يؤتي اوكله، و هو في اقل تقدير ان تم تنفيذه سيعيد الامور الى المربع الاول لجهة الحرب الاقليمية المفتوحة و الشاملة و التي قلنا فيها راينا سابقا بانها لن تحصل.

ونعود و نكرر بان الخطة هذه التي يعدونها ما هي ملهاة يمنون النفس بانها ستقود سوريا الى انهيار ادراكي فتعوض عليهم شيئا من خسائرهم.

وخلاصة الامر نرى، ان ما يصر بعض العرب عليه للقيام بوظيفة عجزت اميركا و حلفها الاطلسي عن القيام بها ضد سوريا من اجل حماية مصالح الغرب و الصهيونية هو امر لن يكون له حظ في النجاح ولن يكون له من اثر الا افتعال ازمات اضافية داخل الصف العربي المثخن بالجراح اصلا، وهذا ما تطلبه اسرائيل ايضا للتتفرغ لتهويد القدس وابتلاع الضفة الغربية. نعم على العرب المسيرين اليوم بالاوامر القطرية –الاميركية ان يتذكروا ان من افشل الاصيل لن يعجزه افشال البديل الوكيل و لن يقيض ل”مجلس الامن العربي” المبتدع خليجياً ان يرى نورا يجعل الاخرين ينصاعون اليه، اذ رغم كل ما يكيدون فان سوريا التي تمتلك اوراق القوة الذاتية و التحالفية هي اقوى بكثير مما يتصورون، خاصة و ان ازمتها دخلت مرحلة التصفية والقضاء على المتآمرين عليها واعتقد انهم في اعماقهم يدركون هذا ولهذا تضربهم هستيريا الفشل ويتصرفون بذهنية من نفد وقته.